هنا القدس.. إذاعة أطلقها الانتداب من فندق لمواجهة كراهية العرب
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
إذاعة "هنا القدس" هي ثاني محطة إذاعية ظهرت في الوطن العربي بعد إذاعة القاهرة. أسسها الانتداب البريطاني عام 1936، وكانت تبث بـ3 لغات، وهي العربية والإنجليزية والعبرية، رغم أن هذه الأخيرة لم تكن دارجة في فلسطين.
الموقع والتأسيسجرى نقاش مطول بين المندوب السامي البريطاني على فلسطين "آرثر واكهوب" ومدير البريد العام "المستر هدسون"، واستمرت المباحثات بينهما سنتين، لافتتاح محطة إذاعية في القدس.
وبعد ذلك تأسست إذاعة "هنا القدس" عام 1936م، وانطلق بثها باللغات العربية والإنجليزية والعبرية في الفترة (1936-1948)، وبدعم ومساعدة فنية من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
كان موقع محطة الإذاعة في فندق "بالاس" في القدس، ثم انتقلت إلى قصر ملكة الحبشة عام 1939 في شارع الأنبياء.
وبعد حرب النكبة عام 1948 انتقلت للبث من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وبني قربها مقر دائم للشرطة.
من أهم الأسباب التي دعت حكومة الانتداب إلى تأسيس إذاعة "هنا القدس" شعورها بكراهية العرب لها، كما أرادت صرف الجماهير الفلسطينية والعربية عن المطالبة بإيقاف بيع الأراضي ومنع الهجرة اليهودية، والحفاظ على عروبة فلسطين.
كما هدف الانتداب من خلالها إلى إعاقة الجهود العربية للدفاع عن فلسطين، وإظهار اليهود "شعبا متحضرا"، والترويج لاعتباره "جزءا من المنطقة"، وتطبيق سياسة "فرّق تسد" في صفوف الفلسطينيين.
وادعى هدسون وواكهوب -في كلمتيهما بمناسبة إطلاق الإذاعة- أنها ليست لها صلة بالسياسة، وأن الهدف الرئيسي منها هو "نشر الثقافة العامة والمعرفة"، وبث الموسيقى الشرقية والغربية، وكذا توعية المزارعين وإفادتهم.
وتناولت محطةَ "هنا القدس" كثيرٌ من الدراسات والتحليلات والكتب، وأكدت أن هدفها لم يكن خدمة الفلسطينيين والعرب، بل الترويج لرواية الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية وخدمة مصالحهما.
كما هاجمت الصحف العربية في القدس تلك الإذاعة لأنها كانت تبث باللغة العبرية، واستقال منها خليل السكاكيني بسبب ما كان يطلق عليه المذيع باللغة العبرية "أرض إسرائيل" بدلا من فلسطين وكلمة "أورشليم" بدلا من القدس.
انطلق عمل إذاعة "هنا القدس" في نهاية مارس/آذار 1936 ببرامج ترفيهية وموسيقية وإخبارية.
إعلانكان العاملون العرب في تلك الإذاعة يخضعون لرقابة شديدة. وكانت تبث في ساعات الصباح آيات مختارة من القرآن الكريم يتلوها مقرئ من المسجد الأقصى، ومن أشهر البرامج الثقافيّة التي كانت تذاع فيها برنامج "الأحاديث الأدبيّة"، الذي كان يقدّمه إبراهيم طوقان.
وفي عام 1942 توسعت الإذاعة وبدأت تبث على موجتين بدلا من موجة واحدة، فتبث على الأولى بالإنجليزية والعربية، وعلى الأخرى بالإنجليزية والعبرية. كما بثت الإذاعة نشرات أخبار قصيرة بلغات أخرى منها الفرنسية والألمانية والتركية والبولندية.
شهدت الإذاعة توترا وصراعا بين فريقي العمل العربي والعبري، فحين تعاطف الفريق العربي مع الثورة ضد الاحتلال البريطاني والهجرة اليهودية، كان فريق العمل العبري يروج للحركة الصهيونية وينادي "هنا أرض إسرائيل" بدلا من "هنا القدس"، وهو ما أثار احتكاكات بين الجانبين.
موظفو الإذاعةعمل الإنجليز على تعيين موظفين لكل قسم ممن يجيدون اللغة الإنجليزية ولم يحتكوا بالسياسة، لكن الموظفين لم يستجيبوا لأغراض الانتداب البريطاني، فكانت المحطة تبث روح الوعي لدى العرب وتنبههم على الأخطار المحدقة بهم من الإنجليز والحركة الصهيونية.
كان من أبرز العاملين في القسم العربي الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، الذي عمل مديرا للقسم، وكان له دور مهم في رسم "الخط الوطني" للإذاعة.
واتهمته الصحف الصادرة في عهد الانتداب بـ"معاداة السامية"، و"نشر البغضاء والكراهية"، فوضعته السلطات البريطانية تحت المراقبة، إلى أن أقالته من القسم العربي للإذاعة عام 1940، وعينت مكانه عجاج نويهض رئيسا للقسم العربي.
وقد تولى نويهض هذه المسؤولية في الفترة (1940-1944) بعد أن اشترط على الحكومة البريطانيّة عدم التدخل في عمل القسم.
وبعده تولى عزمي النشاشيبي -الحاصل على دبلوم في الصحافة والعلوم السياسية من جامعة لندن عام 1930- إدارة القسم العربيّ في الفترة (1944–1948)، وهو أوّل من أدخل في برامج إذاعة "هنا القدس" نقل الاحتفالات الدينيّة على الهواء مباشرة من الأماكن المقدّسة الإسلاميّة والمسيحيّة.
وممن عملوا في المحطة الإذاعية أيضا المؤرّخ الفلسطيني عبد اللطيف الطيباوي، وكان يعد برنامج "أحاديث حول التاريخ الفلسطيني والعربي".
كما قاد الموسيقيّ السوري جميل عويس فرقة التخت الشرقي التي كانت تابعة للإذاعة، بينما عمل كلٌّ من واصف وتوفيق جوهرية عازفَين فيها.
وعمل أيضا في المحطة الشاعر والأديب الفلسطيني عبد الكريم الكرمي، والشاعرة والأديبة الفلسطينية أسماء طوبي، التي كانت تقدم برنامجا أسبوعيا موجها للنساء.
واكتسبت شخصيات أُخرى شهرتها من خلال العمل في إذاعة "هنا القدس"، مثل الكاتب المسرحي نصري الجوزي، والصحفية الفلسطينية من أصل تركي قدسية خورشيد التي قدّمت بدورها برامج موجَّهة إلى النساء والفتيات.
إغلاق إسرائيلي
منذ إنشائها وحتى انتقالها إلى رام الله، لم تسلم إذاعة "هنا القدس" من اعتداءات العصابات الصهيونية المسلحة.
إعلانفقد تعرّض مبنى الإذاعة ما بين عامي 1936 و1948 للقصف المتكرّر من المدفعيّة والدبّابات تحت حماية وحراسة قوّات الاحتلال البريطانيّ.
لذلك قرر مدير الإذاعة في ذلك الوقت عزمي النشاشيبي وضع خطة للطوارئ تبقيها في حالة بثّ متّصل حتى يتم تركيب أجهزة البث الجديدة في رام الله، مما أفشل خطط الحركة الصهيونيّة لإسكات صوت الإذاعة.
ومع أول فصول نكبة 1948 وإعلان قيام إسرائيل، احتلت القوّات الإسرائيلية مبنى الإذاعة في القدس واستمرت في البث من رام الله وأصبحت تسمى "إذاعة القدس العربيّة"، وكانت تعرف أيضا بـ"راديو رام الله".
لكن احتلال إسرائيل الضفة الغربية في 5 يونيو/حزيران 1967 أنهى بثّ الإذاعة ووضع نهاية لتجربتها ونشاطها الذي انطلق على أرض مدينة القدس في منتصف ثلاثينيات القرن الـ20.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات إبراهیم طوقان هنا القدس رام الله فی القدس بدلا من
إقرأ أيضاً:
إذاعة عبارات نابية ضد ترامب ونتنياهو في مطارات بأمريكا الشمالية جراء عملية قرصنة إلكترونية
(CNN)-- أذعيت عبارات تُشيد بحركة "حماس" وتهاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر أنظمة البث العام في 4 مطارات بأمريكا الشمالية، فيما فتحت السلطات تحقيقات في عمليات الاختراق المزعومة.
وتُظهر مقاطع فيديو نشرها ركاب على مواقع التواصل الاجتماعي التسجيلات غير المصرح بها التي شُغّلت في مطار هاريسبرج الدولي في بنسلفانيا، كما أُبلغ عن حوادث في مطار كيلونا الدولي ومطار فيكتوريا الدولي في كولومبيا البريطانية، بالإضافة إلى مطار وندسور الدولي في أونتاريو، وفقًا لوزارة النقل الكندية.
وتشيد التسجيلات والرسائل بـ"حماس"، وتنتقد، مستخدمةً عبارات نابية، إدارة ترامب ونتنياهو.
وتأتي هذه الاختراقات في الوقت الذي يواجه فيه قطاع السفر الجوي موجةً من الهجمات الإلكترونية التي تسببت في اضطراباتٍ في حركة المسافرين وشلّت حركة بعض أكبر مطارات العالم.