متحدث الحرس الثوري يعلق على الانتقام لاغتيال إسماعيل هنية في طهران :”الزمن في صالحنا وقد تطول فترة انتظار ردنا”
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
متحدث الحرس الثوري يعلق على الانتقام لاغتيال إسماعيل هنية في طهران :”الزمن في صالحنا وقد تطول فترة انتظار ردنا”.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
في انتظار ناطق لمّا ينطق بعد!
توصف الشعوب الشرقية عموما والعربية خصوصا بأنها شعوب رومانسية، شعوب تحركها العاطفة وتؤخذ بالانفعال مهما كان شكله، وأيا كانت درجته، ولأنها شعوب عاطفية فللكلمة أثرها القوي والعميق في توجهاتها وتحركاتها وحتى حياتها، ولا أدل على ذلك من تأمل تاريخ العالم العربي ومجتمعاته خلال ما يزيد على نصف قرن مضى، فلا شيء كان قادرا على تحريك الشعوب وتوحيد الرؤى وحتى تشتيتها أحيانا كالكلمة ممثلة في خطابات سياسية وأخرى اجتماعية، سواء كانت تلك الخطابات مقروءة أو مسموعة، فردية أو جماعية، متضمنة خطابات الوحدة القومية، والثورات الشعبية، وحركات التغيير الكبرى في المجتمعات العربية، تأثير قد يصل بالبعض للتضحية بحياته ثمنا لاعتناقه كلمة مكتوبة أو منطوقة أو حتى مستقبله، والحق أن العالم العربي اليوم في عصر الذكاء الرقمي والانفتاح التواصلي بمختلف أدواته يفتقر إلى الناطقين المؤثرين اجتماعيا وسياسيا، وإن وجدوا ففي شتات زماني مكاني قد تكون أسبابه مقصودة ومخططا لها أو غير مقصودة، خشية استشراء الأثر وحشد الجموع خلف رأي معارض مختلف أو تحريض موّجه. ومن عجب أن نعايش هذه الأزمة في ندرة وشح الناطقين في عالم يحتفي بالنطق ميسرا له ألف سبيل وألف ألف وسيلة، في زمان لم يعد الخطاب فيه بحاجة إلى منبر أو منصة، إذ إن العالم بأجمعه منبرٌ واسعٌ ومنصةٌ مفتوحة.
مع كل ما يعيش المواطن العربي من أزمات اقتصادية وأخرى سياسية تمس حياته الواقعية وقوت يومه علت المطالبات منذ عقود بتعيين ناطقين رسميين عن الحكومات ومؤسساتها وعن المنظمات ومنتسبيها، وعن الأحزاب وممثليها جسور تواصل ومرايا تعبير يستطيع الجمهور تشارك المعلومة من خلالها، وتبادل الآراء عن طريقهم، وليست هذه المنزلة بسقط المتاع التي تعني تعبئة المكان باسم لا جدوى منه، أو شخص منهك بأعباء أخرى تضاف هذه المهمة سدا لحاجة المكان وحسب، بل هي مهمة تعنى بالكثير من المتضمن مهام الناطق الرسمي حلقة وصل بينها وبين الآخر ممثلا في الناس، وسيلة لتحقيق أهداف الجهة التي يمثلها وصولا إلى الجماهير المختلفة، إضافة إلى شرح وتوضيح الحقائق أمام الرأي العام بالشكل الذي يسهم في تحقيق شفافية مع الجمهور المستهدف محليا وإقليميا ودوليا، الناطق الرسمي باسم الحكومة هو حلقة الوصل وهو الشخص المكلف بالاتصال الناقل للمعلومات المعني بإبراز الجهود الحكومية في مختلف القطاعات لكسب الجمهور وتكوين رأي إيجابي إزاءها، فالهدف الأساسي من تحديد متحدث رسمي هو تحري الدقة والموضوعية في نقل قرارات وأخبار وتوجهات ومشاريع وحتى إخفاقات الجهة الممثلة، خاصة المتعلق منها بالبيانات والإحصائيات الصادرة عن المؤسسة التي يمثلها كقطاع الصحة أو التعليم أو القطاع الاقتصادي والعسكري وقطاع التنمية والموارد البشرية.
ولما طال انتظار الجميع لعقود وصول الناطق الرسمي الذي تحول من «Spokesman» إلى «Spokesperson» بعدا عن التمييز ممثلا لمختلف قطاعات الحكومة، أتى قرار تعيين الناطق الرسمي الذي أقره مجلس الوزراء وبدأت بعض المؤسسات فعليا بتسمية ناطقيها ليحتفي الجميع بهذا القرار المنتظر والمؤمل منه الكثير، خصوصا حال الأزمات وتجاذبات الواقعين الاقتصادي والاجتماعي، غير أنه كان فرحا منقوصا ما لبث أن تضاءل حين أسلمت تلك المؤسسات ناطقيها إلى الصمت مجددا، فما هي مبررات الصمت لنطق لم نجد بوادره بعد؟
قد تكون متعلقات ومعطيات أزمة الباحثين عن عمل هي المحرك لتساؤلات جديدة حول غياب الناطق الرسمي، لا سيما مع ظهور بعض المسؤولين من قطاعات مختلفة بنطق يعكس عدم مسؤولية المنطق، وبعد الناطق «غير الرسمي» عن واقع الناس واحتياجاتهم وتحدياتهم اليومية، فما الذي ألجأ الناطق للصمت؟ أهي احترازات أولية لما يمكن للنطق تحريكه من قضايا حياتية اجتماعية لا يراد المساس بها مع اعتقاد وهمي بأن السكوت عنها هو الحل الأمثل؟ أم أنها حالة من الفراغ المؤسساتي المتعلق بتهيئة المؤسسة لاستقراء قضايا الوطن، ثم استيعابها والعمل على التفاعل الإيجابي معها تناميا تصاعديا مبنيا على تواصلها والفئات المستهدفة بالتعبير عن تحديات المرحلة، ثم نقل تجربتها في التعاطي مع تلك القضايا وجهودها في توفير الأفضل وحلحلة الأثقل منها؟
ختاما: نعيش حاجة ماسة لناطق رسمي مسؤول متمكن من أدوات مهنته فنيا وموضوعيا، واعٍ لأهمية التواصل مع كافة الشرائح المجتمعية، متسما بالذكاء الاجتماعي من جهة وبالقدرة على الإقناع من جهة أخرى، ناطق قادر على التأثير كقدرته على نقل الأثر تماما دون خيانة للأمانة الموزعة بين مؤسسته التي يمثلها ووطنه الذي ينتمي إليه، ما أشبه انتظارنا للناطق الرسمي المنتظر بانتظار فلاديمير وإستراجون لجودو، لكننا منتظرون مؤمنون بأهمية وصول جودو «الناطق الرسمي» قبل فقدان بوزو بصيرته النفعية أو عبده لاكي مرحه الشاغل عن الانتظار.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية