في يوم أمس، صدرت بيانات التضخم الأمريكية التي كانت تحت المجهر من قِبَل المحللين والمستثمرين على حد سواء. هذه البيانات تُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية التي ترصدها الأسواق العالمية عن كثب، حيث تساهم بشكل كبير في تحديد سياسات البنك الاحتياطي الفيدرالي وتوجهاته المستقبلية فيما يخص أسعار الفائدة.

خلفية حول بيانات التضخم الأمريكية

في السنوات الأخيرة، كانت معدلات التضخم في الولايات المتحدة تتجه نحو مستويات مرتفعة بشكل ملحوظ، متجاوزة هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.

كان هذا الارتفاع ناتجًا عن عدة عوامل، منها التحفيز المالي الضخم الذي تبع جائحة كوفيد-19، واضطرابات سلاسل التوريد، والارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات. نتيجة لذلك، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي مسارًا متشددًا ورفع أسعار الفائدة عدة مرات لمحاولة كبح التضخم المتصاعد.

التراجع الأخير في معدلات التضخم.. الأسباب والتداعيات

تظهر بيانات التضخم الأخيرة أن التضخم قد تراجع بشكل ملحوظ. فقد انخفض مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) السنوي إلى 2.5%، بعد أن كان في الأشهر السابقة عند مستويات تقارب 2.9%. يأتي هذا التراجع في ظل تشديد السياسة النقدية من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي، الذي رفع أسعار الفائدة بشكل متتالٍ لتقليل الطلب والسيطرة على الأسعار.

السبب الرئيسي لهذا التراجع يعود إلى انخفاض أسعار الطاقة والغذاء، فضلاً عن تباطؤ الطلب العام نتيجة ارتفاع تكاليف الاقتراض. وبالإضافة إلى ذلك، بدأت سلاسل التوريد العالمية في التحسن بشكل تدريجي، مما ساعد على تقليل الضغط التضخمي.

ضعف سوق العمل الأمريكي.. تأثيرات أسعار الفائدة المرتفعة

لكن في الوقت نفسه، لا تزال هناك علامات ضعف في الاقتصاد الأمريكي، خاصة في سوق العمل. أظهرت البيانات الأخيرة أن سوق العمل بدأ يتأثر سلبًا بارتفاع أسعار الفائدة. فقد انخفضت معدلات التوظيف وزادت طلبات إعانات البطالة، مما يشير إلى أن الشركات أصبحت أكثر تحفظًا في التوظيف والتوسع.

هذا الضعف في سوق العمل يعزز التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في تخفيف سياسته النقدية قريبًا، خاصة مع اقتراب موعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في 18 سبتمبر.

توقعات رد فعل الاحتياطي الفيدرالي في الاجتماع القادم

في الاجتماع القادم، من المتوقع أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي عن خفض محتمل لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. هذا الخفض المتوقع يأتي كاستجابة مباشرة للتراجع في معدلات التضخم والضعف المتزايد في سوق العمل. يرى العديد من المحللين أن الاحتياطي الفيدرالي قد يفضل هذا النهج الحذر لتجنب إحداث صدمة في الأسواق المالية، وفي الوقت نفسه لدعم النمو الاقتصادي دون السماح بارتفاع التضخم مرة أخرى.

ومع ذلك، يبقى الأمر معلقًا على البيانات الاقتصادية القادمة قبل الاجتماع، حيث سيتابع الفيدرالي عن كثب أي تطورات جديدة قد تؤثر على قراره النهائي.

تأثير بيانات التضخم على الأسواق المالية الأمريكية

بالنسبة لأسواق الأسهم الأمريكية، فإن بيانات التضخم الأخيرة لها تأثير مزدوج. من جهة، يعد تراجع التضخم خبرًا جيدًا، حيث يعني أن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يضطر إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات التشددية. وهذا يمكن أن يعزز ثقة المستثمرين ويحفز نشاط الأسواق.

لكن من جهة أخرى، فإن أي إشارة إلى تباطؤ الاقتصاد أو ضعف سوق العمل قد تثير المخاوف من احتمالية دخول الاقتصاد في حالة ركود.وهذا يمكن أن يؤدي إلى تقلبات في الأسواق، حيث يحاول المستثمرون التكيف مع السيناريوهات المحتملة المختلفة.

الخلاصة.. منظور أسواق الأسهم الأمريكية

في الوقت الحالي، يبدو أن الأسواق الأمريكية تتأرجح بين التفاؤل الحذر والمخاوف من المستقبل. من المتوقع أن يكون لقرار الاحتياطي الفيدرالي القادم تأثير كبير على اتجاه السوق في الأشهر المقبلة. إذا قرر الفيدرالي خفض الفائدة، فقد نرى انتعاشًا في أسواق الأسهم، ولكن إذا أظهر إشارات على قلقه من التضخم المستقبلي أو تباطؤ النمو، فقد يستمر التقلب والشكوك في السيطرة على الأسواق.

في النهاية، تعتمد كل العيون الآن على اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقبل وما سيأتي به من قرارات، في ظل البيانات الاقتصادية الأخيرة التي تقدم مزيجًا من الإيجابيات والسلبيات للمستثمرين والمتداولين في أسواق الأسهم الأمريكية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الاحتیاطی الفیدرالی بیانات التضخم أسعار الفائدة سوق العمل

إقرأ أيضاً:

الذهب يرتفع بفعل توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة الأمريكية

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس، بعدما عززت التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط الإقبال على أصول الملاذ الآمن، في وقت دعمت فيه بيانات التضخم الأميركية توقعات خفض الفدرالي الأميركي لمعدلات الفائدة.

وصعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% إلى 3364.10 دولارًا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 00:17 بتوقيت غرينتش. كما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 1.2% لتصل إلى 3384.40 دولارًا.

وتراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.1%، مما جعل المعدن النفيس المقوّم به أقل تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة.

وجاء صعود الذهب وسط تزايد إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن، في ظل حالة الضبابية الجيوسياسية التي أثارتها تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أشار فيها إلى نيّة إجلاء مواطنين أميركيين من الشرق الأوسط بسبب "المخاطر المتزايدة".

وأظهرت البيانات ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.1% في مايو، وهي نسبة أقل من التوقعات التي رجّحت زيادة بنسبة 0.2%.

ويتوقّع المتعاملون خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بحلول نهاية العام. كما يترقّب المستثمرون صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة عند الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش، بحثًا عن مؤشرات إضافية بشأن توجهات المركزي الأميركي قبيل اجتماعه المقرر يومي 17 و18 يونيو وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى:

ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% إلى 36.32 دولارًا للأوقية،

وزاد البلاتين بنسبة 0.8% إلى 1265.32 دولارًا، مواصلًا التحليق قرب أعلى مستوياته في أكثر من أربع سنوات،

في حين تراجع البلاديوم بنسبة 1% إلى 1069.65 دولارًا.

طباعة شارك المعاملات في الولايات المتحدة يومي 17 و18 يونيو وبالنسبة وزاد البلاتين بنسبة 08 1 إلى 106965 دولارًا

مقالات مشابهة

  • ترامب يصف رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بـالأحمق
  • عاجل. ترامب: مستوى الفائدة يجب أن ينخفض ولن أقيل رئيس الاحتياطي الفيدرالي
  • الذهب يرتفع بفعل توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة الأمريكية
  • الدولار يتراجع بعد بيانات التضخم وترقب لتخفيض أسعار الفائدة الأمريكية
  • هل تُـنـقِـذ حاشية في وثيقة الاحتياطي الفيدرالي؟
  • استقرار بورصة "وول ستريت" في الافتتاح بعد إعلان بيانات التضخم
  • ترامب يطالب “الفيدرالي” الأمريكي بخفض الفائدة بنسبة 1%
  • ارتفاع طفيف للأسهم الأوروبية قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية
  • الذهب يواصل الصعود بدعم المحادثات التجارية وترقب بيانات التضخم
  • هدوء أسعار الذهب محليًا وسط ترقب بيانات التضخم الأمريكية