رحيل أيقونة السينما الفرنسية آلان ديلون عن عمر يناهز 88 عامًا
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
توفي أيقونة السينما الفرنسية والأوروبية الممثل الفرنسي آلان ديلون، عن عمر يناهز 88 عامًا.
أعلن أبناؤه الثلاثة وفاته في بيان مشترك، عبّروا فيه عن شعورهم بالحزن الشديد وقالوا إن الممثل توفي بسلام في منزله محاطاً بعائلته.
واجه ديلون مشاكل صحية عديدة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك السكتة الدماغية التي أصابته عام 2019.
لخص الفنان الراحل مشاعره خلال حفل تكريمه في مهرجان كان السينمائي في العام 2019 بالقول: ”الشيء الوحيد الذي أفتخر به هو مسيرتي المهنية".
عقب الإعلان عن وفاته، بدأت الإشادة بـ”ديلون“ تظهر على الفور عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتحولت جميع وسائل الإعلام الفرنسية الرائدة إلى تغطية كاملة لمسيرته المهنية الثرية.
وُلِد ديلون في فرنسا عام 1935، وذاع صيته عالميًا في ستينيات القرن الماضي بأدوار لا تُنسى في أفلام مثل ”في الشمس الكاملة“ و”الفهد“.
جسّد الممثل الفرنسي الشهير دور الشرير والشرطي واستقطب جمهوراً واسعاً من جميع أنحاء العالم.
تمكّن هذا الفنان السينمائي من الجمع بين الصلابة والجاذبية والضعف الذي كان يتمتع به بفضل وسامته وأسلوبه الرقيق، مما جعله أحد أبرز الممثلين الفرنسيين. وكان ديلون أيضًا منتجًا وظهر في المسرحيات، وكذلك في الأفلام التلفزيونية.
في ذروة مسيرته المهنية، في الستينيات والسبعينيات، كان ديلون مطلوبًا من قبل بعض كبار المخرجين في العالم، من لوتشينو فيسكونتي إلى جوزيف لوزي.
في سنواته الأخيرة، أصيب ديلون بخيبة أمل من صناعة السينما، قائلاً إن المال قتل الحلم. وكتب في عدد عام 2003 من مجلة ”لو نوفيل أوبسرفاتور“: ”لقد حطم المال والتجارة والتلفزيون آلة الحلم“. ”لقد ماتت السينما. ومتّ معها أنا أيضًا".
لكنه واصل العمل بشكل متكرر، وظهر في العديد من الأفلام التلفزيونية وهو في العقد السابع من عمره.
كان حضور ديلون لا يُنسى، سواء في أدوار الأبطال الفاسدين أخلاقياً أو الأبطال الرومانسيين. وقد نال أول إشادة في عام 1960 من خلال فيلم ”Plein Soleil“ من إخراج رينيه كليمان، والذي لعب فيه دور قاتل يحاول انتحال هوية ضحاياه.
قدم العديد من الأفلام الإيطالية، أبرزها فيلم ”روكو وإخوته“ عام 1961، والذي يجسد فيه ديلون دور الأخ المضحّي الذي ينوي مساعدة أخيه. وقد فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان البندقية السينمائي.
"المساعدة المنزلية" للنجم الفرنسي آلان ديلون ترفع دعوى ضد أبنائه الثلاثةفيديو: آلان ديلون ودوجاردان في مقدمة الحضور بجنازة بلموندوالعثور على 72 قطعة سلاح ناري بمنزل الفنان آلان ديلون في إحدى ضواحي باريسفي عام 1968، دخل ديلون عالم الإنتاج، وأصبح في رصيده 26 فيلماً بحلول عام 1990.
كانت ثقة ديلون في نفسه واضحة في تصريحه لـ”فيمي“ عام 1996 حين قال :”أحب أن أكون محبوباً كما أحب نفسي!" وكان ذلك صدى لشخصيته الجذابة على الشاشة.
ترأس لفترة وجيزة لجنة تحكيم مسابقة ملكة جمال فرنسا لكنه تنحى في عام 2013 بعد خلاف حول بعض التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها، والتي تضمنت انتقادات بشأن المرأة وحقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيا. كما لم يسلم المهاجرون من تلك الانتقادات. ورغم هذه الخلافات، حصل ديلون على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 2019، وهو القرار الذي أثار المزيد من الجدل.
قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة ”ليكسبريس“ عام 1995: ”أنا بارع جدًا في ثلاثة أشياء: وظيفتي والحماقة والأطفال".
مارس الفنان الراحل أنشطة متنوعة طوال حياته، بدءاً من إنشاء إسطبل للخيول المهرولة إلى تطوير عطور للرجال والنساء، ثم الساعات والنظارات وغيرها من الإكسسوارات. كما قام بجمع اللوحات والمنحوتات.
أعلن ديلون عن إنهاء مسيرته التمثيلية عام 1999، ليواصل بعدها الظهور في فيلم ”الممثلون“ للمخرج برتران بلييه في العام نفسه. وظهر لاحقًا في العديد من البرامج التلفزيونية البوليسية. في عام 2022، قدم بطولة فيلم ”البيت الخالي“ مع جولييت بينوش، من إخراج باتريس لوكونت، في آخر فيلم له قبل اعتزاله.
في آب/ أغسطس 2002، صرح ديلون لمجلة ”لومانيتي إيبدو“ الأسبوعية: ”لن تروني أبداً عجوزاً وقبيحاً ’لأنني سأرحل قبل ذلك أو سأموت ً"، وكان حينها قد شارف على السبعين من عمره.
المصدر: euronews
كلمات دلالية: السياسة الإسرائيلية غزة موجة حر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قصف جو بايدن السياسة الإسرائيلية غزة موجة حر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قصف جو بايدن فرنسا صناعة السينما دراما السينما السياسة الإسرائيلية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة قصف قتل جو بايدن قطاع غزة حرائق غابات مظاهرات موجة حر الحرب في أوكرانيا الألعاب الأولمبية باريس 2024 السياسة الأوروبية فی مهرجان کان السینمائی یعرض الآن Next آلان دیلون دیلون فی فی عام
إقرأ أيضاً:
حادث بسيط ظفر بالسعفة الذهبية.. هكذا توهجت السينما الإيرانية في مهرجان كان
حققت السينما الإيرانية إنجازًا تاريخيًّا لافتًا خلال مهرجان كان السينمائي 2025، إذ نال فيلم "حادث بسيط" لجعفر بناهي السعفة الذهبية، وتسلّم المخرج البالغ 64 عاما جائزته التي قدمتها إليه رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش.
السينما الإيرانية أكدت حضورها القوي على الساحة العالمية من خلال فوز "حادث بسيط" بالسعفة الذهبية، إلى جانب المشاركة اللافتة لفيلم "المرأة والطفل" للمخرج الشاب سعيد روستائي، الذي أثار جدلا واهتماما واسعا.
نجمان إيرانيان في سماء "كان"يعد إنجاز جعفر بناهي الثاني فقط للسينما الإيرانية بعد "طعم الكرز" لعباس كيارستمي سنة 1997، ويحكي فيلم "حادث بسيط" قصة رجل يُدعى إقبال، يصدم كلبا بسيارته في ليلة مظلمة أثناء قيادة زوجته الحامل، فتتوقف سيارته ويتعطل محركها. وحين يصل إقبال إلى ورشة ميكانيكية، يلاحظ صاحبها أن إقبال يشبه ضابط تعذيب تسبب في خراب حياته أثناء سجنه، فتبدأ سلسلة من الأحداث التي تأخذ طابعا نفسيا واجتماعيا عميقا، حيث ينضم الضحايا المتضررون من إقبال إلى مالك الورشة في رحلة صراع بين الانتقام والضمير.
"حادث بسيط" أُنتج سرًّا من دون تصاريح رسمية من السلطات الإيرانية، بما يعكس جرأة بناهي في معالجة موضوعات حساسة، مستخدما لغة سينمائية تعكس الواقع المؤلم بأسلوب فني متميز. عرض الفيلم في مهرجان كان لاقى استحسانا نقديا وجماهيريا واسعا، واعتبره كثيرون عملا سينمائيا متكاملا يجمع بين الحبكة الدرامية المتقنة والرسائل السياسية والاجتماعية العميقة.
وفي المهرجان نفسه، شارك سعيد روستائي بفيلمه "المرأة والطفل" الذي يروي قصة مهناز، وهي امرأة أرملة تعمل ممرضة وتحاول أن تبني حياة جديدة وسط تحديات اجتماعية وجندرية قاسية في إيران. يعكس الفيلم صراعات الطبقة العاملة والنساء اللواتي يعانين من نظام ذكوري قاس، إذ تتشابك حياة مهناز بين العمل، وتربية أطفالها، وصراعاتها مع الرجل الجذاب والمخادع حميد الذي يستغل وضعها الاجتماعي والنفسي. أداء بريناز إيزديار في دور مهناز لاقى إشادة كبيرة من النقاد الذين وصفوه بأنه قوي وعميق، قادر على نقل معاناة النساء الإيرانيات بطريقة مؤثرة وواقعية.
ويصف الناقد السينمائي البارز في صحيفة "غارديان" البريطانية بيتر بردشاو فيلم "المرأة والطفل" بأنه دراما مؤلمة وحادة تنقل تجربة النساء الإيرانيات في الزواج. يقدم الفيلم تصويرا دراميا حادا للتحديات التي تواجه النساء في إيران، ويستخدم التفاصيل اليومية البسيطة لتسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية، مما يجعله أكثر من مجرد سرد شخصي، بل صورة تنطق بأصوات الطبقات الاجتماعية المتنوعة في المجتمع. ورغم جودة العمل الفنية، عانى سعيد روستائي من ضغوط السلطات، حيث حُكم عليه بالسجن بسبب عرض فيلمه السابق في مهرجان كان 2022، وذلك ما يضيف إلى الفيلم بعدا آخر.
إعلان جدلية القانون والطغيانفي مداخلة للجزيرة نت، يشير الناقد السينمائي الإيراني علي فرهمند إلى أن "المرأة والطفل" لاقى انتقادات شديدة من نقاد ناطقين بالفارسية. ويوضح أن معظم النقاد يعتقدون أن وجود فيلم يحمل تصاريح رسمية واستثمارا حكوميا يشكل نوعا من الإضفاء الشرعي على هياكل السلطة في الجمهورية الإسلامية، وخاصة الحجاب الإجباري، مضيفا أنه في حين أن هذا الرأي يتعارض مع مضمون أفلام روستائي التي غالبا ما تنتقد الهياكل الاجتماعية من داخل منظومة السلطة.
وبحسب فرهمند، فإن فيلم "المرأة والطفل"، مثل أفلام روستائي الثلاثة الطويلة السابقة، يتبع نهج الواقعية النقدية ويروي قصة حقيقية، حيث يركز العمل على حياة مهناز، الممرضة الأرملة التي تواجه تحديات اجتماعية وعائلية، ويقدم صورة عن التفاوتات بين الجنسين في المجتمع الإيراني.
يوضح الناقد أن روستائي يستخدم في هذا الفيلم السرد الدرامي العاطفي لفحص الهياكل الأبوية التي تضع النساء في مواقف صعبة. ويرى أن شخصية حميد، الذي يلعب دوره بيام معادي، تمثل رجلا رغم موقعه الاجتماعي الأدنى يمتلك السيطرة على مهناز بسبب البنى الاجتماعية، وهذه السيطرة تؤدي إلى قرارات ذات عواقب كارثية على عائلة مهناز. ومن خلال أسلوب واقعي وتركيز على تفاصيل الحياة اليومية، يقدم الفيلم صورة ملموسة عن تحديات النساء في المجتمع الإيراني، وفق رأي فرهمند.
في المقابل، يرى أن فيلم "حادث بسيط" من إخراج جعفر بنهابي الذي تم إنتاجه من دون تصريح رسمي وفاز بجائزة السعفة الذهبية في كان 2025، يعالج مواضيع العدالة والانتقام. ويضيف فرهمند أن الفيلم يحكي قصة رجل كان ضحية تعذيب في السجن ويسعى للانتقام من جلاده السابق، وينتقد هياكل السلطة والظلم في المجتمع، إذ يستخدم بناهي أسلوب الواقعية الجديدة وسردا معقدا يدعو المشاهدين للتفكير في الحدود الأخلاقية والعدالة.
يوضح الناقد أن التقابل بين هذين الفيلمين في مهرجان كان يعكس تنوع السينما الإيرانية وتعقيدها. فبينما تُنتج الأفلام الرسمية مثل "المرأة والطفل" وفقا للقوانين الرسمية وتتناول قضايا اجتماعية، تقدم الأفلام غير القانونية مثل "حادث بسيط" نقدا أكثر مباشرة لهياكل السلطة متجاهلة القيود، ومع ذلك قد يُعتبر استبعاد أو تقييد حضور الأفلام الرسمية في المهرجانات إجراء غير ديمقراطي، حسب رأيه.
إعلانويعتقد أنه يجب أن تكون السينما مساحة للتعبير عن وجهات نظر متنوعة، والسماح لأعمال مختلفة بأساليب ووجهات نظر متعددة بالعرض معا، حيث يقول إنه من خلال هذا التنوع فقط يمكن تقديم صورة أكثر اكتمالا وواقعية عن المجتمع، والوصول إلى فهم أعمق للقضايا الاجتماعية.
ويختم فرهمند حديثه باقتباس للمفكر الفرنسي بيير بورديو إذ يقول إن مجال الثقافة هو ساحة تتشكل من قوى مختلفة ذات رؤوس أموال رمزية متنوعة، ويجب الاعتراف بأن الثقافة الجماهيرية لا يجب أن تُرقى فحسب، بل يجب أن تقف جنبا إلى جنب مع ثقافة المقاومة لتمثيل الصراعات الاجتماعية.
القيود سر الإبداع؟السينما الإيرانية بدأت رحلة تميزها العالمي في التسعينيات مع المخرج عباس كيارستمي الذي حقق نقلة نوعية بفوزه بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1997 عن فيلمه "طعم الكرز"، ليضع إيران على خريطة السينما العالمية بشكل لافت. تلاه جيل من المخرجين البارزين مثل محمد مخملباف المعروف بتصويره القضايا الاجتماعية والسياسية بجرأة، وأصغر فرهادي الذي أثبت قدرة السينما الإيرانية على الوصول إلى أرقى الجوائز العالمية، حيث فاز بالأوسكار عن فيلمه "انفصال نادر عن سيمين" (2011)، مقدما سردا إنسانيا عميقا يعكس الصراعات الشخصية والاجتماعية في إيران.
هذا الإرث الغني من الإبداع الفني استمر عبر سنوات من الرقابة التي تفرضها السلطات الإيرانية، إلا أن ذلك لم يمنع هؤلاء المبدعين من تقديم أعمال تنبض بالحياة، تعبّر عن هموم مجتمعاتهم وتسلط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية بأساليب فنية مبتكرة.
اليوم، يمثل جعفر بناهي وسعيد روستائي امتدادا طبيعيا لهذا التيار السينمائي الذي يستخدم الفن أداة طرح وتحقيق للحرية. فهما يثبتان أن السينما الإيرانية ليست مجرد فن، بل حركة ثقافية تعبر عن نبض الشعب الإيراني، وتواصل مسيرتها في مهرجان كان، منجزين إنجازات تُسجل في سجل السينما العالمية رغم الصعوبات الكبيرة.
إعلانتؤكد مشاركة هذين الفيلمين في مهرجان كان 2025 قدرة السينما الإيرانية على التمسك بصوتها، حيث استطاع بناهي وروستائي أن يقدما أعمالا فنية تعبر عن هموم المجتمع الإيراني بصدق وجرأة.