هكذا يساوم الإطار الشيعي سُنة العراق للإفراج عن معتقليهم
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
منذ أكثر من أسبوعين، يشهد العراق جدلا واسعا بين القوى السياسية العراقية، بسبب قانوني "العفو العام" الذي تطالب به الكتل البرلمانية السُنية، و"الأحوال الشخصية"، المقدّم من "الإطار التنسيقي" الشيعي، وترفضه قطاعات مجتمعية دينية ومدنية وسياسية واسعة في البلاد.
ورغم خلو جدول أعمال البرلمان، من تعديل قانون "الأحوال الشخصية"، إلا أن المجلس أدرجه بشكل مفاجئ في جلسة، الأحد، وتمت قراءته قراءة أولى مع قراءة تعديل "قانون العفو"، الذي كان من أهم فقرات الاتفاق السياسي المُشكّل للحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
وتأتي قراءة القانونين قراءة أولى، بعد تأجيل رئاسة البرلمان مناقشة قانون "الأحوال الشخصية"، قبل نحو عشرة أيام، وإعلان نواب من "الإطار التنسيقي" مقاطعتهم للجلسات لحين إعادة إدراجه ضمن جدول أعمال الجلسات، مؤكدين أن "العفو العام" لن يمر من دون ذلك.
"ليّ للأذرع"
تعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي العراقي، معتز النجم لـ"عربي21" إن "النظام السياسي في العراق مبني على المحاصصة التوافقية أكثر مما هو ديمقراطي، وبالتالي موضوع المساومات وفرض القوانين مقابل إقرار أخرى، هو ديدن هذا النظام".
وأوضح النجم أن "هناك قوى سياسية تعتاش على الصفقات السياسية، وأخرى لديها جمهور لديهم متطلبات، وأن مطالب السنة هو قانون العفو، لكن اليوم المكون السياسي السني مشتت".
ولفت إلى أن "النهج الحكومي للسوداني يعتمد على المزاج السياسي في البلد، خصوصا أننا نعيش في ظروف ارتداد الظاهرات السياسية، سواء كان قانون الأحوال الشخصية أو العفو العام".
وتساءل النجم: "هل العفو العام سيلبي طموح أكبر شريحة أم أنه مجرد قانون مفرغ من فحواه الحقيقي؟ وهذا يعتمد على إصرار المكون السني وزعامته على تمكين المجتمع السني من الاستفادة من هذا القانون".
وأوضح أن "هناك فقرة تتعلق بالإرهاب، وأن الكثير من المجتمع السني متهم بها، لذلك يجب أن تحصل دراسة مستفيضة للقانون من مختصين قانونيين وتجزئة فقراته، والفصل بين من جرى حكمهم جرّاء وشاية المخبر السري، وبين من يحكم وفق مشتكي وكشف دلالة وغيرها".
وشدد الخبير العراقي على "ضرورة أن يصاغ قانون العفو العام بشكل مُحكم قبل إقراره في البرلمان، وألا يمر النواب مرور الكرام على فقراته المهمة المدرجة فيه إلا بعد صياغته بالشكل الصحيح".
وأكد النجم أن "موضوع المجاملات السياسية واقع حقيقي، لكن ما يؤخذ على القوى السنية، هو تشتتهم الواضح وخصوصا الذي ظهرت في موضوع حسم منصب رئاسة البرلمان، وهذا جعلهم لقمة سائغة وسهلة جدا أمام المكون الآخر. واليوم الكفة غير متوازنة في البرلمان".
وتسعى القوى السنية إلى إقرار قانون العفو العام للإفراج عن المعتقلين السُنة الذين يقدر عددهم بأكثر من 30 ألفا، جرى اعتقالهم وفق وشاية المخبر السري بتهم تتعلق بالإرهاب، وحكم الآلاف منهم بالإعدام والمؤبد جرّاء اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب.
أما قانون الأحوال الشخصية، يضيف النجم، فقد رأينا العديد من ردود الأفعال والاستنكار من منظمات مجتمعية، لذلك فإنه رغم جوانبه الدينية، لكن يجب أن "يؤخذ بنظر الاعتبار العقد الاجتماعي والثقافات المتوارثة لدى الشعب".
من جهتها، قالت البرلمانية العراقية، نور نافع الجليحاوي، إن "هناك اعتراضا نيابيا كبيرا على تعديل قانون الأحوال الشخصية، لأن هذا التعديل يشكل خطورة حقيقية على الأسرة والمجتمع، ويخالف القانون والدستور وحتى قرارات المحكمة الاتحادية".
وأكدت البرلمانية والناشطة الحقوقية، الاثنين، أن "أطرافا سياسية شيعية تريد تمرير هذا التعديل من خلال سياسة لي الأذرع، فهو يواجه رفضا وتحفظا من قبل القوى السياسية السنية، لكن تمت مساومتهم بقراءة هذا التعديل مقابل القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام".
"إرادة إطارية"
من جهته، رأى المحلل السياسي العراقي، جبار المشهداني، أن "الجهة السياسية التي تناور مع جهة أخرى أو تساومها يعني أنها بحاجة لها، لكن الإطار التنسيقي الشيعي ليس بحاجة للقوى السنية البرلمانية، لأنه يمتلك الأغلبية في البرلمان، وبإمكانه تمرير ما يريده".
وأضاف المشهداني لـ"عربي21" أن "قانون العفو العام سيمضي بالصيغة التي يريدها الإطار التنسيقي، وليس كما يسعى إليه نواب المكون السني، وكذا الحال بالنسبة لتعديل قانون الأحوال الشخصية، فإنه سيمرر أيضا بالشكل الذي يريده الإطار".
وأكد الخبير العراقي أن "الإطار التنسيقي لديه الأغلبية البرلمانية، وبالتالي يمتلكون كل عناصر القوة التي يمارسون فيها سطوتهم داخل قبة البرلمان، لذلك هم سيفرغون قانون العفو العام من فحواه ثم يمررونه، وقانون الأحوال الشخصية سيجري إقراره أيضا وفق ما يريدون".
ورأى المشهداني أنه "ليس هناك دور برلماني سني حقيقي، وأن القوى السنية في الدورة الحالية سواء في الحكومة أو البرلمان، هدفهم الدفاع عن مصالحهم فقط، وهذا ينطبق على كل من يمثل هذا المكون في جميع المناصب والمراكز السياسية الحالية".
وشدد أن "الإطار التنسيقي بإصراره على تمرير قانون الأحوال الشخصية يحاول التقرب من المراجع الدينية، حتى يقول إنه ملتزم بما يريده المراجع، أو كما يقال إنهم يسعون إلى تحسين السمعة".
وأردف: "القوى السياسية الشيعية تحرص على إظهار نفسها أمام جمهورها أنها المدافعة عن المذهب وأنها التي تصبوا إلى تحقيق طموحات جمهورها الشيعي المذهبي، لكنها لا تلتفت إلى الجماهير هذه فيما يتعلق بالخدمات بالمحافظات الجنوبية".
وخلص المشهداني إلى أن "القوى الشيعية تذهب باتجاه الاستقطاب المذهبي لأنه أسهل، ويحقق لها المكاسب السياسية فقط من دون الالتفات إلى ما يريده الشارع، ولا سيما الشيعي من خدمات وغيرها من المطالب".
وكان الشيخ عبد الستار عبد الجبار خطيب مسجد "أبي حنيفة النعمان" ونائب رئيس المجمع الفقهي العراقي (أكبر مرجعية للسنة في البلاد)، قد وجه انتقادا شديدا لطريقة صياغة تعديل قانون الأحوال الشخصية من قبل أعضاء المكون الشيعي في البرلمان.
وقال عبد الجبار إن تعديل قانون الأحوال الشخصية، "تمت صياغته بنفس طائفي ممقوت، وأن برلمانيين طائفيين من الشيعة يساومون الأبرياء (المعتقلين) لكسب مصالح فئوية ضيقة، وهم لا يستحقون أن يكونوا أعضاء برلمان".
ويحدد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد المراد صياغته وفق المذهب "الجعفري" الشيعي، قواعد الميراث والزواج والطلاق والنفقة للمرأة، ويرى المدافعون عن القانون أنه لا يفعل سوى تنظيم الممارسات اليومية لأتباع المذهب الشيعي.
لكن معارضيه الذين يمثلون مختلف التيارات الفكرية يرون في المشروع خطوة إلى الوراء وانتهاكا لحقوق المرأة في العراق بسبب تحليل زواج المتعة رسميا، وأيضا موضوع حرمانها من الميراث، ويشعرون بالقلق من أنه يزيد الاحتقان الطائفي في بلاد تشهد توترات سنية شيعية متواصلة.
وفي عام 2017 اقترح نواب شيعة تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي يحظر الزواج قبل سن 18 عاما ويمنع خصوصا رجال الدين من مصادرة حق الأهل بالتوجه إلى محاكم الدولة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية العراق العفو العام العراق عفو عام الاحوال الشخصية الاطار التنسيقي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تعدیل قانون الأحوال الشخصیة قانون العفو العام الإطار التنسیقی فی البرلمان
إقرأ أيضاً:
العيسوي: الأردن بقيادته الهاشمية سد منيع في وجه التحديات وصوت لا يساوم في الدفاع عن الحق
صراحة نيوز- أكد رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي، أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يواصل دوره القومي والإنساني المشرف، بثبات لا يتراجع، وإرادة لا تلين، مجسدًا نموذج الدولة التي لا تحيد عن الحق، ولا تتردد في نصرة الأشقاء، وفي مقدمتهم أهلنا في غزة، الذين كان موقف الأردن من أجلهم الأقوى والأوضح والأكثر تأثيرًا.
وأضاف أن الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك لم يقتصر على التصريحات، بل ترجم إلى أفعال ميدانية وإنسانية، من خلال تسيير قوافل المساعدات إلى عمق قطاع غزة، وتنفيذ عمليات إنزال جوي للمؤن والمستلزمات الطبية رغم التحديات، في تعبير واضح عن التزام لا يساوم، وواجب هاشمي راسخ لا يعرف التردد.
وقال العيسوي إن عهد جلالة الملك شهد تحولات ومنجزات وطنية راسخة في مختلف الميادين، مشيرًا إلى أن مسيرة الإصلاح الشامل والتحديث المستمر لم تكن مجرد شعارات، بل واقعًا ملموسًا يلمسه كل أردني.
وأكد أن هذه الإنجازات هي ثمرة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، وضعها جلالته منذ توليه سلطاته الدستورية، وبنى من خلالها دولة المؤسسات، وعزّز مكانة الأردن كأنموذج في الاستقرار والاعتدال والإنجاز وسط إقليم مضطرب.
جاء ذلك خلال لقائه اليوم الثلاثاء، في الديوان الملكي الهاشمي، وفدًا من طلبة كلية التمريض في جامعة البلقاء التطبيقية، يمثلون فريق Sanova.
وفي حديثه عن القضايا الإقليمية، شدد العيسوي على أن القضية الفلسطينية تظل في صدارة أولويات جلالة الملك، باعتبارها قضية وطنية وقومية، وأن الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس هي مسؤولية تاريخية ودينية يحملها جلالته بكل أمانة واقتدار.
وأكد أن الأردن بقيادته الهاشمية يشكّل اليوم صوتًا نزيهًا في زمن التلوّن، وحضورًا مؤثرًا في زمن الاصطفاف، مشيرًا إلى أن ما يتمتع به الأردن من احترام عالمي إنما هو ثمرة سياسات متزنة ومبادئ راسخة، يقودها جلالة الملك بعقلانية وشجاعة.
كما نوّه العيسوي بالدور الفاعل لجلالة الملكة رانيا العبدالله في دعم قضايا الإنسان وتمكين المرأة، والدور الطليعي لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي يمضي في حمل هموم الشباب وتطلعاتهم، ضمن رؤية ملكية تؤمن بالشباب شركاء في البناء لا مجرد مستفيدين.
وأشار إلى أن الأمن والاستقرار الذي ينعم به الأردن، وسط محيط إقليمي مضطرب، لم يكن ليتحقق لولا تضحيات نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ووعي الأردنيين الذين يقفون خلف قيادتهم، صفًا واحدًا، في كل محطة من محطات الوطن.
من جهتهم، أعرب المتحدثون عن فخرهم واعتزازهم العميق بالقيادة الهاشمية، مؤكدين أن جلالة الملك يمثّل اليوم صوت العدل في العالم، ورمز الالتزام بقضايا الأمة، وفي مقدمتها فلسطين، التي حملها على كتفيه في كل محفل دولي بجرأة وإخلاص.
وأشاروا إلى أن المساعدات الأردنية التي تصل إلى غزة، سواء عبر الإنزال الجوي أو القوافل البرية، كانت محط اعتزاز وفخر لكل أردني، لأنها تجسّد المواقف لا الشعارات، وتؤكد أن الأردن في مقدمة الصفوف في كل قضية عادلة.
وشددوا على أن الأردن وقيادته الهاشمية خط أحمر، وأن الأردنيين يقفون خلف جلالة الملك بثقة مطلقة، وإيمان راسخ بحكمته، مؤكدين أن محاولات التشكيك والتزييف ستتحطم دائمًا على جدار وعي هذا الشعب وإيمانه بقيادته.
كما أكدوا أن ما تحقق من إنجازات وطنية في عهد جلالة الملك، على مختلف المستويات، يعزز الثقة بالمستقبل، ويدفع الشباب نحو المزيد من العمل والاجتهاد لخدمة الوطن والمجتمع.
وعبروا عن اعتزازهم بالدور الإنساني والفكري الريادي الذي تضطلع به جلالة الملكة رانيا العبدالله، مشيدين بجهود بسمو ولي العهد ، الذي يسير بخطى واثقة على نهج جلالة الملك، حاملًا تطلعات الشباب الأردني، وقريبًا من نبضهم، ومبادرًا إلى إشراكهم في مسيرة البناء.
وأكدوا أن الشباب الأردني سيكون كما أراده جلالة الملك، جنودًا للوطن وصنّاعًا لمستقبله، وسفراء لقيمه في كل ميدان، مدركين أن الأمن والأمان مسؤولية جماعية، وأن القيادة الهاشمية ستبقى مصدر الإلهام والطمأنينة في زمن التحوّل والاضطراب.