أخبارنا المغربية - بدر هيكل
الصمود الفلسطيني في حرب غزة يصنع تاريخا جديدا في المنطقة والعالم، ونشهد الآن للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية انقلابا هائلا في الرأي العام العالمي, هذا التحول الهائل، يمثل الآن تيارا عالميا من أجل السلام والديمقراطية.
ويرى ياسر سعد الدين، كاتب وباحث ومحاضر سياسي، أنه "لا يمكن للحسابات المادية، أو حتى لجميع مدارس التحليل السياسي والعسكري، أو للأكاديميات الدولية العسكرية منها أو الاجتماعية أو السياسية، أن تقدم تفسيرا لما حدث ويحدث في غزة وتداعياته، والتي غيرت المشهد العالمي".
وفي سياق مواز لهذه التحولات، يطفو على السطح الدور البارز للرأي العام، فقد اعتبرت الاستاذة أماني عاطف، مدير تنفيذي، الإدارة العامة للقضايا الاستراتيجية، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، في دراسة لها، "لانعكاسات حرب غزة على توجهات الرأي العام الغربي"، (اعتبرت) أن الرأي العام الغربي تجاه حرب غزة يمر بمنعطفين رئيسين، ففي المرحلة الأولى من هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، جاء هذا الرد متسقًا مع توجهات الحكومات الغربية الداعمة لإسرائيل، وحقها في الدفاع عن النفس ضد هجمات حماس، لا سيما في ظل أسر حماس لرهائن من جنسيات مختلفة، وهو ما تصاعدت معه المطالب بضرورة الإفراج عن الأسرى، والقضاء على حركة حماس.
هذا وأظهر استطلاع رأي أجرته وكالة "رويترز"، في أكتوبر 2023، تأييد 41% من الأمريكيين المستطلعة آراؤهم لدعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها مع حماس، مقابل 2% يرون ضرورة دعم الفلسطينيين.
وبرغم ارتفاع نسب التأييد لإسرائيل في الرأي العام الغربي -لا سيما الأمريكي- في الفترة الأولى من الحرب، فإنه مع تزايد وتيرة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، واستهدافها المدارس والمستشفيات، وسقوط الآلاف من الضحايا من المدنيين والنساء والأطفال، فضلًا عن تزايد الضغوط الإسرائيلية على مواطني القطاع للنزوح، وتصاعد المطالب الإسرائيلية المدعومة غربيًا بتهجير المدنيين الفلسطينيين، تحول الرأي العام الداخلي في عدة دول غربية للتنديد بالهجوم غير المتناسب لإسرائيل على القطاع، لا سيما في ظل فرض الحصار الشامل على المواطنين، وقطع خدمات الإنترنت، وتزايد عنف المستوطنين الإسرائيليين تجاه المدنيين في الضفة الغربية.
وفي هذا الإطار، أظهر استطلاع رأي أجرته شبكة "سي بي إس نيوز" (CBS news) الأمريكية في الفترة بين 16- 19 أكتوبر 2023 عدم رضاء حوالي 56% من المشاركين عن نهج "بايدن" في التعامل مع الأزمة، بينما أيد 70% من الديمقراطيين إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مقابل 41% من الجمهوريين، ورأى 53% من الديمقراطيين أنه على الولايات المتحدة الأمريكية التوقف عن إرسال مزيد من الأسلحة إلى إسرائيل مقابل 43% من الجمهوريين.
وكان الراحل العبقري المهدي المنجرة قد أطلق صرخة مدوية منذ أربعة عقود أو يزيد، مناديا بضرورة الالتفات لخطورة "الحروب الحضارية"، وأهمية توحيد الأمم المستضعفة لمواجهة التحديات المستقبلية.
ويرى المفكر والمؤرخ المغربي حسن أوريد، أن العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"، فهو "يحمل بوادر عالم جديد"، ويغير الخارطة العالمية بين "رابحين وخاسرين".
وحسب أوريد، فإن "العالم على مشارف تحول من العسير التكهن به"، وأردف: "الحرب على غزة ستحول العالم، ولن يعود كما هو، وسينعكس ذلك ككل التحولات الكبرى، مثل الحرب العالمية الأولى والثانية".
وفي سياق متصل، قال وضاح خنفر، رئيس منتدى الشرق، في كلمة له ضمن أعمال منتدى الجزيرة بالدوحة، إن “طوفان الأقصى” ما كان ليحقق كل ما أنجزه من زخم على الصعيد الدولي، لو لم يكن هناك تغير حقيقي على الساحة الدولية، مشيرا إلى أن المنظومة الغربية بدأت تتآكل، لتحل محلها منظومات ما زالت في طور التشكل.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الرأی العام
إقرأ أيضاً:
علي النعيمي: الإمارات تصنع نموذجاً للإنسانية
أبوظبي (الاتحاد)
أكد معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة نجحت في بناء نموذج تنموي فريد يقوم على الاستثمار في الإنسان، وترسيخ قيم الاحترام المتبادل والتسامح وقبول الآخر، وتمكين المرأة، وبناء الشراكات العالمية، مشدداً على أن قصة الإمارات قصة إنسانية موجهة للعالم كله وليست حكراً على شعب أو منطقة بعينها.
جاء ذلك في جلسة بعنوان «قصة الإمارات» ضمن فعاليات الدورة الأولى من قمة «بريدج 2025».
وأكد معاليه أنه يعتبر هذه القمة منصة لكل من له صلة بالتواصل الإعلامي على مستوى العالم، وأوضح أن أهمية وجود الضيوف في أبوظبي تنبع من رغبة الإمارات في أن يشهدوا قصة دولة الإمارات، وأن يتفاعلوا مباشرة مع شعبها ومحتواها، وقال: «في الإمارات لدينا محتوى نريدكم أن تروه، أن تتفاعلوا معه، وأن تقدموا توصياتكم واقتراحاتكم لما ترونه مناسباً للتطوير، فنحن نتعامل مع بناء وطننا والتفاعل مع أصدقائنا بعقلية منفتحة وقلب منفتح، ودائماً هناك فرصة للتحسين والتطوير، وهذا هو المحتوى الأهم الذي نريد أن نشاركه مع العالم».
دولة فتية ترسم مساراً للإنسانية
وحول مساهمة دولة الإمارات في المشهد العالمي، قال معالي النعيمي: «نحن دولة صغيرة وفتية، لكننا نؤمن بأننا تمكّنا من أن نصنع مساراً ليس فقط للإماراتيين، ولا للعرب، ولا لشعوب منطقتنا فحسب، بل للإنسانية بأكملها.
وربما تتساءلون: كيف يمكن لأمةٍ ما أن تطوّر مسارها الخاص؟ والجواب: إذا كان لديها القادة المناسبون، قيادة لديها رؤية، ولديها الإرادة السياسية لخدمة شعبها أولاً، ولخدمة الإنسانية. ونحن كان لدينا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، القائد الذي قرر أن يستثمر في الإنسان أولاً ويصنع مستقبلاً أفضل لشعبه».
وأشار معاليه إلى أن أولى تجليات هذه الرؤية كانت في النظام التعليمي، حيث واجهت الدولة في بداياتها تحفظ بعض الأسر على تعليم البنات، فجاء قرار الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بدفع راتب شهري للأسرة إذا أرسلت ابنتها إلى المدرسة، وهذا هو التمكين الحقيقي للمرأة من بوابة التعليم. وأكد أن مسار تمكين المرأة الذي بدأه الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أثمر اليوم تولي تسع سيدات حقائب وزارية، وحصول النساء على نصف مقاعد البرلمان، فما تحقق للمرأة الإماراتية ليس دعاية، بل استحقاقاً نالته بجدها وإنجازاتها.
الاحترام وقبول الآخر
وتناول معاليه قضية الاحترام وقبول الآخر بوصفها تحدياً عالمياً ومحوراً أساسياً في قصة الإمارات، موضحاً أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان ينظر إلى الآخرين منذ البداية كشركاء وأصدقاء جاؤوا للمساهمة في بناء الوطن، وأن هذا النهج جعل من التنوع السكاني في الدولة مصدر قوة. وقال: «لدينا في الإمارات أكثر من 200 جنسية، و85% من السكان غير مواطنين، لكن الجميع مرحب بهم ليعيشوا ويعملوا ويحققوا أحلامهم دون أن نطلب منهم أن يتغيروا، فنحن نحترم جنسياتهم وأديانهم ومعتقداتهم وأخلاقياتهم، الشرط الوحيد للجميع، والذي ينطبق على المواطنين والمقيمين، هو احترام النظام والقانون».
وأضاف معاليه: «من أعظم إنجازات دولة الإمارات أن شبابنا وأطفالنا لا يعانون من مشكلات في التعامل مع الآخرين، فاحترامهم للآخرين نابع من قلوبهم، وأصبح الاحترام جزءاً من هويتهم وثقافتهم. هذا هو الإنجاز الحقيقي لدولة الإمارات في هذا المجال، وهذا ما نفخر به، ليس المباني والبنية التحتية والإنجازات التجارية، بل الإنسان».
الإعلام في مواجهة التطرف
وفي حديثه عن دور الإعلام والمؤثرين، دعا النعيمي الحضور إلى إعادة صياغة الخطاب الإعلامي عالمياً، قائلاً: «علينا أن نوصل رسالة إلى العالم أننا كبشر، بغض النظر عن جنسيتنا، أو ديننا، أو عِرقنا، أو لوننا، علينا أن نعيش معاً في سلام وانسجام، وأن نتعلم كيف نتقبل ونحترم بعضنا بعضاً، وأن نفهم التحدي الذي يواجهنا جميعاً، أولئك الذين يستخدمون الدين كأيديولوجيا لخدمة أجنداتهم السياسية».
رسالة إنسانية عابرة للحدود
وشدد على أن رسالة الإمارات تتجاوز حدودها الجغرافية لتصل إلى مناطق تحتاج إلى الدعم والشراكة، وفي مقدمتها القارة الأفريقية، مبيناً أن الملايين اليوم في أفريقيا لا يحصلون على التعليم أو الخدمات الصحية الأساسية، وأن 50% من شباب العالم سيكونون من أفريقيا بحلول عام 2050. وقال: «إنها مسؤوليتنا نحن في الإمارات، ومعنا المجتمع الدولي، أن نقيم شراكات حقيقية مع أفريقيا، لا للتنافس على الاستثمار والربح، بل لمساعدتهم على خدمة شعوبهم، ولمساعدتهم على صنع مستقبل أفضل، وتحويل أفريقيا إلى شريك. إنهم يستحقون أن نوليهم الاهتمام، لأنهم بشر مثلنا. ولهذا نبني المدارس والمستشفيات والبنية التحتية، ونوفر فرص عمل للجيل الجديد، ونخلق شراكات مستدامة تعود بالنفع على الجميع. هذه هي استراتيجية الإمارات الاقتصادية التي تقوم على شراكات اقتصادية شاملة تحقق معادلة الربح المتبادل».
خطاب يجعل السلام أولوية
وأشار الدكتور علي النعيمي إلى أن أولويات كثير من العاملين في مجال الإعلام تتركز اليوم على السبق الإخباري، لكن العالم يحتاج إلى أبطال سلام. وقال: «علينا أن نكون روّاداً ومدافعين عن السلام في كل مكان.
العالم بحاجة إلى روّاد سلام.
ما نحتاجه منكم أنتم، كعاملين في الإعلام، هو أن تكونوا أنتم روّاد سلام. العالم يعاني، ويوجد أكثر من 64 صراعاً على مستوى العالم، وما نحتاج إليه هو أن نصنع خطاباً يجعل من السلام أولوية».
واختتم سعادته الجلسة بقوله: «حين تصبحون رواداً للسلام، ستشعرون باختلاف في داخلكم، في قلوبكم وعقولكم، وستصبحون قادرين على رؤية الأمور ليس من خلال الصراع، بل من خلال المحبة والاحترام والقبول. لهذا، أحثّ كل العاملين في الإعلام: اجعلوا السلام أولوية في كل بوابة ومنصة لتكسبوا قلوب وعقول الشباب، ويصبحوا بدورهم رواداً للسلام».