عربي21:
2025-12-13@14:37:08 GMT

العِلّة في الناخب الأمريكي

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

لا يثير دهشتي أن رجلا مثل دونالد ترامب، ذا سجل جنائي طويل وعريض، ومدان قضائيا، وأثبتت الوقائع ان في جمجمته قليل جدا من المادة الرمادية، يصبح رئيسا لأقوى دولة اقتصاديا وعسكريا في العالم، ويبقى في منصبه أربع سنوات، دون أن يترك بصمة إيجابية في سجله الشخصي أو سجل بلاده، ثم يعتزم خوض الانتخابات ليصبح رئيسا مجددا، بل يدهشني أن ملايين الأمريكان يعتبرونه الشخص المناسب للمنصب، ويثير عجبي أن ترامب يخوض الانتخابات باسم الحزب الجمهوري الأمريكي، الذي هو أعرق حزب سياسي في الولايات المتحدة (تأسس عام 1845)، والذي أتى بأشهر رئيس أمريكي، ألا وهو إبراهام لنكون، ولا يرى قادة الحزب سوءات وعورات ترامب المرئية بالعين المجردة، بينما هي مبذولة لكل من له لب، او ألقى السمع وهو شهيد.



أصدر بعض كبار أطباء النفس الأمريكان، تقريرا جاء فيه أن ترامب بحاجة إلى علاج لأنه "معتل اجتماعيا"، والاعتلال الاجتماعي هو أحد صور اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، والمعتل اجتماعيا شخص لا يهتم بمشاعر أحد، ويفكر في مصلحته فقط، ولا ينشغل بتأثير أفعاله على الآخرين.خلال سعيه لخطب ود الناخبين، ظل ترامب يعتلي المنابر، وضيفا ثابتا على قناة فوكس التلفزيونية، وما فتح فمه إلا وأمطر الناس أكاذيب وأعاجيب، مثل قوله مرارا وتكرارا أن المهاجرين من هاييتي، المقيمين في مدينة سبرينغفيلد في ولاية أوهايو، يسرقون الكلاب والقطط من جيرانهم ويأكلونها، ثم وأثناء مخاطبته حشدا جماهيريا في مدينة إيري في ولاية بنسلفانيا، إن أفضل طريقة لمنع تفشي جرائم القتل والعنف، هو تخصيص يوم لمثل هذه الجرائم فيشبع الجناة رغباتهم، ثم يكفون بعدها عن ممارستها، بل قال إن عضو الكونغرس مايك كيلي هو الأنسب لتنظيم يوم كهذا.

قبل نحو شهر، أصدر بعض كبار أطباء النفس الأمريكان، تقريرا جاء فيه أن ترامب بحاجة إلى علاج لأنه "معتل اجتماعيا"، والاعتلال الاجتماعي هو أحد صور اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، والمعتل اجتماعيا شخص لا يهتم بمشاعر أحد، ويفكر في مصلحته فقط، ولا ينشغل بتأثير أفعاله على الآخرين. وهو سلوك تصفه كارلا مانلي ـ المختصة النفسية في كاليفورنيا ـ بأنه "مليء بالأكاذيب والتلاعب". وبدورها تقول أبيغيل مارش، عالمة النفس والأعصاب بجامعة جورج تاون في واشنطن عن ترامب، إنه شخصية سيكوباتية ميالة للسلوك العنيف والتطرف في المواقف، وجاء في التقرير أن العلة التي يعاني منها ترامب ولا تحتاج لمزيد من التشخيص هي النرجسية، والنرجسيون لديهم شعور مبالغ فيه ولا أساس له بأهميتهم ومواهبهم (أي يعانون من هوس العظمة)، وترامب يردد في كل محفل: لا أحد مثلي يفهم في أمور المال والعلاقات الدولية والاقتصاد والحرب والسلام، ولا يفوت عليه أنه يتفوق من منافسته كامالا هاريس على كرسي الرئاسة من حيث الجمال (لم يقل الوسامة او الأناقة). وتأكيدا لتفوقه المزعوم فإنه يصم هاريس بالغباء والقبح والبله والتخلف العقلي (بينما اكتفى جيه دي فانس الذي اختاره ترامب ليكون نائبه في البيت الأبيض بعد الفوز، معايرة هاريس بأنها عاقر بلا ذرية، وأن هذا يجعلها غير مؤهلة لمنصب رفيع).

وعجيب أمر أنصار الحزب الجمهوري الذين باتوا يؤلهون ترامب، بل ان غلاة المسيحيين منهم يعتبرونه ظل المسيح على الأرض، ويتهافتون على شراء نسخة من الانجيل تحمل اسمه، ولا عليهم ان زوجتاه السابقتان مارلا وإيفانا تطلقتا منه، بعد ثبوت ارتباطه بعلاقات حميمة مع عدد من المومسات، بل إن إيفانا طلقته بعد ان "قفشته" في وضع "الخيانة" ميلانيا التي هي زوجته الحالية، ولا على حملة لواء الانجيل أولئك، ان ميلانيا هذه كانت تكسب عيشها من التعري امام الكاميرات قبل زواجها بترامب.

يقول هوارد ستيرن وهو نجم إذاعي يتابعه الملايين في القارة الأمريكية إن الغبي الحقيقي، ليس ترامب بل الذين يناصرون ترامب، ولا يرون إنه كان سيئا في كل ناحية عندما صار رئيسا في 2016، ثم ساءت قواه العقلية وتكشفت سواءته الأخلاقية في 2024، ومع هذا يجد التأييد من البعض "مما يؤكد أن هؤلاء البعض معتلون أخلاقيا وفكريا".

ابتليت العديد من الدول العربية برؤساء من شاكلة ترامب، وربما أضل سبيلا منه، ولكن شعوب تلك الدول بريئة منهم لأنها لم تخترهم، ولو صفقوا لهم علنا، فقد كان ذلك لأنه وبغير ذلك، كانت ستطير رقابهم أو تطير منهم مناصبهموفوق هذا كله فإن ترامب يؤكد في كل أقواله أن مخه "خارج الشبكة"، ويتبدى ذلك في الأخطاء الفادحة في المعلومات التي تخرج من فمه، فعنده صار فيكتور أوبران رئيسا لتركيا (بدلا من المجر)، وصارت نيكي هيلي التي كانت تصبو لترشيح الحزب الجمهوري لها للرئاسة، زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس (بدلا من نانسي بيلوسي)، وعند تناوله لمسألة الحرب الروسية على أوكرانيا، قال ترامب إنه سينجح في إنهائها بسبب علاقته الطيبة بالرئيس الروسي بوتين، "الذي لا يكن احتراما لأوباما"، بل كان في مستهل حملته الانتخابية الراهنة يقول إنه يتقدم على أوباما في استطلاعات الرأي، ولا عليه أن أوباما غادر كرسي الرئاسة في 2017، ثم كانت الطامة عندما تحدث عن الأرجنتين باعتبار أنه "شخص شديد الإعجاب بي".

ابتليت العديد من الدول العربية برؤساء من شاكلة ترامب، وربما أضل سبيلا منه، ولكن شعوب تلك الدول بريئة منهم لأنها لم تخترهم، ولو صفقوا لهم علنا، فقد كان ذلك لأنه وبغير ذلك، كانت ستطير رقابهم أو تطير منهم مناصبهم، وسبل كسب قوتهم، ولكن ملايين الأمريكان الذين ينقادون لترامب كما قطيع الضأن، لا يكفون عن التبجح بأنهم من أنصار "ماغا MAGA" وهو الشعار الذي يرفعه ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً"، ويرون أن عظمة أمريكا تعني وصايتها على بقية دول العالم، لجعلها تقتدي بالنهج الديمقراطي الأمريكي، ولا عليهم أن نهجا يعطي الرئاسة لرجل من شاكلة ترامب، يعاني من إعاقة وعاهات فكرية وأخلاقية، لا يليق بأمم ذوات عقول أن تهتدي به.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الانتخابات الرأي امريكا انتخابات رأي خطاب ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ترامب يتحدث عن تحسن الاقتصاد والمواطن الأمريكي ما زال عالقًا تحت ضغط الأسعار

رغم الرسائل المتفائلة التي يحرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تكرارها بشأن تحسن الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الواقع المعيشي لقطاع واسع من الأمريكيين لا يعكس نفس هذا التفاؤل، في ظل استمرار ارتفاع تكاليف الحياة، من الغذاء إلى السكن والرعاية الصحية.

وخلال تجمع جماهيري في ولاية بنسلفانيا، أكد ترامب أن الأسعار بدأت في التراجع بشكل ملحوظ، وأن إدارته تعمل بكل قوة لإعادة القدرة الشرائية للمواطن الأمريكي، معتبرًا أن ملف المعيشة يتصدر أولوياته في المرحلة الحالية.

 ولفت إلى أن أسعار الوقود والبيض انخفضت خلال الفترة الأخيرة، في محاولة لإرسال رسالة طمأنة للناخبين القلقين من التضخم.

لكن في المقابل، لا تزال أسعار العديد من السلع الأساسية الأخرى في ارتفاع، بينما يشكو المواطنون من الزيادة الكبيرة في إيجارات السكن، ومصاريف رعاية الأطفال، وتكاليف العلاج، وهي الأعباء التي تلتهم الجزء الأكبر من دخول الأسر الأمريكية. هذا التباين بين الخطاب الرسمي والمعاناة اليومية بات ورقة ضغط سياسية تستغلها المعارضة الديمقراطية بقوة، بعد أن حققت تقدمًا في عدد من الانتخابات المحلية الأخيرة.

إدارة ترامب أعلنت مؤخرًا عن مجموعة من الإجراءات التي تقول إنها تستهدف تخفيف الضغط عن المواطنين، من بينها إلغاء الرسوم الجمركية عن عشرات المنتجات الغذائية، والتراجع عن بعض القيود الخاصة بكفاءة الوقود، بالإضافة إلى الترويج لمبادرات ادخارية للأطفال تحمل اسم الرئيس. كما منح ترامب نفسه أعلى تقييم لأداء الاقتصاد، معتبرًا أن النتائج الحالية “ممتازة بكل المقاييس”.
 

استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت تحسنًا طفيفًا في شعبية ترامب، حيث ارتفعت نسبة تأييده إلى 41%، لكن الأرقام وحدها لم تكن كافية لتغيير المزاج العام، الذي لا يزال يميل إلى القلق والحذر، خاصة في أوساط الطبقة المتوسطة والعمالية.

قصص كثيرة تعكس حجم الضغوط، من بينها قصة ألينا هانت، التي فقدت عملها في إحدى شركات المقاولات بولاية أوكلاهوما بعد تأثر القطاع برسوم الاستيراد المفروضة على الصلب والألومنيوم. 

تقول إنها تقدمت لعشرات الوظائف دون جدوى، بينما ارتفعت فاتورة احتياجاتها الغذائية بنحو 100 دولار شهريًا مقارنة بالأعوام السابقة.

اقتصاديًا، الصورة ليست سوداء بالكامل، لكنها بعيدة عن المثالية. ثقة المستهلكين تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ عدة أشهر، في حين لا تزال أسواق المال قريبة من مستويات قياسية. 

ويتوقع خبراء الاقتصاد نموًا محدودًا خلال العام الجاري، أقل من معدلات العام الماضي، لكنه لا يزال فوق التوقعات المتشائمة.

أما التضخم، فقد استقر عند مستوى أعلى من المعدلات المستهدفة، ما يعني أن الأسعار لا تزال تشهد زيادات، حتى وإن كانت أبطأ من ذروة السنوات الماضية.

 وخلال خمس سنوات فقط، قفزت الأسعار بنحو الربع، وهو ما يفسر استمرار شعور الغضب لدى المواطنين، رغم تحسن الدخول نسبيًا.

وتحكي بيث ريتشاردسون من ولاية كانساس عن صدمتها بعد أن تجاوز سعر عبوة حلوى صغيرة خمسة دولارات، في وقت فقدت فيه وظيفتها بسبب نقل شركتها أعمالها إلى الخارج. وترى أن السياسات الاقتصادية الحالية، وعلى رأسها الرسوم الجمركية، زادت من الضغوط بدلًا من تخفيفها.

ورغم كل ذلك، لا يزال مؤيدو ترامب متمسكين به، معتبرين أن الأزمة الاقتصادية هي تراكم سنوات طويلة، وليس نتاج فترة رئاسته فقط.

 ويؤكد بعضهم أنهم يمنحونه الوقت لإثبات نجاح رؤيته الاقتصادية، رغم شعورهم المباشر بغلاء الأسعار.

وفي القطاع الزراعي، تكبد المزارعون خسائر كبيرة بسبب اضطراب الصادرات إلى الصين، قبل أن تبدأ بعض مؤشرات التعافي في الظهور مؤخرًا بعد تفاهمات تجارية جديدة. 

كما أعلنت الإدارة الأمريكية عن حزمة دعم ضخمة لإنقاذ المزارعين من آثار الحرب التجارية.

وبين خطاب رسمي يتحدث عن تعافٍ اقتصادي، وواقع شعبي لا يزال مثقلًا بالضغوط، يبقى الاقتصاد أحد أكثر الملفات حساسية في الشارع الأمريكي، وعنوانًا رئيسيًا للمواجهة السياسية القادمة مع اقتراب الانتخابات، حيث سيحكم الناخب على النتائج لا على الوعود.

طباعة شارك ترامب الاقتصاد الامريكي غلاء الاسعار المواطن الأمريكي رينال عويضة

مقالات مشابهة

  • إليكم 23 صورة من ملف إبستين وترامب وبيل كلينتون وبيل غيتس التي كُشف عنها الجمعة
  • عاجل| ترامب: الضربات البرية التي تستهدف تهريب المخدرات ستبدأ قريبا
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • النواب الأمريكي يقر قانون الدفاع الوطني بإنفاق 900 مليار دولار
  • عبد المنعم سعيد: وثيقة الأمن القومي الأمريكي تكشف بصمة ترامب
  • الرئيس الأمريكي: الفساد في أوكرانيا متفش
  • إطلاق بطاقة ترامب الذهبية.. والرئيس الأمريكي يعلن التفاصيل
  • ترامب يتحدث عن تحسن الاقتصاد والمواطن الأمريكي ما زال عالقًا تحت ضغط الأسعار