إسرائيل أم إيران أم الصين.. من المعنية بتخفيض الوجود العسكري لواشنطن بالمنطقة؟
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
اتفق محللون وخبراء على أن تخفيض الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط مرتبط بتصورها عن تراجع التوترات في المنطقة، في حين اختلفت آراؤهم تجاه ارتباط ذلك بملف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب على قطاع غزة.
وخفضت الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط بإعادة تموضع حاملة الطائرات "روزفلت" والمدمرة "دانيال إينوي" إلى المحيطين الهندي والهادي، كما غادرت المدمرة "راسل" إلى بحر جنوب الصين، وجاء ذلك بعد تلويح واشنطن لإسرائيل بأن بقاء قطعها البحرية في المنطقة ليس دائما.
وحسب حديث محللين لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، فإن الإدارة الأميركية تبعث من خلال ذلك برسائل لتل أبيب بضرورة ضبط التصعيد في الجبهة الشمالية، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته أنه لا يزال لدى واشنطن قوة رادعة كافية في المنطقة يمكن الاستعانة بها إذا لزم الأمر.
وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في واشنطن الدكتور خليل العناني إن أحد الأسباب الرئيسية وراء تخفيض الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط هو شعور الإدارة الأميركية بانخفاض التصعيد في المنطقة، مما قلل من الحاجة إلى حاملات الطائرات الأربع.
وأشار إلى أنه لا تزال حاملة الطائرات "أبراهام" ومدمرات حربية موجودة في البحر الأحمر والمتوسط، مما يُعدّ كافيا لمواجهة أي تهديدات، لافتا إلى أن خطر اندلاع حرب إقليمية تراجع، خاصة بعد غياب رد فعل قوي من إيران على اغتيال قائد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، رغم أنه لم ينتهِ تماما.
رغبة في التهدئةويرى العناني أن هذه الخطوة تعكس رغبة أميركية في تهدئة الأوضاع في المنطقة لتجنب الانخراط في صراعات جديدة مع تزايد انشغالها بملفات أخرى كالتوترات مع الصين وروسيا، كما ترتبط هذه التحركات كذلك -حسب رأيه- بالوضع الداخلي الأميركي مع اقتراب موسم انتخابي ساخن.
وأوضح أن هناك شعورا أميركيا بأن إسرائيل تعتزم توجيه ضربة إلى جنوب لبنان، لكن لم يُمارس أي ضغط حقيقي عليها حتى الآن، خاصة بعد فشلها في تحقيق أهداف عسكرية واضحة في غزة، في وقت تعتقد فيه إدارة جو بايدن أن الوضع لا يستدعي بقاء حاملات الطائرات في المنطقة.
ويذهب العناني إلى أن المفاوضات بشأن وقف التصعيد في قطاع غزة انتهت عمليا، مضيفا في هذا السياق أن أميركا حاولت خداع إيران بأن هناك جهودا دبلوماسية لوقف الحرب، مما دفع طهران إلى عدم القيام بردود قوية.
وربط أستاذا العلوم السياسية والعلاقات الدولية ذلك أيضا بمساعي واشنطن إلى إظهار التزامها بالتوصل لاتفاق بهدف تهدئة الداخل الأميركي ومغازلة كل من الجاليتين اليهودية والإسلامية في ظل اقتراب الانتخابات المقبلة.
بدوره، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أنه لابد من النظر إلى حجم القوة الأميركية الموجودة فعليا في المنطقة، حيث تتمركز قوات ضخمة تتبع للأسطولين الخامس والسادس، مضيفا أن حاملة الطائرات "إبراهام" التي لا تزال موجودة في المنطقة تحمل 90 طائرة و2480 طيارا.
وأوضح الدويري أن الوجود العسكري الأميركي لا يزال قويا، حيث لها أكثر من 60 قاعدة عسكرية في المنطقة ومئات الطائرات، مما يمثل القوة الضاربة التي ترسل رسائل ردع واضحة، مؤكدا في الوقت ذاته انخفاض التوترات في المنطقة مع بقاء احتمال الضربة الإيرانية، حتى وإن كانت محدودة.
رسالة إلى إسرائيللكنه مع ذلك يرى أن سحب حاملات الطائرات الأميركية يحمل رسالة إلى إسرائيل بضرورة الالتزام بسقف التصعيد وعدم التوجه نحو معركة مفتوحة، مستبعدا بدوره التوجه نحو حرب برية في جنوبي لبنان نظرا لقدرة حزب الله على إطلاق أكثر من 30 ألف صاروخ يغطي كافة فلسطين المحتلة.
ويعيد الدويري التأكيد على أن القوة الأميركية الرادعة لا تزال موجودة، "لكنها تعززت خلال فترة وجود حاملات الطائرات"، في وقت يظل فيه السؤال عن حجم الضربة الإيرانية المحتملة وما إذا كانت ستكون ردا حقيقيا أم مجرد محاولة لرد الاعتبار.
أما الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين فيرى أن حديث رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي عن نيته تقديم استقالته وما سبق ذلك من استقالات مسؤولين تُظهر أنه لا توجد نوايا حقيقية لتوسيع الجبهة الشمالية، وأن المسألة كلها تتعلق بالثمن الذي قد تدفعه إسرائيل.
ويؤكد جبارين أن أمن إسرائيل مرتبط كلياً بالدعم الأميركي وبمدى الحدود التي تضعها واشنطن لدعمها، لكنه لا يرى علاقة بين سحب واشنطن حاملات طائراتها والتطورات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى وإيقاف الحرب على قطاع غزة.
وأوضح جبارين أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل معقدة وتبادلية، ولا يمكن الفصل فيها، لافتا إلى أن إسرائيل أظهرت أنه إذا كان هناك تهديد لأمنها الداخلي ستجد واشنطن وحلفاءها على أهبة الاستعداد للدفاع عنها، وهو ما تم إثباته يوم 14 أبريل/نيسان الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حاملات الطائرات فی المنطقة أنه لا إلى أن
إقرأ أيضاً:
بين الطمأنينة والتحدي| ترامب يعلّق على مستقبل العلاقات مع الصين.. تفاصيل
أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله بمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، مشيرا إلى أنه لا يرى سببا للقلق من احتمالية حدوث توترات جديدة بين البلدين، ومؤكدا أن واشنطن مستعدة للتعامل مع مختلف السيناريوهات.
وقال ترامب خلال لقائه نظيره الأرجنتيني خافيير ميلي في البيت الأبيض: "لدينا علاقات عادلة مع الصين، لكنها تمر أحيانا باختبار.. وأعتقد أن الأمور ستكون على ما يرام، لكن إن لم يحدث ذلك، فلا بأس".
وأوضح ترامب أن العلاقات بين واشنطن وبكين تشهد أحيانا بعض التحديات، إلا أنه لا يتوقع أن تصل هذه التوترات إلى مستوى الأزمة، مؤكدا أن الولايات المتحدة حريصة على استمرار قنوات التعاون المفتوحة مع الصين رغم الخلافات التجارية والسياسية القائمة.
ويأتي هذا التصريح بعد أيام من تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي أدلى بها يوم الأحد الماضي، علق خلالها على التوترات التجارية المتصاعدة بين البلدين، حيث قال إن واشنطن لا تسعى إلى الإضرار ببكين بل إلى مساعدتها، مشددا على أن العلاقات بين الجانبين ستبقى مستقرة، وأن "كل شيء سيكون على ما يرام".
وتأتي تصريحات ترامب في ظل تصاعد حدة التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، إذ تبادل الجانبان فرض قيود جديدة على الصادرات والاستثمارات، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدا جديدا في الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين.
وقد شملت القيود الأخيرة التي فرضتها الصين إجراءات على بعض المنتجات التكنولوجية الأمريكية، في ظل مخاوف متبادلة تتعلق بالأمن القومي، حيث تتهم كل من الدولتين الأخرى بمحاولة استخدام التكنولوجيا لأغراض غير اقتصادية.
في المقابل، تسعى الإدارة الأمريكية الحالية إلى دفع الصين نحو فتح أسواقها بشكل أوسع أمام الشركات الأمريكية وتقليص العجز التجاري الكبير بين البلدين، بينما تتهم بكين واشنطن بما وصفته بـ"التسييس المستمر للعلاقات الاقتصادية"، وفقا لتقرير نشرته قناة روسيا اليوم.
وخلال لقائه الرئيس الأرجنتيني، كرر ترامب تصريحاته السابقة قائلا: "لدينا علاقات عادلة مع الصين، لكنها تمر باختبار أحيانا... وأعتقد أن الأمور ستكون على ما يرام، لكن إن لم يحدث ذلك، فلا بأس".
كما جدد تأكيده على أن الولايات المتحدة لا ترغب في الإضرار بالصين أو الدخول في صراع تجاري طويل الأمد، بل تسعى إلى إيجاد توازن في العلاقات الاقتصادية يضمن مصالح الطرفين.
والجدير بالذكر، أن تتزامن هذه التصريحات مع مرحلة دقيقة في العلاقات بين واشنطن وبكين، التي تشهد تشابكا معقدا بين المصالح الاقتصادية والتنافس الجيوسياسي، في وقت يراقب فيه المجتمع الدولي تطورات هذه العلاقة التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي.