عربي21:
2025-12-13@03:47:20 GMT

معالم الفشل.. تشنج الخطاب (1-2)

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

سردية الصمود ضد المستجدات

في خطبة موحدة ليوم الجمعة، وهي خطبة توزعها الأوقاف للواعظين على منابر الجمعة لأسباب عدة، تظهر الإخفاقات في الفكر السائد وفي الفهم للإسلام بشكل واضح وتحشد لمقاومة الإصلاح والتغيير بشكل غير مقصود، وإنما هذا هو الموجود من الجهاز المعرفي الموروث عند كل المسلمين وغير المسلمين والعلمانيين والملحدين، وكل ما يخطر لكم على بال في بيئتنا المزدحمة بالأفكار والأيديولوجيات، ذات اللسان الذي لا يتوقف الأصم عن سماع المخالف الأعمى عندما يعرض عليه أمر جاد للقراءة.

هم يستقون تفكيرهم من ذات الجهاز المعرفي، ولو تأملت من يزعم أنه ثائر على الأعراف ستجد أنه يجعل من مخالفته هذه دين (الإلحاد، التحرر، العلمانية..)، وتجد أن هنالك نوعا من العصبيات عند الطوائف تعتبر خطوطا حمراء عند من يعترض على العصبية والاستقطاب ولا يرى نفسه أنه متعصب أو طائفي، وهذا ليس غريبا فهو من سمات منظومة تنمية التخلف وفاعليتها وبيئتها وإبداعها في التخلف مع الزمن.

فعندما يحذر خطيب أو واعظ موجه من جهة عليا يفترض أنها دعوية من المستجدات ويتخذ موقفا دفاعيا تجاه الانفتاح على العالم، فهذا مؤشر سلبي لدعاة يعتبون أي ضال هو مشروع إصلاح وأي مخالف هو مشروع للتفاهم.

الإنترنت أضحى في متناول اليد ومتطور لدرجة أنه يستكشف اهتمامات المتصفح ليقدم له المزيد مما يهتم به هو، لا تحده قيم ولا منظومة أخلاقية ولا قواعد اجتماعية، وإنما يضع قواعد تعتبر الثوابت عندك مخالفة لقواعد المجتمع.

أخذ موقع دفاعي من المستجدات باعتبارها خطرا هو الخطوة الأولى للاستسلام، لكن علينا فهم كل جديد ونصنف الإيجابيات فيه والسلبيات وفق معايير ما بعد الفهم لما عندنا من فكر ينبغي أن يرتقي عن الانطباعات، ونحن في المجتمع مها كانت عقيدتنا الدينية أو فكرنا السياسي يجب أن نفهم.

كيف نفهم:

طبيعة الإنسان الاختصار، والتعلق بسبب واحد للمشكلة؛ بمعنى تكوين انطباعات عن الأشياء والأفكار والاصطلاح الضيق لمفاهيم واسعة وهذا التصور يسمونه تبسيطا بينما هو تضليل للمنظومة العقلية.

الفهم يأتي من كفاءة المنظومة العقلية في تجسيد المعنى بشكل ملائم ليكون مقروءا، كتابة أو صورة أو مشهد أو فكرة؛ ومن هذا فهم الفكر والكتب ونصوصها، وما يطرح من معاني وغايات في نصوص كتب الأديان لتعريف الغايات التي تحقق للوصول إليها مجموعة من الأهداف، وكذلك الأسس الفكرية التي ترسي عليها القيم والقيم بأنواعها التي تعرف السلوك عند الإنسان، وهذا يحدد إما بمنطلق قيمة واحدة أو مجموعة من المنطلقات التي هي معايير للسلوك كالأخلاق.

فالأخلاق مثلا هي معايير وليست صفة أو سلوكا، لأن المعيار يمثل حالة قيمية ثابتة الجوهر، أما السلوك فنسبي ويعتمد على العقلية والنفسية ودرجة ارتباطهما لإحداث الفاعلية والبيئة والتفاعل إيجابيا أو سلبيا بين منظومتي الإنسان والبيئة أو أي كيان من فرد إلى ألوف والبيئة.

الإسلام وضع معايير قيمية مرتبطة بالفكر، لهذا فالنفسية المرتكزة إلى الإيمان لا تتأثر بشكل فاقع بالمادية ودرجتها لأن التأثر يعني اهتزازها عند الفقر وتكبرها عند الغنى؛ بل ربط العقلية والنفسية وهما محورا الشخصية بالفكر نفسه، لهذا فالفهم الجيد يجعل حالة التدين أقرب إلى المنظومة العقلية وضعف الفهم يجعلها فريسة الحالة الغريزية التي هي المفرق للسلوك المؤدي إلى الغايات من عدمه؛ وهذا له تأثير على إدارة مستجدات الحياة أو التلاقح ومدنيات أخرى قد لا تحمل فكرا حضاريا، فعندما يضعف الفهم يظهر الخوف من المواجهة وتصبح القضية تمترسا ومقاومة بدل احتواء مطلوب، لأن الرسالة ليس ملك أحد ولسنا وكلاء لا عليها ولا على الناس، وإنما نحن مكلفون ومن ضمن التكليف أن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة. وهذه لن تكون فاعلة بفكر بعيد عن الواقع أو منفصل عنه، لذا كان من الضرورة بمكان أن ينقى الجهاز المعرفي المنقول وراثة، والذي يراد أن تحشى به تلافيف حافظة الجيل الذي سيصطدم بأسئلة لم تتوفر لها حلول أو أجوبة منقولة من الماضي.

فيديو في الميديا يتحدث فيه رجل دين نزق عن موضوع لا يعني دينه، فأخذ يصف قومه بالرقي عموما وأنه ليس همجيا، ناسيا أن كلماته تعبر عن تدن في الشخصية كعقلية ونفسية لأنه يخاطب انفعالاته وليس واقعا ملموسا. فالتعميم والتنزيه والتعريض بمواطنيه ليست سلوكيات ناضجة وإنما همجية ينكرها عن نفسه ويصف الآخرين بها.. هذا نوع من التعبير عن كراهية ومشاعر بدائية فاعلة لعصبيات لا تنسجم مع إنشاء الأمة، وهو أمر مضر بقومه لأنه يبقيهم في حالة انفصال شعوري عن أمتهم وانتمائهم للأرض، لأنها إما لهم وحدهم وهذا ليس ممكنا، أو أنها ليست مكانا للاستقرار فيتخذ الناس طريق الهجرة بحثا عن سلام متوقع، فيكون هو سبب الأزمة ولا يفهم هذا فيزداد كرهه للمخالف ويتهمه بتهجير رعاياه. نوع من المتضادات تخلق شخصية مضطربة تبدو مسالمة ثم تنقلب حاسدة أو صلفة في التعبير ظانة أنها وحدها مظلومة، ولا ترى أن من تحدثه مر بذات الظرف والمظلومية.

الحاجة للإصلاح في كل المنظومة

هنالك حاجة لإصلاح المصلحين في منظومة تنمية التخلف واستخراج الأفكار القاتلة، لأن غياب الرؤية والتأمل والسكينة والتعمق في الفكر ومحاولة التفاهم.

انتشار الفساد والممنوعات لا يقضى عليه بالوعظ، لأن من يتجه إلى هذا استغنى عن الوعظ ومحتوياته أو البيت وتربيته، وهو مسألة منفصلة عن الفكر بحكم انفصال الفكر عن الواقع، لذا فالحل بالقانون والتشدد على مسببات تلك السلبيات، فما ينتشر من فساد لا بد أن يكون من قوة فاعلة، فإيقاف تلك القوة من الرأس هو الحل وليس مطاردة الضحية وترك هذه المنظومات الفاسدة حرة، ومتابعته من الوعاظ عند هذا لتقييم نتائجه كجهة رقابية تعادل أي منظومة في المجتمع معترف بها، دون خوف أو تقوقع أو تقييد لنشاط وفاعلية وتوسع مدارك الأولاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الإصلاح الفساد الوعظ الإصلاح الفساد الدعوة الوعظ مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يكشف ملامح شخصية عمر بن الخطاب قبل إسلامه

عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: "من سير الصحابة.. عمر بن الخطاب دروس وعبر"، بحضور كل من الدكتور السيد بلاط، استاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، والدكتور خالد عبد النبي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الشيخ علي حبيب الله علي، الباحث بالجامع الأزهر.

أعضاء لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانيَّة يزورون الجامع الأزهر الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع

في مستهل الملتقى، قال الدكتور السيد بلاط، أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، بدأت ملامح شخصيته القيادية بالتبلور حتى قبل إسلامه، حيث اشتهر منذ صباه بالقوة والفطنة، وقد كان ضمن القلة النادرة في مكة التي تجيد القراءة والكتابة (المقدرة بنحو سبعة عشر رجلاً)، كما عرف بفصاحته وقدرته على الخطابة والتأثير، وقد عمل قبل الإسلام برعي الغنم في الفترة ما بين الثامنة والثامنة عشرة من عمره، وهي الحرفة التي غرست فيه صفات الصبر والجلد وتحمل المسؤولية، بعد ذلك، انتقل إلى العمل في التجارة، مما أتاح له فرصة السفر والاحتكاك بالثقافات وتوسيع مداركه، مبينًا أن ما ينشر من روايات ينسب فيها إليه أنه كان يضحك ويبكي، لسببين حينما يتذكر الفترة قبل إسلامه: الأول، أنه كان يصنع إلهًا من العجوة فإذا جاع أكله، والثاني، أنه بكى تذكراً لابنته التي أراد أن يئدها فكانت تنفض التراب عن لحيته، إلا أن التحقيق التاريخي وعلماء السير يؤكدون أن هذه الروايات  غير صحيحة ولا سند لها في كتب التاريخ والسنة المعتبرة، إضافة إلى أنه تضعف هذه الروايات كذلك حقيقة أن قبيلته، وهي بني عدي، لم تكن من القبائل المعروفة بظاهرة وأد البنات، كما أن رجاحة عقله وفطنته التي عرف بها قبل الإسلام لا تتفق مع ارتكاب مثل هذه الأفعال.

وبين أن عمر بن الخطاب أسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية الشريفة، فلم يكن إسلامه مجرد انضمام فردي، بل كان نقطة تحول حاسمة وعزًا مؤزراً للمسلمين، فبعد إسلامه، ظهرت قوة المسلمين، وخرجوا لأول مرة للصلاة عند الكعبة صفاً واحداً دون خوف، فكان إسلامه بمثابة الفرق الذي عزز شوكة الإسلام وبدأ مرحلة جديدة من الجهر بالدعوة.

من جانبه أشار الدكتور خالد عبد النبي إلى أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتمتع بصفات فريدة جعلته ركيزة للإسلام؛ فقد كان شديد القوة، وشديد البأس، وشديد التمسك بالحق والعدل، ولإدراك النبي صلى الله عليه وسلم لأهمية هذه القوة في دعم الدعوة، توجه بالدعاء إلى المولى سبحانه وتعالى: "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك؛ بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"، وقد كان إسلامه فتحاً ونقطة تحول، إذ أصر والح على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم إعلان الدعوة الإسلامية، فتحولت مسيرة الدعوة من طور السرية والكتمان إلى مرحلة الجهر، ولذلك لقب بـ "الفاروق"؛ لأنه فرق بإسلامه بين الحق والباطل.

وأوضح أن فترة خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثلت العصر الذهبي للفتوحات والتوسع الإسلامي، وقد تحققت على يديه العديد من الإنجازات العظمى التي ارتقت بالخلافة إلى أوج القوة، ومن أبرزها فتح مصر، حيث كان له الفضل العظيم في دخول الإسلام إليها، كما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية بصورة لم يسبق لها مثيل، وهذا التوسع في عهده، جاء تحقيقاً لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعز الله الإسلام بأحد الرجلين، فتحولت قوته الشخصية إلى قوة في الإدارة أسست لحضارة مترامية الأطراف.

يذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية الإمام الأكبر وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.

مقالات مشابهة

  • ماراثون أبوظبي.. رحلة بكل الألوان في معالم العاصمة
  • العثور على جثة شاب عشريني… وتوقيف والدته للاشتباه بإخفاء معالم الجريمة (صورة)
  • البذاءة بوصفها إستراتيجية جمالية للمقاومة وتفكيك السلطة
  • الإداراتُ الأكاديميّةُ و متلازمةُ النجاحِ أو الفشلِ!
  • حكومة الإمارات تُصدر مرسوماً بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية
  • التعلم متعدد الحواس
  • شروط نتنياهو تكتب الفشل للمرحلة الثانية في غزة
  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يكشف ملامح شخصية عمر بن الخطاب قبل إسلامه
  • المنتخب الوطني.. العقلية الانهزامية