قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق أن القواعد المهمة التي تؤسس بناء الحضارة الإسلامية أن الأحكام الشرعية لدين الإسلام تؤثر في الروح وفي القلب، وهناك عدة ضوابط مأخوذة من القرآن والسنة التي تشكل عناصر مهمة في البناء الحضاري للمجتمع الإسلامي بل والبشري، ومنها:

علي جمعة يوضح دستور الإيمان وحكمة الابتلاءات عبادة عظيمة يغفل عنها الكثير من الناس.

. يكشفها علي جمعة 3 ضوابط من القرآن والسنة تُشكل الحضارة الإسلامية 

 

1- قوله تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ، فالكم مهم ينظمه رسول الله ﷺ في الحديث الذي يرويه المقدام بن معدي كرب، حيث قال: «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم ثلاث أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفسه» (رواه النسائي والبيهقي في الشعب والحاكم في المستدرك واللفظ له)، ويدرك السلف الصالح هذا المعنى فيقول ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث: «لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطلت المارستانات -أي المصحات- ودكاكين الصيادلة». ويقول المروزي للإمام أحمد بن حنبل: «هل يجد الرجل في قلبه رقة وهو شبع؟ قال: ما أرى ذلك»، وقال إبراهيم بن أدهم: «من ضبط بطنه ضبط دينه، ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدة عن الجائع، قريبة من الشبعان، والشبع يميت القلب».

2- بل جعل الله سبحانه وتعالى الإطعام طريقاً لتكفير الذنوب واشترط أن يكون من أحسن الطعام وأعلاه، قال تعالى في كفارة اليمين: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) ، وأوسط معناها أعلى، كما في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) ، بل لابد أن يكون حلالاً له مذاق وهو من أحسن ما يطعم الإنسان به أهله.

3- وسن لنا رسول الله ﷺ آداب الطعام، وأجملها في التؤدة والتمهل في الأكل، وعدم العجلة والإسراع فيه، فقال لابن عباس رضي الله عنه: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك» (أخرجه البخاري ومسلم) وقال ﷺ: «من أكل طعاماً، فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم).

علينا إذًا أن نرجع إلى الطعام الحلال ونتخير الطعام الطيب ونضبط سلوكنا في تناوله، فنصبح بذلك قادرين على القضاء على الشر في أنفسنا، وعلى الفساد في مجتمعاتنا، وعلى الاختلال في العالم وهذه دعوة قد يراها بعضهم بعيدة عن قضية بناء الحضارة إلا أنها جزء لا يتجزأ منها، فالطعام الطيب جزء من نفسية المسلم الطيب القادرة على بناء حضارة عادلة تستمر وتبقى على نقائها عبر الأجيال.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القرآن والسنة رسول الله الحضارة الإسلامية الله سبحانه وتعالى

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: قيام الليل مفتاح السكينة والتقوى في زمن الفتن

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن قيام الليل؛ فهو مفتاحٌ بسيط، ولكن الله سبحانه وتعالى ذكَره في سياق بناء شخصيَّة عبادِ الرحمن. وأنت في قيام الليل كُن خائفًا من الله، خائفًا من عذابِه، مُلتجِئًا إليه سبحانه وتعالى؛ فإن هذا يجعلك تعيش في جوٍّ آخر غير الجوِّ الذي يريدون أن نعيش فيه، فتكون نفسُك لوَّامةً في بداية الأمر، ثم لا تزال ترتقي حتى تصيرَ راضيةً مرضيَّةً بعد ذلك، مطمئنَّةً في نهاية المطاف، كاملةً في سيرها إلى الله بعد ذلك.

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية يموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أيها المؤمن.. هذه صفاتُ عباد الرحمن؛ تركوا المحرَّمات، وفعلوا الخيرات. هذه هي النفسُ البشريَّة التي أرادوا دَسَّها في أمَّارةٍ بالسوء، ولا يريدون لها تزكية، وهذه النفسُ البشريَّة التي رحم ربي فرضي عنها وأرضاها. 

إذًا؛ نُقاوم ونصبر على ما قد جُبِلْنا عليه من توجّهٍ إلى الشر، ومن ميلٍ إلى الشهوات، وينبغي علينا أن نكون من المُزكِّين للنفس، وبدايةُ ذلك صلاةُ الليل؛ تُوقِع فيها الدعاء، فتلتجئ إلى الله.
ومن صلَّى الليل لا يفوتُه الفجر، ومن صلَّى الفجر كان في ذمَّة الله.

كلُّ هذه الأشياء تناساها كثيرٌ من الناس، واستيقظوا بعد فوات الأوان، وبعد شروق الشمس، ولا يدرون كيف أنَّ المسلم إذا استيقظ في تلك الساعة أصبحت نفسُه وَخِمَةً (أي ثقيلة)، والشيطان قد تَرَصَّد له. جَرِّبوا مع الله ما أمر الله به، وستَرَونَه بابًا قد فُتِح لكم؛ فيه الجمال، وفيه الراحة، وفيه الطمأنينة، وهو سهلٌ يشترك فيه كلُّ أحد، ليس صعبًا في فهمِه، ولا في تطبيقه، ولا مستحيلًا في ذاته.

دعاء المطر والرعد والبرق.. 10 كلمات يقضي الله بها حاجتكدعاء لقضاء الحوائج لا يُرد في الثلث الأخير .. ردده وقت الاستجابة

أيها المسلمون.. هكذا علَّمنا ربُّنا في بناء النفس، ولم يعلِّمْنا أن نتبعَها ونتبعَ هواها؛ قال تعالى: ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 60].

يا عباد الله.. في هذا العصر الذي تتوالى فيه الأحداثُ تترى، يحتاج المؤمنُ منَّا إلى نفسٍ راضيةٍ مرضيَّةٍ مطمئنة، يواجه بها هذا البحرَ، بل هذه البحار من الظُّلُمات؛ الكيدُ هنا وهناك، وقِلَّةُ العقل، وقِلَّةُ الحكمةِ التي قال فيها الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: 269]،
وقد أصابت كثيرًا من الناس. وأنت في أشدِّ الحاجة في هذه الأوقات إلى تقوية علاقتِك مع ربِّك، وقيامُ الليل ليس بعيدًا عن الأحداث التي نحن فيها؛ فاستنجدوا بالدعاء في جوف الليل؛ فقد ورد: «والدعاءُ يَنفَعُ مِمَّا نَزَلَ ومِمَّا لَمْ يَنزِلْ، وإنَّ البَلاءَ لَيَنْزِلُ فيَلْقَاهُ الدُّعاءُ فَيَعْتَلِجَانِ (يتصارعان) إلى يومِ القيامة» (رواه الطبراني).

الدعاءَ، الدعاءَ؛ الفعَّالُ لما يريد هو الله، والذي يحمي عبدَه هو الله؛ نلجأ إليه كما لجأ إليه عبدُ المطَّلب فقال: هذه غنمي، وإنَّ للبيتِ ربًّا يحميه.

علينا أن نُحسِن العلاقة مع الله حتى نتقوَّى في السير في هذا العصر، وحتى نواجه هذا كلَّه؛ لأنه رُكامٌ (وهو جمعُ شيءٍ فوقَ آخر حتى يصيرَ رُكامًا) يُذهبه الله في لحظة. فنَدعو الله سبحانه وتعالى ألَّا يجعل مصيبتَنا في ديننا، وألَّا يجعل الدنيا أكبرَ همِّنا ولا مبلغَ علمِنا، وأن يُحبِّب إلينا يومَ لقائه، وأن يجعلنا شهداءَ في سبيله، وأن يُحبِّب إلينا هذا الأمرَ من الدين.

طباعة شارك قيام الليل معجزة قيام الليل ثمرة قيام الليل فوائد قيام الليل

مقالات مشابهة

  • ما حكم من نسى الاغتسال قبل دخول مكة المكرمة؟.. علي جمعة يجيب
  • علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان
  • هل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟.. علي جمعة يرد بمفاجأة
  • ما سر قل أعوذ برب الفلق؟.. علي جمعة: تحصنك من 8 شرور مهلكة
  • هل يجوز للمرأة حضور صلاة الجمعة؟ الإجابة الشرعية من الكتاب والسنة
  • خوجة في مكة يستعرض تاريخ الصحافة السعودية ومستقبلها الرقمي ويكشف قصة إطلاق قناتي القرآن والسنة
  • علي جمعة: قيام الليل مفتاح السكينة والتقوى في زمن الفتن
  • أكاديمية الأزهر العالمية تناقش ضوابط التأويل في ضوء أسرار التنزيل
  • تحت رعاية خادم الحرمين.. «الشؤون الإسلامية» تنظم المسابقة المحلية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره
  • تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. وزارة الشؤون الإسلامية تنظم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم بالرياض