بوابة الوفد:
2025-12-15@05:14:52 GMT

«التطبيع بالإعلام»

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

مصطلح «التطبيع بالإعلام»، يعنى اعتياد ما لم يكن مألوفا فى السابق، وكان مجرد التعرض له ولو بالصدفة يمثل صدمة ويستوجب مراجعة أو معاقبة المرسل، والمقصود به هنا صانع الإعلام، فعلى سبيل المثال كانت مشاهد الحرب والتدمير والقتل والحرق غير مقبولة على الشاشة إلا فيما ندر، وأقصد هنا شاشة الأخبار اليومية وكانت المحطات الإخبارية العالمية حينما تلجأ لتغطية الخبر بصورة أو فيديو كانت تراعى إلى حد بعيد عدم إظهار الوجوه أو مشاهد الدماء وتكتفى بصور أو مقاطع فيديو من بعيد أو على الأقل ليس فيها مشاهد واضحة لجثث أو قتلى، وحتى عندما كان يتم توظيفها فى الدراما كان يراعى تجنب المشاهد القاسية لحظة سفك الدماء أو طريقة تنفيذ القتل، رغم أننا كمشاهدين نعلم جيدا أن المعروض فى الآخير تمثيل!!
لا ننكر أن تعاطى الإعلام بمختلف أنواعه مع القضايا والأزمات اختلف مع الزمن وبفعل التطورات التقنية وتعدد وتنوع وسائل الإعلام وشيوع التزييف الدقيق والعميق وحتى ظروف المجتمعات نفسها اختلفت وهو ما أوجد بعض التوجهات التى كانت فى بداياتها صادمة لكن تم تقبلها مع الوقت تحت عنوان خبيث يقول «الدنيا كلها تغيرت» بغض النظر هل التغيير هنا لصالح الإنسان أم ضده.


الآن يبث الإعلام دولى ومحلى مشاهد القتل والحرق الحقيقية ليل نهار من أماكن الصراعات، وتعرض مشاهد مروعة لا يتحملها قلب إنسان عادي، وهناك وسائل إعلام خصصت أقسام مستقلة فيها لمتابعة الأرقام المتزايدة للضحايا يوما بيوم، لدرجة أن المتلقى فى عمر الطفل أصبح يتقبل المشاهد وكأنها مثلا أغنية للأطفال لاسيما عندما يعاد تدويرها فى «السوشيال ميديا».
هذا الكلام ذكرنى بموقفين، الأول: قديم يعود للفترة من بعد موت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وحتى قيام حرب أكتوبر 1973 كان عامة الناس فى الشارع المصرى وقتذاك يوجهون ساخرين السؤال الأبرز للرئيس السادات: «هنحارب إمتى؟» «ولا مش هنحارب خالص؟» وتداول المثقفون مصطلح «اللا سلم واللا حرب» كنوع من «التطبيع» مع الحالة العامة، ولم يكن معظمهم ربما على علم بأن الرئيس السادات نفسه أراد أن يرسخ لهذه الحالة العامة من «اللاسلم واللا حرب» كأحد أدوات خطة الخداع الاستراتيجى التى كانت جزء من خطة حرب أكتوبر، أراد السادات أن يوصل للعدو رسالة مفادها أن الحالة العامة فى مصر تطبعت مع الوضع القائم وأنه لا حرب فى القريب العاجل أو فى البعيد الآجل.
أما الموقف الثانى فقبل أيام عرضت قناة «العربية - الحدث» تقريرا من الشارع فى غزة كان المراسل يلتقى أهل غزة ويسألهم عن رأيهم فى المفاوضات وتوصيفهم للحالة التى يعيشونها منذ السابع من أكتوبر حتى الآن، وجاءت إجاباتهم تصلح لما نسميه فى البحث العلمى «دراسة حالة»، فعلى سبيل المثال قال أحدهم بوجه بائس يائس لا مبالى: «أنا لا متفائل ولا متشائم، مضى أكثر من عشرة شهور عقد خلالها أكثر من قمة وأكثر من مفاوضات، وفى الأخير لا شىء حدث»!! وقال آخر بنفس اليأس: «الإحباط موجود وربنا قادر على كل شىء»، فى تقديرى لو كان هذا التقرير بعد أسبوع أو اثنين من 7 أكتوبر الماضي، أتصور أن إجابات نفس الناس كانت ستختلف بل أيضا طريقتهم فى الإجابة وملامحهم وهم يتكلمون والخلاصة أن كم الألم والوجع ومئات الفيديوهات والصور المتداولة فى الإعلام عن مجازر الاحتلال فى غزة وقصف البيوت وإطباقها على ساكنيها جعل المتلقى لهذا الإعلام يتطبع تدريجيا مع مشاهد القسوة حتى أنه لم يبدى نفس ذهول الصدمة الذى أبداه فى المشاهد الأولى وهنا تتجلى خطورة القوة الناعمة وتحديدا سلاح الإعلام فمثلما بإمكانه شحذ الهمم وخلق الاستفاقة ودعم المواقف بإمكانه أيضا تسبيط الهمم واعتياد الألم وخلق اليأس، وهذه الرؤية تدعم أيضا نظرية التأثير النفسى غير المباشر لوسائل الإعلام على سلوك المتلقى وتصرفاته وتفسر تغير مواقفه عبر فترات زمنية معينة بعد التعرض المتكرر لمحتوى معين فما تفعله بعض وسائل الإعلام فى سعيها للسبق واقتناص اللقطة قبل غيرها هو أنها قد تتجاهل التأثير التراكمى لما تكرر عرضه من صور وفيديوهات على نفس وسلوك المتلقى فتحدث ما يسمى «التطبيع بالإعلام».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: يا خبر د حسام فاروق

إقرأ أيضاً:

يمتد عبر 11 دولة وأكثر من 6 آلاف كيلومتر.. إليك مشاهد مذهلة من الأخدود الإفريقي العظيم

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يتذكر المصور الجنوب إفريقي شيم كومبيون اللحظة التي اشعلت شغفه بالوادي المتصدع الكبير.

في العام 2002، أثناء البحث عن مغامرةٍ عندما كان في العشرينيات من عمره، ادّخر كومبيون ما استطاع من المال، وباع ما لم يكن بحاجة إليه، واشترى سيارة "لاند روفر".. ومن ثمّ انطلق في رحلة شمالاً مع صديق، ولم يَعُد الثنائي إلى ديارهما إلا بعد 7 أشهر.

كانت الرحلة أول تجربة لكومبيون مع الصدع، المعروف أيضًا باسم نظام صدع شرق إفريقيا، الذي يمتد لمسافة تتجاوز 6،400 كيلومتر من بوتسوانا وموزمبيق جنوبًا إلى جيبوتي والبحر الأحمر شمالاً، وصولاً إلى الأردن.

تشكّلت وديان هذا المعلم، الممتد عبر 11 دولة، من خلال تمزق الصفائح التكتونية ببطء.

وينمو الشق شيئًا فشيئًا حتى يأتي يوم سيغمر خلاله البحر اليابسة بعد ملايين السنين، وسيشكّل ذلك تذكيرًا صارخًا وجميلاً بأنّ لا شيء يدوم.

قرد عند حافة جرف في جبال "سيمين" بإثيوبيا.Credit: Shem Compion

خلال الرحلة، زار كومبيون مدينة ناكورو في كينيا، حيث تنحدر الأرض وتمتد بحيرة "ناكورو" الحاضنة لأسراب هائلة من طيور الفلامينغو الوردية. وقال المصور: "كانت تلك لحظة مؤثِّرة. اتّضح كل شيء لي في تلك اللحظة".

صورة جوية لطيور الفلامنغو في كينيا.Credit: Shem Compion

تدرَّب كومبيون في مجال الحفاظ على الحياة البرية وإدارتها، كما نظَّم رحلات سفاري على طول الصدع، أثناء توثيق مناظره الطبيعية، وحياته البرية، وسكانه لأكثر من 20 عاماً. 

وقد جُمعت أعماله الآن في كتابه السابع وأول كتاب فني له بعنوان "الصدع: ندبة إفريقيا" (The Rift: Scar of Africa)، وهو مشروع ضخم يسعى إلى تصوير روعة الصدع.

مشهد الحمم في بركان "إرتا أليه" في إثيوبيا.Credit: Shem Compion

يتوزع الكتاب على خمسة فصول تستكشف الأصول الجيولوجية للصدع، وتطور أسلاف البشر، وسكانه من البشر اليوم، والتنوع البيولوجي، وتأثير عصر " الأنثروبوسين"، أي الفترة التي أصبح خلالها النشاط البشري يؤثر بشكلٍ كبير على الكوكب.

سكان الصدع امرأة من شعب الـ"سامبورو" في كينيا.Credit: Shem Compion

سعى كومبيون للتواصل مع العديد من الشعوب والقبائل التي تعيش على امتداد الصدع، وتوطيد العلاقات مع المجتمعات المحلية خلال زياراته سواءً كمرشد سفاري أو كمصور.

يُعد وادي أومو في إثيوبيا من أكثر المواقع تنوعًا، حيث تقطنه قبائل عديدة، منها "بودي"، و"سوري"، و"كارو"، و"كويغو".

وبما أنّ السياحة غير خاضعة للرقابة في تلك المناطق، أكّد كومبيون: "نذهب إلى هناك في مجموعات صغيرة لنحافظ على علاقتنا بأفراد القبائل الذين نعيش معهم. نأخذ هذه المسؤولية على محمل الجد، لأننا نريد علاقة طيبة ومُتبادلة بين الجميع".

ظباء في منتزه "غورونغوسا" الوطني في موزمبيق.Credit: Shem Compion

كما كوّن المصور صداقات مع دعاة حماية البيئة، بمن فيهم الراحل مارك ستالمانز، الذي ترك إرثًا رائعًا في إعادة تأهيل منتزه "غورونغوسا" الوطني في موزمبيق، ليتحوّل من مساحة صيد مُدمّرة خلال سنوات الحرب الأهلية إلى بؤرة مزدهرة للتنوع البيولوجي.

مستقبل الصدع مشهد للفيلة في تنزانيا.Credit: Shem Compion

يشهد الصدع توسّعًا حضريًا متزايدًا، فتقع نيروبي وأديس أبابا على حدوده مباشرةً، وتُعدّان أبرز رموز الحداثة.

ولكن تزخر علامات التطور في كتاب كومبيون.

بعضها مهيب ومسالم، كحقول توربينات الرياح على سفح تل على سبيل المثال. لكن تدل أمثلة أخرى إلى المشاكل التي أثارها عصر "الأنثروبوسين"، مثل صورة وثّقها لصياد يسحب شبكته خلال الغسق.

مقالات مشابهة

  • مرقص من عاصمة الشمال: طرابلس كانت ولا تزال بوابة عبور بين لبنان والدول العربية والأوروبية
  • التطبيع أولا مقابل السلاح والنووي.. ترامب يشدد شروطه على بن سلمان
  • مشاهد جوية تكشف لحظة مقتل مسلح وإصابة آخر في هجوم سيدني
  • 9 مشاهد من تقرير المجلس القومي عن حالة الحقوق والحريات بمصر
  • مشاهد لتحليق مقاتلات أمريكية وإلقاء قنابل ضوئية في سماء تدمر
  • يمتد عبر 11 دولة وأكثر من 6 آلاف كيلومتر.. إليك مشاهد مذهلة من الأخدود الإفريقي العظيم
  • جامعة القاهرة 6 أكتوبر تنظم فعالية ثقافية حول الإعلام والأمن القومي
  • مقتدى الصدر: التطبيع والديانة الإبراهيمية على الأبواب.. المجاهد صار إرهابيا
  • فيلم "إن غاب القط" يكشف مشاهد الأكشن والكوميديا في البرومو
  • الصدر: بات التطبيع والديانة الإبراهيمية على الأبواب والفساد سجية والظلم منهجاً