هل تراجع "طوفان" البحر الأحمر بعد الهجوم الإسرائيلي على الحديدة؟
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
اتجهت الأنظار إلى الحديدة وموانئها بعد توالي الغارات الأمريكية - البريطانية على المناطق المحيطة بهذه المدينة اليمنية.
ودفعت هذه الأحداث كثيرا من المراقبين للحديث عن أهميتها الاستراتيجية ونفوذها في خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وجاءت الضربة الإسرائيلية العنيفة لميناء الحديدة الرئيسي في 20 من يوليو/تموز الماضي، رداً على استهداف حركة أنصار الله الحوثية تل أبيب بواسطة طائرة مسيرة، لتثير الاهتمام أكثر بموقع الحديدة في خارطة الصراع الإقليمي الدائر منذ هجوم حركة حماس الفلسطينية على غلاف غزة العام الماضي والحرب التي تشنها إسرائيل في القطاع المحاصر حتى اليوم.
بلغت خسائر ميناء الحديدة جراء الهجوم الإسرائيلي عليه ما يزيد على 20 مليون دولار أمريكي، فضلاً عن مقتل ما بين 6-9 وجرح أكثر من 80 شخصاً آخرين، وهو ما بدا كأنه عمل انتقامي وليس مجرد رد على هجمات الحوثيين، وكان الهدف منه هو خفض التوتر في البحر الأحمر، بل وتراجع لغة التهديد والوعيد التي أطلقها الحوثيون ضد إسرائيل.
تتوسط المدينة الساحلية اليمنية الساحل الغربي لليمن، البالغ طوله ما يزيد على 33% من السواحل البحرية للبلاد الممتدة كذلك لنحو 2200 كيلومتر بإضافة خليج عدن، جنوب البلاد.
وتضم الحديدة ثلاثة موانئ، أكبرها ميناء الحديدة التجاري التاريخي ذو الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية، ثم ميناء الصليف الشهير بإنتاج وتصدير الملح، يليه ميناء رأس عيسى النفطي.
وتقف هذه الموانئ عند منتصف الساحل الغربي بين ميناء ميدي شمالاً بالقرب من الحدود مع السعودية، وميناء المخا التاريخي الذي اشتهر طوال قرون بتصدير مادة البُن أو ما عُرف لاحقاً بـموكا كافيه نسبةً إلى هذا الميناء.
تشرف موانئ الحديدة كذلك على عشرات من الجزر ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة شمالي غرب الحديدة كجزيرة كمَران وأرخبيل جزر حنيش جنوب غرب المدينة وصولاً إلى جزيرة ميون عند مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر.
تكتسب موانئ الحديدة أهميتها من حيث كونها تمثل شريان الحياة الرئيسي الذي يمد نحو سبعة ملايين يمني في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في شمال غربي البلاد بنحو 80 ٪ من وارداتهم من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وغيرها، ولعل هذا كان السبب وراء سعي كل من السعودية وبريطانيا الممسكة بملف النزاع اليمني في الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق استوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018 أملاً في الإبقاء على هذا الميناء بعيداً عن الصراع وعدم إخراجه من الخدمة.
آليات تطبيق الاتفاق
تم التفاهم في البداية على تسليم الميناء لخفر السواحل الذين كانوا يعملون في هذه القوات قبل اندلاع الحرب عام 2015.
كما تم الاتفاق على إيجاد آلية لمراقبة الوضع على الارض من خلال بعثة أونما التابعة للامم المتحدة ، إذ عُهد إليها برصد أي انتهاك لهذا الاتفاق.
وكذلك أتُفق على آلية ثالثة لتفتيش السفن المتوجهة إلى ميناء الحديدة من خلال لجنة خاصة في ميناء جيبوتي القريب.
لكن تم الالتفاف على كل هذه الآليات وتجاوزها بطرقٍ عدةٍ ملتوية، وبالتالي تم توجيه الاتهامات إلى الحوثيين وإيران بالاستمرار في استخدام الميناء لأغراض عسكرية من خلال استخدام ضواحي الحديدة منطلقاً وقواعد لانطلاق هجمات الحوثيين، فضلاً عن تهريب الأسلحة واستيراد بعض الأجهزة الحساسة المستخدمة في تصنيع الصواريخ البالستية والطائرات دون طيار.
أجندات سياسية إقليمية
كان الهدف المعلن لذلك الاتفاق حينها "إنسانياً" لضمان تدفق المساعدات الإغاثية لليمن، ولكن اتضح في ما بعد، وفقاً لبعض المحللين، أن التوصل إلى هذا الاتفاق كان قد جرى بضغط من قبل السعودية لمنع استيلاء قوات (العمالقة) الحكومية الموالية للإمارات على هذا الميناء بعد أن كانت قد وصلت إلى مطار الحديدة ومنطقة الكيلو 16 لتقطع الطريق الرابط بين صنعاء ومدينة الحديدة.
إلى أين تتجه المنطقة؟
من المستبعد أن يعكس انحسار موجات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل ومعها الولايات المتحدة وبريطانيا والحوثيين نهاية (طوفان) التوتر بامتداد البحر الأحمر لسببين رئيسيين:
أولهما يعود إلى إصرار إيران على تنفيذ أجندتها ضد المصالح الغربية والإسرائيلية بواسطة حلفائها الحوثيين الذين يسعون أيضاً من خلال ذلك إلى تحقيق مكاسب سياسية ودعائية داخل اليمن.
ثانيهما، أن الحديدة وموانئها الثلاثة لا تزال محل تنافس إقليمي بين الرياض وأبو ظبي من جهة، ونزاع محلي بين الحوثيين وخصومهم في الداخل اليمني الذين طالما أكدوا أن إدانتهم للهجمات الغربية وإسرائيل على اليمن لا تعني نهاية حربهم مع الحركة الحوثية، مالم تجنح هذه الحركة إلى حلٍ شاملٍ ، سلماً أو حرباً يؤدي إلى (استعادة الدولة اليمنية) بما يجعل من اليمن عامل استقرار يضمن أمن اليمن وجيرانه والعالم أجمع.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: میناء الحدیدة البحر الأحمر من خلال
إقرأ أيضاً:
هند صبري تحصد جائزة عمر الشريف في مهرجان البحر الأحمر السينمائي
في ليلة سينمائية استثنائية، يكرّم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي النجمة هند صبري بمنحها جائزة عمر الشريف للإنجاز الفني، التي تُقدَّم هذا العام بالشراكة مع جوائز الجولدن جلوب، احتفاءً بمسيرة فنية امتدت لأكثر من عشرين عاماً، رسّخت خلالها هند مكانتها كواحدة من أهم أيقونات التمثيل في العالم العربي.
أقيم حفل التكريم الكبير يوم 10 ديسمبر 2025 خلال السهرة الرئيسية للمهرجان، بحضور أهم المخرجين وصنّاع السينما من مختلف أنحاء العالم. وألقت هند كلمتها قائلة :
"أن أقف هنا الليلة، في حفل الجولدن جلوبز بالشراكة مع مهرجان البحر الأحمر السينمائي، لأتسلّم جائزة تحمل اسم عمر الشريف هو شعور بالتواضع والامتنان.
عمر الشريف لم يكن مجرد أيقونة للسينما العربية بل جسراً بين العوالم، أثبت أن الهوية ليست حدوداً، بل إرثاً يمتد، رحلته فتحت الأبواب لأجيال من الفنانين العرب؛ وأنا واحدة منهم.
أتلقى هذا التكريم بامتنان عميق لمهرجان البحر الأحمر السينمائي على إيمانه بقصصنا، وللمجتمع السينمائي العالمي على احتضانه لأصوات منطقتنا بكل هذا الدفء.
السينما قادرة على عبور الثقافات واللغات والحدود تماماً كما فعل عمر الشريف، وأحمل هذه الجائزة كتذكير بمواصلة السعي وراء حكايات جريئة وإنسانية وعالمية.
كما أود أن أقدّم شكري الخالص لرئيسة الجولدن جلوبز، هيلين هوهن، ولأصدقائي الأعزاء في مهرجان البحر الأحمر: رئيسة المجلس جوانا الرشيد، والرئيس التنفيذي فيصل بالطيور، والمديرة التنفيذية شيفاني بانديا مالهوترا. فمنذ الدورة الأولى حين كنتُ عضوة في لجنة التحكيم وحتى هذه اللحظة… أشعر حقاً أننا أصبحنا عائلة واحدة.
وتأتي الجائزة تكريماً لإسهامات هند العميقة في تطوير السينما العربية، باعتبارها من "الأساطير وصانعي الدرب" الذين أثّروا في الأجيال الجديدة من الفنانين والمخرجين، وهي جائزة سبق أن حصل عليها فنانون كبار، ما يجعل اختيار هند امتداداً طبيعياً لمسيرتها وحضورها الفني المتميز.
يحتفي المهرجان بقدرة هند صبري على تجسيد شخصيات تحمل صدقاً عاطفياً نادراً، بداية من انطلاقتها اللافتة في صمت القصور، وصولاً إلى أعمالٍ ارتبطت بذاكرة الجمهور العربي مثل أحلى الأوقات، عمارة يعقوبيان، إبراهيم الأبيض، الجزيرة، بنات ألفة وكيرة والجن. وأشاد المهرجان بدورها في الارتقاء بالسرد السينمائي العربي وإلهام الجمهور داخل المنطقة وخارجها، وبصمتها الثقافية التي فتحت المجال لجيل جديد من المبدعين.
يذكر أن أحدث أعمال هند المرتقبة عودتها القوية إلى موسم رمضان بعد غياب، من خلال مسلسلها الجديد "مناعة" المقرر عرضه في رمضان 2026، والمبني على قصة حقيقية مثيرة للجدل، إضافة إلى تحضير فيلمها السينمائي المنتظر "أضعف خلقه" بطولة أحمد حلمي ومن تأليف وإخراج عمر هلال، والذي يُعد أحد أبرز الأعمال المرتقبة في العام الجديد.