غزة تفرض نفسها علي “المسرح التجريببي”
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
ردود فعل قوية يحدثها مهرجان المسرح التجريبى فى دورته الـ31، حيث ينشغل المسرحيون من كل دول العالم بهذا المهرجان الدولى الذى يعتبر من أهم المهرجانات التى تقدم تجارب تجريبية فنية.
ولليوم الثانى على التوالى تستمر فعاليات المهرجان الذى يشارك فيه أكثر من 26 عرضًا تجريبيًا تعبر عن ثقافات العالم، حيث يعرض اليوم، العرض العراقى، حكاية درندش، والذى يشهد عرضه الأول عالميًا، أيضًا العرض الإماراتى «ابرة» وكذلك عرض يوناني، والسعودى «ضوء»، والعرض العمانى شجرة اللبان.
وسيطرت القضية الفلسطينية، على فعاليات المهرجان منذ افتتاحه، حيث يعبر الشعار الذى صممه المصمم مصطفى عوض، عن رسالة تضامن الشعب المصرى تجاه أخيه الفلسطينى.
كما افتتح المهرجان بعرض«صدى جدار الصمت» للمخرج المبدع وليد عونى، والذى أبهر الجمهور ونال تفاعلًا كبيرًا، حيث استعرض معاناة الشعب الفلسطينى، وجرائمه التى تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلى، من دمار وخراب الفلسطينيين وهدم منازلهم وتشريدهم عبر الخيام التى يتم حرقها أو هدمها نتيجة للرياح، كما تم تجسيد ضحايا القصف الإسرائيلى للصحفيين والإعلاميين عبر تجسيدهم بصورهم ومن بينهم شيرين أبوعاقلة وغيرها من ضحايا اصحاب الكلمة والصورة الذين كانوا ينقلون جرائم الكيان الصهيونى، وتضمن العرض المسرحى التجريبى العديد من الأغانى التى تعبر عن القضية الفلسطينية لكوكب الشرق أم كلثوم وفيروز، والذى لاقى تفاعلًا كبيرًا من الجمهور والحاضرين خلال حفل الافتتاح.
وقال الدكتور سامح مهران رئيس المهرجان، إن المهرجان عبر تاريخه أصدر حوالى الألف كتاب عن التجريب فى المسرح، منذ بداية القرن العشرين، مع الموجه الطليعية الأولى، وصولًا إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى، حيث تغير المسرح فى معناه وأنساقه تغيرًا أطلق عليه البعض «عكس الاتجاه» وهو ما ميَّز ما بات يعرف بالعروض الفنية ومع ذلك ما زال البعض يتساءل عن معنى التجريب، لدرجة أن أحدهم بعث لى بتعليق ساخر جاء فيه: هل معنى التجريب يا سيدى أن نمشى على رؤوسنا بدلًا من أرجلنا».
وأضاف، أن التجريب يرفض هيكلة الوعى للأفراد والجماعات، حتى يمتنع ذلك الوعى عن التوافق مع مسبقات ماضوية عفا عليها الزمن، أى أن التجريب يسعى للانعتاق من الماضى، ومن التبعية للآخرين فالطالما كان المسرح عبر عصوره المختلفة، نظامًا تهذيبيًا يعمل على تشجيع استسلام المتفرج للأوضاع الراهنة حينها، وهو ما أبعده عن الاهتمامات الملحة للحياة اليومية، فأبعده عن الشك، التساؤل، التفاعل مع المتفرجين والتفاوض معهم، والحديث يطول».
وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ها نحن نحتفى بأكثر من ثلاثة عقود من مهرجان رائد ومتفرد، هو مرآة تعكس روح الإبداع، حيث تتحد الحداثة مع التراث، وتلتقى التجربة بالتقليد، ليولد من هذا الاندماج فن جديد، ولغة مختلفة للتعبير، دعوة للتجربة، ومحاولة لاكتشاف آفاق جديدة فى عالم الفن.
فى هذه الدورة، التى نهديها إلى مبدع استثنائى من مبدعى المسرح المصرى المعاصر، الدكتور علاء عبدالعزيز، نلتقى على مدار 11 يومًا من الفعاليات والورش والندوات، وبمشاركة نخبة من القائمين على تطوير الحركة المسرحية فى مصر والعالم، لنشهد أحدث التيارات والاتجاهات نبنى جسور التواصل بين الثقافات والشعوب المختلفة والفنانين، ما يسهم فى إثراء المشهد المسرحى العربى والعالمى.
كما تم تكريم عدد من الشخصيات المسرحية البارزة مصريًا ودوليًا، ممن أثروا الحركة المسرحية فى مصر والعالم، وهم: من (مصر)، النجم محمود حميدة، والفنان القدير د. محمد عبدالمعطى، ومهندس الديكور د. صبحى السيد، والناقد فتحى العشرى، وفريق البرشا المسرحى، ومن لبنان كرم المهرجان الفنان القدير وليد عونى، ومن مملكة البحرين كُرم الفنان يوسف الحمدان، ومن العراق تم تكريم د. ميمون الخالدى، ومن اليونان يُكرم الفنان ساڤاس پاتساليدس، ومن الإمارات يُكرم الكاتب محمد سعيد الظنحانى، ومن السعودية يتم تكريم الكاتبة والناقدة الكبيرة ملحة عبدالله، ومن استوانيا يُكرم الفنان مارت ميوسى، من (كينيا) الفنان جون سيبى أوكومو، وشخصية العام الكاتب الكبير إسماعيل عبدالله رئيس الهيئة العربية للمسرح وهذه الجائزة مستحدثة هذا العام.
ويشارك 26 عرضًا مسرحيًا تمثل 19 دولة عربية وأجنبية، حيث تشارك من مصر 3 عروض مسرحية، هى: «ماكبث المصنع»، إنتاج كلية طب أسنان جامعة القاهرة، وإخراج محمود الحسينى، وعرض «حيث لا يرانى أحد»، إنتاج المعهد العالى للفنون المسرحية، وإخراج محمود صلاح محمد عطية، وعرض «صدى جدار الصمت» إخراج وليد عونى.
وتشارك 10 عروض عربية، هى: «بوتكس (الأردنية)»، «شجرة اللبان موشكا (سلطنة عمان)»، «تاء التأنيث ليست ساكنة (العراق)»، «الألباتروس (تونس)»، «فطائر التفاح (المغرب)»، «صمت (الكويت)»، «قرط (تونس)»، «الظل الأخير (السعودية)»، «معتقلة (فلسطين)، «زغرودة (الإمارات)».. بالإضافة إلى 3 عروض على هامش المهرجان–خارج المسابقة الرسمية–هى: «أبرة (الإمارات)»، «حكاية درندش (العراق)»، «ضوء (السعودية)».
وتشارك 10 عروض أجنبية، هي: «Autorretrato» (الاكوادور )، «Medea Treno» (أسبانيا)، «WOUND» (ألمانيا)، «Salon» (المجر)،
«BEHULA LAKHINDAR PALA AN INNOVATIVE HUMAN PUPPET SHOW (الهند)، «Celebrators» (اليونان)، «Polarities 01: Clytemnestra VS Agamemnon» (اليونان)، «Elevator» (رومانيا)، «Water» (جنوب أفريقيا)، «Bab(b)el» ( ألمانيا).
وينظم المهرجان، عدد من الندوات ضمن المحور الفكرى الرئيسى للدورة الـ31 الذى يحمل عنوان «المسرح وصراع المركزيات»، حيث يضم جلسات عدة، هي: جلسة «تعويم الهويات المسرحية» ويشارك فيها د.عبدالواحد بن ياسر من المغرب، د.مشهور مصطفى من لبنان، د. مصطفى رمضانى من المغرب، السفير على شيبو من العراق، ويدير الجلسة السفير على مهدى من السودان، وجلسة «الجمالى المسرحي/ ومقاومة المركزية»، ويشارك فيها: د.نجوى قندقجى من الأردن، وحاتم التليلى من تونس، ود.كمال خلادى من المغرب، ود.وسام عبدالعظيم من العراق، ويدير الجلسة د.مدحت الكاشف من مصر، وجلسة «الأداء اللغوى للنص المسرحى وخلخلة المركزيات»، ويشارك فيها د.أحمد ضياء من العراق، د.أحمد مجدى من مصر، أمينة الدشراوى من تونس، د.أمير هشام الحداد من العراق، وتدير الجلسة د. رانيا فتح الله، وجلسة « تجارب حرة فى الجسد المنفلت من المركزية»، ويشارك فيها، د.تحرير الأسدى من العراق، د.نشأت مبارك صليوا من العراق، نوران مهدى من مصر، د.أميرة الوكيل من مصر، ويدير الجلسة د.هشام زين الدين، وجلسة «سياسات الأداء المسرحى ومقاومة تعويم الهويات».
ويشارك فيها: د.ليلى بن عائشة من الجزائر، د.محمود سعيد من مصر، د.داليا همام من مصر، ويدير الجلسة د.أحمد مجاهد، وجلسة «الأداء التراثى ومكافحة المركزية» تشارك فيها د.عزة القصابى من سلطنة عمان، ومجدى محفوظ من مصر، ويدير الجلسة د.أحمد مجاهد، وجلسة «حوار الهامش مع المركز» ويشارك فيها د.مرجان موسافى من كندا، د.جيليان كامبانا من أمريكا، د.لينا الأبيض من لبنان، د.أمينة الحلوانى من مصر، ويدير الجلسة د.مصطفى رياض.
كما ينظم المهرجان ندوات بعنوان «رد الجميل» احتفاء بعدد من الرموز المسرحية، وهى ندوة «د.عبدالرحمن عرنوس» ويشارك فيها المخرج حمدى حسين، د.هنادى عبدالخالق، علاء حسنى، ويدير الجلسة د.أسماء يحيى الطاهر عبدالله، وندوة «الطيب الصديقى» من (المغرب)، ويشارك فيها: د.حسن البحراوى، الحسن النفالى، د.عبدالواحد بن ياسر.
ويديرها د.عمرو دوارة، وندوة «المخرجة رجاء بن عمار» من (تونس)، ويشارك فيها د.محمد المديونى، حاتم التليلى، أمينة الدشراوى، ويدير الجلسة إبراهيم الحسينى، وندوة «المخرج عبدالله السعداوى» من (البحرين)، ويشارك فيها: يوسف الحمدان من (البحرين)، خالد الرويعى من (البحرين)، أحمد خميس، ويدير الجلسة د.محمد زعيمة.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
الإعلام الغربي والإبادة: مسألة فيها نظر
رغم تكاثر الأدلة الدامغة التي تدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب الإبادة، بالتدمير والتقتيل والتجويع، فإن كثيرا من وسائل الإعلام الغربية لا تزال تشير إلى هذه الحقيقة بعبارات ملطّفة من قبيل «مسألة الإبادة» أو «جدل الإبادة» أو «سجال الإبادة»، إيحاء بأن واقعة الإبادة (المستمرة والموثقة والمصورة يوميا) لا تنتمي لمجال الوقائع بل إنها مسألة من مسائل الرأي، أي أن الموقف منها هو مجرد وجهة نظر.
ولعل أكثر مواقف وسائل الإعلام الغربي حيادا، أي تنصلا بيروقراطيا من تبعات الانحياز للحق الصُّراح في مواجهة القوة الغاشمة، هو ما ذهبت إليه إحدى الصحف عندما نشرت تحقيقا مطولا بعنوان: «الإبادة في غزة»: لماذا تثير المسألة انقساما بين أهل القانون؟
وحتى بعدما نشر الأكاديمي الإسرائيلي أومر بارتوف (الذي سبق أن خدم في جيش الاحتلال) مقالا مُزلزلا في النيويورك تايمز يدين دولته، بعنوان: «أنا أستاذ حقوق متخصص في مجال الإبادة. أعرف الإبادة عندما أراها»، فإن السي. إن. إن. لم تعدم حيلة في مجال استخدام العبارات الملطفة، حيث قالت: «منذ أن بدأت الحملة الإسرائيلية في غزة تجرّ تكاليفها البشرية الثقيلة (هكذا!)، أخذ يحتدم سجال مشحون: هل تكون الدولة العبرية، التي ولدت هي ذاتها من رحم الهولوكوست، بصدد ارتكاب إبادة؟».
ثم أشارت إلى أن «مقال أومر بارتوف جدد هذا السجال». هذا كل ما في الأمر. القضية المحورية إذن ليست الإبادة، وإنما هي السجال الذي ما إن يخفت حينا حتى يأتي من يجدده أو يحييه. وهكذا دواليك. ليس هناك وقائع تشهد ولا أدلة تعتبر ولا حجج تقنع. بحيث لو مضت وسائل الإعلام الغربي في اتباع هذا المنطق المتستر خلف دخان الحياد السمج لبقيت قرنا كاملا لا تفعل سوى جمع المزيد من وجهات النظر التي تؤجج السجال أو تُغْني النقاش، كما يقولون، ولكن دون التوصل إلى نتيجة. ذلك أن قتل امرئ في شارع، خصوصا إذا كان غربيا أو إسرائيليا، جريمة لا تغتفر، أما إبادة شعب كامل فمسألة فيها نظر!
والحال أن بارتوف قال بكل وضوح إن الإبادة الإسرائيلية واقعة حاصلة ومستمرة: «أعتقد أن الغاية كانت ولا تزال تتمثل في حمل السكان على مغادرة القطاع أصلا، أو، بما أنه ليس لهم مكان يذهبون إليه، في إضعاف الجيب المحاصر بالقصف المستمر والحرمان الشديد من الغذاء والماء الطاهر والمرافق الصحية والخدمات الطبية إلى حد يصير من المستحيل معه على الفلسطينيين في غزة أن يحافظوا على وجودهم الجماعي أو يعيدوا بناءه (..) إن هذا استنتاج من المؤلم أني توصلت إليه (منذ مايو 2024)، مع أني صددته وقاومته طويلا ما استطعت. ولكن منذ ربع قرن وأنا ألقي محاضرات حول الإبادة، بحيث إن في وسعي معرفة الإبادة عندما أراها».
ولكن رغم كل هذا الوضوح فإن السي. إن. إن. لا تزال تحرص على لعب لعبة التوازن، قائلة إن البروفسور بارتوف يؤكد أن «الحصار الذي تضربه إسرائيل على غزة ينطبق عليه التعريف القانوني للإبادة، (بينما) يتخذ أساتذة قانون ومعلقون آخرون موقفا مخالفا». والعجيب أن من هؤلاء المعلقين الذين تستشهد بهم السي. إن. إن. المعلق الصهيوني بريت ستيفنز الذي سبق أن تولى رئاسة تحرير مجلة «جيروزالم بوست»!
وبالتزامن مع مقال خبير الهولوكوست الإسرائيلي، كتب الحقوقي البريطاني جوناثان سامبشن في مقال جريء: «ليس لي أي موقف إيديولوجي من هذا النزاع. وإنما أتناوله باعتباري من أهل القانون والبحث التاريخي. على أني أتساءل أحيانا ما هو غير المقبول في عرف المدافعين عن إسرائيل؟ أفلم يتجاوز القدر الحالي من العنف الإسرائيلي في غزة المدى؟ إذ ليس هذا من قبيل الدفاع عن الذات، ولا حتى من جنس الأضرار الجانبية التي لا يمكن تجنبها في الحروب. إنه عقاب جماعي، وبعبارة أخرى انتقام يُثأر به لا من حماس وحدها بل من شعب بأكمله. إنه باختصار جريمة حرب».
ومعروف أن المنظمتين الإسرائيليتين، بتسليم وأطباء من أجل حقوق الإنسان، أصدرتا أخيرا تقريرين لا لبس فيهما يؤكد كل منهما وجوب «تسمية الإبادة باسمها الحقيقي»، قطعا بذلك مع تمارين البهلوانيات اللفظية التي يتعاطاها الإعلام الغربي. ولكن رغم هذا كله، فإن لك أن تراهن أن معظم الإعلام الغربي سيستمر في لعب لعبة الحياد البيروقراطي ورمي كرة تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية في ملعب أساتذة القانون والمعلقين المتخالفين.
القدس العربي