مسقط- العُمانية

أطلقت المدينة الطبية الجامعية وحدة زراعة النخاع ضمن مشروع المركز الوطني لعلاج أمراض الدم وزراعة النخاع، في خطوةٍ تُجسّد التقدّم المتسارع في المنظومة العلاجية المتخصصة بسلطنة عُمان، وترسّخ التوجّه الوطني نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الخدمات العلاجية الدقيقة، وتعزيز الأمن الصحي الوطني.

ويُعد المشروع أحد أهم المبادرات الصحية الاستراتيجية، لما يقدّمه من رعاية متكاملة لمرضى الدم والأورام، عبر توظيف أحدث التقنيات العالمية في مجالات زراعة النخاع، والعلاج الخلوي، والبحث العلمي التطبيقي، بما يعزز مكانة سلطنة عُمان كمركز إقليمي للتميّز الطبي والابتكار الصحي.

وتمثّل وحدة زراعة النخاع الجديدة نقلة نوعية في مجال الرعاية التخصصية الدقيقة، حيث ارتفعت الطاقة الاستيعابية من أربع غرف إلى 21 غرفة عزل علاجية معقّمة، جُهّزت وفق أعلى المعايير الدولية الخاصة بوحدات زراعة النخاع.

وتضم الوحدة أنظمة التحكم بالضغط الهوائي ومرشحات هواء عالية الكفاءة والتي تضمن بيئة نقية وآمنة للمرضى ذوي المناعة المنخفضة، إضافة إلى نظام تهوية مخصص للغرف المعقمة يمنع أي تسرّب للملوثات من الخارج. كما روعي في التصميم الهندسي تحقيق أعلى معايير مكافحة العدوى والسلامة الحيوية، من خلال إنشاء ممرات عزل محكمة ومرافق اتصال آمنة تسمح بالتواصل مع عائلات المرضى دون تعريضهم لمخاطر العدوى.

وتشمل الوحدة مرافق مهيأة للمرضى والمرافقين، تشمل غرف إقامة مريحة، ومناطق استشفاء متكاملة، ووحدة عناية متوسطة مزودة بتقنيات مراقبة عالية الحساسية، بما يضمن استمرارية الرعاية الدقيقة في كل مراحل العلاج.

وتُقدّم الوحدة منظومة علاجية شاملة تتجاوز حدود زراعة النخاع التقليدية، وتشمل علاج فئة واسعة من أمراض الدم الخبيثة والوراثية، مثل ابيضاض الدم (اللوكيميا)، والأورام اللمفاوية (الليمفوما)، والورم النقوي المتعدد (المايلوما)، إضافة إلى أمراض الدم الحميدة مثل الثلاسيميا الكبرى، وفقر الدم المنجلي، وفقر الدم اللاتنسجي، ونقص المناعة الأولي.

وتُتيح الوحدة إجراء جميع أنواع زراعة الخلايا الجذعية، بما في ذلك الزراعة الذاتية والزراعة من متبرع مطابق والزراعة من متبرع نصف مطابق مما يوفر حلولًا علاجية متقدمة للمرضى الذين يفتقرون لمتبرع متوافق تمامًا. كما تمتلك الوحدة القدرة على تطبيق العلاج بالخلايا التائية المعدّلة وراثيًّا والعلاج بالخلايا اللمفاوية المتبرعة، وهي من أحدث التقنيات العالمية في علاج الأورام الدموية والمناعية.

واعتمدت الوحدة نظام الدورة الدوائية المغلقة في نقلة نوعية تضمن سلامة المرضى وتقليل الأخطاء الدوائية. ويرتكز النظام على دمج خزائن صرف آلية ذكية وعربات إعطاء دواء متطورة متصلة إلكترونيًّا بنظام المعلومات بالمركز بحيث تُراقب عملية صرف الدواء وتتبعها منذ تخزينه حتى إعطائه للمريض. ويسهم النظام في تقليل التعرض للمواد الكيماوية من قِبل الكادر التمريضي، وتحسين كفاءة إدارة المخزون الدوائي، ويعزز من التحوّل الرقمي في بيئة الرعاية التخصصية.

وجهزت الوحدة بأحدث مضخات التسريب الذكية المزودة بمكتبات أدوية رقمية لضبط الجرعات بدقة متناهية، إضافة إلى أجهزة مراقبة العلامات الحيوية المتصلة إلكترونيًّا لتوفير رصد لحظي لحالة المريض من دون الحاجة للدخول المتكرر لغرف العزل، ما يحافظ على بيئة التعقيم المستمر.

وترافق تشغيل الوحدة مع برامج لتأهيل الكفاءات الطبية والتمريضية العُمانية في مجالات زراعة النخاع والعلاج الكيماوي والعلاج الخلوي، عبر تدريب متخصص وميداني داخل سلطنة عُمان وخارجها. ويأتي ذلك انسجامًا مع توجه المدينة الطبية الجامعية لتوطين المعرفة والتخصصات الدقيقة، وتطوير قدرات الكوادر الوطنية في مجالات البحث والابتكار الطبي، بما يضمن استدامة الخدمة وجودتها على المدى البعيد.

ويُنفَّذ مشروع المركز الوطني لعلاج أمراض الدم وزراعة النخاع على 3 مراحل متكاملة لضمان التشغيل الكامل للمركز بطاقة استيعابية تبلغ 170 سريرًا على خمسة أدوار.

وقد اكتملت المرحلة الأولى بافتتاح العيادات الخارجية ووحدة الرعاية النهارية، بينما تشمل المرحلة الثانية- التي تتضمن وحدة زراعة النخاع- إنشاء مختبر تصنيع الخلايا الجذعية والعلاج الخلوي، وهو الأول من نوعه في سلطنة عُمان ومنطقة الخليج العربي، ويمثّل قفزة نوعية في مجالات الأبحاث والتطبيقات العلاجية. كما يجري تنفيذ مشروعات نوعية داعمة، تشمل التحول الآلي في خدمات الصيدلة عبر روبوتات لتحضير العلاج الكيماوي وصرف الأدوية وتغليف "الجرعة الواحدة" برموز تتبع رقمية، تعزيزًا لمبدأ السلامة الدوائية وكفاءة الأداء.

ويُجسّد هذا الإنجاز رؤية المدينة الطبية الجامعية في بناء منظومة صحية وطنية متكاملة تجمع بين الرعاية المتقدمة، والتعليم والتدريب، والبحث والابتكار، وتعمل على تحويل المعرفة الطبية إلى قدرة وطنية مستدامة.

ويعكس هذا المشروع التزام المدينة الطبية الجامعية ببناء مدينة طبية ذكية ومستدامة توظف التقنيات الرقمية الحديثة وتُسهم في تعزيز جودة الحياة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: المدینة الطبیة الجامعیة أمراض الدم فی مجالات

إقرأ أيضاً:

في أبوظبي.. طفلة تستعيد قدرتها على الحركة بعد عدوى دماغية خطيرة

في لحظة تختزل شهوراً من الصبر والعلاج والعمل الجماعي استعادت طفلة تبلغ 11 عاماً قدرتها على الوقوف والحركة داخل ممرات مستشفى سلمى للتأهيل في أبوظبي.
خطوات أولى أشبه بعودة الضوء بعد عاصفة طويلة وجدت الطفلة نفسها فجأة خارج عالم اللعب والدراسة إلى سرير أبيض في جناح عناية مكثفة إثر عدوى دماغية خطيرة هددت حياتها وسلبتها القدرة على المشي والكلام والأكل.
رحلة التعافي بدأت حين وصلت حالتها إلى المستشفى محملة بتعقيدات طبية عديدة بعد عملية جراحية دقيقة شملت نزيفاً داخل البطينات الدماغية ونوبات صرعية وتشنجات ومشكلات في القلب والجهاز الهضمي كما يروي الدكتور أشرف البطل المدير السريري واستشاري طب الأطفال الذي وصف الحالة بأنها من الأكثر تحدياً وتتطلب تعاوناً بين عدة تخصصات لضمان استقرارها ثم دعم تعافيها تدريجياً.
ومع بدء برنامجها التأهيلي أخذت اختصاصية العلاج الطبيعي فينوس بوكوي كويرانت تقيس بصبر قدرة الطفلة على التحكم بالجذع واستعادة توازنها قبل الانتقال إلى الحركة داخل السرير ثم الوقوف باستخدام جهاز الدعم حيث تراكمت إنجازات صغيرة أعادت إليها ثقتها بنفسها ودفعتها خطوة بعد أخرى نحو المشي من جديد.
وفي الجانب اللغوي كانت محاولات التواصل الأولى تعتمد على الإشارات والوسائل غير اللفظية حسب ما توضح اختصاصية النطق واللغة سارانيا تشيروفالات التي ركزت على تحفيز مهارات الذاكرة والانتباه وتطوير استخدام العبارات القصيرة وصولاً إلى القدرة على صياغة جمل كاملة بما يعيد للطفلة حضورها الاجتماعي والتعليمي.
حتى تغذيتها شهدت تحولا لافتا إذ انتقلت من الاعتماد الكامل على الأنبوب إلى تناول الطعام فموياً عبر برنامج تدريجي لإزالة التحسس ما اعتبره الفريق إنجازاً مفصلياً يؤكد استعادة وظائفها الحيوية الأساسية.
ويصف الدكتور أشرف البطل حالة الطفلة بأنها من الحالات شديدة التعقيد إذ كان دخولها مصحوبًا بعدد من المضاعفات الحادة بعد العملية الجراحية. تطور حالة الطفلة شمل تحسين التحكم بالجذع وتعزيز التوازن واستعادة القدرة على الحركة المستقلة داخل السرير.
وقالت اختصاصية العلاج الطبيعي فينوس إن الإنجازات الصغيرة المتتالية بنت ثقة الطفلة بنفسها، إلى أن تمكنت في نهاية المطاف من الوقوف والمشي مستخدمة جهاز الدعم (الروليتر).
ووفرت جلسات علاج النطق واللغة تحفيزاً معرفياً مستمرًا، حيث بدأت الطفلة باستخدام وسائل غير لفظية للتواصل، قبل أن تتطور تدريجيًا إلى استخدام عبارات قصيرة ثم جمل كاملة.
واستخدم الفريق الوسائل البصرية والعلاج المعرفي التواصلي لتعزيز الذاكرة والانتباه وحل المشكلات، وهي مهارات أساسية للتواصل والاندماج الاجتماعي والتعليمي.
بهذا المسار الهادئ كتبت الطفلة فصلاً جديداً في قصة بدأت بلحظة خوف وانتهت بخطوات ثابتة على طريق التعافي لتحتفي «صحة»، التابعة ل «بيورهيلث» بقصتها الملهمة.

أخبار ذات صلة عبدالله بن زايد يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني شرطة دبي تطلق النسخة المطورة من خدمة الاستعلام عن التعاميم ومنع السفر المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: نقص الإمدادات الطبية وخدمات الرعاية الصحية في غزة مستمرة
  • في أبوظبي.. طفلة تستعيد قدرتها على الحركة بعد عدوى دماغية خطيرة
  • صور| الفرق الطبية بهيئة الرعاية الصحية بالأقصر توفر الخدمات الصحية للناخبين باللجان
  • ‫التهاب الأذن الوسطى الحاد لدى الأطفال.. الأعراض والعلاج
  • بين الغبار والحصار.. مرضى القرنية بغزة يبحثون عن نور يعيد أبصارهم
  • اقتصادية قناة السويس توقّع عقد إنشاء مشروع صيني جديد لتصنيع منسوجات الألياف الدقيقة
  • وحدة جراحة الوجه والفكين بمستشفى سوهاج الجامعي تستقبل ٩٦٠٠ مريض وتجري ١٢٠٠ عملية جراحية على مدار عام ٢٠٢٥
  • بالصور.. متطوعون يشاركون في زراعة الأشجار بكورنيش الدمام
  • التعليم العالي تحدد آخر موعد للمنح الجامعية
  • متى يستلزم الأرق استشارة الطبيب؟ تعرف على الأسباب والعلاج الفعّال