مسارات جنيف بين الفرص والتحديات
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
د. أماني الطويل
تشكل منصة جنيف فرصة قد تكون الأخيرة أمام الشعب والجيش السوداني لوقف حرب عبثية دمرت مقدراته الحالية والمستقبلية على المستويين العام والشخصي للأفراد. من هنا كانت حالة الترقب والمتابعة غير المسبوقة من الجمهور بشأن موقف قائد الجيش من هذه المنصة ومدى قبوله للانخراط في عملية تفاوضية مع قوات الدعم السريع، في ضوء ضغوط مفردات النظام السياسي للرئيس المنتهية ولايته، عمر البشير.
في هذا السياق، فإن موقف تصريحات رئيس الوفد المفاوض محمد بشير أبو نمو شكل صدمة للرأي العام السوداني من حيث الشكل والمضمون. من حيث الشكل، تم تجاهل إعلان الموقف من جانب الطرف الرئيس في معادلة التفاوض، أي قائد الجيش، ربما لخلق مساحة للتراجع لقائد الجيش أو ممارسة ضغوط عليه من جانب حلفائه لعدم قبول مبدأ التفاوض، وهو سلوك تم ممارسته أكثر من مرة وأثمر بالفعل عن تراجع الفريق البرهان من منصات مثل جدة والبحرين وغيرهما.
أما من حيث المضمون، فإن هذا اللقاء وفر اعترافًا من الجانب الأمريكي بالحكومة السودانية، وهو مكسب لم يتم تقديره من الجانب الحكومي على نحو صحيح. حيث جاء تقدير الموقف من جانبهم له أبعاد عاطفية وليس عملية وواقعية. ولكن يبقى أن محور اللقاء التشاوري بين وفد الحكومة السودانية وممثلي الإدارة الأمريكية، وفقًا للتسريبات، هو رفض أن يكون هناك مسار سياسي موازٍ للمسار التفاوضي المرتبط بعملية وقف العدائيات ووقف إطلاق النار. أي أنه من المطلوب سيطرة الجيش السوداني على المعادلات السياسية المستقبلية، وهو ما سبق أن عبر عنه الفريق ياسر العطا أكثر من مرة.
أما من حيث التصريحات، فإن مقولات وزير الإعلام السوداني، غراهام عبد القادر، بشأن الموقف من منصة جنيف تبدو مرتبكة، وذلك بشأن رفض وجود مراقبين للمباحثات، وفي الوقت نفسه الترحيب بالمبادرات التي تحفظ سيادة البلاد. ذلك أن المراقبين هم أصحاب المبادرات، سواء كانوا من المملكة العربية السعودية أو مصر، وهو الأمر الذي سبب الارتباك.
وفي ضوء موقف الحكومة السودانية وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان من مباحثات جنيف، والذي نعتبره غير نهائي حتى كتابة هذه السطور، فإن موقف الإدارة الأمريكية قد حدده المتحدث باسمها توم بيريليو، الذي قال إن منصة جنيف ستبدأ العمل غدًا مع الأطراف الدولية والإقليمية وبمن يحضر من السودانيين. وقد جاء هذا الموقف من جانب بيريليو، في تقديري، لسببين: الأول أن حجم الكوارث الإنسانية في السودان مرعب وقاسٍ على النفس البشرية، سواء فيما يتعلق بفقدان عناصر الأمن الإنساني من قتل وجوع وكوارث مناخية، أو بالنزوح المليوني داخل وخارج السودان، وكلها أمور تضع ضغوطًا داخلية على الإدارة الأمريكية في ضوء الانتخابات المرتقبة التي يتمتع فيها الأمريكيون من أصول إفريقية بوزن تصويتي لا يستهين به لا الديمقراطيون ولا الجمهوريون.
الأمر الثاني هو أنه قد يكون من غير المقبول بالنسبة للمتحدث الأمريكي وإدارته ألا يتم تقدير تنازل قائد الجيش الكبير بشأن الاعتراف الضمني بالحكومة السودانية التي تُوصف دوليًا بأنها حكومة انقلابية. وعلى الرغم من ذلك، تم القبول بها في اللقاء التشاوري الذي جرى قبل الموعد الرسمي لعقد منصة جنيف، بل وتم مخاطبة البرهان من جانب بلينكن بوصفه رئيس مجلس السيادة، وهو الموقع المختلف عليه بعد اندلاع الحرب السودانية.
وقد يكون التحدي الأكبر الذي يواجهه قائد الجيش السوداني في هذه اللحظات الدقيقة هو اعتماد قوات الدعم السريع كبديل للجيش كمخرج من مخرجات جنيف، وذلك كآلية لتوصيل المساعدات الإنسانية للسودانيين في مناطقهم، خصوصًا مع سيطرة الدعم السريع على مناطق معتبرة من التراب الوطني للبلاد.
ويرجح هذا التقدير ظهور مقولات محمد حمدان دقلو (حميدتي) عشية تفعيل منصة جنيف، كطرف جاهز ليس فقط بقبول التفاوض، ولكن أيضًا بأدوار على الأرض ترفع الحرج عن الأمريكيين في هذا التوقيت الحرج. وذلك بخارطة طريق تفصيلية بشأن قدرات قواته في هذا المجال، التي قال إنه سيشكل منها قوة تتولى حماية المواطنين وكذلك توصيل المساعدات الإنسانية، مع ضمان حماية موظفي المنظمات الدولية العاملين على الأرض، والتنسيق مع الإدارات المدنية الموجودة بهذا الشأن، وكذلك تسهيل العودة الطوعية للنازحين والمتأثرين بالحرب إلى مناطقهم، والتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية.
في حال قبول خارطة الطريق التي يطرحها حميدتي من جانب الأطراف المجتمعة في جنيف، ربما تكون الخيارات المطروحة أمام الفريق عبد الفتاح البرهان والحكومة المرتبطة بنظام البشير جد حرجة، وذلك في ضوء عدد من المعطيات التي نوجزها في التالي:
أن البدائل أمام المجتمع الدولي تبدو جاهزة في حالة غياب القوات المسلحة السودانية عن منصة جنيف، وذلك لتفعيل أجندة قد لا تلبي بالضرورة مصالح الأمن القومي السوداني، التي يدافع عنها الجيش وتعد من أهم مهامه الوطنية، بقدر ما تلبي أجندة خارجية، خصوصًا أمريكية مرتبطة بالانتخابات الأمريكية.
أن إمكانية تصحيح الميزان العسكري لصالح الجيش في زمن معقول تبدو بعيدة، وذلك نظرًا لارتباط ذلك بعوامل خارجية ذات حسابات معقدة.
أن العون الاستنفاري من جانب الأطراف المتحالفة مع الجيش بات مكلفًا، بل ومهددًا بتفكيك الدولة، حيث إن الفصائل المسلحة تتطلع إلى مقعد لها إلى جانب الجيش القومي في المباحثات والتشاورات الدولية. بينما إنقسامات النظام القديم بسبب الضغوط عليه وافتقاده القدرة على المراجعة العلنية والاعتذار للشعب السوداني عن ما مارسه من فساد سياسي ومالي، تبدو مفقودة. حيث لم يبلور أطراف النظام القديم بعد موقفًا يجعلهم يحوزون مكسبًا بأن يكونوا جزءًا من المعادلة المستقبلية، بدلاً من أن يخسروا موطن المعادلة بالكامل أي السودان.
أن القبول السوداني العام بمبدأ التفاوض بات واسعًا، نظرًا لاحتياج الناس للعودة إلى بيوتهم ومناطقهم وبلادهم. وذلك مع اختبار أن تشدد الجيش السياسي ضد قوات الدعم السريع لم ينعكس عسكريًا على الأرض، ولم يتسبب في دعم خيار العودة، بل لم يجعل هذا الخيار موجودًا إلا في الأفق الإعلامي الدعائي فقط.
أن قيام الدعم السريع بمهام إنسانية للمدنيين بدعم دولي سوف يخلق تفاعلات جديدة إيجابية مع المدنيين، ويعيد وشائج سبق وأن خسرتها قوات الدعم السريع في المرحلة الماضية بسبب الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها وتمت إدانتها دوليًا بسببها.
أن إقليم دارفور في هذه الحالة سيكون من الأقاليم التي ستتيح للدعم السريع نقاط ارتكاز رئيسية لمشروعها، وقد يكون رأس الرمح في عملية تقسيم السودان التي باتت مرئية.
في المقابل، لا أرى مكسبًا فعليًا يمكن أن يحققه الفريق عبد الفتاح البرهان بالغياب عن منصة جنيف. ذلك أن حلفاءه أضعف فعليًا من أن يقدموا إسنادًا داخليًا كان من شأنه فرض أجندة مغايرة للمطروح حاليًا، كما أن وجوده على مائدة التفاوض من شأنه أن يعدل من المطروح عليه، خصوصًا إن وجد دعمًا إقليميًا أظن أنه متوفر للقوات المسلحة السودانية باعتبارها جيش البلاد القومي.
نقلا عن sbc
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع قائد الجیش الموقف من من جانب فی ضوء من حیث
إقرأ أيضاً:
بين واشنطن وطهران.. ما مسارات تشكيل الحكومة العراقية؟
بغداد – تتزايد تعقيدات تشكيل الحكومة العراقية يوما بعد آخر في ظل وضع إقليمي مضطرب وحال داخلي ليس في أفضل أحواله، وكل ذلك في ظل استمرار واشنطن بإرسال رسائل تحذيرية لبغداد من مغبة اختيار حكومة موالية لإيران، فضلا عن إبلاغها بضرورة إنهاء ملف سلاح الفصائل وضبط تهريب الدولار ودعم الاقتصاد الإيراني.
وبعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأفرزت حصول الفصائل المسلحة على أكثر من 90 مقعدا في البرلمان من مجموع 329 مقعدا، يبدو أن الإطار التنسيقي، الذي يُعد المظلة السياسية للقوى السياسية الشيعية، يعيش في أحلك الظروف لتسمية الحكومة الجديدة، التي يُعتبر تشكيلها الأصعب منذ الغزو الأميركي عام 2003.
ضغوط خارجيةوتكتنف ملف تشكيل الحكومة الجديدة تعقيدات كثيرة، زادت حدة بعد الاستهداف الأخير لحقل "كورمور" النفطي في محافظة السليمانية قبل أيام.
وما لبثت أن هدأت عاصفة هذا الحدث الأمني، حتى أتت عاصفة سياسية أخرى تمثّلت بما نشرته جريدة الوقائع العراقية الرسمية التي صنفت حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله (الحوثيين) وتنظيمات أخرى كجماعات "إرهابية" مع تجميد أموالهم في المصارف العراقية، وهو ما أشعل توترا سياسيا داخل الإطار التنسيقي وسط سيل من الاتهامات بين مختلف الجهات.
وفي هذه الأثناء، يشير الباحث السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله إلى وجود ضغوط أميركية كبيرة من أجل تقديم شخصية لمنصب رئاسة الوزراء بعيدة إلى حد ما عن إيران وقريبة من واشنطن في الوقت ذاته.
وقال فضل الله للجزيرة نت: "لن يتحقق هذا الأمر قطعا بالنسبة التي تطمح إليها الولايات المتحدة، فقوى الإطار التنسيقي ترفض هذه الضغوط والتدخلات، لكنها ستراعي التأثيرات السيئة حال تقديم شخصية قريبة من الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية، بما لا يستفز الأميركيين، مراعاة للوضع العراقي وعدم استعداء أميركا".
وبالمقابل، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل الدكتور فراس إلياس إن الضغوط الأميركية واضحة في هذه المرحلة وفق تصريحات المبعوث الأميركي إلى العراق مارك سافايا، وعبر زيارة المسؤولين الأميركيين لبغداد، مبينا أن واشنطن تريد تسمية رئيس وزراء يديم النهج الإستراتيجي الذي اعتمدته حكومة محمد شياع السوداني، مع عدم وجود تمثيل للفصائل المسلحة في الحكومة القادمة.
إعلانويعتقد إلياس -خلال حديثه للجزيرة نت- أن الضغوط الأميركية ستنجح بتسمية رئيس حكومة يراعي رغباتها، بيد أنها قد تفشل في استبعاد الفصائل المسلحة عن المواقع المؤثرة في الحكومة القادمة.
وبالتالي -برأيه- هناك شد وجذب بين واشنطن التي ترغب في إبعاد الحكومة العراقية عن التأثير الإيراني، بينما تسعى طهران لتشكيل حكومة عراقية غير متماهية بشكل أو بآخر مع الرغبات الأميركية فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية وملفات الطاقة بين بغداد وطهران.
ويخلص إلياس إلى أن الضغوط الأميركية ليس هدفها تشكيل واقع سياسي عراقي غير خاضع لإيران بقدر ما تسعى لإقامة حكومة عراقية لديها مسافة أمان عن إيران، بما يعكس نجاح إدارة دونالد ترامب بتحقيق نصر سياسي في الداخل العراقي، مشيرا إلى أن الموقف الإيراني بات يتسم بالهدوء النسبي مقارنة مع تحركات طهران التي أعقبت جميع الانتخابات العراقية السابقة.
محطات الوجود العسكري الأمريكي في العراق من 2003 إلى اليوم
حلقة #للقصة_بقية على شاشة #الجزيرة ومنصاتها الرقمية#شاهد | https://t.co/9PSlcU1Zrq pic.twitter.com/9EcHYS9YQV
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 3, 2025
خلافات متداخلةوقد لا تكون الضغوط الخارجية وحدها العائق أمام تشكيل الحكومة الجديدة، إذ باتت الخلافات السياسية الداخلية بين مختلف الكتل السياسية الشيعية والسنية والكردية واضحة ومتداخلة مع بعضها.
ويعلّق فراس إلياس على ذلك بقوله إن ما يجري داخل الإطار التنسيقي يمكن وصفه بـ"عملية قيصرية" تجري على قدم وساق للإسراع بتشكيل الحكومة مع وجود خلاف عميق بشأن تسمية رئيس الوزراء من بين مرشحين محتملين، أبرزهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والحالي محمد شياع السوداني، وآخرين كرئيس "هيئة المساءلة والمعادلة" باسم البدري ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، وفق قوله.
من جانبه، ينفي الباحث علي فضل الله وجود خلافات كبيرة بين أجنحة الإطار التنسيقي، مؤكدا أنها اختلافات في وجهات النظر وليست خلافات، وأن الإطار سيسمي قريبا قائمة مرشحين لمنصب رئيس الوزراء، وذلك بعد تصديق المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية للانتخابات.
وكانت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي قد أكدت للجزيرة نت أن المفوضية حسمت 800 طعن في نتائج الانتخابات كانت قد تقدمت بها الكتل السياسية، ولم يتبقَّ سوى 75 طعنا سيحسم ملفها مطلع الأسبوع القادم، ومن ثم سترسل النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة النهائية عليها، بما سيسمح للكتل السياسية في دخول المرحلة الفعلية لتشكيل الحكومة.
وفيما يتعلق بمنصب رئيس البرلمان القادم الذي جرى العرف السياسي في العراق أن يكون سنيا، يقول المتحدث الرسمي باسم تحالف السيادة محمد الطائي، إن المجلس السياسي الوطني الذي يشكّل الغطاء السياسي للقوى السنية يعمل حاليا على وضع الشروط لاختيار رئيس البرلمان، دون الكشف عن أسماء المرشحين المحتملين للمنصب.
وفي تعليقه على ما نشرته وسائل الإعلام المحلية حول وجود "فيتو" على شخصية رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، في تولي المنصب مجددا، أكد الطائي أنه لا فيتو سني على الحلبوسي، بيد أن هناك إشارات من الإطار التنسيقي تفيد بعدم رغبتها في ترشح الأخير للمنصب، دون وجود موقف رسمي واضح بهذا الشأن.
إعلانوأشار إلى أن المجلس السياسي الوطني -الذي كان تحالف السيادة عرّاب تشكيله- يرفض قطعا مبدأ الفيتو والإملاءات بهذا الشأن، وأن القرار يجب أن يبقى محصورا داخل المجلس السياسي الوطني.
ويتفق الباحث فضل الله مع ما تحدث به الطائي حول ترشح الحلبوسي لمنصب رئاسة البرلمان قائلا: "أعتقد أن الإطار التنسيقي قد أوصل رسالة للحلبوسي بعدم تقدمه لمنصب رئاسة البرلمان مع تقديم شخصية تسوية أو من يُمثّله في المرحلة القادمة".
وفي الوقت الذي يبدو فيه تحالف السيادة أقرب إلى اختيار محمد الحلبوسي للمنصب، كما أكد المتحدث محمد الطائي، قال الباحث السياسي نبيل العزاوي المقرب من تحالف العزم السني، في تصريحات صحفية، إن التحالف الأخير قد يكون الأقرب لتولي منصب رئاسة البرلمان، بما يعكس خلافات كبيرة كذلك داخل البيت السني.
وبالانتقال إلى عقدة منصب رئاسة الجمهورية، حيث الخلافات لا تزال كبيرة بين الأحزاب الكردية حول مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية.
فبعد أن جرى العرف السياسي أن يكون الرئيس مرشحا عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه بافل طالباني نجل الرئيس الأسبق جلال طالباني، تتصاعد مطالب الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بالمنصب، بعد أن حقق نتائج كبيرة في الانتخابات الأخيرة وبفارق مريح عن الاتحاد الوطني، أقرب منافسيه.
وحول ذلك، يقول الباحث فضل الله إن ثمة خلافات كبيرة بين الأحزاب الكردية الرئيسية حول منصب الرئيس، وأن تأخر تشكيل حكومة الإقليم بعد أكثر من عام ونصف على انتخابات الإقليم يبيّن مدى الخلاف، مشيرا إلى أن تسمية رئيس الجمهورية ستكون ضمن حزمة حل الخلافات بين الأحزاب الكردية، وأن عدم حل هذه الخلافات قد يعصف بالوجود الكردي ضمن أروقة الحكومة، حسب قوله.
ويتفق ما تحدث به الأكاديمي فراس إلياس مع هذا الطرح، إذ يرى أن الحزب الديمقراطي يسعى للحصول على منصب الرئيس بما يتوافق مع رغبة قوى إقليمية مثل تركيا، إلا أن الخلافات الداخلية الكردية حول المنصب لا تزال على حالها دون بوادر حقيقية لحلها.
ورغم محاولات مراسل الجزيرة نت الحصول على تعليق من قِبل الحزب الديمقراطي الكردستاني حول هذا الموضوع، فإن المسؤولين الأكراد فضّلوا عدم الإفصاح عن التفاصيل ريثما تصل الأحزاب الكردية لتفاهمات حول الموضوع.
عامل الوقتوفي ظل المعطيات الحالية، يبدو أن أمام الكتل السياسية مخاضا عسيرا لتشكيل الحكومة لا يقل عن 3 أشهر على أقل تقدير، وفق الباحث علي فضل الله، الذي يرى أن حسم ملف الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة القادمة قد لا يرى النور قبل نهاية شهر مارس/آذار القادم.
من جانبه، يعتقد الأكاديمي فراس إلياس أن الخلافات بين المكونات الشيعية والسنية والكردية وداخلها قد يربك المشهد بصورة عامة، فضلا عن الغموض الذي لا يزال يكتنف موقف التيار الصدري الذي قد يتحرك ويوتر الوضع في حال وصول شخصية لا ترضيه لمنصب رئاسة الوزراء، فضلا عن احتمالية كبيرة لتأثر الوضع السياسي بالظرف الإقليمي والتصعيد غير المحسوم بين إسرائيل وإيران.
وعلى النقيض من هذه القراءة، يعتقد المتحدث باسم تحالف السيادة محمد الطائي أن وصول المبعوث الأميركي مارك سافايا للبلاد قريبا، قد يحرك الوضع الحالي، مشيرا إلى أن العامل الخارجي سيحدد الخطوات الرئيسية القادمة في تشكيل الحكومة العراقية.