سارة النحاس تكتب: الهوية الوطنية المصرية أساس الاستقرار والانتماء الاجتماعي
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
الهوية الوطنية المصرية تُعتبر حجر الزاوية في بناء المجتمع المصري والحفاظ على تماسكه عبر العصور، وتتجلى هذه الهوية في شعور المصريين بالانتماء والولاء لوطنهم، وتجعل من الفرد جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع، ما يُعزز دوره الفاعل في نهضة وتقدم البلاد لتحقيق التنمية المستدامة والمسير نحو تحقيق أهداف الدولة، والهوية الوطنية تجعل المواطن مدركًا للشئون والتحديات الصعبة التي تواجه الدولة، وتحثه على إيجاد حلول لحماية مقدرات البلاد وأمنها القومي، إذ أن هذا الانتماء لا يقتصر على المشاعر وترديد الشعارات فقط، بل يتجسد في المشارك ة السياسية والالتزام بالدستور، بهدف تحقيق الصالح العام واستقرار الدولة.
الدولة بدورها تعزز هذا الارتباط من خلال بناء بيئة عادلة تحترم الحريات الفردية، وتعمل على تهيئة الأجواء للأمن والأمان، وتقوم على التعليم كركيزة أساسية لتنشئة الأجيال القادمة، فالدولة المصرية في السنوات الأخيرة تولي اهتماما كبيرا بملف التعليم والبحث العلمي من خلال إعادة هيكلة المناهج التعليمية وإيجاد حلول فعالة وقوية لمشكلات زيادة الكثافة الطلابية ونقص أعداد المدرسين، والاهتمام أكثر بملف التعليم والتوجه نحو تعلم البرمجة بما يواكب متطلبات العصر ويهدف لخدمة الوطن، وذلك بالتوازي مع برامج تنموية تهدف إلى غرس قيم الانتماء والشراكة المجتمعية، فالوطن للجميع دون استثناء، والمشاركة في النقاشات الوطنية وصياغة الاستراتيجيات العامة واجب وطني، يعزز من المسؤولية الجماعية لتحقيق أمن واستقرار البلاد.
من ناحية أخرى، تلعب الهوية الرقمية دورًا متزايدًا في حياة الأجيال الجديدة، حيث تمثل التكنولوجيا غزوًا للشعوب والأجيال الصاعدة لما لها من تأثير كبير على العقول، حيث يُحاول أن يستغلها البعض لتتفوق على الهوية الوطنية، ما يشكل تهديدًا على الأصالة والانتماء، يقضي الفرد وقتًا طويلًا في العوالم الافتراضية التي تقدم ثقافات مستوردة تُغري البعض بالتخلي عن هويتهم الأصلية، وهذا التأثير الممنهج يساهم في إضعاف القيم الوطنية ويعزز من ثقافة الفردية التي تتجاهل المصالح العامة.
في هذا السياق، تلعب الأسرة دورًا محوريًا في غرس القيم الوطنية، من خلال تعزيز الولاء والانتماء للوطن، وتربية الأبناء على حب الوطن والتضحية من أجله، إذ تعتبر الأسرة أساس التنشئة والفكر الذي يربو عليه الطفل في مراحله الأولى، كما يجب على المؤسسات التربوية والتعليمية أن تتضافر جهودها مع بقية المؤسسات المجتمعية لتعزيز هذه الهوية، وذلك من خلال تناول القضايا المعاصرة والمتغيرات العالمية بالدراسة والتحليل، وتوجيه الشباب نحو القيم النبيلة التي تشكل دعامة الهوية الوطنية.
الحفاظ على الهوية الوطنية المصرية يتطلب وعيًا جماعيًا وجهودًا متواصلة لتربية الأجيال القادمة على قيم الانتماء، مع تعزيز القدرة على التكيف وفهم الثقافات الأخرى دون التخلي عن القيم الوطنية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الهوية الوطنية حب الوطن الوطن القيم الوطنية الحريات الحريات الفردية الهویة الوطنیة من خلال
إقرأ أيضاً:
السلام والتعايش في سوريا سبيل الاستقرار
تعيش سوريا مرحلة انتقالية معقدة تتشابك فيها امتدادات أزمات الماضي مع مشكلات الحاضر، وتتنوع المعضلات من السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية وإعادة الإعمار وحتى الحفاظ على كيان الدولة السورية، بتنوعاتها الوطنية، لكن رغم كل هذه التعقيدات، فإن إمكانية بناء مستقبل مستقر عنوانه الحوار والتعايش والسلام ممكن، مع عدم إعطاء الذرائع للتدخلات الخارجية في البلاد، خاصة في تغيير الجوانب الجغرافية والديموغرافية السورية.
إن الحوار بداية الطريق لتحقيق التعايش والسلام في سوريا، بشرط استيعاب كل الأطياف، والتشارك في صياغة رؤية مشتركة لمستقبل البلاد قائمة على العدالة والمساواة والتعددية وسيادة القانون، ولإفراز الحوار نتائج جيدة على الجميع طي صفحات الماضي، بالتوازي مع تأسيس آليات لـ”العدالة الانتقالية”، لضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات والجرائم بحق المواطنين وتعويض الضحايا، بما يضمن الانتقال السلمي والاستقرار في سوريا على المدى الطويل، فلا يمكن لمجتمع متنوع جغرافيًّا ودينيًّا تحقيق الاستقرار إلا بتوافق وطني يضمن تداول السلطة، والحفاظ على مؤسسات الدولة، واتخاذ خطوات عملية لترميم الثقة بين جوانب البلاد.
وتعالج المصالحة الوطنية آثار النزاع بين الأطراف المختلفة في المجتمع، حتى تعود الثقة بين المواطنين والدولة ومكونات المجتمع ككل، وحينها ننظر إلى الأمام وبناء المستقبل، خاصة أن الحرب في سوريا خلفت في السنوات الماضية عشرات الآلاف من الانتهاكات والجرائم، وحال الظن أن المصالحة الوطنية كافية دون عدالة انتقالية، فإن هذه الحالة تتجاهل محاسبة مرتكبي الجرائم، وتضعف الثقة في الدولة ومؤسساتها.
وسوريا ليست الوحيدة المارّة بالانتقال السياسي، فالدول مرت بتجارب مختلفة نتيجة صراعات طائفية أو عرقية أو الانتقال السياسي بعد سقوط أنظمة سياسية، ومع تحديات سوريا، إذ يعيش المواطن السوري ظروفًا صعبة نتيجة لتداعيات الحرب واضطرابات وتوترات الحاضر، على كل فئات المجتمع احترام التنوع، وربما تحويله إلى قوة دافعة لتعزيز الأمن وتسوية النزاعات بالطرق السلمية وإرساء السلام دون الإقصاء، أو تصور أن فئة يمكنها التحكم في كل شيء، وبالعكس ينبغي على الكل إدراك أن الوطن هو إرادة مشتركة ورغبة في العيش المشترك وصهر للانتماءات الفرعية في الوطن الكبير.
إن البديل عن السلام هو العنف والصراع، ومقتضيات السلم الأهلي تتطلب نبذ الكراهية والوعي بأهمية التعايش المشترك، وتغليب الصالح العام على الخاص، ولا يجوز إلغاء الآخر، فالاختلاف والتعدد أمر واقع، وإبراز قيم العيش المشترك أولوية في السلم الاجتماعي، وحفظ الاستقرار والأمان حتى مع وجود اختلافات في الدين أو المعتقد أو الرأي أو الثقافة، لكن على اعتبار أساسي هو رفض كُل أشكال الاقتتال، والانصياع للقانون وسيادته على الكل أيًّا كان المنصب أو الطائفة أو العرق أو الدين.
ويؤسّس خطاب الكراهية والتعصب لانقسامات مجتمعية عميقة، وبالتالي احتمال اندلاع الصراعات والحرب الأهلية، وأي إدارة سياسية ترتكز على الحكمة يهمها العبور إلى بر الأمان دون فرقة، وعدم القبول بأي تجاوزات أو انتهاكات تضعف الانتماء للوطن، أو تخلق مدخلًا للنزعات الانفصالية، ويمكن للدول فرض سيادتها على كامل أراضيها، لكن ليست كل الوسائل المتاحة عنيفة، وبالإمكان توفير البيئة الآمنة لتمكين الناس من إدارة شؤون حياتهم دون مخاوف، وضمان سيادة القانون والمساواة بين الناس حتى يثق كل أفراد الشعب بالقانون وسلطات القانون، ومشاركة كل أطياف الشعب في العملية السياسية.
وفي أعقاب الصراعات المسلحة، تتأزم مراحل الانتقال السياسي خاصة إذا ترافقت مع الحاجة إلى إعادة بناء مؤسسات داخلية، وإدارة تهديدات خارجية معقدة، وإذا ارتكز النهج على المرونة مع الخارج، دون عملية حوارية تشاركية في الداخل، فإن المآلات قد لا يُحمد عقباها، ولو أرادات الإدارة السورية التقدم تجاه التوافق والتعايش والسلام في البلاد، فإن عليها فتح المجال أمام حوارٍ وطنيٍّ لا يستثني أحدًا، وفتح المشاركة السياسية للجميع، وسيادة القانون في البلاد، وإنشاء آليات للعدالة الانتقالية تُتيح معالجة مظالم الماضي بشكل بناء.
إن انخراط كل المكونات السورية في مشروع وطني يتجاوز الانتماءات الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية السبيل لإرساء الأمن والاستقرار لانطلاق سوريا إلى التنمية والازدهار، عبر المشاركة المجتمعية في بناء المؤسسات وصياغة السياسات، وحماية حقوق الأقليات من الحق في الوجود والهوية والمساواة أمام القانون حتى التمثيل العادل في المؤسّسات، ومنع تحوّل الانقسامات إلى سياسة دائمة، وتفادي الاستقطاب، ويمكن ترسيخ هذه القيم في دستور يقوم على أسس التعايش والسلام في الدولة الجديدة، مع وضوح مسار عملية الانتقال وعدم ترك الباب مفتوحًا وممتدًّا حسبما تحددها الظروف.