هل أنا أحمق لهذه الدرجة.. لماذا نخاف من الخداع؟
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
صاغ ثلاثة علماء نفس تجريبيين مصطلحا جديدا هو "رهاب السُكّر" (شوغر فوبيا) عام 2007، وكان هدف العلماء كاثلين فوهس وروي بوميستر وجيسون تشين وصف الحالة التي يشعر بها الناس حين يتعرضون للخديعة، وأنه تم استغلالهم وامتصاصهم كما يمتص السكر.
قد يبدو الأمر مستهجنا للوهلة الأولى، ولكن مع البحث يتضح أن رهاب السكر ليس حقيقيا فحسب، بل وباء فعلي يصيب عددا كبيرا من البشر في مختلف أرجاء العالم، وتشير مترادفات كثيرة لوصف الحالة مثل الخديعة، الساذج، الأحمق، المخادع والمخدوع، الخاسر، والخائن إلى مدى تفشي هذا الأمر في المجتمعات أولا ومدى تأثيره النفسي والعقلي ثانيا.
على أرض الواقع فإن أثر التعرض للخديعة قد يستمر لسنوات طويلة على نفسية الأشخاص المخدوعين، ويدمر ثقتهم بأنفسهم أولا ثم بالناس والمجتمع المحيط بهم ثانيا، خصوصا مع السؤال الدائم الذي يطارد الشخص المخدوع: هل أنا أحمق لهذه الدرجة؟
وفي هذا السياق، تؤكد الكاتبة تيس ويلكسون رايان عبر صحيفة "غارديان" البريطانية أن "رهاب السكر" أكثر من مجرد الخوف من الوقوع في خدعة ما، ولكن هو الشعور بأنك "مبتذل وساذج"، وقالت إن الخوف من هذه المشاعر المدمرة وما يمكن أن تفعله في النفس هو الأهم.
وتضرب الكاتبة بعض الأمثلة البسيطة مثل أن تشتري شيئا عبر الإنترنت ثم تكتشف أن ما اشتريته ليس بالمواصفات التي تم عرضه بها، أو أن يكلف طعام العشاء في أحد المطاعم أكثر من التكلفة الحقيقية، أو أن تتورط بعلاقة هدفها الابتزاز، وغيرها من الحالات، وهناك عمليات امتصاص وخداع أكبر من الممكن أن تكلف عشرات آلاف الدولارات كما حدث مع روز شتاين.
اتخذت حياة روز شتاين منعطفا كارثيا في أبريل/نيسان 2022 حسب منصة "إيه إيه أربي"، وبدأ الأمر عندما قرأت منشورا صغيرا من 9 كلمات على منصة إنستغرام.
كانت روز (75 عاما) تعيش وحدها في إحدى ضواحي مدينة لوس أنجلوس الأميركية، وكانت معجبة بمذيع تلفزيوني مشهور، وعندما وجدت ملفه الشخصي على منصة إنستغرام قررت مراسلته، فبعثت له رسالة "لقد قمت بعمل رائع في برنامجك الأخير"، وبعد وقت قصير تلقت رسالة بدت كأنها من المذيع التلفزيوني "شكرا جزيلا لإعجابك ورسالتك اللطيفة".
وفي الرسالة التالية اقترح عليها الاتصال عبر سكايب، وذلك لمزيد من الخصوصية، ودار بينهما حديث ودي لم يدم طويلا بسبب انشغاله كما قال، لكن شتاين كانت تطير فرحا وسعادة.
تقول شتاين "في أحد الأيام كتب لي عبر سكايب قائلا: سأرسل لك هدية، وقلت: لا أريد شيئا، أنا سعيدة فقط بصداقتنا، ولكنه أصر قائلا: لا، عندما يكون لدي معجبون خاصون أريد أن أرسل لهم هدايا تعبر عن امتناني لهم".
لم تكن لديها أدنى فكرة عن "الهدية" التي أخبرها أنها قادمة من سويسرا، والتي ستصبح كابوسا يغير حياتها، بدأت شركة الشحن المفترضة تطلب منها دفع الرسوم والضرائب لمواصلة الشحن الدولي، وحثها "المذيع الشهير" على الدفع لأن أمواله "كانت مقيدة"، وأخيرا أخبرتها الشركة أنها اكتشفت أن العبوة تحتوي على نقود، وأنه سيتم اتهامها بغسل الأموال إذا لم تدفع 15 ألف دولار.
واستمرت الشركة في المطالبة بالمزيد من الأموال حتى بعد أن أخبرت الشركة أنه لم يتبق في رصيدها سوى 500 دولار لشراء الطعام ودفع فواتيرها.
أصبحت شتاين في حيرة من أمرها وخجلت من إخبار أي شخص "كنت أبكي كل يوم وأنا لا أعرف ما يجب القيام به، وأنا آخذ المال من تقاعدي ومدخراتي التي كنت أوفرها منذ سنوات"، وفي وقت ما فكرت بالانتحار "كنت سأقتل نفسي"، وحين وصلت إلى هذا المستوى من التفكير قادت سيارتها بسرعة وذهبت للمستشفى، فأخبرها الطبيب النفسي المناوب أنها تعرضت للخداع.
انتهى الأمر بشتاين بخسارة حوالي 70 ألف دولار للمخادع الذي انتحل شخصية المذيع المشهور، ومنذ ذلك الوقت وهي تعاني من ألم الخديعة المريرة التي عاشتها ولا يغادرها السؤال الأشد مرارة: هل كنت حمقاء لهذه الدرجة؟
الخسائر النفسية أشدووفق لجنة التجارة الفدرالية، خسر الأميركيون 8.8 مليارات دولار بسبب الاحتيال في عام 2022، ومع ذلك يُعتقد على نطاق واسع أن عمليات الاحتيال التي لا يتم الإبلاغ عنها أكبر بكثير، كما أن معاناة الضحايا تتجاوز بكثير الحسابات المصرفية المستنزفة.
وأفاد ثلثا ضحايا الاحتيال في مسح أجرته هيئة تنظيم الصناعة المالية الأميركية عام 2015 بتعرضهم لعواقب عاطفية ونفسية سلبية نتيجة تعرضهم للاحتيال.
من الشائع أن يشعر ضحايا الاحتيال بالعجز وتدني احترام الذات، وتعتمد الدرجة التي تتأثر بها صحتهم العقلية عادة على درجة الخسارة التي تعرضوا لها.
ويؤدي فقدان احترام الذات الذي يأتي مع الخجل الداخلي للضحايا إلى عزل أنفسهم واختيار عدم الكشف عن معاناتهم وحجم الخديعة التي تعرضوا لها، وهنا فإن وجود الدعم الاجتماعي مهم جدا في مساعدة البشر على التعافي من الخسائر الفادحة في أرواحهم ومشاعرهم.
ويترافق التعرض للخداع لدى الضحايا مع الشعور بالتحكم، وبالذات بعد خسارة مدخراتهم وكبريائهم واستنزاف مشاعرهم، مما يقودهم إلى الشعور بأنهم خارج نطاق السيطرة على ظروف حياتهم ومستقبلهم.
ماذا تفعل إذا كنت ضحية؟من المهم أن تتحدث عما حدث لك مع أفراد العائلة والأصدقاء الموثوق بهم، فوجود شخص يعرف ما حدث ويشاركك مشاعرك وأفكارك سيكون مفيدا للغاية على المدى الطويل.
ومن المهم أن تسامح نفسك، فالجميع يرتكبون الأخطاء، وتذكر أن مشاعرك مهما كانت سلبية فهي مشاعر حقيقية، اعترف بمشاعرك وامنح نفسك الغفران.
تعلّم أيضا أن تشجع نفسك وتحفز ذاتك، فمشاعر الألم والمرارة التي تشعر بها لن تساعدك على المضي إلى الأمام في حياتك، ولهذا من المهم أن تتخلص منها شيئا فشيئا وتعود للحياة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كم كلفت الضربة الأمريكية التي أنهت الحرب بين إيران والاحتلال؟ (أرقام)
كشف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال دان كين أن سبع قاذفات من طرازB-2 حلقت لمدة 18 ساعة من الولايات المتحدة إلى إيران لإسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات في عملية اتسمت بالخداع التام.
وقال كين إن الولايات المتحدة أطلقت إجمالا 75 قذيفة موجهة بدقة، بما في ذلك أكثر من عشرين صاروخ توماهوك، إلى جانب مشاركة 125 طائرة عسكرية على الأقل في العملية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية.
تفاصيل العملية
أطلق على العملية اسم "مطرقة منتصف الليل" بمشاركة 125 طائرة عسكرية من طرازات مختلفة، بين مقاتلات، وطائرات تزويد بالوقود، وطائرات استخبارات، واستهدفت ثلاث منشآت نووية: فوردو ونطنز وأصفهان.
أقلعت الطائرة من الولايات المتحدة وقامت برحلة استغرقت 18 ساعة إلى إيران ما يعني أنها عادت في 18 ساعة تقريبا أيضا مع تباين عدد ساعات الطيران بحسب مهمة الطائرة خلال العملية.
Embed from Getty Images
تم إرسال بعض الطائرات غربا إلى المحيط الهادئ للخداع ، بينما تقدم البعض الآخر على القاذفات الرئيسية لضمان خلو المجال الجوي.
حلقت سبع قاذفات شبح من طراز B-2 مكلفة بضرب المواقع النووية إلى إيران وتجنبت اكتشافها.
تم إطلاق 30 صاروخا كروز على موقع أصفهان من غواصة.
تم استخدام 75 "سلاحا موجها دقيقا" خلال العملية في المجموع.
تم إسقاط أربعة عشر مخترق ذخائر ضخمة من طراز GBU-57 على موقع فوردو، وهو منشأة تخصيب نووية مدفونة في أعماق جبل خارج طهران.
تكلفة الطيران الحربي
لتقدير تكلفة عمليات الطيران، تم الاعتماد على أوقات الطيران المقدرة لكل نوع من الطائرات والتكلفة الساعية لكل طائرة. بناءً على المعلومات المتاحة، تم تقدير الأعداد التالية:
◼ قاذفات B-2 بواقع سبع طائرات، مع رحلة ذهاب وعودة تستغرق 36 ساعة (18 ساعة ذهابًا و18 ساعة عودة)، بتكلفة ساعية 138,000 دولار.
◼ عشرات المقاتلات: حوالي 50 طائرة (مزيج من F-15، F-16، F-22، F-35)، مع متوسط تكلفة ساعية 26,000 دولار.
◼ عشرات طائرات التزود بالوقود مع تكلفة ساعية 23 ألف دولار، وفترة طيران أقصر من طائرات القتال.
◼ طائرات الاستخبارات مع تكلفة ساعية 66 ألف دولار.
◼ وعلى وجه التقريب كلفت ساعات تشغيل الطائرات الحربية خلال العملية قرابة 50 مليون دولار أمريكي.
تكلفة الذخيرة
◼ تم إسقاط 14 قنبلة ضخمة من طراز GBU-57 على موقع فوردو، وهو منشأة تخصيب نووية مدفونة في أعماق جبل خارج طهران ، وهو أمر حيوي لطموحات إيران النووية وتكلفة القنبلة الواحدة 5 مليون دولار.
◼ تم استخدام 61 صاروخ كروز توما هوك وطرازات أخرى بمتوسط 2 مليون للصاروخ الواحد.
◼ وعلى وجه التقريب كلفت القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة على المفاعلات الإيرانية إلى جانب الصواريخ 200 مليون دولار أمريكي.
تكلفة العملية
وعليه ربما كلفت العملية الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل 240 مليون دولار أمريكي، لكنها تعتبر تكلفة زهيدة مقابل تصريح الرئيس الأمريكي أنه تم القضاء على المفاعلات النووية الإيرانية تماما.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل ساعات، أنّ إيران و"إسرائيل" وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار" يبدأ قرابة الساعة الرابعة من فجر الثلاثاء بتوقيت غرينيتش ممّا سيضع "نهاية رسمية" لحرب استمرت 12 يوما بين البلدين.
وكتب ترامب على منصّته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشل" إنّه "تمّ الاتفاق بشكل تامّ بين إسرائيل وإيران على وقف شامل وكامل لإطلاق النار".
ورغم الخروقات، فقد أعلن نتنياهو التزامه بوقف إطلاق النار، وقالت إيران إنها ملتزمة به ما التزم الاحتلال الإسرائيلي بعدم مهاجمتها.
ونقل موقع نور نيوز الإخباري الرسمي عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله اليوم الثلاثاء إن طهران لن تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار ما لم تنتهكه "إسرائيل".
وأضاف الرئيس الإيراني أن طهران مستعدة للحوار والدفاع عن حقوق الشعب الإيراني على طاولة المفاوضات.