الجزيرة:
2025-07-03@21:02:53 GMT

هل بوتين في أذربيجان لمنع حدوث ثغرة دفرسوار جديدة؟

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

هل بوتين في أذربيجان لمنع حدوث ثغرة دفرسوار جديدة؟

وصلَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باكو، عاصمة أذربيجان، يوم الأحد 18 أغسطس/آب الجاري، في زيارة رسمية تستمر يومين. التقى بوتين خلالها رئيس البلاد إلهام علييف على ضفاف بحر قزوين، حيث بحثا قضايا تتعلق بتنمية علاقات الشراكة الإستراتيجية والتحالف الروسي الأذري، إضافة إلى مناقشة قضايا دولية وإقليمية راهنة، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الأذرية الرسمية.

ثغرة الدفرسوار أو الثغرة، التي تُسمّى أيضًا عملية "أبيري- ليف"، هي العملية الإسرائيلية التي جرت في وسط قناة السويس في الفترة من 15 إلى 23 أكتوبر/تشرين الأول 1973 خلال حرب أكتوبر (حرب الغفران). أدّت هذه الحادثة إلى تعقيد مسار الأحداث؛ لأنها كانت في نهاية حرب أكتوبر/تشرين الأول، حينما تمكّن الجيش الإسرائيلي من تطويق الجيش المصري الثالث الميداني.

كشفت وكالة الاستخبارات الأميركية معلومات مهمة لتل أبيب تتعلق بما عُرف بـ"ثغرة الدفرسوار"، عندما اخترقت طائرة الاستطلاع الأميركية "إس آر-71" المجال الجوي المصري يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 1973، وغطت جبهة القتال كلها، مما أتاح لإسرائيل الحصول على صور جوية دقيقة، ومعلومات عن كامل المساحة بين الجيشين الثاني والثالث، مما مهّد لتنفيذ عملية ثغرة الدفرسوار.

أعطت هذه الثغرة انتصارًا، ولو معنويًا، لإسرائيل، وسمحت بتعزيز مكانتها بعد صورة الهزيمة التي لحقت بها في 6 أكتوبر/تشرين الأول لحظة الهجوم المشترك للجيشين: المصري والسوري؛ لاستعادة قناة السويس ومرتفعات الجولان، اللتين احتلتهما إسرائيل بعد حرب النكسة عام 1967.

يبدو أن الرئيس بوتين قارئ جيد للتاريخ، ومدرك أن أي خلل في حدائق روسيا الخلفية قد تجد فيه واشنطن "ثغرة الدفرسوار". فكيف إذا تعلّق الأمر بالمنطقة الواقعة على بحر قزوين، الحلم الأميركي الجميل لتكريس حضورها هناك. إذ تعتبر الولايات المتحدة أن المنطقة عائمة على مصادر الطاقة، لا سيما الغاز الطبيعي المسال، كما أن موقعها يُعتبر إستراتيجيًا لعرقلة طموح بوتين، وضرب مشروع "الطريق والحزام" الصيني، ومحاصرة إيران في أشد أعدائها، باكو.

الزيارة كادت أن تكون عادية، كأي لقاء بين بلدين متجاورين يعقدان الاتفاقيات ويبحثان عن مصالحهما. لكن هذه الزيارة بالذات، وبهذا التوقيت، لا يمكن وضعها ضمن خانة "الزيارة الروتينية". فهي تأتي بعد قطيعة روسية دامت حوالي ست سنوات، إذ كانت آخر زيارة لبوتين إلى باكو عام 2018، كما أن العلاقات بينهما شهدت المزيد من التوترات، لا سيما أن باكو لطالما اتهمت موسكو بالانحياز إلى جانب أرمينيا في صراعهما على إقليم قره باغ. الحرب التي استمرت لأكثر من مئة عام حسمتها أذربيجان في سبتمبر/أيلول 2023 لصالحها بـ "غطاء" روسي.

لا يتعلق الأمر بما وقع بين البلدين من شراكات أو تفاهمات، بل بالزيارة بحد ذاتها وقراءتها على المستويين: السياسي والإستراتيجي، خصوصًا أنها أتت بعدما شعرت روسيا أن يريفان تسير عكس التيار للدول التي تقع في نطاق الاتحاد السوفياتي سابقًا. فدول منطقة القوقاز تُعتبر بمثابة الحديقة الخلفية لروسيا، لهذا يحتاج بوتين إلى سد كافة الثغرات التي من الممكن أن تسبب "حرتقة" لها، وهي اليوم تخوض حربًا ضروسًا في أوكرانيا، لا سيما بعد التطور الميداني الحاصل من اختراق القوات الأوكرانية لأراضٍ روسية في منطقة كورسك والسيطرة على حوالي 1150 كيلومترًا.

تعتبر يريفان أن موسكو خذلتها أمام باكو، لذا اتخذت أرمينيا خيار التوجه غربًا، فقامت باستفزاز روسيا من خلال المناورات التي أجرتها في يوليو/تموز الماضي تحت اسم "إيغل يارتنير 2024" مع القوات الأميركية. ويعكس هذا التطور وتيرة جديدة ونوعية في تقارب يريفان مع المنظومة الغربية، مما قد يضر بشكل حاد بالعلاقات التاريخية مع روسيا.

تحتاج موسكو لهذه الزيارة من أجل الذهاب أبعد من توطيد علاقاتها مع باكو بعد الطلاق الحاصل مع يريفان، فهي تعتبر أن هذه الزيارة قد تقطع الطريق على أميركا من استغلال العدائية الحاصلة بين باكو وطهران، ولا تسمح لها باستغلال ثغرة دفْرسوار جديدة. إذ توطد الولايات المتحدة حضورها من خلال شريكتها إسرائيل التي تجمعها بأذربيجان علاقات تاريخية ممتازة، حيث تقع على أراضيها أضخم قاعدة عسكرية تجسسية إسرائيلية على الحدود الإيرانية، كما أن باكو تُعتبر من أكثر مستوردي السلاح الإسرائيلي.

هذه الثغرة التي يعمل بوتين على ردمها ترتبط أيضًا بنية موسكو في فتح مسار التلاقي بين إيران وأذربيجان. فتحسين العلاقة بين البلدين سيكون له مردود إيجابي على الحلف الثلاثي الذي نشأ مؤخرًا على حساب سوريا بين تركيا وإيران وروسيا. فالعلاقة الجيدة بين رجب طيب أردوغان وبوتين مهدت طريق بوتين إلى باكو، وقد تعبّد الطريق من باكو إلى طهران في مسعى جدّي للالتفاف على مصالح أميركا في المنطقة.

الالتفاف وردم الثغرات ليسا فقط من أهداف الزيارة، لكن الثغرة التي تزعج بوتين تتعلق بقرار باكو زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال خلال العام الجاري (2024) إلى ما يصل إلى حوالي 24 مليار متر مكعب إلى أوروبا. فهي بذلك تستفيد من زيادة الطلب الأوروبي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وبحث دول القارة العجوز عن إمدادات بديلة لغاز موسكو.

قد لا يستطيع بوتين مصارحة علييف في هذا الموضوع، لا سيما أنه يدخل ضمن مصالح البلاد العليا بغض النظر عما قد تحمله الزيارة من انطباعات جيدة يمكن البناء عليها في المستقبل. لكن قد يعتمد بوتين مع حليفه أردوغان على إقناع باكو بدعم مشروع البلدين المرتبط بإنشاء مركز لتصدير الغاز الطبيعي في تركيا. بهذه الطريقة، يسحب بوتين ورقة الغاز الأذري المصدر إلى أوروبا ويضعها في يد حليفه التركي لممارسة ضغوط أكبر على الغرب.

تعتبر منطقة القوقاز ودول بحر قزوين من المناطق السهلة أمام الغرب لفتح ثغرات دفْرسوار مجددًا والعمل على تطويق مشروع بوتين بإعادة الإمبراطورية الروسية إلى سابق عهدها. لهذا، قد تنجح تلك الزيارة في الشكل، ولكن في المضمون هناك الكثير من العقبات التي تواجه موسكو على أراضي أذربيجان، التي تشهد علاقات معقدة مع الدول الغربية، مما قد يصعب المهمة على بوتين، خاصةً أنه غارق اليوم في وحول أوكرانيا، حيث تشهد الحرب هناك تطورات ميدانية كل يوم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أکتوبر تشرین الأول ثغرة الدفرسوار بوتین إلى لا سیما التی ت

إقرأ أيضاً:

روسيا تدعو رعاياها في أذربيجان إلى "توخي الحذر الشديد"



أصدر مركز الأزمات التابع لوزارة الخارجية الروسية توصية، دعا فيها الروس في أذربيجان إلى "توخي الحذر الشديد"، وذلك بعد ورود تقارير عن تعرض عدد من الروس للأذى الجسدي.

وقال المركز في بيان على "تلغرام": "ندعو مواطنينا في الجمهورية إلى توخي الحذر الشديد والحيطة".

وأشار أيضا إلى أنه في الظروف الحالية، يجب على الروس أن يأخذوا في الاعتبار الوضع في أذربيجان عند التخطيط للسفر إلى هناك.

وأفادت السفارة الروسية لدى باكو في وقت سابق من اليوم الأربعاء بأن المواطنين الروس في أذربيجان، بمن فيهم السياح، أبلغوا عن تعرضهم لعنف جسدي من قبل مدنيين عرفوا عن أنفسهم بأنهم رجال شرطة.

واحتجزت محكمة في باكو رئيس تحرير وكالة "سبوتنيك أذربيجان" إيغور كارتافيخ وكبير المحررين يفغيني بيلاوسوف لمدة 4 أشهر، ووجهت لهم تهم "الاحتيال" و"ممارسة الأعمال غير المشروعة" و"إضفاء الشرعية على الممتلكات المكتسبة بطرق إجرامية".

ويأتي ذلك بعد أن قدمت قوات الأمن الأذربيجانية قبل ذلك رواية مختلفة تماما، حيث وصفت المعتقلين بـ "عملاء جهاز الأمن الفيدرالي الروسي".

وأبلغت وزارة الخارجية الروسية اليوم سفير أذربيجان في موسكو رحمن مصطفايف بضرورة إطلاق سراح الصحفيين الروس المحتجزين في باكو، بشكل فوري.

وتوترت العلاقات بين روسيا وأذربيجان في الأيام الأخيرة بعد أن أعلنت لجنة التحقيقات الروسية عن قيام أجهزة الأمن في مدينة يكاترينبورغ بضبط عصابة إجرامية إثنية من ذوي الأصول الأذرية، يتهم عناصرها بجرائم قتل ومحاولات اغتيال على الأراضي الروسية في السنوات الماضية

مقالات مشابهة

  • الحكومة اليمنية غاضبة من المبعوث الأممي بعد مغادرته عدن وتشير إلى ''ثغرة خطيرة''
  • الزيارة الرعوية الأولى لنيافة الأنبا إيلاريون لأبو المطامير
  • بـ740 موكباً.. كربلاء تستعد لاستقبال زائري عاشوراء وإنجاح الزيارة المليونية
  • روسيا تدعو رعاياها في أذربيجان إلى "توخي الحذر الشديد"
  • الخارجية الأذربيجانية تستدعي السفير الروسي لدى باكو
  • أذربيجان تستدعي السفير الروسي لديها احتجاجا على خطوات غير ودية من موسكو
  • ثغرة أمنية خطيرة تهدد مستخدمي سماعات البلوتوث وتستهدف أجهزة آبل
  • احمي هاتفك .. ثغرة أمنية في سماعات الرأس والأذن تهاجم جهازك
  • دعوة أوروبية لإحراز تقدم سريع بمحادثات التطبيع بين باكو ويريفان
  • بمختلف أنواعها.. كيف تستفيد من مبادرة تمديد تأشيرات الزيارة المنتهية؟