رغم وجود عدد لا نهائي من الأدلة الأثرية التي تتحدث عن موعد بناء الهرم الأكبر بمنطقة أهرامات الجيزة المصرية (هرم خوفو)، فإن المشككين في هذا الموعد دائما ما يبحثون عن ثغرات في الأدلة، لإثبات نظريات تحاول تقديمه أو تأخيره لسنوات، لأغراض عدة، أبرزها سلب هذا الإنجاز من الحضارة المصرية القديمة، ونسبه لحضارات أخرى.

لكن دراسة جديدة نشرتها دورية "جيولوجي"، تزعمها باحث مصري يعمل في جامعة إكس-مرسيليا بفرنسا، قدمت ما يثبت دقة الأدلة الأثرية، وذلك بالعثور في باطن الأرض على أدلة رسوبية غير قابلة للتشكيك، تشير إلى وجود تلوث نحاسي مكثف ناتج عن النشاط البشري، يتزامن مع التاريخ المعروف لبناء (هرم خوفو) في الأدلة الأثرية.

ويقول باحث الدكتوراه في مجال الأركيولوجي بجامعة إكس-مرسيليا بفرنسا، والباحث الرئيسي بالدراسة الدكتور جمال العشيبي، في تصريحات خاصة لـ"الجزيرة نت": "المعروف تاريخيا أن بناء هرم خوفو يعود إلى 2500 عام قبل الميلاد، وقد عثرنا في الرواسب بمنطقة ميناء خوفو، القريب من الهرم والذي استخدم إبان العصر الفرعوني لنقل الأحجار المستخدمة في بناء الهرم، على مستوى مرتفع للغاية من التلوث المعدني بالنحاس والزرنيخ، يتزامن تاريخه مع موعد بناء الهرم المثبت بالأدلة الأثرية، مما يشير إلى نشاط مكثف لورش صناعة الأدوات النحاسية، حيث استخدمت هذه الأدوات في تقطيع الحجارة المستخدمة في البناء".

باحثون يحفرون في المنطقة التي كانت في السابق ميناء خوفو (جمال العشيبي) إنشاء إطار زمني

واستخدم المصري القديم النحاس المخلوط بالزرنيخ لمزيد من المتانة لتصنيع شفرات وأزاميل ومثاقب للعمل على مواد مثل الحجر الجيري والخشب والمنسوجات، وباستخدام مطياف الكتلة البلازمية المقترنة بالحث، مع التأريخ بالكربون المشع، نجح الباحثون في قياس مستويات التلوث بالنحاس والزرنيخ، وكذلك الألومنيوم والحديد والتيتانيوم في الرواسب، وإنشاء إطار زمني للنشاط المعدني في المنطقة.

ويساعد مطياف الكتلة البلازمية المقترنة بالحث في قياس مواد المعادن والعناصر الأخرى في عينات الرواسب المأخوذة من موقع ميناء خوفو، في حين استخدم الكربون المشع، لتحديد عمر هذه المواد عن طريق قياس كمية نظير الكربون 14 الموجود في العينة.

وإذا كان النشاط المكثف للتلوث المعدني في موقع ميناء خوفو خلال فترة 2500 قبل الميلاد دليلا على بناء الهرم في هذا التوقيت، فإن بداية نشاط التعدين في تلك المنطقة يسبق هذا التاريخ بنحو 765 عاما، كما كشفت الأدلة الرسوبية أيضا.

ويقول العشيبي "تكشف أدلتنا الرسوبية أن بداية التلوث النحاسي في تلك المنطقة يعود إلى حوالي 3265 قبل الميلاد، بما يجعله أقدم تلوث معدني إقليمي تم تسجيله على الإطلاق في العالم".

ويضيف أن "التلوث خلال هذه الفترة التي ينتمي إلى أواخر عصر ما قبل الأسرات، كما يشير إلى أن الاحتلال البشري لتلك المنطقة والعمل المعدني في الجيزة بدأ قبل أكثر من 200 عام من الموثق سابقا، بما يتماشى مع بداية الحضارة المصرية القديمة، المرتبطة بنشأة مدينة ممفيس التي تقع جنوب الجيزة على بعد 20 كيلومترا من منطقة الأهرامات".

الدكتور جمال العشيبي أثناء إجراء التحاليل الجيوكيميائية للرواسب (جمال العشيبي) التكيف مع الصعوبات البيئية

ويبدو تأكيد بناء الأهرامات (2500 عام قبل الميلاد)، والكشف عن أقدم تلوث معدني في العالم (3265 قبل الميلاد)، هما النقطتان الأبرز في الدراسة، لكن الدراسة تطرقت إلى بعد آخر، وهو تقديم مزيد من التبصير حول كيفية تكيف المصريين القدماء مع التحديات البيئية.

وتقول الأستاذ المساعد في قسم التاريخ الطبيعي بجامعة بيرغن بالنرويج هدير شعيشع، والباحثة المشاركة بالدراسة، في تصريحات لـ"الجزيرة نت": "قبل نحو 4 آلاف عام قبل الميلاد حدث تغير مناخي تسبب في انخفاض معدلات هطول الأمطار وانتهاء عصر الصحراء الخضراء، فأصبح النيل هو المصدر الوحيد لحياة المصري القديم، فانتقل إلى جواره وأقام حضارته، وحيث إن منطقة ميناء خوفو كانت مكانا لفرع النيل المنقرض الذي تم تسميته في دراسة سابقة لي باسم (نهر خوفو)، فقد انتقل إليها المصري القديم وأقام أنشطته التعدينية بالقرب من النيل".

وضربت تغيرات مناخية أخرى مصر القديمة بعد تاريخ بناء الهرم الأكبر بنحو 300 عام، وتحديدا في عام 2200 قبل الميلاد، وتسببت في انحسار نهر النيل، وبالتالي لم يعد مناسبا لأعمال شحن وتفريغ السفن، وتقلص بالتالي ميناء خوفو، وشابت الاضطرابات المدنية والشائعات القاتمة عن أكل لحوم البشر، هذه الفترة، ومع ذلك ظل التلوث المعدني مرتفعا خلالها، كما تكشف الأدلة الرسوبية.

وترجح شعيشع أن تراجع النيل، قدم في البداية فرصا للمجتمعات المحلية، حيث كشف تراجعه عن السهول الفيضية الخصبة، ومن المرجح أن أعمال المعادن استمرت لدعم الأنشطة الرعوية المزدهرة.

وتقول "استمرت الأنشطة الرعوية، وأنشطة التعدين المصاحبة لها حتى عام 1000 قبل الميلاد، مما يشير إلى تعلق المصري القديم بمهنته وحرصه على استمرارها وتوريثها من الآباء إلى الأبناء".

هذه الدراسة تقول بوضوح إنه كان هناك موقع للبناء بالقرب من الهرم الأكبر استمر لمدة نحو 765 عاما، ولم يهبط المصري القديم على المكان بالبارشوت (سام فالادي) حضارة المعدن والحجارة

ويبدي الكاتب في علم المصريات وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بسام الشماع سعادته بما كشفت عنه الدراسة من نتائج، تؤكد أن الحضارة المصرية لم تكن "حضارة الحجارة" فقط، كما يحاول البعض تصوير ذلك.

ويقول الشماع في تصريحات لـ"الجزيرة نت" إن "هذه الدراسة تشير إلى عصر نحاسي مصري ممتد من 3265 إلى 1000 قبل الميلاد، وهذا يعني أن مصر القديمة عرفت كيفية صهر النحاس في الأفران ودرجات الحرارة التي تصل بالمعدن لمعدل الانصهار، وهو ما يعني أنها كانت حضارة المعدن والحجارة".

والنقطة الأخرى الأبرز في تلك الدراسة، كما يوضح الشماع، أنها ترد أيضا على من يردد في إطار محاولة سحب إنجاز بناء الأهرامات من الحضارة المصرية القديمة، أنه كيف استطاع المصري القديم فجأة تعلم كيفية نقل الحجارة وتقطيعها وما إلى ذلك، لبناء الأهرامات في وقت قياسي.

ويضيف "هذه الدراسة تقول بوضوح إنه كان هناك موقع للبناء بالقرب من الهرم الأكبر استمر لمدة نحو 765 عاما، ولم يهبط المصري القديم على المكان بالبارشوت".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحضارة المصریة المصری القدیم الهرم الأکبر قبل المیلاد بناء الهرم

إقرأ أيضاً:

أسرار لا تعرفها عن غادة عبد الرازق.. عدد زيجاتها الحقيقي وصدمات حياتها

 

وسط عالم مليء بالتقلبات الفنية والاجتماعية، استطاعت الفنانة غادة عبد الرازق أن تثبّت حضورها بقوة كواحدة من أبرز نجمات الفن في الوطن العربي. 

 

 

بين مسيرة مهنية حافلة بالإبداع، وحياة شخصية مثيرة للجدل، وجاذبية لا تخفت بمرور السنوات، رسمت غادة ملامح امرأة قوية واجهت الكثير من التحديات وصنعت لنفسها مكانة خاصة يصعب منافستها. 

 

 

 

في هذا التقرير، نسلّط الضوء على محطات مهمة في حياتها من النشأة وحتى أبرز أعمالها، وعلاقاتها الخاصة، مع التأكيد أنها لا تزال على قيد الحياة وتواصل عطائها الفني بكل شغف.

   تاريخ الميلاد والعمر الحقيقي

وُلدت الفنانة غادة عبد الرازق في 6 يوليو 1970، وتبلغ من العمر حاليًا 55 عامًا،  تحتفل سنويًا بعيد ميلادها بأسلوب أنيق وجريء يعكس شخصيتها الفنية الواثقة، وكان آخر ظهور لها بهذه المناسبة قد حاز إعجاب المتابعين بإطلالة جمعت بين الجمال العصري والجرأة الكلاسيكية.

النشأة والتكوين

ولدت غادة في مدينة كفر صقر بمحافظة الشرقية، لكنها نشأت وتربت في القاهرة، حيث أمضت معظم سنوات حياتها، عانت في سن مبكرة من فقدان والدها، وهو الحدث الذي غيّر مجرى حياتها، حيث تولّى شقيقها الأكبر "خليل" مسؤولية رعايتها قبل أن يتوفى هو الآخر في حادث أليم وهي لا تزال صغيرة.

على الرغم من هذه المحن، تابعت غادة تعليمها، ودرست علوم الحاسب الآلي، وحصلت على بكالوريوس في هذا التخصص، قبل أن تنتقل إلى عالم الفن الذي كانت تحلم به منذ طفولتها.

بداية المشوار الفني والتحوّل إلى نجمة

بدأت غادة عبد الرازق حياتها المهنية من خلال العمل كـ "موديل" في الإعلانات التجارية، وهو ما فتح لها باب دخول الوسط الفني. خطت أولى خطواتها في التمثيل من خلال أدوار ثانوية في أفلام ومسلسلات، إلا أن انطلاقتها الحقيقية جاءت في عام 2001، من خلال مشاركتها في مسلسل "عائلة الحاج متولي"، حيث جسّدت شخصية "نعمة الله"، وحققت من خلاله شهرة واسعة.

من هنا انطلقت مسيرتها الفنية لتصبح واحدة من نجمات الصف الأول في مصر، وتوالت أعمالها الناجحة على مدار أكثر من عقدين.

أبرز الأعمال الفنية

في الدراما التلفزيونية: زهرة وأزواجها الخمسة
، مع سبق الإصرار، السيدة الأولى، الخانكة، ضد مجهول، حكاية حياة، الباطنية، سلطانة المعز، تلت التلاتة، وآخرها مسلسل "صيد العقارب" (2023)، والذي نال إشادة نقدية وجماهيرية، وعُد من أبرز أدوارها الأخيرة.

في السينما: عن العشق والهوى، الريس عمر حرب، حين ميسرة، البلطجي، ركلام.

 

 

 

 

كما شاركت في تقديم برامج تلفزيونية وتحكيم مواهب، من أبرزها مشاركتها في لجنة تحكيم برنامج "عرب كاستينغ" عام 2015، مما أضاف بعدًا جماهيريًا آخر لمسيرتها الفنية 

 

 

الحياة الشخصية والزيجات

الحياة العاطفية لغادة عبد الرازق لطالما كانت محل جدل ومتابعة من قبل الجمهور ووسائل الإعلام، وذلك لتعدد زيجاتها التي تحدثت عنها بصراحة في أكثر من مناسبة.

الزواج الأول من رجل الأعمال السعودي عادل القزاز وهي في عمر 17 عامًا، واستمر الزواج نحو 7 سنوات، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة روتانا.

• الزواج الثاني من رجل أعمال من بورسعيد، انتهى سريعًا بسبب فارق العمر.

• الزواج الثالث من الممثل حلمي سرحان عام 2001، واستمر عامًا واحدًا فقط.

• الزواج الرابع من المنتج وليد التابعي، واستمر حتى عام 2009.

• الزواج الخامس من الإعلامي والصحفي محمد فودة، وانفصلا نهائيًا عام 2015.

• الزواج السادس (الحالي) من مدير التصوير هيثم زنيتا، حيث تزوجا في مايو 2020 أثناء تصوير مسلسل "سلطانة المعز"، ولا يزال هذا الزواج مستمرًا حتى الآن.

 

 

رغم أنها لم تعلن عن جميع زيجاتها بشكل رسمي، إلا أن بعض المصادر أشارت إلى أن عدد زيجاتها ربما وصل إلى 10 أو أكثر.

    العائلة

غادة لديها ابنة واحدة تُدعى روتانا القزاز، والتي تزوجت بدورها وأنجبت حفيدتين لغادة، اللتان تظهر معهما أحيانًا على وسائل التواصل الاجتماعي، في لحظات عائلية دافئة بعيدة عن الأضواء.

الشائعات والحقائق حول وفاتها

خلال السنوات الماضية، تكررت الشائعات بشأن وفاة غادة عبد الرازق، إلا أن جميعها كانت عارية عن الصحة. وتؤكد الفنانة في لقاءاتها أنها لا تعاني من أي مشاكل صحية خطيرة، بل لا تزال تمارس نشاطها الفني والاجتماعي بحيوية.

 

 

 

 

مؤخرًا، تحدثت غادة عن شعورها أحيانًا بعدم التوازن النفسي بسبب الضغوط الفنية والعائلية، لكنها أكدت أنها تسعى لتحقيق توازن بين العمل والحياة الشخصية، وتحاول التركيز على المستقبل بعد أن قدّمت تضحيات كبيرة على حساب نفسها.

مقالات مشابهة

  • اعرف كيفية استخراج شهادة الميلاد فى دقائق معدودات
  • من إسطنبول إلى 30 ولاية.. خطوة استراتيجية تُغير مشهد أكبر مدن تركيا
  • أسرار لا تعرفها عن غادة عبد الرازق.. عدد زيجاتها الحقيقي وصدمات حياتها
  • مقابر منحوتة ومومياوات أطفال في أسوان.. اكتشاف أثري يكشف عن طقوس الدفن وأسرار المجتمع القديم
  • محافظ الدقهلية: استمرار جهود التصدي لظاهرة التلوث السمعي ومصادرة 171 طقم صوت
  • احذر هذا التلوث الصامت.. قد يؤثر على فرص الإنجاب لديك
  • هل انتهت إثيوبيا من بناء سد النهضة؟.. خبير يكشف التفاصيل
  • أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة.. معكم منى الشاذلي يكشف أسرار عن كوكب الشرق
  • لقاء موسع للعلماء والخطباء في ذمار نصرةً لغزة ومباركةً لانتصار إيران
  • ذمار.. لقاء موسع للعلماء نصرة لغزة ومباركة لانتصار إيران