أكد مصرف ليبيا المركزي مواصلة العمل لمعالجة آثار أزمة السيولة المتراكمة من الفترات السابقة، وضمان وصولها إلى مستحقيها، والتي تتطلب بعض الوقت لحلها بشكل كامل.

وأضح المصرف في بيان على صفحته فيسبوك أن “هذه الجهود تأتي في إطار التزام المصرف المركزي بصرف مرتبات شهر أغسطس لكافة القطاعات الممولة من الخزانة العامة للدولة، وذلك بالتزامن مع التعليمات الصادرة لإدارة الإصدار بتوجيهات استكمال توزيع السيولة النقدية على كل المصارف التجارية”.



وشدد المصرف على أن “أولوياته الحالية تتركز في إنجاز استحقاقات المواطنين الأساسية” مضيفا أن “مجلس الإدارة سيباشر اختصاصاته مستقبلاً للنظر في المسائل الاستراتيجية، وتطوير السياسات المالية والنقدية بما يتماشى مع تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد” .

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: ازمة السيول صرف مرتبات اغسطس ليبيا مصرف ليبيا المركزي

إقرأ أيضاً:

عن تجربة معالجة نفسية في غزة

في خيمة صغيرة في دير البلح، على بعد أمتار من خطوط المواجهة، تجلس رُؤى شاهين (23 عامًا) وهي ترتّب أوراقًا مثقلة بالحزن، تشبه تمامًا القصص التي تحملها. ليست أوراقًا عادية، بل شهادات لجراح نفسية مفتوحة، ترافقها من المخيم إلى عيادتها المؤقتة، ومن جلسة استماع إلى جلسة بكاء.

"أُعالج الآخرين بينما أُصارع وجعي الخاص"، تقول الأخصائية النفسية التي تخرّجت الأولى على دفعتها من جامعة الأقصى بمعدل 96%. وبينما تُحاول جاهدة أن تمنح الآخرين فسحة نجاة وسط جحيم الحرب، تعترف أن الصمود ليس دومًا علامة قوة، بل أحيانًا مجرد محاولة لتأجيل الانهيار.

أمامها، يمر طابور من المعاناة. نساء بعيون غارقة بالسواد، أطفال لا يجرؤون على الحديث، رجال بأكتاف محنية وأصوات ترتجف. لكن أكثر ما يؤلمها، كما تقول، هو الأطفال.

"يرسمون أشلاء، ولا يلعبون إلا لعبة القصف والهرب"، تضيف. "يرون الموت أكثر مما يرون الدمى، ويتحدثون عن الشهداء أكثر من أحلامهم". وتصف رؤى مشاهد الحرب بأنها لا تسكن الذاكرة فحسب، بل تُعيد تشكيلها، تُحفر في داخل الأطفال حتى يتحوّل الخوف إلى جزءٍ من تكوينهم النفسي.

من بين القصص التي لا تغادر قلبها، تروي رؤى عن أحمد، طفل في السابعة، جُلب إليها بعد أن فقد والديه في قصف مباشر على منزله. "كان صامتًا تمامًا. لا يتكلم، لا يأكل، ولا يعرف كيف يستخدم الملعقة"، تقول. "حتى الضوء صار عدوه".

تتذكر رؤى كيف حكت زوجة عمه أنها بمجرد أن أشعلت المصباح في غرفة معتمة صرخ الطفل بشكل هستيري، فحملته باحثة عن تفسير.

بدأت رؤى جلساتها معه تدريجيًا، تسأله عن أشياء بسيطة: "شو بتحب؟ شو بتكره؟"، لتكسر جدار الصمت، ثم اقترحت عليه نشاط الرسم، علّه يُفرّغ شيئًا من داخله. لكنه لم يرسم سوى "خرابيش"، بلا معنى.

فهمت حينها أن الرسم وحده لا يكفي، فانتقلت إلى تقنية "المكان الآمن" — جعلته يُغمض عينيه ويتخيّل نفسه في مكانٍ يحبه، مع شخصٍ يشتاق إليه. "ابتسم. ضحك. وعندما سألته لماذا، قال لي: شُفت ماما وبابا".

في تلك اللحظة، عرفت رؤى أن ذاكرة أحمد ما زالت تحتفظ بصور والديه، وأن الأمل لم يمت بداخله. فتنقّلت معه بين الرسم واللعب والغناء، محاولةً تفكيك صدمة الضوء. كانت تدعوه لمشاهدة فيلم في غرفة معتمة لا يضيئها إلا التلفاز، ثم تُضيء المصباح تدريجيًا، حتى تخلّص من فوبيا الضوء المفاجئ.

"الظلام كان أمانه، لأنه جمعه بلحظاته الأخيرة مع أمه وأبيه تحت الركام"، تقول رؤى. "أما النور فكان لحظة الفقد والخذلان".

اليوم، يعود أحمد تدريجيًا إلى الحياة. يأكل، يتحدث، يضحك، ويلعب تحت الشمس. وقد يكون ذلك، كما تصف رؤى، أجمل إنجاز حققته منذ اندلاع الحرب.

فالت رؤى أن معظم الحالات النفسية التي تراها يوميًا تتمحور حول اضطراب ما بعد الصدمة، الاكتئاب، الشعور بانعدام القيمة، والانسحاب من الحياة. وتقول: "أسمع كلمات مثل: ليش عايش؟ زهقت، بكفي يا عالم، مش مصدق إنو مات، كل يوم".

لكنّ الحرب لا تترك الأطفال فقط في دائرة الخطر؛ الكبار أيضًا يعانون بصمت. "الهالات السوداء، الصوت المرتجف، الصمت الطويل، انحناءة الرأس، حتى الإهمال في النظافة الشخصية... كلها علامات لصدمات دفينة".

في ظل هذا الجحيم، لا تتوفر أدوية نفسية، ولا مهدئات، ولا دعم حقيقي. "لكننا نبتكر"، تقول رؤى بابتسامة خافتة. "نبني برامج ونُفعّل أنشطة جماعية في الخيام، ونحاول جاهدين أن نمنح الناس شعورًا أن هناك من يسمعهم".

غير أن رؤى تُحذّر من المبادرات النفسية المؤقتة للأطفال في مراكز الايواء . "إن لم تكن مستمرة، فقد تتحوّل إلى جرح جديد"، تقولها بحزم. "طفل تعلّق بكلمة أمل، ثم اختفى من حياته مَن قالها، فهذا أشد إيلامًا من الحرب".

رغم أنّها هي ذاتها بحاجة إلى علاج نفسي، إلا أن رؤى شاهين تستمد قوتها من شعور نادر بالإنجاز. "أشعر أنني أملك قيمة. أنني أُغيّر شيئًا في هذا الخراب"، تقول.

للناس، رسالتها واضحة: "ما في حدا ب غزة مش محتاج علاج نفسي. لا تتجاهلوا وجعكم، ولا تستهينوا بالأعراض، ولا تهابوا طرق أبواب الأخصائيين".

أما للعالم، فكلماتها أقسى: "ما يحدث في غزة ليس حربًا فقط. إنه عقاب جماعي. الناس هنا لا يريدون شيئًا سوى الحياة".

وبينما تُكمل رؤى جلساتها في خيمة صغيرة تفتقر لكل مقومات الراحة، تواصل تطبيب النفوس المكسورة بأدوات بدائية، وإيمان داخلي بأن الأمل نفسه مقاومة.

ملاحظة : هذا النص مخرج تدريبي لدورة الكتابة الإبداعية للمنصات الرقمية ضمن مشروع " تدريب الصحفيين للعام 2025" المنفذ من بيت الصحافة والممول من منظمة اليونسكو.

المصدر : وكالة سوا - عمرو الشيخ اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين كيف اختفت أعياد الميلاد في غزة؟ حماس: ننتظر الرد النهائي على ما تم الاتفاق عليه مع ويتكوف الأحمد: الذكرى الـ61 لتأسيس منظمة التحرير محطة مفصلية وتجسيد لإرادة التحرر الأكثر قراءة سفارة فلسطين بالقاهرة تعلن استئناف معاملات تقديم طلبات جوازات السفر البيومترية سفير فلسطين بالقاهرة يكشف عن عدد الغزيين الذين استقبلتهم مصر منذ بدء الحرب إدانات دولية واسعة لاستهداف الاحتلال وفدا دبلوماسيا في جنين العليا الإسرائيلية: قرار إقالة رئيس الشاباك غير قانوني وشابه تضارب مصالح عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • مركز أبحاث: عجز السيولة البنكية تفاقم إلى 129,1 مليار درهم من 22 إلى 28 ماي الجاري
  • الدكتور المصطفى: حاكم مصرف سوريا المركزي تحدث عن مشروع لطباعة عملة جديدة وأكد أن أزمة القطاع المصرفي تتعلق بالثقة لا السيولة
  • «الشارقة الإسلامي» يعلن تسعير إصدار صكوك بقيمة نصف مليار دولار
  • «المصرف المركزي» يفرض غرامة بقيمة 100 مليون درهم على شركة صرافة
  • مباحثات لتأمين توزيع السيولة النقدية في البلاد
  • الرفادي: ليبيا تحتاج إلى سياسيين ولدوا من رحم الثورة    
  • المصرف المركزي يفرض غرامة مالية بـ 100 مليون درهم على شركة صرافة
  • عن تجربة معالجة نفسية في غزة
  • المركزي یفرض عقوبات مالية على فرعين لبنكين أجنبيين بقيمة 18.1 مليون درهم
  • المركزي: توزيع ملياري دينار لتغطية السيولة قبيل العيد