رغم التطور الكبير الذي أضافته أدوات الذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة المختلفة مثل الصحة والتعليم والبحث العلمي والإعلام وغيرها، إلا أنها تسببت في الكثير من المساوئ والمخاطر، خاصة فيما يتعلق بمجال الصحة النفسية، وذلك بعد انتشار العديد من التطبيقات في مجال الطب النفسي التي تقدم حلول علاجية قد تضر صحة المرضى وتودي بهم إلى التفكير في إنهاء حياتهم.

 

انتشار عشوائي لتطبيقات الصحة النفسية 

حدث في الأونة الأخيرة انتشار عشوائي وسريع لتطبيقات الصحة النفسية، بحسب الجمعية الأميركية للطب النفسي، إذ جرى حصر وجود أكثر من 10 آلاف تطبيق خاص بالصحة العقلية في متاجر التطبيقات معظمها غير مُوافق على استخدامها، ما قد يسبب آثارا سلبية خطيرة على حياة المرضى النفسيين تصل إلى قتل النفس.

ومن أبرز الحوادث التي تسببت فيها أدوات الذكاء الاصطناعي ما أفادت به صحيفة  L'Avenir البلجيكية، حول لجوء رجل بلجيكي إلى إجراء حديث مع روبوت حول مخاوفه بشأن قضايا المناخ، وبدلًا من طمأنته والتخفيف من توتره، اتبع الروبوت منهج تفكير الرجل القلق حتى زادت مخاوفه وقرر التخلص من حياته ولم يحاول الروبوت ردعه.

مخاطر الذكاء الاصطناعي على الصحة النفسية 

في هذا الشأن، أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أنّ مجال العلاج النفسي يعتمد بشكل أساسي على الحوار والتواصل بين الطبيب والمريض، وهو مجال يصعب على أدوات الذكاء الاصطناعي الغوص فيه لأنه قد يعرض حياة المرضى للخطر: «المريض النفسي هو شخص عاطفي جدًا.. أي كلمة أو تصرف غير محسوب هيأثر بالسلب عليه.. ودي حاجة تتعلق بالمشاعر مش هيفهمها الروبوت مهما بلغت درجة تطوره». 

وأضاف فرويز خلال حديثه لـ«الوطن»، أن برامج الذكاء الاصطناعي مبرمجة حسب المعلومات والبيانات التي تدخل إليها، لكنها تفتقد فهم المشاعر والتفاعل معها و تحليلها، وتابع أن أعراض الأمراض النفسية متشابهة ما يستدعى تفاعل مباشر بين المريض والطبيب لتحديد الحالة المرضية بدقة ووصف العلاج المناسب: «دي أمور ميقدرش يقوم بيها الذكاء الاصطناعي.. ممكن تشخيص غلط يخلي المريض حالته تسوء ويصل الأمر إلى إنهاء حياته». 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الطب النفسي العلاج النفسي تطبيقات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی الصحة النفسیة

إقرأ أيضاً:

جامعة دارتموث الأميركية تطور أداة ذكاء اصطناعي "تيرابوت" للعلاج النفسي

في خطوة جديدة لعلاج الاضطرابات النفسية ومواجهة النقص الكبير في عدد المتخصصين، طور فريق من الباحثين في جامعة دارتموث الأميركية أداة ذكاء اصطناعي جديدة تحمل اسم "تيرابوت"، تهدف إلى تقديم دعم نفسي آمن وفعّال للمرضى الذين يعانون من القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل. 

ويأتي هذا الابتكار بعد سنوات من البحث والتطوير، وسط مخاوف كبيرة من تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي على الصحة النفسية وسلامة المستخدمين.

من الغلايات إلى الذكاء الاصطناعي.. تجديدات شاملة في مستشفيات جامعة القاهرة طبيبة نفسية تحذر من الارتباط بـ “شات جي بي تي” "تيرابوت": حل مبتكر لأزمة نقص المتخصصين

أكد نيك جاكوبسون، الأستاذ بجامعة دارتموث والمشارك في تطوير "تيرابوت"، أن النظام الجديد جاء استجابة لحاجة ماسة، موضحًا: "حتى لو زدنا عدد المتخصصين عشر مرات، فلن يكون ذلك كافيًا لتلبية الطلب الحالي على الدعم النفسي، لذا نحن بحاجة إلى شيء مختلف للاستجابة."

على عكس العديد من التطبيقات التجارية التي تُطرح بسرعة في الأسواق، يأخذ مطورو "تيرابوت" وقتهم الكافي لضمان أقصى درجات الأمان والفعالية.

وقال الدكتور مايكل هاينز، الطبيب النفسي المشارك في قيادة المشروع: "نحن نتحدث عن سنوات وليس أشهر قبل أن تصبح الأداة متاحة عبر الإنترنت. لا نزال بحاجة إلى التعمق أكثر في ما يخص السلامة حتى نتمكن من فهم كيفية عمله بشكل صحيح قبل إطلاقه."

 

رحلة تطوير "تيرابوت": من النصوص إلى الذكاء الاصطناعي التفاعلي

بدأ الفريق البحثي باستخدام نصوص استشارات نفسية ومقاطع فيديو تدريبية كنماذج أولية، إلا أنهم واجهوا صعوبات عدة.

لاحقًا، لجأوا إلى نماذج محاكاة لمحادثات علاجية، ما سمح بتغطية طيف واسع من السيناريوهات وضمان جودة الردود التي يقدمها "تيرابوت".

وفي دراسة سريرية نشرتها جامعة دارتموث في مارس الماضي، أظهرت النتائج أن استخدام "تيرابوت" ساعد بشكل ملحوظ في تحسين حالات المرضى مقارنة بمن لم يستخدموه، خاصة لدى من يعانون من القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل.

 

"الذكاء الاصطناعي النفسي": بين التفاؤل والمخاوف

رغم النتائج الإيجابية، حذرت فايل رايت، المسؤولة عن الابتكار في الجمعية الأميركية لعلم النفس، من أن السوق ما زال يفتقر إلى أدوات علاجية قائمة على الذكاء الاصطناعي تم تطويرها على يد خبراء في الصحة النفسية. 

وأكدت أن "تيرابوت" هو المشروع الوحيد حتى الآن الذي يتم تطويره بهذه الطريقة، مشيرة إلى أن معظم التطبيقات المتاحة حاليًا "لا تخضع لإشراف علمي متخصص".

وفي المقابل، دافع هربرت باي، رئيس شركة "إيركيك" – التي تضم أكثر من 100 ألف مستخدم، عن أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة به "باندا"، مؤكدًا أنها "آمنة للغاية" ومزودة بأنظمة استشعار للأزمات والانتحار، معترفًا بأن الحالات الخطيرة تحتاج إلى تدخل بشري مباشر.

 

قضايا السلامة: بين الكارثة والتحذير

حادثة انتحار مراهق يبلغ 14 عامًا في أكتوبر الماضي أثناء استخدامه تطبيق "Character AI" أثارت موجة من القلق بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحة النفسية. 

وتعليقًا على ذلك، شدد باي على أن "ما حدث مع Character AI لا يمكن أن يحدث مع باندا"، مشيرًا إلى أن برامجهم تُصمم لتجنب مثل هذه المخاطر.

من جانبها، أكدت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أن الصحة النفسية الرقمية تقع ضمن اختصاصاتها، لكنها لا تمنح حتى الآن موافقات خاصة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مكتفية بالإشارة إلى أن هذه الأدوات "قد تحسن إمكانية الحصول على الدعم النفسي".

مستقبل الدعم النفسي بالذكاء الاصطناعي: بين الأمل والقيود

يرى بعض الخبراء أن الذكاء الاصطناعي قد يكون حلًا لتوسيع الوصول إلى العلاج النفسي، خاصة في الحالات غير الطارئة.

تقول دارلين كينغ، من الجمعية الأميركية للطب النفسي: "إذا كان من الممكن استخدام هذه التكنولوجيا بأمان وتحت إشراف متخصص، فأرى فيها إمكانات كبيرة."

لكنها شددت على أن التطبيقات المتوفرة حاليًا لا تستخدم تحت إشراف مباشر، وهو ما يثير مخاوف بشأن السلامة والمصداقية. 

وأضافت: "قبل أن نتمكن من دعم الذكاء الاصطناعي التوليدي للعلاج، يجب الإجابة على أسئلة كثيرة عالقة حول الفوائد والمخاطر."

"تيرابوت": نحو خدمة غير ربحية وآمنة

في ختام تصريحاتهم، أكد جاكوبسون وهاينز أن هدفهم الأساسي ليس تحقيق الربح، بل توفير أداة علاج نفسي آمنة ومتاحة للجميع، حتى لمن لا يملكون القدرة المادية. وقال هاينز: "أحيانًا، يكون هؤلاء هم الأكثر حاجة للمساعدة."

مقالات مشابهة

  • طبيب جلدية يحذر: أمراض الصيف ترتبط بأسلوب الحياة وهذه أبرزها.. فيديو
  • الذكاء الاصطناعي يدخل غرف العمليات الجوية
  • جامعة دارتموث الأميركية تطور أداة ذكاء اصطناعي "تيرابوت" للعلاج النفسي
  • الذكاء الاصطناعي يحسّن إدارة سكر الدم بعد جراحة القلب
  • مؤلف موسيقي: رفض الذكاء الاصطناعي يعطل الإبداع
  • وزير الصحة يبحث مع شركة سترايكر تقنيات الذكاء الاصطناعي والجراحة الروبوتية
  • “عبدالغفار” يبحث تعزيز التعاون في تقنيات الذكاء الاصطناعي والجراحة الروبوتية مع شركة عالمية
  • “جامعة نورة” تطلق مقررًا إلكترونيًا في الذكاء الاصطناعي لطالبات التخصصات غير التقنيَّة
  • فاكهة لذيذة لكنها خطيرة.. طبيب يحذر: هذه الفاكهة ترفع السكر بسرعة صادمة
  • وزير الصحة: الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة ضرورة لمستقبل الرعاية الصحية