هل تستخدم إسرائيل سلاح التعطيش ضد المقدسيين إذا اتّسعت رقعة الحرب؟
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
القدس المحتلة- "إن الوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي بطريقة مأمونة وبأسعار ميسورة وكافية هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ويُعدّ ذلك مسألة ضرورية لاستدامة سبل عيش سليمة والحفاظ على كرامة الناس، ويلزم القانون الدولي لحقوق الإنسان الدول بالعمل على تحقيق الوصول الشامل إلى المياه للجميع دون أي تمييز مع إعطاء الأولوية للأشخاص الأشد حاجة إليها".
يمكن لزائر الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة أن يطّلع على هذا النص تحت بند "المفوضية السامية لحقوق الإنسان والحق في المياه وخدمات الصرف الصحي"، لكن المقدسيين -خاصة أولئك الذين يسكنون في أحياء وبلدات القدس الواقعة خلف الجدار العازل– حُرموا من مياه الشرب بقوة الاحتلال خلال الحرب على غزة، ويخشى هؤلاء من إمكانية رفع سلاح التعطيش في وجوههم إذا اتسعت رقعة الحرب لتشملهم، على غرار ما تعمد الاحتلال فعله في غزة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أبرز 10 مجازر إسرائيلية بغزة بعد عام من طوفان الأقصىlist 2 of 2عام من العدوان على غزة.. تدمير وتجويع وتهجيرend of listوعند الحديث عن أزمة المياه في الضفة الغربية بشكل عام، فلا بدّ من التطرق إلى الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه الجانب الفلسطيني أثناء مفاوضات اتفاقيات أوسلو -التي وقعت عام 1993- وذلك بتأجيله المياه إلى قضايا الحل النهائي.
اعترفت إسرائيل بالحقوق المائية للفلسطينيين خلال المفاوضات، لكنها لم تلتزم بما ورد في الاتفاقيات، وتجاوزتها بشكل يستنزف المياه الفلسطينية ويهدد الخزان الجوفي بالنضوب أو عدم صلاحية مياهه للاستهلاك لجميع الأغراض.
وتفرض إسرائيل حصارا مائيا على التجمعات السكانية الفلسطينية وترفض زيادة كمية المياه اللازمة للقرى والمدن، الأمر الذي يؤدي إلى انقطاع المياه عن المواطنين لفترات طويلة خاصة في فصل الصيف.
ولعل تقليص حصص المياه للبلدات والأحياء المقدسية خلف الجدار العازل كان أحد أكثر السيناريوهات قتامة خلال الحرب التي تطوي صفحة عامها الأول، وبهذه المناسبة سألت الجزيرة نت خليل أبو الريش رئيس بلدية العيزرية، التي عزلها الجدار عن المدينة، عن هذه الأزمة، فقال إن 70% من المياه تصلهم من شركة "جيحون" الإسرائيلية، و30% من بئر موجودة في بلدة أبو ديس المجاورة، وفي شهر مارس/آذار المنصرم تم تقليص المياه الواصلة إلى العيزرية بواقع 800 كوب يوميا.
وأشار إلى أن سلطة المياه الفلسطينية تزودهم بالمياه، وفقا لعدد السكان المدرج في الإحصاء الفلسطيني، رغم أن البلدية تزود هذه الخدمة لضعف العدد نظرا لوجود فلسطينيين من داخل القدس لا يشملهم هذا الإحصاء، وبالتالي أصبح توفير المياه للمواطنين هو شغلهم الشاغل لأن ضخها ضعيف ولا يصل للمناطق المرتفعة.
وتطرق أبو الريش إلى شبكة المياه في المنطقة وقال إنها مهترئة إذ تم إنشاؤها في سبعينيات القرن الماضي، موضحا أن لديهم نسبة فاقد 42% وكل هذه المشكلات تؤدي لعدم وصول خدمة المياه للمواطن.
أما مديرة وحدة التخطيط والمشاريع في بلدية العيزرية أماني أبو زيّاد فأشارت إلى أن البلدية تزود المياه لنحو 50 ألف مواطن وأن كميات المياه التي تصلهم تكفي لـ24 ألف مواطن فقط، ومع ذلك تم تقليصها بدءا من العاشر من مارس/آذار الماضي.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت "كنا نحصل قبل هذا التاريخ على 3400 كوب (متر مكعب) يوميا، وتم تقليص هذه الحصة إلى 2600 كوب، وهذه الكمية لا تكفي خاصة أننا نزود المياه لمناطق لا تتبع للعيزرية، وإنما لبلدات أخرى، ويستهلكون 8% من حصتنا في المياه، ويضاف إليها التجمعات البدوية الثلاثة التي لا تدفع مقابل هذه الخدمة على اعتبار أن السلطة الفلسطينية تغطي ذلك، كما نزود المياه لمناطق أصبحت داخل الجدار العازل".
وختمت بالقول إن المشكلة لا تكمن في الشرب فقط بل حتى المشاريع البيئية والتنموية التي يتحدث العالم عن ضرورتها كالزراعة وغيرها بسبب التغير المناخي، لا يمكن التقدم باتجاهها، متسائلة: كيف يمكن إقناع مواطن بزراعة محيط منزله إذا لم تتوفر لديه مياه الشرب؟
بدوره قال زياد جفّال، مدير جمعية مياه أبو ديس، وهي بلدة مقدسية أخرجها الجدار عن القدس، إن البلدة كانت تحصل على 1600 كوب يوميا قبل تقليص هذه الكمية إلى ألف كوب تُجبر الجمعية على توزيعها على نحو 25 ألف نسمة.
وأضاف -في حديثه مع الجزيرة نت- أن الحاجة اليومية للبلدة من المياه تقدر بـ3500 كوب، لكن هذه الكمية لم تكن تصل حتى قبل اندلاع الحرب في ظل تحكم الاحتلال بهذه الخدمة الأساسية.
وعند سؤاله ما إذا كان المواطنون يخشون من رفع سلاح التعطيش في وجوههم إذا اتسعت رقعة الحرب لتشمل القدس، أكد مدير الجمعية أن "هذا الكابوس يلاحق المواطنين فعلا خاصة أنه في حال انقطاع الكهرباء مع اتساع رقعة الحرب فإن خدمة المياه ستتوقف بشكل تلقائي لعجز الجمعية حينها عن جلب المياه من البئر الرئيسية".
وأضاف "في بعض الأحيان تصلنا الكهرباء ضعيفة بشكل متعمد من الجانب الإسرائيلي فتتأثر القدرة التشغيلية وعملية ضخ المياه.. ورغم المخاوف التي تنتاب المواطنين فإنهم عاجزون حتى الآن عن تخزين المياه للمستقبل المجهول لأنهم عاجزون عن الحصول عليها الآن، ولا يملك معظمهم آبارا لتجميعها عند ضخها إلى مناطقهم".
ما زال سكان بلدة كفرعقب شمالي القدس المحتلة يعانون من انقطاع الماء، منذ أكثر من 3 أشهر، حيث اعترضوا ميدانيا وقضائيا عدة مرات، لتُجيب عليهم مؤخرا حكومة الاحتلال -على لسان وزير الطاقة- قائلا "إن على السلطة الفلسطينية إعداد بنية تحتية لاستيعاب كميّات مياه إضافية".
وكان الاحتلال وعد… pic.twitter.com/tSijUSpniK
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) September 22, 2024
ارتباط ضروريويؤكد رئيس لجنة أحياء القدس الشمالية منير زغيّر، أن المياه التي تصل حي كفر عقب الواقع خلف الجدار ترتبط بتلك التي تصل لمحافظة رام الله والبيرة، وأن تقليص حصة المقدسيين الذين يقطنون في هذا الحي بدأ خلال شهر مايو/أيار المنصرم.
وادّعت شركة "ميكوروت" الإسرائيلية أنها قلصت حصة المياه بنحو 50% لأن الأنابيب مهترئة ولا بد من تبديلها، مما أثّر على سير الحياة اليومية بشكل طبيعي لأكثر من 100 ألف مقدسي يعيشون في بنايات شُيد معظمها بشكل عمودي عشوائي.
ورغم أن تحسُنا بنسبة 20% طرأ على وصول خدمة المياه لهذا الحي فإن زغيّر أفصح -للجزيرة نت- عن خشية المقدسيين من السياسات الإسرائيلية العنصرية البشعة التي ستمارس بحقهم إذا تمددت ساحة الحرب لتشمل القدس.
"كافة أمور حياتنا مربوطة بإسرائيل، فنحن نحصل على الكهرباء والمياه والعلاج من خلالهم، وهناك محاولات تركيع دائمة لكن شعبنا لم يركع ولن يركع مستقبلا ولن يتأثر بانقطاع المياه وغيرها لأنه اعتاد على الصمود أمام كل الظروف" أضاف زغير.
ويخشى مقدسيون ممن يعيشون في الأحياء الواقعة خلف الجدار العازل من أن تقليص حصة المياه التي تزودها الشركات الإسرائيلية لهم هي خطوة باتجاه إخراج هذه المناطق من حدود بلدية القدس لتحقيق التفوق الديمغرافي لصالح اليهود في المدينة المقدسة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجدار العازل رقعة الحرب
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: نتنياهو سيغرق إسرائيل ثم يفر إلى ميامي
وصف الصحفي نحميا شتراسلر الوضع في إسرائيل بأنه مختل بطريقة خطط لها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل إثارة الكثير من الأحداث والتعليقات والاتهامات حتى لا يميز أحد بين الصواب والخطأ، والخير والشر، والفشل والنجاح.
ونصح الكاتب -في مقال له بصحيفة هآرتس- بعدم متابعة المواقع الإخبارية خلال النهار وإلا سيصاب المتابع بالدوار، لأنه سيتفاجأ بأحداث عام كامل في يوم واحد، حيث عملية الجيش الإسرائيلي الموسعة في غزة، ومقاطعات عالمية، ورحلات جوية ملغاة، وتعيينات غريبة، وتهديدات بإقالة النائب العام، ومقترحات قوانين مختلة، وتراجع في النمو.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2طفل غزي لتايمز: "الطعام الذي كانت أمي ستحضره لنا تضرج بدمائها"list 2 of 2صحف عالمية: نظام المساعدات بغزة غير إنساني وخطير جدا وإسرائيل في أزمةend of listوالهدف من كل هذا -حسب الكاتب- هو التلاعب بعقول الناس لتصبح مسؤولية نتنياهو عن المجزرة وفشل الحرب مبهمة وتتبدد، وقد كان قبل تكاثر الأحداث يثير ضجة إعلامية كل يومين لصرف انتباه الرأي العام عن بعض الأخبار غير المريحة.
وشبه شتراسلر نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يفعل الشيء نفسه مع العالم أجمع، وقال إنهما يشتركان في الكثير من الأمور، وكلاهما نرجسي وخبير في إثارة الجنون، ولكن ترامب هو الأكثر تقلبا في مواقفه لأن خططه لا تتجاوز دورة الأخبار التالية على قناة فوكس نيوز.
إعلانوقد يعلن ترامب في الصباح عن رسوم جمركية جديدة، ثم يلغيها بحلول المساء، وفي وقت الغداء ينهي الحرب في أوكرانيا ويتوصل إلى اتفاق في غزة، وعندما لا يتحقق أي من ذلك، يعلنه مرة أخرى دون تردد حتى إن مستشاره الملياردير إيلون ماسك لم يتحمل الأمر واستقال، حسب الكاتب.
نحو هزيمة إستراتيجيةأما نتنياهو -كما يقول الكاتب- فيغرق إسرائيل كل يوم في الكارثة أكثر، فبعد أن كنا نظن أن أسوأ ما يمكن أن نصل إليه هو هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والفشل في إدارة الحرب، وبقاء 58 محتجزا لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والانقسام بين مواطني البلاد، والاقتصاد المتعثر، هي أسوأ ما يمكن أن نصل إليه، اتضح الآن أنه يهدد وجودنا.
وبعد أن عدد الكاتب أخطاء نتنياهو في الماضي مع حماس وحزب الله وإيران، قال إنه يقود إسرائيل نحو هزيمة إستراتيجية، تتعزز خلالها مكانة حماس عالميا ويتداعى موقف إسرائيل لتتحول إلى دولة منبوذة.
وذكّر شتراسلر بأن نتنياهو كان بإمكانه إنهاء الحرب قبل بضعة أشهر، وإعادة جميع المحتجزين عندما وافقت مصر على قيادة قوة عربية لإدارة قطاع غزة بدلا من حماس، ولكنه يريد أن يغرقنا في رمال غزة المتحركة.
وبذلك يريد نتنياهو "نصرا شاملا" تمحى به مسؤوليته عن المجزرة وفشل الحرب، وقد أعاد الجيش إلى غزة، يقصف كل ما يتحرك هناك ليحمل إسرائيل مسؤولية قتل الأطفال.
والآن -يقول الكاتب- ها هي أوروبا التي دعمتنا لأشهر عديدة، تهدد بفرض عقوبات اقتصادية، ولكن نتنياهو لا يهمه إلا إلغاء محاكمته، ولسان حاله يقول "إذا أردتم سجني، فلن أذهب وحدي. سآخذكم معي. سأغرقكم في وحل غزة. سيكون ذلك انتقامي".
وخلص الكاتب إلى أن نتنياهو، بعد أن تغرق إسرائيل في ذلك الوحل ويفرض العالم عليها عقوبات خانقة، سيهرب إلى ميامي مع زوجته إلى ملجأ أعده له ابنه "الصهيوني الوطني"، ومن هناك سينظر إلى الوطن المحتضر ويضحك من سذاجتنا، خاصة أن زوجته سارة سُمعت تقول "سننتقل إلى الخارج. الوطن يمكن أن يحترق".
إعلان