من الفائز باستطلاعات الرأي بعد المناظرة.. هاريس أم ترامب؟
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
نشرت صحيفة "البيريوديكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن المناظرة الأخيرة التي جمعت بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، والتي أثارت تساؤلات حول الطرف الذي حقق الأداء الأفضل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من الصعب معرفة مدى تأثير المناظرات على الرأي العام فور انتهائها حيث تستغرق الاستطلاعات بضعة أيام لجمع الآراء من عينة كبيرة بما فيه الكفاية ومعالجتها وتفسيرها (حاليا تم تقليل الوقت إلى ثلاثة أيام).
في هذا السياق، أجرت صحيفة "واشنطن بوست" تجربة كانت لها أهمية على المستوى الوطني: فقد سألت عينة تتكون من 25 ناخبا من ولايات حاسمة لا ينتمون لأي حزب ولم يقرروا لمن سيصوتون في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، وتمّت متابعة ردود أفعالهم على المناظرة في الوقت الحقيقي. من وجهة نظر الأغلبية، كان أداء هاريس أفضل، بغض النظر عن نواياهم فيما يتعلق بالتصويت. تم إجراء هذا الاستطلاع بدعم من جامعة جورج ماسون واعتمد على اختيار عينة بناء على قائمة واسعة من الأسئلة لضمان حياد المشاركين في الاستطلاع.
قبل المناظرة، لم يعرب أي من المشاركين الخمسة والعشرين عن تفضيل قوي لأي من المرشحين. وأعرب 12 فقط عن تفضيل طفيف للمرشحة الديمقراطية، قائلين إنهم سيصوتون "على الأرجح" لكامالا هاريس". وأبدى 10 آخرون نفس الميل للتصويت "على الأرجح" لترامب، بينما قال 3 إنهم لم يقرروا بعد. وبعد المناظرة، انتقل 5 أشخاص من "ربما هاريس" إلى "هاريس بالتأكيد"، بينما انتقل بعض المترددين من "لا تفضيل لديهم" إلى "ربما هاريس"، حيث بلغ العدد 10 من جملة 25. من جانب ترامب، تمسك 6 بـ "ربما ترامب"، دون أن ينتقل أحد إلى "ترامب بالتأكيد". بينما بقي الثلاثة الآخرون بدون تفضيل.
ملل من ترامب
أشار المشاركون في الاستطلاع إلى مشاعر الإرهاق من تكرار ترامب لخطابه نفسه "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، مع خطاب مناهض للهجرة ومناهض للإجهاض، واستمراره في التأكيد على أنه لم يخسر بالفعل انتخابات 2020 أمام جو بايدن، و وفي الوقت نفسه نأى بنفسه عن الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/يناير والذي شجع هو نفسه أنصاره على القيام به.
وقال أحد المشاركين، الذي يدعى آرون ويبلغ من العمر 30 سنة، من ولاية بنسلفانيا: "لا أعتقد أن ترامب كان في أفضل حالاته: لقد كان غير متماسك كثيرا : "كان من الأفضل لو حافظ على هدوئه وبذل جهدا أكثر للرد على الأسئلة". على الرغم من ذلك، ما زال يحتفظ بتفضيله لترامب عند التصويت في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر.
شكوك بشأن كامالا هاريس
لم تكن كل الأمور لصالح كامالا هاريس أيضًا. بعض الناخبين، حتى أولئك الذين كان لديهم ميل معين تجاهها، واجهوا مشكلة في تحديد السياسات التي تعتزم المرشحة الديمقراطية تنفيذها. وقالت ميليسا، البالغة من العمر 40 سنة، من ولاية نيفادا، التي لا تزال تعتقد أن أداء هاريس أفضل من ترامب: "أخشى أن هاريس تفتقر إلى قناعات واضحة". من جانب آخر، عبّر آخرون عن رضاهم بشأن دقة حديثها. قال إدوين، من جورجيا: "لقد ذكرت تغييرات وخططا سياسية محددة، مثل تحديد سقف لسعر الأنسولين، تبدو سياساتها ملموسة وواعدة".
بشكل عام، كانت هاريس الطرف الذي قدم الأفضل بالنسبة للأغلبية العظمى، بفضل استعدادها الجيد مقارنة بنقص انضباط ترامب. وأشار جيسون، الذي يبلغ من العمر 40 سنة، من ولاية ويسكونسن إلى أن "ترامب كان في موقف دفاعي، بينما تمسكت هاريس بنقاطها، وكانت متماسكة، وبصراحة، أكثر احترافية مما رأيتها من قبل. وأضاف قائلا، على الرغم من أنه من المحتمل أن يصوت لصالح ترامب: فإنه لا ينكر أن "ترامب أضاع الكثير من الفرص".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية هاريس ترامب الاستطلاعات امريكا ترامب هاريس الفائز الاستطلاعات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کامالا هاریس
إقرأ أيضاً:
«لِنَتَسِعْ بَعْضُنَا بَعْضًا… ونُعَلِّم قلوبنا فنّ احترام الرأي الآخر»
في كل مجتمع حيّ، يظل الاختلاف علامة صحة لا علامة خلاف، ودليل نضج لا دليل صدام. فالآراء المتعددة مثل الألوان، لا يكتمل الجمال إلا بتجاورها، ولا تكتمل الصورة إلا بتكاملها.
ومع ذلك، لا تزال بعض العقول – للأسف – تنظر إلى الرأي المخالف على أنه غزوٌ لفكرتها، أو تهديدٌ لهيبتها، أو مساسٌ بمكانتها، بينما الحقيقة أن الاختلاف لا يجرح إلا القلب الضيق، ولا يزعج إلا العقل المغلق، أما الصدور الواسعة فتتعامل مع التنوع باعتباره غنى للفكر ومساحة للتعلم.
إننا اليوم في حاجة إلى أن ننقل ثقافة احترام الاختلاف من كونها شعارات مثالية، إلى كونها ممارسة يومية في بيوتنا، ومساجدنا، ومؤسساتنا، ومدارسنا، ووسائل إعلامنا. لأن المجتمعات لا تُبنى بالاتفاق الكامل، وإنما تُبنى بإدارة الاختلاف إدارة راقية.
■ القرآن الكريم… مدرسة الاحترام قبل الحوار
حين نفتح كتاب الله تعالى، نجد قيمة احترام الرأي والحوار الحضاري راسخة منذ أول يوم.
يقول سبحانه وتعالى:
﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
لم يقل: "جادلهم بالعنف"، ولم يقل: "بالغلظة"، بل قال: بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ… أي بأفضل وأرقى ما يمكن.
وهذا دليل عظيم على أن الحوار لا بد أن يكون قائمًا على الأدب قبل الفكرة، وعلى الهدوء قبل الحدة، وعلى الفهم قبل الرد. فكيف إذا كان القرآن يأمرنا بذلك مع المخالف في العقيدة؟ فكيف بمن يخالفنا في الرأي داخل الوطن الواحد والبيت الواحد؟
والله سبحانه يعلّمنا كذلك أدب الاختلاف في قوله:
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾،
وهذا إقرار صريح بحق الآخرين في عرض ما لديهم، وحقنا في مناقشته دون تسفيه أو تجريح.
■ السنّة النبوية… قمة الأخلاق في إدارة الاختلاف
لقد قدّم النبي ﷺ نموذجًا راقيًا في احترام الرأي حتى مع أصحابه وهم في قمة الخلاف.
ولنا في موقفه يوم غزوة بدر خير شاهد، حين قال للصحابة:
"أشيروا عليّ أيها الناس"،
فأخذ برأي الحباب بن المنذر، وهو رأيٌ عسكري يخالف رأي النبي الأول، ومع ذلك قبله النبي بكل صدر رحب.
هذا هو الأدب النبوي… وهذا هو احترام العقول.
وفي حديث آخر قال ﷺ:
«رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى»،
والسماحة خلق لا يولد إلا من صدر واسع يقبل الآخر ولا يتضايق من اختلافه.
بل إن النبي ﷺ علّمنا ألا نُقصي المخالف ما دام لا يخالف الثوابت، فقال:
«إنما بُعثتم مُيسرين ولم تُبعثوا مُعسرين».
■ أدب الاختلاف… مسؤولية مجتمع كامل
إن احترام الرأي الآخر ليس وظيفة المثقفين وحدهم، ولا واجب الدعاة وحدهم، بل هو مسؤولية مجتمع بأكمله.
فالأب في بيته حين يفرض رأيه بالقوة يخسر الحوار مع أبنائه، والمعلم حين يسخر من رأي تلميذه يخسر احترامه، والمسؤول حين يضيق بالنقد يخسر ثقة الناس.
والحقيقة أن قوتنا لا تُبنى من خلال الصوت الأعلى، بل من خلال القدرة على الاستماع، ولا من خلال الإقصاء، بل من خلال الاحتواء.
فنحن أمة جعلها الله أمة وسطًا، والوسطية ليست رأيًا واحدًا جامدًا، بل فضاء واسع يتسع للجميع.
■ لماذا نخاف من الاختلاف؟
نخاف لأننا لم نتربَّ على ثقافة السؤال.
نخاف لأننا نتصور أن اختلاف الآخر يعني ضعف موقفنا.
نخاف لأننا نخلط بين الرأي والفكرة… وبين الشخص والفكرة.
بينما الحقيقة أن الفكرة التي لا تتحمل النقد هي فكرة لم تُبنَ جيدًا من البداية.
إن المجتمعات التي تتسع قلوب أفرادها للآراء المختلفة هي المجتمعات التي تطور نفسها، وتتعلم من بعضها، وتبني جسورًا لا جدرانًا.
■ فلنتسع لبعضنا… ولنربِّي في قلوبنا أدب الاختلاف
علينا أن نؤمن بأن الاستماع للآخر لا يعني التراجع، وأن قبول اختلافه لا يعني التنازل، وأن احترام رأيه لا يعني الانسحاب.
بل يعني أننا نملك وعيًا وإيمانًا بأن الحقيقة أكبر منّا جميعًا.
وفي الختام…
إن احترام الرأي الآخر ليس مجرد خُلق، بل هو مشروع حضاري يعيد للمجتمع توازنه، وللإنسان قيمته، وللنقاش روحه.
فدعونا نتسع لبعضنا، ونسمع لبعضنا، ونقترب من بعضنا…
فالوطن لا يبنيه رأي واحد… وإنما تبنيه قلوب تتسع للجميع.