الآن حصحص الحق
د. #هاشم_غرايبه
طوال قرن مضى، ظلت الجماعات المناوئة لمنهج الله من بيننا، لا تجرؤ على الطعن به، لذا توجه سهامها الى من يتبنونه ويدعون إليه، وتهمتهم المفضلة هي العمالة لقوى الاستعمار، والتي من السهل رمي أي شخص بها، حتى العملاء الحقيقيون يمكنهم اتهام معارضيهم بهذه التهمة الجاهزة فهي لا تحتاج الى دليل، بل هي من باب “رمتني بدائها وانسلّت”.
ولما كان من أبرز صفات المنافقين الجبن والفرار من مواجهة الأعداء، وان زال الخوف فستجد منهم اللسان الحاد والصوت العالي: “أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِى يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ” [الأحزاب:19]، لذلك فهم على قلتهم النسبية في المجتمع المسلم، إلا أنهم يتفوقون عل الأغلبية الصادقة، في القدرات الدعائية والتشويش والتضليل، كونهم يستعملون أدوات الكذب والخداع والتزوير، والتي يترفع عن استعمالها الصادقون.
لذلك ظل كثيرون يصدقون مقولات كاذبة، ليس عليها أي دليل مادي، مثل أن الغرب يرعى الإسلاميين ويمولهم، مقابل ان ينفذوا برنامجه لتقسيم الأمة وشرذمتها ونشر الفوضى الخلاقة، وبالمقابل كانت الأنظمة العربية، تبطش بهم بقسوة، فيعتبر الانتساب الى أي تنظيم يعمل لأجل اعتماد الإسلام سياسيا، أي تطبيق منهج الله في الحكم، أمرا محظورا، وعقوبته في كافة الأقطار العربية شديدة، تتراوح ما بين الإعدام أوالسجن لفترات طويلة، ومتباينة بين الأنظمة بحسب تخوفها من امكانية وصولهم للحكم، وفي بعضها التي تجيز هذه التنظيمات لأجل كشفها وضبطها لأجل ابقائها تحت اليد، تكتفي بمحاصرتهم ومحاربتهم في أرزاقهم، بمنع توظيفهم في الوظائف العسكرية والمدنية، وحتى الضغط على مؤسسات القطاع اخاص لطردهم من عملهم.
هذه الممارسات معروفة للجميع، ولا تقتصرعلى قطر دون الآخر، مما يثبت أنها ليست سياسة داخلية، وبما أنه بات بحكم ما أكدته التجارب الطويلة، أن كافة الأقطار العربية ملتزمة بالطاعة التامة لإملاءات الغرب، سواء كانت معلنة مكشوفة تسميها الأنظمة تحالفا، أو عن انصياع ورضوخ لا قبل للنظام بالتخلص منها.
الاستنتاج المنطقي يثبت عكس ادعاءات المنافقين، اذ لا يمكن أن يكون الطرفان المتعاديان (الأنظمة والإسلاميين) ممولين من الجهة ذاتها، فلو كان الغرب ممولا للإسلام السياسي حقيقة، هل كان سيسمح للأنظمة بمحاربته، وهل كان سيتكلف المليارات في دعشنته لأجل تبرير محاربته، وبعد سبع سنوات، يئس من القضاء عليه، بل وجده اشتد عوده أكثر، فتحول الى الحرب الفكرية ليستفيد من خدمات (حلفائه!) المنافقين؟.
رغم تطوع هؤلاء المنافقين في نشر التضليل المفبرك عن ارهابية المسلمين، فابتدعوا قصة جهاد النكاح واغتصاب اليزيديات ورجم لابسات البنطال ..الخ، لكن لأن الباطل زهوق، فلم يثمر كل ذلك الا بنقيض ما أملوه، وهو ازدياد نسبة الدعاة الى اتباع منهج الله.
ورغم ذلك استمر البث التضليلي، فتجد من هؤلاء المنافقين من يتصدى لدعوتك الى تحكيم شرع الله في ديار الإسلام، فيقول: ماذا قدم الاسلاميون لنا خلال تسلمهم الحكم غير الدمار والخراب؟.
يقول ذلك وهو يعلم أنه لم يسمح يوما بوصول إسلاميين للحكم، لكنه لأنه أدمن الكذب، فلا يخجله افتضاح زيف معلومته، فقد اعتاد ذلك الأسلوب، فالكذبة التي لا تعجبك يتبعها بأخرى..!.
المضحك المحزن في الرثاء لحال هؤلاء أنهم بعد طوفان الاقصى لم يغيروا نهجهم، رغم أن كل العالم تغير، ولم يعد خافيا من هو المجاهد ومن القاعد، ومن هو الذي يتصدى لقتال العدو بما في يديه من امكانيات ضئيلة، مقابل من نكص على عقبيه فاستسلم للعدو وناصره، رغم ثرواته وامكانياته الطائلة.
لكن هؤلاء ما زالوا في ضلالهم القديم، يقتاتون على عدائهم لمنهج الله، لذلك لن تغير في قناعاتهم الأدلة والبراهين، فهم اتبعوا هواهم وليس عقلهم، ولا أصدق من قوله تعالى فيهم: “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا” [الفرقان:44].
لذلك لن نعلق الآمال على نفع هؤلاء في إخراج أمتنا من واقعها الحالي، بل قد يكونون هم أكثر من ساهموا في أطالة أمد هوانها واذلالها. مقالات ذات صلة
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
جهاد سعد: اليمن يعمّق الشرخ الأمريكي الإسرائيلي ويفضح عجز الأنظمة العربية
يمانيون../
أكد الدكتور جهاد سعد، مدير المركز العالمي للدراسات والتوثيق، أن التطورات الأخيرة كشفت عن إنجاز يمني استثنائي، تمثّل في إحداث تباين واضح وغير مسبوق بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر، بفعل صمود وثبات المقاومة اليمنية في مواجهة أعتى قوى العدوان.
وأوضح سعد، خلال تغطية إخبارية على قناة المسيرة، أن هذا التناقض في الحسابات بين واشنطن وتل أبيب نتيجة مباشرة للضغط اليمني، معتبراً أنه حجة دامغة على العالم بأسره، وليست على العالم الإسلامي فحسب.
وأشار إلى أن ما يجري في اليمن يثبت أن عجز العالم العربي ليس في الإمكانيات، بل في غياب الإرادة السياسية، لافتاً إلى أن ثقافة الاستسلام واحتكار الفتوى بيد الحكام، هي من أوصلت الأمة إلى هذا المستوى من الضعف والانحطاط.
وفي نقد لاذع للأنظمة العربية الرسمية، شدد الدكتور سعد على أن غالبية الحكومات العربية باتت أداة لتنفيذ المخططات الأمريكية والإسرائيلية، مؤكداً أن من يعمل لحساب أعداء الأمة، يسعى لتفكيك وتمزيق المجتمعات العربية والإسلامية، مستشهداً بما يحدث في غزة، السودان، سوريا، والضفة الغربية.
وأوضح أن الحصار المفروض على غزة يهدف لتمكين العدو الصهيوني من ارتكاب جرائمه بدم بارد، بينما تتعامل الأنظمة العربية مع المقاومين وكأنهم أعداء، فتحاصرهم وتمنع عنهم الدعم.
ووصف سعد المشهد العربي بـ”التباين الصارخ”، حيث يمثل اليمن نموذجاً مشرفاً في الثبات والإنجاز، في مقابل الانحدار والسواد المخيم على بقية الحكومات العربية المتواطئة.
واختتم الدكتور سعد مؤكداً أن الرسالة اليمنية التي وصلت إلى واشنطن وتل أبيب أوضحت أن قوة الأعداء مصدرها غياب المواجهة، داعياً الشعوب العربية والإسلامية إلى كسر هذا الصمت والانتصار لإرادتهم وسيادتهم.