الثورة / متابعات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ناصر جنده المخلصين المتقين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، وقائد الغُرّ المحجلين، وعلى آله وصحبه الطيبين، وأصحابه الميامين وعلى المجاهدين والمرابطين إلى يوم الدين، وبعد:
أخي الحبيب / سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يُسعدني أن أكتب لكم هذه الرسالة في ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن نخوض سوياً معركة طوفان الأقصى المباركة، التي جاءت لتوجه ضربة قويةً للمشروع الصهيوني في المنطقة بشكل عام، وفي فلسطين على وجه الخصوص، ولنكتب بها أولى صفحات وعد الله المقدس بتحرير فلسطين تطبيقاً لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾
ويسعدني أن أشكركم على العاطفة الصادقة، والمشاعر الفياضة والإرادة الصلبة التي رأيناها منكم في معركة طوفان الأقصى، سواء في ميدان المقاومة، أو فيما ترسله لنا من مخاطبات وما تحمله وفودكم الكريمة من رسائل.


أخي العزيز/ سماحة السيد عبد الملك
لقد استيقظت فلسطين اليوم، على خبر تدشينكم المرحلة الخامسة من مراحل مشاركتكم في معركة طوفان الأقصى، وإنني بهذا الصدد أبارك لكم نجاحكم بوصول صواريخكم إلى عمق كيان العدو، متجاوزة كل طبقات ومنظومات الدفاع والاعتراض، ولتعيد وَهَجَ معركة طوفان الأقصى وتأثيرها على قلب “تل أبيب” من جديد.
لقد اعتقد العدو الصهيوني بأن حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها ضد شعبنا الفلسطيني، وخطوات الاحتواء والتحييد لجبهات المقاومة، التي تشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، ستجعله ينتصر في معركته النازية ضد شعبنا الفلسطيني، فجاءته عمليتكم النوعية صباح أمس لترسل للعدو رسالة عنوانها أن خطط الاحتواء والتحييد قد فشلت وأن تأثير جبهات الإسناد بدأ يأخذ منحى أكثر فعالية، وأعظم تأثيراً على طريق حسم المعركة لصالح شعوبنا الأبية الحُرّة.
وإنني بهذا الصدد أرسل تحياتي لقيادة اليمن الشقيق، وقيادة أنصار الله، ولأبطال الجيش اليمني العزيز الذين أبدعوا في تطوير قدراتهم العسكرية حتى وصلت إلى عمق الكيان الغاصب، كما أُبرق بالتحية للشعب اليمني العظيم، الذي ما فتئ عبر تاريخه عن نصرة شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، ولا تزال ميادين اليمن العزيز تشهد على ذلك أسبوعياً منذ بدأت معركة طوفان الأقصى.
أخي العزيز
يعيش شعبنا في قطاع غزة بين حالتين حالة الألم والمعاناة الشديدة جراء العدوان النازي والإبادة الجماعية والحصار والتجويع وهو ما يتطلب من كل أبناء الأمة اسناده والوقوف معه، وحالة المقاومة الباسلة التي تقودها كتائب القسام التي خاضت هجوم 7 أكتوبر باقتدار قل نظيره، وخاضت معركة دفاعية على مدار عام كامل أرهقت العدو وأثخنت فيه، وإنني بهذا الصدد أطمئنكم بأن المقاومة بخير، وأنّ ما يعلنه العدو محض أكاذيب وحرب نفسية، وإننا قد أعددنا أنفسنا لخوض معركة استنزاف طويلة تكسر إرادة العدو السياسية، كما كسر طوفان الأقصى إرادته العسكرية وإنّ تضافر جهودنا معكم ومع إخواننا في المقاومة الباسلة في لبنان، والمقاومة الإسلامية في العراق سيكسر هذا العدو وسيُلحق به الهزيمة على طريق دحره عن أرضنا بإذن الله ﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾.
أخوكم
يحيى السنوار
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب

 

 

 

أحمد الفقيه العجيلي

 

تبدو المفارقة في المشهد العربي اليوم لافتة: فبعض الأنظمة تبدو أكثر تشددًا تجاه حركات المقاومة مما هي عليه القوى الكبرى نفسها. ولا يرتبط الأمر بخلاف سياسي محدود؛ بل بتراكم تاريخي وتعقيدات تتداخل فيها هواجس الأمن الداخلي، وتحولات الإقليم، ومحاولات إعادة بناء الأولويات بعيدًا عن القضية الفلسطينية.

حركات المقاومة- وفي مقدمتها حماس- تمثل نموذجًا حساسًا لدى عدد من الأنظمة. فهي قوى شعبية تمتلك خطابًا مؤثرًا، وحضورًا ميدانيًا متماسكًا، وقدرة على الاستمرار رغم الظروف القاسية.

هذا النموذج يُثير مخاوف متوارثة من انتقال "عدوى القوة الشعبية" إلى الداخل، كما حدث حين ألهبت ثورات الخمسينيات مشاعر الشعوب العربية، أو عندما فجّرت انتفاضة 1987 موجة تعاطف وضغط شعبي هزّت المنطقة بأكملها. لذلك تصبح هذه الحركات هدفًا مزدوجًا: تُحارَب من الاحتلال لأنه يراها خصمًا مباشرًا، وتتحفظ عليها بعض الأنظمة لأنها تمثل نمطًا لا ترغب في رؤيته يتكرر.

الأحداث الأخيرة كشفت هذه المعادلة بوضوح؛ فبعد طرح "خطة ترامب"، التي تكشف عن ثغرة قاتلة: غياب الضمانات الحقيقية لوقف الخروقات الإسرائيلية. هذه الخطة لم تُبنَ على أساس موازين قوى متكافئة أو حقوق ثابتة؛ بل اعتمدت في جوهرها على أجندة أمريكية- إسرائيلية تهدف إلى تصفية المقاومة ونزع سلاحها أولًا، دون إلزام الاحتلال بضوابط ردع فعالة لوقف الاستيطان أو الاغتيالات أو التعدي على المقدسات.

وبالتالي تجعل تركيزها كله على مطالبة المقاومة بالتنازل، دون وضع آليات عقابية لإلزام الطرف الإسرائيلي.

والأدهى، أن دور الوسطاء العرب والدوليين يظل في الغالب ضعيفًا وغير فعّال عند وقوع الخروقات الإسرائيلية الكبرى؛ فبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي لفرض عقوبة على العدو، تقتصر ردود فعلهم غالبًا على بيانات حذرة أو متابعة للمشهد، ما يضعهم في موقع "المراقب" بدلًا من "الضامن الفعّال". هذا الضعف في آليات الضمان يرسخ الانطباع بأن أي تسوية تُطرح، هي بالأساس إطار قابل للتلاعب من قبل الاحتلال، يتيح له استخدام الوقت لصالحه للمزيد من القضم والتمدد.

التاريخ القريب يدل على أن أي تسوية لا تنطلق من الإرادة الفلسطينية تتحول إلى إطار قابل للتلاعب. حدث ذلك في كامب ديفيد، وفي أوسلو، ويتكرر اليوم مع خطة ترامب. فالاحتلال يملك القدرة على إعادة تفسير البنود واستخدام الوقت لصالحه، بينما تكتفي الأطراف العربية المعنية بمتابعة المشهد أكثر مما تُسهم في تشكيله.

ويبقى السؤال: هل يمكن لمثل هذه الخطط أن تنجح؟ التجربة تشير إلى أن نجاحها يتطلب قبولًا فلسطينيًا واسعًا، وهو ما لم يتحقق، خصوصًا أن الخطة بُنيت على منطق أحادي يجعل "الحل" أقرب إلى إعادة ترتيب الاحتلال بلغة سياسية ناعمة. وهكذا تبقى المقاومة- رغم اختلاف تقييم أدائها- الطرف الوحيد الذي يتحرك على قاعدة الفعل لا البيانات.

بحسب ما أتابعه من قراءات وتحليلات، فإن فرص نجاح أي خطة لا تُلزم الاحتلال بقواعد واضحة وتضمن الحد الأدنى من الحقوق، ستظل ضعيفة. فالخطة التي تستند على الضغط على المقاومة دون ردع الاحتلال، تشبه محاولة بناء بيتٍ على أرض رخوة؛ أول هبّة ريح تكشف هشاشته.

ولعل العدو يدرك- قبل غيره- أن كسر حماس ليس سهلًا؛ فالمقاومة التي صمدت تحت الحصار، وتحت النار، وتحت كل حملات التشويه، ليست مجرد تنظيم؛ إنها حالة وعي تشكّلت عبر عقود من الجراح والأمل. وهذا ما يجعل بعض الأنظمة أكثر حذرًا… وربما أكثر عداءً.

في الجوهر، الموقف المتشدد تجاه المقاومة لا يرتبط بقيم سياسية بقدر ما يرتبط برغبة عدد من الأنظمة في طيّ صفحة الصراع، أو على الأقل تحييده عن حساباتها الجديدة. لكن وجود مقاومة فاعلة يعيد تذكير الجميع بأن الملف لم يُغلق، وأن أي ترتيب لا يأخذ حقوق الفلسطينيين بجدية لن يعيش طويلًا.

لهذا تبدو المفارقة مفهومة: تُنتقد المقاومة لأنها ترفض التكيف مع المعادلات الجديدة، ولأن استمرارها يربك خطاب “الاستقرار بأي ثمن”. أما الاحتلال، فاعتاد أن يجد من يخفف عنه عبء الانتقاد، حتى وهو يمضي في خروقاته يومًا بعد يوم.

ولذلك، كلما اشتد الهجوم على حماس… ازددتُ يقينًا أن ما يؤلم خصومها ليس فعلها، بل ثباتها.

وما يزعجهم ليس قوتها، بل قدرتها على النجاة. وما يخيفهم ليس خطابها؛ بل الأمل الذي تبقيه حيًا في قلوب الناس.

هذه الصورة ليست تحليلًا سياسيًا بقدر ما هي قراءة واقعية لمشهد يتكرر عبر العقود: حين يتراجع الصوت الرسمي، تظل القوى الشعبية- مهما اختلفت التقديرات حولها- هي الكف التي تمنع سقوط القضية بالكامل.

في النهاية.. يظل الثابت أن من يحمل البندقية ومن يرفض الانحناء هو الأكثر استهدافًا. أما من يفاوض بلا أوراق قوة، أو يساير الرياح حيثما هبّت، فلن يكون موضع قلق لأي أحد.

مقالات مشابهة

  • السيد القائد.. حكمةٌ وصمودٌ يوقظ أُمَّـة من غيبوبتها
  • لقاء في الشاهل بحجة يناقش جوانب التحشيد لدورات “طوفان الأقصى”
  • مسير ومناورة لخريجي دورات” طوفان الأقصى” في حرض بحجة
  • "حماس": تهديد بن غفير بإزالة قبر الشيخ عز الدين القسام تعدٍ على الحرمات وانتهاك للمقدسات
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: مقاومة العدو الاسرائيلي حق أصيل وخيار وطني لابديل عنه
  • “لجان المقاومة في فلسطين”: الجبهة الشعبية شكّلت علامة مضيئة في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني
  • شهداء الحركة الرياضية .. الحلقة 379 (زين نصر)
  • أمة الأرق.. دراسة: كيف أثر طوفان الأقصى على نوم الإسرائليين؟
  • المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب