شدّد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن، الخميس، على أهمية توحيد العملة اليمنية وإنهاء الانقسام المصرفي، مشيراً إلى الدور السعودي في احتواء دائرة التصعيد الاقتصادي الأخير بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

إحاطة المبعوث الأممي تزامنت مع تواصل الإدانات الدولية لاقتحام الحوثيين في صنعاء مقر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومصادرة محتوياته وإغلاقه، والدعوة إلى الإفراج عن الموظفين الإغاثيين في الوكالات الأممية والمنظمات الدولية المعتقلين لدى الجماعة الموالية لإيران.



وأشار غروندبرغ إلى خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وقال في إحاطته: «تمكّن الطرفان الشهر الماضي بدعم من المملكة العربية السعودية من وقف دائرة خطيرة من التصعيد الذي كان يؤثر سلباً في قطاعي البنوك والنقل في اليمن ويهدد بإشعال فتيل نزاع عسكري جديد».

ولفت إلى التصعيد الإقليمي الذي يحدث بالتوازي مع ما وصفه بـ«التحديات الحقيقية والملحة» داخل اليمن التي تحتاج إلى معالجة، موضحاً أن معالجة النزاع المستمر منذ عقد من الزمن في اليمن لا يزال هو محور تركيز جهوده.

وإزاء حملة القمع الحوثية ضد موظفي الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، دعا المبعوث الجماعة «إلى التصرف بمسؤولية ورأفة تجاه المواطنين والمواطنات في بلدهم والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى أبناء الأقليات الدينية».

وتابع بالقول: «بعد أربعة أيام في 19 أغسطس (آب)، سوف نحتفل باليوم الإنساني العالمي، إلا أننا مع ذلك نواجه في اليمن حملة قمع على الفضاء الإنساني والمدني من قبل أنصار الله (الحوثيون)».

وشدّد غروندبرغ على أهمية العمل نحو توحيد العملة اليمنية، ونحو بنك مركزي موحد وضمان النأي بالقطاع المصرفي عن التدخل السياسي، وقال إن مكتبه أعدّ «خيارات، وعرض مقترحاً ومساراً واضحين لتحقيق هذه الأهداف».

واشنطن: سجل الحوثيين فاشل

قالت المندوبة الأميركية لدى المنظمة الدولية ليندا توماس غرينفيلد إن «الحوثيين يحاولون عمداً صرف الانتباه عن سجلهم الفاشل من خلال التركيز على أحداث أخرى في المنطقة»، في إشارة الى حرب غزة، مضيفة أنه «لا ينبغي أن نسمح لهم - نسمح لأنفسنا بالوقوع في هذا الفخ». وأكدت أنه «يجب على أعضاء هذا المجلس التوقف عن إيجاد الأعذار للحوثيين»، معتبرة أن «الوقت حان لهذا المجلس لكي يفعل شيئاً في شأن هجمات الحوثيين ونشاطاتهم» المزعزعة للاستقرار في المنطقة وللملاحة في البحر الأحمر والمضايق الدولية.

وقالت غرينفيلد إنه «للبدء في ذلك، يجب أن نتخذ خطوات لحرمانهم الأسلحة والإمدادات، وخاصة المواد الحيوية التي يتلقونها منذ فترة طويلة من إيران في انتهاك لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة بموجب القرار 2216»، مذكرة بأن المندوب اليمني الدائم عبد الله السعدي «طلب دعماً إضافياً في تطبيق القرار 2216».

وأضافت المندوبة «يجب أن نستجيب لهذه الدعوة. دعونا نكون واضحين: الدول الأعضاء التي تقف في طريق محاسبة الحوثيين وإيران متواطئة في تقويض صدقية قرارات هذا المجلس».

إدانات غربية

استمراراً للتنديد الدولي باقتحام الحوثيين مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، أدانت المملكة المتحدة «بشدة» هذا الاقتحام، ودعت الحوثيين إلى السماح للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بمواصلة عملها الحيوي خدمة لشعب اليمن، وإلى الإفراج فوراً عن جميع الموظفين المحتجزين، وفق ما جاء في بيان لوزير شؤون الشرق الأوسط هيمش فولكنر.

وكانت الولايات المتحدة أدانت في بيان للنائب الرئيسي للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية فيدانت باتل، استيلاء الحوثيين على مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء، وقالت إن ذلك «ينتهك الأعراف الدولية، ويبيّن أن الحوثيين لا يحترمون أدنى الممارسات الدولية الأساسية».

ورأت الخارجية الأميركية أن ما حدث ليس «سوى خطوة أخرى ضمن سلسلة عدوانية من أعمال الحوثيين، التي تشمل عمليات اعتقال لموظفين في الأمم المتحدة ومنظمات دولية وهيئات دبلوماسية يعملون لمساعدة الشعب اليمني». وحذرت من أن هذه الأعمال ستفاقم عرقلة عمليات تسليم المساعدات إلى المدنيين اليمنيين الذين يعانون ظروف الأزمة منذ وقت طويل.

وأوضح البيان أن الولايات المتحدة تواصل دعم السلام المتفاوض عليه في اليمن برعاية الأمم المتحدة. كما تدعم بشدة عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وغيرها من الوكالات والمنظمات التي تغيث الشعب اليمني.

وشددت الخارجية الأميركية على أنه «لا يمكن التوصل إلى حل دائم للصراع اليمني، ما دام الحوثيون يصرون على مهاجمة السفن الدولية ويهددون جيرانهم والشعب اليمني».

زعيم الجماعة يتوعّد

توعّد زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي في خطبته، الخميس، بالرد على القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة، وبالاستمرار في مهاجمة السفن التي لها صلة بإسرائيل، مشيراً إلى مقتل 73 عنصراً من أتباعه، وإصابة 181 منذ بدء التصعيد البحري، جراء الضربات الغربية، بمن فيهم نحو 6 قتلى سقطوا في القصف الإسرائيلي للحديدة، ونحو 80 جريحا.

واعترف الحوثي بتلقي جماعته هذا الأسبوع 10 غارات غربية، 8 منها استهدفت الحديدة على البحر الأحمر، وغارتان استهدفتا حجة وصنعاء، كما تبنّى خلال الأسبوع نفسه مهاجمة السفن بـ15 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة.

كما اعترف الحوثي بأن جماعته نجحت منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تعبئة أكثر من 400 ألف متخرج في الدورات العسكرية، وقال إن الرد على اغتيال إسماعيل هنية وقصف الحديدة «آتٍ حتماً، وله مساره وتجهيزاته وتكتيكه، وله إمكاناته المخصصة»، وأن تأخّر الرد «هو في سياق عملي ليكون موجعاً».

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

منظمتان حقوقيتان تطالبان الحوثيين بالإفراج عن موظفين أمميين ومساعدين

دعت منظمتا "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش"، الحوثيين في اليمن إلى الإفراج "الفوري وغير المشروط" عن عشرات الموظفين التابعين للأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، والذين جرى احتجازهم تعسفًا خلال العام الماضي.

وفي بيان مشترك، أكدت المنظمتان أن هذه الاعتقالات تقوض جهود إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، في بلد يعيش أزمة إنسانية حادة منذ أكثر من عقد من الزمن، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأشار البيان إلى أن جماعة الحوثيين نفذت، منذ 31 أيار/ مايو 2024، سلسلة مداهمات أمنية في مناطق خاضعة لسيطرتها، أسفرت عن اعتقال 13 موظفًا أمميًا، إلى جانب أكثر من 50 موظفًا من منظمات إنسانية محلية ودولية. 

كما شنت الجماعة حملة اعتقالات جديدة بين 23 و25 كانون الثاني/يناير الماضي٬ طالت ثمانية موظفين إضافيين تابعين للأمم المتحدة.

وتواصل الجماعة احتجاز موظفين اثنين يعملان في مجال حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، وذلك منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 وآب/ أغسطس 2023، دون محاكمة.

وكانت جماعة الحوثيين قد زعمت في حينه تفكيك ما وصفته بـ"شبكة تجسس أميركية إسرائيلية" تعمل تحت غطاء المنظمات الإنسانية، وهو ما نفته الأمم المتحدة بشكل قاطع.


ويأتي تصعيد الحوثيين في هذا الملف بعد قرار سابق أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإعادة تصنيف الجماعة كـ"منظمة إرهابية أجنبية".

وبحسب المنظمتين، فإن الأمم المتحدة قررت في كانون الثاني/يناير الماضي٬ تعليق جميع تحركاتها الرسمية إلى مناطق سيطرة الحوثيين، كما أوقفت أنشطتها الإنسانية في محافظة صعدة شمالي البلاد، بعد توقيف ستة من موظفيها هناك في شباط/فبراير الماضي.

وفي 11 شباط/ فبراير الماضي، توفي أحد موظفي برنامج الأغذية العالمي أثناء احتجازه لدى الحوثيين، ما أثار قلقًا إضافيًا حيال أوضاع بقية المحتجزين، بحسب البيان.

ورغم مرور أشهر على حملة الاعتقالات، لم يُفرج سوى عن سبعة معتقلين فقط، بينهم موظف واحد تابع للأمم المتحدة. ولا يزال أكثر من خمسين شخصًا قيد الاحتجاز، دون السماح لهم بالتواصل مع محامين أو ذويهم، ودون توجيه أي تهم رسمية إليهم.

وفي هذا السياق، وصفت الباحثة في شؤون اليمن لدى منظمة العفو الدولية، ديالا حيدر، استمرار احتجاز الموظفين بأنه "أمر مروع"، مشددة على أن معظم المعتقلين لم يرتكبوا جرمًا سوى أداء مهامهم الإنسانية في تقديم المساعدات أو الدفاع عن حقوق الإنسان والسلام.

من جانبها، دعت الباحثة في شؤون اليمن والبحرين في منظمة هيومن رايتس ووتش، نيكو جعفرنيا، جماعة الحوثيين إلى التوقف عن عرقلة العمل الإنساني، وتيسير إيصال المساعدات. كما حثت المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول المؤثرة والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، على الضغط من أجل إطلاق سراح جميع المحتجزين تعسفًا، وتقديم الدعم لعائلاتهم.


وخلص البيان إلى أن ما يجري يعكس "هجومًا مستمرًا على الحيز المدني" في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث ترافقت الاعتقالات مع حملة دعائية واسعة تتهم المنظمات الإنسانية بـ"التجسس" و"التآمر".

يُشار إلى أن منظمة العفو الدولية وثقت منذ عام 2015 عشرات الحالات التي استخدمت فيها سلطات الحوثيين تهم "التجسس" كوسيلة لقمع المعارضة السياسية وإسكات الأصوات السلمية.

ومنذ نيسان/ أبريل 2022، يشهد اليمن حالة من التهدئة النسبية، بعد سنوات من الحرب المستعرة بين القوات الحكومية المعترف بها دوليًا وجماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من شمال البلاد.

وقد أدت الحرب، التي اندلعت قبل نحو عقد، إلى تدمير البنى التحتية في مختلف القطاعات، وأسفرت عن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • رئيس هيئة الأركان: أمن اليمن والمنطقة مرهون بهزيمة الحوثيين وقطع التدخلات الإيرانية
  • العفو الدولية ورايتس ووتش تطالبان الحوثيين بالإفراج عن موظفين أمميين
  • منظمتان حقوقيتان تطالبان الحوثيين بالإفراج عن موظفين أمميين ومساعدين
  • العفو الدولية وهيومن رايتس تدعوان الحوثيين إلى الافراج عن موظفين إنسانيّين وحقوقيّين
  • مجلس الأمن يبحث اليوم تهديدات السلم العالمي الناجمة عن تصرفات أوروبية
  • العليمي: اليمن عازم اليوم أكثر من أي وقت مضى لإسقاط مشروع الحوثيين
  • المقرر الأممي: إسرائيل تمنع الأمم المتحدة من إيصال المساعدات إلى غزة
  • مجلس الأمن يعقد إحاطته الشهرية بشأن الوضع في غزة
  • الأمم المتحدة تحذر من التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل وتدعو إلى الحوار
  • بيان هام من الأمم المتحدة حول قصف إسرائيل لمطار صنعاء