سودانايل:
2025-10-12@20:04:15 GMT

حماية السيادة الوطنية في ميثاق الأمم المتحدة

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

د. فيصل عبدالرحمن علي طه
ftaha39@gmail.com

لقد وفّر ميثاق الأمم المتحدة الحماية للسكسوفيادة الوطنية في فقرتين: الفقرة 4 من المادة 2 ، والفقرة 7 من نفس المادة. وسنتناول فيما يلي هاتين الفقرتين بالتفصيل والتعليق.

(1)

تقضي الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة بأن يمتنعَ أعضاءُ الهيئة في علاقاتهم الدولية عن التهديدِ باستعمال القوّة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلالِ السياسي لأي دولةٍ أو على أية وجهٍ آخرَ لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.

يمثل هذا الحكم حجر الزاوية في نظام الميثاق. تُستثنى من حظر استخدام القوة الاجراءاتُ القمعية التي يتخذها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق وكذلك ممارسة حق الدفاع عن النفس في إطار الضوابط المنصوص عليها في المادة 51 من الميثاق. وتحظر المادة 53 على التنظيمات والوكالات الاقليمية القيام بأي عمل من أعمال القمع بدون إذنٍ من مجلس الأمن.

(2)

بالرغم مما تقدم، لم تَحمِ الفقرة 4 من المادة 2 سيادة العراق من غزو تحالف (الراغبين) في 20 مارس 2003 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدون تفويض من مجلس الأمن. وكان من بين مبررات ذلك الغزو استمرارُ العراق في امتلاك وتصنيع أسلحة الدمار الشامل. كما لم تحمِ الفقرة 4 من المادة 2 سيادة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية في مارس 1999 عندما شن حلف شمال الاطلسي غارات جوية على صربيا بدون تفويض من مجلس الأمن بدعوى الحؤول دون وقوع كارثة إنسانية في إقليم كوسوفو.

(3)

كما نوقشت هجمات منظمة حلف شمال الاطلسي على كوسوفو بدون ترخيص من مجلسِ الأمن باعتباره الهيئة المخولة استعمال القوة بموجب القانون الدولي، في اجتماع مجلس الأمن في 24 مارس 1999. في هذا الصدد قال مندوب الاتحاد الروسي إن الاستخدام الانفرادي للقوة ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية ذات السيادة لا يرتكز على الميثاق ولا على أية قواعد معترف بها في القانون الدولي. ووصف مندوب الصين مسألة كوسوفو بأنها داخلية ويجب أن تتم تسويتها على أساس احترام سيادة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية وسلامتها الاقليمية.

(4)

وأما موقف دول حلف شمال الاطلسي فقد عبّر عنه – ضمن آخرين - مندوبُ هولندا بقوله: (( إنه كان من الأفضل الاستناد إلى قرارٍ محددٍ من مجلس الأمن. وإذا لم يكن بالإمكان إتخاذ قرار مثل هذا بسبب التفسير المُتصلِّب لمفهوم الاختصاص الداخلي من قبل عضوٍ أو عضوين في المجلس، فإننا لا يمكن أن نبقى صامتين ونسمح ببساطة بوقوع كارثة إنسانية. ففي هذه الحالة سوف نتصرف على الأساس القانوني المتاح، والأساس المتاح في هذه الحالة أكثر من كافٍ.))

(5)
لاحقاً بتاريخ 15 يونيو 1999 (القرار 1244) قرر مجلس الأمن بموافقة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، نشر وجود مدني وأمني دوليين في كوسوفو تحت رعاية الأمم المتحدة. وقد اعتبر البعض هذا بمثابة تصديق بأثر رجعي على الاجراء الذي قام به حلفُ شمال الاطلسي. وقد امتنعت الصين عن التصويت على القرار حتى لا يُفَسَّر ذلك بأنه اضفاء للشرعية على استخدام حلف الأطلسي للقوة في كوسوفو.

(6)
وأما الفقرة 7 من المادة 2 من الميثاق فإنها تقضي بأن من المبادئ التي تعمل الأمم المتحدة وأعضاؤها وفقاً لها، عدم التدخلِ في المسائل المتعلقة بالاختصاص الداخلي للدول. غير أن هذا القيد لا ينطبق عندما يتخذ مجلس الأمن إجراءاتٍ قمعيةٍ بموجب الفصل السابع من الميثاق.

(7)

وإذا كان الغرض من الفقرة 7 من المادة 2 حماية السيادة الوطنية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فمن الجليِّ أنها لم تعد تحقق ذلك في العلاقات الدولية وفي القانون الدولي. وكانت محكمة العدل الدولية الدائمة قد ذكرت في العام 1923م في قضية مراسيم الجنسية في تونس والمغرب أن مسألة ما إذا كان موضوعاً معيناً يقع في الاختصاص الداخلي أم لا مسألة نسبية وتتوقف على تطور العلاقات الدولية.

(8)

ولقد حدثت تطورات كثيرة قلَّصت النطاق الداخلي للدول لأن معظم صراعات اليوم تدور داخل دول وليس بين دول.

كما إن مجلس الأمن قد توسَّع في تفسير مفهوم «تهديد السلام» المنصوص عليه في المادة 39 من الميثاق وتدخَّل المجلس في مسائل كانت تعتبر من صميم الاختصاص الداخلي للدول. وفي البيان الذي أصدره مجلس الأمن في 21 يناير 1992 عندما انعقد على مستوى القمة، ذُكر أن غياب الحروب والنزاعات العسكرية بين الدول لا يعني بالضرورة استتباب السِلم والأمن. وذُكر في البيان كذلك أن المصادر غير العسكرية باتت تشكل تهديداً فِعلياً للسلم والأمن الدوليين، وأن تلك المصادر تتمثل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والبيئية.

(9)

إن التطوُّر في مجال قانون حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي قد انعكس بشكل واضح على تكييف مجلس الأمن للحروب والصراعات الداخلية كمهددات للسلم والأمن الدوليين. إذ أصبحت الأزمات الانسانية وعمليات التشريد الجماعي للسكان تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. وورد في تقرير الأمم المتحدة للعام 1994 أنه في السياق المتغير لعالم اليوم، فإن الأمن لم يعد قاصراً على مسائل السلاح والأرض، بل أصبح يشمل الرفاهية الاقتصادية والاستدامة البيئية وحماية حقوق الانسان.

وسوف نتناول في مقال لاحق معضلة التوفيق بين التدخل الإنساني ومبدأ السيادة الوطنية.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفقرة 4 من المادة 2 الأمم المتحدة من مجلس الأمن شمال الاطلسی من المیثاق لم والأمن

إقرأ أيضاً:

مجلس السيادة السوداني يزف بشرى للسودانيين

أكد الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة السوداني الانتقالي، إن الحكومة حققت تقدمًا كبيرًا في إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات الأساسية في ولاية الخرطوم، بعد الدمار الواسع الذي خلفته ميليشيا الدعم السريع.

 

السودان.. الفيضانات تتسبب في إجلاء أكثر من 500 أسرة شمال الخرطوم لعنة السد الإثيوبى تجتاح السودان

وأوضح أن أبرز هذه الإنجازات تمثلت في إعادة تشغيل جميع محطات المياه النيلية التي يبلغ عددها 13 محطة بعد أن كانت شبه مدمّرة بالكامل، باستثناء محطة المنارة التي ظلت تعمل خلال فترة الحرب، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى من الإصلاح شملت تشغيل المحطات بمولدات كهربائية مؤقتة، فيما تم لاحقًا توصيلها بالكهرباء العامة بعد إتمام عمليات الصيانة الشاملة للمحركات والمولدات.

وأضاف الفريق جابر، في لقاء خاص على شاشة قناة القاهرة الإخبارية، أجراه مراسلنا محمد إبراهيم ، أن نسبة الإمداد المائي في الولاية بلغت الآن نحو 97 إلى 98%، وهو ما يعكس حجم الجهد المبذول لإعادة الحياة إلى العاصمة.

وأشار إلى أن قطاع الصحة شهد كذلك تحسنًا كبيرًا، حيث تمت إعادة تأهيل 34 مستشفى حكوميًا في ولاية الخرطوم تقدم خدماتها للمواطنين، إلى جانب عودة المستشفيات الخاصة تدريجيًا إلى العمل.

ولفت إلى أنه تم إصلاح المجمعات والمخازن الطبية التي تعرضت للدمار والنهب، واستعادة ما يقارب 70% من مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية، ما ساعد في مواجهة موجات الأمراض الموسمية خلال فصل الخريف.

وأكد عضو مجلس السيادة أن قطاع الكهرباء يحقق بدوره تقدمًا يوميًا، حيث تمت إنارة معظم مناطق أم درمان وبحري، وصولًا إلى مناطق شمبات شمالًا، وامتدادًا إلى العلفون جنوب الخرطوم، مع استمرار العمل في إصلاح المحطات التحويلية الرئيسية في وسط العاصمة.

وأضاف أن الكهرباء وصلت بالفعل إلى كل المرافق الاستراتيجية مثل المستشفيات ومحطات المياه ومراكز الخدمات العامة، وجارٍ استكمال التوصيل إلى الأحياء السكنية تباعًا.

وشدد على أن ما تحقق من إنجازات يمثل دليلًا عمليًا على عودة الحياة تدريجيًا إلى العاصمة واستعادة قدرتها على الصمود وتقديم الخدمات لمواطنيها.

https://youtube.com/shorts/aslXZ-lLaKI?si=EotFXTUUfUyiTkWI

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية لبنان يوجه بتقديم شكوى عاجلة لمجلس الأمن والأمم المتحدة ضد الاعتداءات الإسرائيلية
  • لجنة التحقق من الأموال المجمدة تبحث في نيويورك دعم البحرين والصين لملف الأرصدة الليبية
  • لجنة برلمانية تبحث في نيويورك آليات حماية وتنمية «الأصول المجمدة بالخارج»
  • مجلس السيادة السوداني يزف بشرى للسودانيين
  • بعد مقتـ ل21 شخصا.. الأمم المتحدة تحث أمريكا على ضبط النفس مع تصاعد التوتر مع فنزويلا
  • الأمم المتحدة تحذر: نحو 4 ملايين نازح بمنطقة الساحل
  • برلين ولندن وباريس تدعو مجلس الأمن إلى "دعم" خطة غزة
  • الإمارات: مكافحة الإرهاب تتطلب نهجاً شاملاً يجمع بين الأمن والتنمية وحقوق الإنسان
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يضيء على حماية المعلومات ذات القيمة الوطنية
  • رددت كلمة تحيا مصر.. النائب محمد أبو العينين يكشف كواليس مقابلته مع الرئيس السيسي في الأمم المتحدة