الحوت الجاسوس.. جدل بالنرويج حول ظروف نفوق هفالديمير
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
أعلنت منظمات تعنى بحقوق الحيوانات، أن حوت البيلوغا الشهير، الذي أثار ظهوره في النرويج تكهنات بشأن ارتباطه المحتمل بأنشطة التجسس الروسية، لقي حتفه "نتيجة إطلاق نار".
وقالت منظمتا "نوح" و"وان ويل" إنهما قدمتا شكوى للشرطة النرويجية تطلبان فيها فتح تحقيق جنائي بشأن نفوقه، حسبما أفادت صحيفة "الغارديان".
وكان هذا الحوت قد لفت الأنظار عام 2019 بسبب الطوق غير المألوف الذي كان يرتديه، مما أجج التخمينات حول إمكانية تدريبه من قبل الاستخبارات الروسية كعنصر مراقبة بحري.
وأُطلق على الحوت لقب "هفالديمير" في مزج بين الكلمة النرويجية "هفال" التي تعني الحوت، والاسم الأول للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ظهر حوت البيلوغا الأبيض لأول مرة قبالة الساحل في منطقة فينمارك في أقصى شمال النرويج عام 2019.
وقد عُثر عليه ميتا، السبت، في خليج على الساحل الجنوبي الغربي للنرويج، ونقل، الاثنين، إلى فرع محلي للمعهد البيطري النرويجي لتشريحه.
وصرح متحدث باسم المعهد أن التقرير متوقع "خلال ثلاثة أسابيع".
وقالت ريجينا كروسبي هوغ، رئيسة منظمة "وان ويل"، التي ذكرت أنها شاهدت هفالديمير، الاثنين، لوكالة فرانس برس: "كانت هناك جروح متعددة ناجمة عن الرصاص حول جسمه."
وأفادت سيري مارتنسن، مديرة منظمة "نوح": "الإصابات على الحوت مثيرة للقلق وذات طبيعة لا يمكن استبعاد عمل إجرامي فيها - إنه أمر صادم".
وعثر على "هفالديمير" نافقا، من طرف رجل وابنه كانا يصطادان في خليج ريسافيكا جنوب النرويج، السبت.
ويقُدر عمر "هفالديمير" ما بين 15 و20 عاما، وهو في سن صغير بالنسبة لحيتان البيلوغا التي قد تعمر حتى 60 عاما.
وعند اكتشافه قبل خمس سنوات، أثار الطوق الصناعي الذي كان يرتديه فضول العلماء النرويجيين. فقد كان مزودا بحامل لكاميرا وعليه عبارة "معدات سانت بطرسبرغ" باللغة الإنجليزية.
ورجح المسؤولون النرويجيون آنذاك أن الحوت قد يكون هاربا من منشأة تدريب تابعة للبحرية الروسية.
وقال خبراء إن من المعروف أن البحرية الروسية تدرب الحيتان لأغراض عسكرية.
ولم تصدر موسكو أي رد فعل رسمي على التكهنات بأنه قد يكون "جاسوسا روسيا".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
سعد: الغائب الذي لم يَغب
صراحة نيوز ـ الدكتور أسعد عبد الرحمن
يا أيّها الغالي سعد…
لا أحد يدرك، لا أحد يستطيع أن يدرك، كيف أن مطرقة رحيلك الصاعق قد هدمت ابراجاً داخلية عندي لطالما ظننتها منيعة. قد سحقت لبناتٌ شيّدها في داخلي التفاؤل المزمن الذي لطالما صاغ نفسيتي، وحماني من الهموم المتكاثرة في هذه الدنيا لكنك ذهبت. وبذهابك، سقط السقف.
صحيح، صحيح تمامًا، أنك أخي، ابن أمي وأبي. لكن هذا، وحده، لم يُتوّجك سلطانًا على قلبي، ولا جعلك توأم روحي الذي أصبحتَه. لقد جاءت “كلمة السر” في هذه العلاقة الإنسانية الاستثنائية من نبعٍ أعمق من صلات الدم، من ينابيع الصداقة التي تنامت بيننا، منذ كنت طفلًا يحبو. ثم، تفتحت من جديد – بعد انتهاء انقطاع قسري- مع التئام شملنا في الكويت حين بلغت أنت الخامسة والعشرين… ومنذ تلك اللحظة، كأن الحياة ابتسمت لي بك. كأننا، نحن الاثنان، استعدنا بقايا طفولة مؤجّلة، وعشناها بنضج من يعرف معنى أن يجد في أخيه صديقًا يسند الظهر، ويقرأ الصمت، ويكون مرآة الروح.
وحين غربت شمسك، ذات “فجرٍ” من حزيران الأسود عام 2023، غرب معك شيء لن يعود. لم يكن يومًا عاديًا. كان انسحابًا هادئًا لظلّك من كل زاوية في حياتنا. وتركتنا (تركتني انا بالذات) أُعاني من رحيلك ومن تلاشي دعوة متكاملة كنت قد وجهتها لك لرحلات متتابعة نقوم بها لتعزيز توأمة الروح التي جمعتنا، قبل أن يحين الأجل المحتوم والذي “توقعناه” في غضون سنوات…كأننا ظننا في اللاوعي عندنا اننا نعيش في”بروج مشيدة”!!!!!غير ان الحقيقة المرّة انفجرت حين غادرتنا بطريقة جعلت الوداع لا ينتهي.
بكيتك، سرًا وعلانية. بكيتك كما يُبكى الوطن حين يُغتصب، كما يُبكى الضوء حين يُطفأ فجأة ولا يعود. ثم، فجأة، انحبس الدمع وجفّ، الأمر الذي حيّرني. وحين سألني صمتي عن السبب، وجدتُ الجواب في دمار “قطاع غزة” ودمار شمال “الضفة”… في فلسطين التي تنزف ولا تموت. هناك، بكى وجعي الأكبر: فما سكبته عيناي من دموع على أهلنا لم يعلم به أحد. كان ذلك السرّ بين ربي وبيني. وكم حرصتُ على ألّا يعرف أحد عن ذلك الانكسار، لا عائلتي، ولا أصدقائي، ولا زملائي. آنئذٍ، صارت الفجيعة بك-اعذرني ياحبيب- تنزوي في ظلّ فاجعة أكبر.
لكن يا سعد…
عدتَ إليّ، من حيث لم أكن أتوقّع. عدت إليّ حين اجتمعنا في منزلكم لإحياء ذكراك. عدت اليّ في الصور المتكئة على جدران منزلك وفي استعادتي لعباراتك الظريفة كلما تحلقنا حول مائدة طعامكم الشهي. عودتك-هذه المرة- تداخلت مع المفارقة بالتجويع الظالم للأهل في “قطاع غزة”. كل هذه التداعيات “فجرّتني” بالبكاء من جديد، كأنني لم أبكِك من قبل، فحملتُ قلبي المتعب، واندفعتُ خارجًا من منزلك…لا لأهرب منك، بل لأهرب اليك.
ياسعد…
لا أحد يدرك، لا أحد يستطيع أن يدرك كم أفتقدك. وسواء كنتُ وحدي، أو مع الأقارب أو الأصدقاء، لطالما وجدتك تزورني، غالبًا بنعومة، وأحيانًا بشدّة. كنتُ أتجلّد. أتجمّد. كي لا “أفسد الجو”، كما كنت تمازحني…
لكن، آه يا توأم الروح، ما أشدّ وقع هذا التجلّد، وما أبطأ هذا النوع من الموت!
كلما عاد حزيران، سقطت من قلبي صفحة. وكلما اقترب “فجر” يومه الأول، يوم رحيلك، أدركت أنه ليس فجرًا… بل موعدٌ مع وجع، مع غيابٍ لا يرحل، ومعك، أنت، الذي ما زلت تعيش في كل ركنٍ من ذاكرتي. واليوم، انا لم أكتبك لأرثيك… بل لأُبقيك حيًّا. في الورق. في اللغة. في الذين سيقرؤونك دون أن يعرفوك. كتبتك لتظلّ بيننا.
ونعم، يا سعد، غبتَ جسدًا لكنك لم تغب من قلبي لحظة. تسكنني كما يسكن الضوء المرآة: لا يُرى، لكنه يُضيء كل ما يمرّ عليه. فسلامٌ عليك، في الذكرى الثانية، كما يليق بروحٍ نادرةٍ، لا يتكرّر غيابها، ولا يُشفى من فقدها.