تعثّر المفاوضات يعمّق معاناة آلاف الأسرى وعائلاتهم في اليمن
تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT
مرّ نحو 11 شهرا منذ انطلاق آخر مفاوضات لتبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، دون أفق لعقد مشاورات جديدة بشأن هذا الملف، نتيجة استمرار الخلافات بين الطرفين، مما يؤدي لتعميق مأساة ومعاناة آلاف المحتجزين على ذمة النزاع، الذين يقدر عددهم بنحو 20 ألفا حسب مصادر حقوقية.
وكانت العاصمة العُمانية مسقط، قد استضافت العام الماضي آخر جولة لمفاوضات تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين، استمرت نحو أسبوع واختتمت في 6 يوليو/تموز 2024، باتفاق على عقد جولة تكميلية بعد شهرين، ولكن لم تنطلق أي مشاورات جديدة حتى اليوم.
ويشار إلى أن جماعة الحوثي سبق أن وجهت اتهامات متكررة للحكومة اليمنية بممارسة انتهاكات متعددة بحق الأسرى والمعتقلين، مقابل نفي الأخيرة.
ونُفذت آخر عملية تبادل بين الحكومة وجماعة الحوثي في أبريل/نيسان 2023، وشملت نحو 900 أسير ومعتقل من الجانبين، تحت إشراف الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
اتهام متبادل
يتبادل طرفا النزاع اتهام بعضهما بتعطيل ملف المفاوضات المتعلقة بالمحتجزين، ففي 24 مايو/أيار الحالي، أعلن رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى -التابعة للحوثيين- عبد القادر المرتضى فشل تحريك هذا الملف.
وعبر بيان صحفي اطّلعت عليه الجزيرة نت، قال المرتضى -وهو رئيس فريق الحوثيين المفاوض بشأن الأسرى- "منذ ما يقارب سنة ونحن نرسل الوسطاء المحليين إلى مأرب، الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا، ونتابع مكتب المبعوث الأممي في محاولة لتحريك ملف الأسرى".
وأضاف أن كل جهود تحريك ملف الأسرى باءت بالفشل، نتيجة تعنت الطرف الآخر، قاصدا الجانب الحكومي. واعتبر أن "توقيف ملف الأسرى بهذا الشكل يُعد متاجرة بمعاناتهم، وسقوطا أخلاقيا غير مبرر".
من جهتها، أكدت الحكومة اليمنية تحميل الحوثيين مسؤولية تعثّر ملف الأسرى والمعتقلين، مشيرة إلى أن الآلاف منهم يعيشون ظروفا قاسية في سجون الجماعة.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال ماجد فضائل المتحدث باسم الحكومة اليمنية في فريق مشاورات الأسرى، إن "المفاوضات توقفت بسبب تعنّت الحوثيين ورفضهم الالتزام بمبدأ تبادل "الكل مقابل الكل"، إضافة لاستغلال الملف كورقة سياسية وأمنية للمساومة والابتزاز، مع تعطيل متكرر لخطوات التنفيذ المتفق عليها".
وأوضح فضائل -وهو عضو الفريق المفاوض ووكيل وزارة حقوق الإنسان- أن السبب المباشر في توقف وتعطيل ملف الأسرى هو "رفض الحوثيين الكشف عن مصير المخفيين قسرا، أو السماح لهم بالتواصل مع أهلهم وذويهم أو زيارتهم، خصوصا السياسي البارز في حزب الإصلاح الإسلامي محمد قحطان المخفي لدى الحوثيين منذ عام 2015، والذي يمثل العقبة الحقيقية حاليا في هذا الملف".
ظروف الأسرى
كما أشار المتحدث باسم الحكومة إلى أن المعتقلين في سجون الحوثي يعانون أوضاعا إنسانية مأساوية، ويتعرضون لشتى أصناف التعذيب، بما يشمل التعذيب الجسدي والنفسي والإخفاء القسري وسوء المعاملة، إضافة إلى الحرمان من الزيارات والرعاية الصحية، بينما هناك أكثر من 350 مختطفًا وأسيرا قتلوا في السجون تحت التعذيب.
ونبّه إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين يتغير باستمرار، لكن ما يزال هناك آلاف يقبعون في سجون الحوثي وهم في زيادة مستمرة، بينهم قيادات مجتمعية وموظفون في منظمات دولية وصحفيون وسياسيون، وغيرهم من المحتجزين من فئات أخرى.
وحول مستقبل هذا الملف، يرى المسؤول اليمني أنه ما لم يكن هناك ضغط دولي وإقليمي حقيقي وتغيير في آلية التفاوض تضمن إلزام الأطراف بالتزاماتهم من أجل الكشف عن المخفيين والسماح بزيارات والتواصل بين الضحايا وأهلهم وذويهم، فإن الملف سيظل رهينة الابتزاز السياسي والإعلامي والتجاذبات التي تؤثر عليه سلبا.
وتتجدد تحذيرات منظمات حقوقية وإنسانية حول الأوضاع المأساوية للمختطفين والمعتقلين في أرجاء اليمن، فمن جهته يقول رئيس "منظمة سام للحقوق والحريات" توفيق الحميدي إن "الأسرى والمعتقلين في اليمن يعانون من ظروف قاسية، تشمل التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي والاختفاء القسري".
وأكد الحميدي أن جميع الأطراف المنخرطة بالصراع -الحوثيين والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي- مشتركون باحتجاز الآلاف في السجون دون كشف عن مصيرهم.
وأضاف للجزيرة نت أن "هذا الأمر يفاقم معاناة المحتجزين صحيا ونفسيا، حيث إن أغلب السجون وأماكن الاحتجاز غير مؤهلة وتعاني من الاكتظاظ وسوء التغذية والنظافة، فيما تعيش عائلاتهم في قلق دائم نتيجة غياب أحبائهم وتأخر الإفراج عنهم"، وتابع "وثقنا في منظمة سام العديد من الانتهاكات بهذا الخصوص، وما تزال الانتهاكات مستمرة، بعضها يمتد إلى ما بعد الإفراج عن المحتجزين".
وحول إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين، أفاد الحميدي أنه لا توجد إحصائية دقيقة بعدد المحتجزين بسبب النزاع، وقد تلعب الوساطات القبلية والعائلية دورا في الإفراج عن الكثيرين بصمت، لكن العدد الشامل لهم يتجاوز 20 ألفا منذ بداية الحرب.
وحول العوائق التي تقف أمام حل هذا الملف، يرى الحميدي أن الخلافات السياسية بين الأطراف المتصارعة تشكل سببا رئيسيا لذلك "إذ تستخدم جماعة الحوثيين والحكومة اليمنية والتحالف العربي الأسرى كورقة ضغط، إلى جانب عدم الشفافية بتقديم كشوفات دقيقة بأسماء المعتقلين، مما يُعيق التقصي والتنفيذ" حسب وصفه.
خذلان دولي
تشدد عضو رابطة أمهات المختطفين غير الحكومية أسماء الراعي على أن ملف الأسرى والمعتقلين "إنساني بحت"، معتبرة أنه "من الواجب الأخلاقي والإنساني أن تتحلى جميع الأطراف بعدم تسييس قضية المختطفين المدنيين الذين لا ذنب لهم بالصراع الدائر".
وفي تصريح للجزيرة نت، حمّلت الراعي الحوثيين المسؤولية عن سلامة المختطفين، منتقدة تجاهلهم للقوانين التي تجرّم انتهاكات الحق في الحياة، وكذا الدعوات والمناشدات المستمرة المطالبة بإطلاق سراح المحتجزين دون قيد أو شرط.
كما حمّلت "الحكومة الشرعية" أيضا "مسؤولية عدم إيلاء ملف المعتقلين والأسرى الأهمية المطلوبة، حتى نستطيع أن نرى أبناءنا أحرارا وتنتهي معاناتهم" على حد قولها.
وأشارت إلى وجود "خذلان حقيقي" من الجهات الدولية والأمم المتحدة لملف المحتجزين، بعدم ممارستها الضغط الحقيقي على الأطراف المعنية لتبادل القوائم وإطلاق سراح المختطفين، ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات وإنهاء عمليات الاختطاف.
وأكدت على مواصلة رابطة أمهات المختطفين مناصرة قضية المعتقلين والمخفيين قسرا، والمطالبة المستمرة بإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط، حتى ينال الجميع حريتهم المكفولة في الدستور والقانون والشرائع السماوية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الأسرى والمعتقلین الحکومة الیمنیة ملف الأسرى هذا الملف إلى أن
إقرأ أيضاً:
ويتكوف يصل إسرائيل للقاء نتنياهو وزيارة غزة
وصل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى إسرائيل، اليوم الخميس 31 يوليو 2025، على خلفية تعثر المفاوضات الرامية إلى إبرام اتفاق بين تل أبيب وحركة حماس لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.
وقالت القناة "12" العبرية الخاصة، إن "زيارة ويتكوف تأتي في وقت حرج، إذ يتعين على إسرائيل اتخاذ قرار بشأن كيفية مواصلة الحرب في غزة " المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 206 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.
ومن المتوقع أن يلتقي ويتكوف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، المطلوب للعدالة الدولية، حوالي الساعة الثانية ظهرا (11:00 ت.غ) في مكتب الأخير ب القدس الغربية، وفق القناة.
وأضافت أن ويتكوف وصل إلى إسرائيل لبحث موضوعين رئيسيين هما "استمرار القتال في غزة، والوضع الإنساني في القطاع".
وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، الأربعاء، بلغ عدد الوفيات 154 فلسطينيا بينهم 89 طفلا، جراء سياسة التجويع الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023.
القناة تابعت: "تزداد حدة المعضلة التي تواجهها القيادتان السياسية والأمنية في إسرائيل مع الصور الصعبة التي تخرج من غزة"، في إشارة إلى ضحايا سياسة التجويع الإسرائيلية الممنهجة.
و"يتعين اتخاذ القرار بين التوجه نحو صفقة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين (الأسرى) أو توسيع العمليات القتالية لتصل إلى احتلال وضم أجزاء من القطاع"، حسب القناة.
وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وقبل أيام انسحبت إسرائيل من مفاوضات غير مباشرة مع حماس بقطر جراء تصلب مواقف تل أبيب بشأن الانسحاب من غزة، وإنهاء الحرب، والأسرى الفلسطينيين، وآلية توزيع المساعدات.
وزادت القناة أن "السبب الثاني والأبرز لزيارة ويتكوف هو الصور المقلقة التي تخرج من غزة، والضغط الدولي الكبير على إسرائيل لتقديم مساعدات إنسانية واسعة لسكان القطاع".
ومن المتوقع أن يزور ويتكوف أحد مراكز توزيع المساعدات التابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" الأمريكية في قطاع غزة، وفق القناة.
وأردفت أن زيارة المركز تهدف إلى "الاطلاع عن قرب على الوضع الإنساني الصعب في غزة، وخاصة حالة الجوع التي انتشرت في مناطق عديدة".
ويؤكد الفلسطينيون أن آلية توزيع مساعدات عبر "مؤسسة غزة الإنسانية"، المستمرة منذ 27 مايو/ أيار الماضي بدعم إسرائيلي، تهدف إلى تجميعهم وإجبارهم على التهجير من أراضيهم، تمهيدا لإعادة احتلال غزة.
ومنذ بدء هذه الآلية وصل المستشفيات ألف و239 قتيلا فلسطينيا وأكثر من 8 آلاف و152 جريحا، جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر النار على فلسطينيين ينتظرون الحصول على مساعدات، حسب وزارة الصحة.
وأضافت القناة أن "الحاجة لدى ويتكوف لتحسين الوضع الإنساني في غزة لا تنبع فقط من القلق على الفلسطينيين في القطاع، بل أيضا من الضغط الشعبي والسياسي المتزايد في الولايات المتحدة".
والأحد، أعلن الجيش الإسرائيلي "سماحه" بإسقاط جوي لمساعدات إنسانية محدودة على غزة، وبدء ما سماه "تعليقا تكتيكيا لأنشطة عسكرية" بمناطق محددة من غزة للسماح بمرور مساعدات.
واعتبرت منظمات دولية أن خطوة إسرائيل "ترويج لوهم الإغاثة" و"خداع إعلامي"، إذ يواصل جيشها استخدام التجوع سلاحا ضد المدنيين الفلسطينيين عبر إغلاقه المعابر بوجه المساعدات منذ مارس/ آذار الماضي.
القناة العبرية قالت إن إسرائيل "تقف عند مفترق طرق مهم وتحتاج إلى اتخاذ قرار: هل تمضي قدما في صفقة وتستغل اللحظات الأخيرة من المفاوضات، أم تختار تصعيدا قد يوسع نطاق الحرب إلى أبعاد جديدة؟".
وتابعت أن "ويتكوف، القادر على ممارسة الضغط، قد يكون حاضرا في محاولة أخيرة لوقف هذه الديناميكية المتصاعدة".
في سياق متصل، تظاهر عشرات من أهالي الأسرى الإسرائيليين أمام مكتب نتنياهو بالقدس الغربية، مطالبين بإبرام اتفاق فوري لإعادة ذويهم من غزة، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
ودعت أمهات الأسرى، في المظاهرة، ويتكوف إلى الضغط على نتنياهو لإبرام اتفاق.
ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.
وتؤكد المعارضة وعائلات الأسرى أنه يواصل الحرب للحفاظ على منصبه، إذ يخشى انهيار حكومته إذا انسحب منها الجناح الأكثر تطرفا والرافض لإنهاء الحرب.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية انتهاء عربات جدعون - الجيش الإسرائيلي يسحب عدة ألوية من قطاع غزة تفاهمات مع 5 دول - يديعوت تكشف تفاصيل جديدة بشأن تهجير سكان غزة إسرائيل تحدد مهلة زمنية لحركة حماس الأكثر قراءة وكالات أجنبية تطالب إسرائيل بمنح الصحافيين حرية الوصول إلى غزة فصائل فلسطينية تعقب على عملية الدهس قرب بيت ليد الإعلام الحكومي بغزة: احتياجات الطحين تتجاوز 500 ألف كيس أسبوعيا جريمة بلا حليب: إسرائيل الهمجية وغزة تموت جوعاً عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025