اليمن وطوفان الأقصى.. الثبات على المبدأ
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
واستطاع اليمن قيادة وشعبا وجيشا من خلال موقفه الإنساني المساند للشعب الفلسطيني، ووقوفه بحزم في وجه طغاة الأرض أمريكا وبريطانيا وإسرائيل أن يحظى بالتأييد من كل أحرار العالم، كما جعل منه قوة ورقما صعبا في المنطقة.
لقد كان لليمن موقفها المتفرد في دعم ومساندة الاشقاء في فلسطين رغم العدوان والحصار المتواصل حيث شكل الموقف اليمني نقطة تحول كبرى واسستطاع فرض حصار بحري على الكيان الصهيوني وذلك بمنع دخول السفن الى موانئه من اتجاه البحرين الأحمر والعربي وباب والمندب والمحيط الهندي.
فإلى جانب الصفعة القوية التي وجهها اليمن لإسرائيل باستهداف سفنها، وسفن الدول الأخرى المتجهة إلى موانئها، وما فرضه من حصار بحري عليها كبدها الخسائر الباهظة، إلا أن الأهم من ذلك هو أن اليمن نجح في إجهاض الحلم الأمريكي الاسرائيلي المشترك المتمثل في تنفيذ مشروع "قناة بن غوريون"، التي تطمح واشنطن وتل أبيب أن تكون بديلة لقناة السويس.
ويشير مراقبون إلى أن اليمن أثبت منذ دخوله معركة "طوفان الأقصى" أنه يشكل تهديدا حقيقيا للمشروع الإسرائيلي.
أثارت العمليات العسكرية التي تشنها القوات المسلحة اليمنية قلقا كبيرا في الولايات المتحدة وإسرائيل، بعدما أثبت اليمن أن من يسيطر على باب المندب هو من يتحكم ويؤثر على مصير مشروع قناة بن غوريون التي تشارك فيه الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، وبعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات.
ففي ظل حالة التيه والخنوع التي تعيشها معظم الشعوب العربية والإسلامية نتيجة تسلّط الأنظمة العميلة على رقابها .. برز الموقف اليمني في مواجهة مؤامرات الأعداء، والدفاع عن قضايا الأمة.
لم يكن لذلك الموقف المشرف أن يتحقق لو لم يتحرر الشعب اليمني في العام 2014م، من الوصاية والهيمنة الخارجية التي ظلّت تمارسها عليه قوى الهيمنة بقيادة أمريكا وإسرائيل كغيره من بلدان المنطقة والعالم.
لم يكن التآمر على الشعب والقضية الفلسطينية، وليد اللحظة، وإنما بدأ منذ عقود، وفي إطار مخطط غربي صهيوني لزرع هذا الكيان المتوحش في جسد الأمة بالتواطؤ مع بعض القادة والزعماء العرب الذين عملوا على تثبيط شعوب الأمة وإفشال أي مساعٍ لتوحيد الصف العربي في مواجهة الكيان الصهيوني، وكذا المساهمة في جعل القضية الفلسطينية من القضايا الثانوية وصولا إلى محاولة تصفيتها بشكل كامل.
سنة كاملة مرّت على معركة "طوفان الأقصى" التي قابلها العدو الصهيوني بارتكاب كل أنواع الجرائم وأفظعها بحق أبناء غزة والأراضي المحتلة في صورة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلاً، في ظل صمت مُقيت وخذلان مريب وتغاضٍ فاضح من قبل حكام الأنظمة العميلة، وفشل ذريع في أي تحرك يفضي لإيقاف آلة القتل الصهيونية.
وبقدر ما أعادت عملية السابع من أكتوبر 2023م، للقضية الفلسطينية مركزيتها وجعلتها في صدارة القضايا إقليمياً ودولياً، فقد أحيت أيضاً روح المقاومة ووحّدت الفصائل الفلسطينية وعززت تلاحم محور المقاومة لمواصلة إفشال مشاريع العدو الصهيوني وتقديم المزيد من التضحيات لفضح المؤامرات الهادفة لتصفية هذه القضية.
أفضت معركة "طوفان الأقصى"، الاستراتيجية إلى مسارين رئيسيين، تمثل الأول في وقوف محور المقاومة مع الشعب والقضية الفلسطينية وإسناده ودعمه للمقاومة في مواجهة الكيان الغاصب، فيما تمثل الثاني في تماهي الأنظمة العربية العميلة وخذلانها لفلسطين وقضيتها العادلة وتخليها عن المقدسات الإسلامية.
ومن المفارقات العجيبة أن أنظمة العمالة والخيانة، لم تكتف بصمتها وخذلانها لقضية فلسطين، بل عملت أيضاً على شيطنة المقاومة الفلسطينية، التي تواجه المحتل الصهيوني وتخوض المعركة بالنيابة عن الأمة، وتبني السردية الأمريكية الصهيونية التي حاولت تصوير المقاومة ككيان إرهابي على غرار داعش والقاعدة، إلا أن محاولتها في الربط بين المقاومة والإرهاب كانت فاشلة، وغير مقنعة.
دخلت القوات المسلحة اليمنية خط المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني، بعدما وجهت رسائل عدة للعدو الصهيوني الأمريكي لإيقاف جرائمه في غزة، لكنه لم يستجب، ما دفعها لتصعيد عملياتها بقصف "أم الرشراش" ودكها بالصواريخ والمسيرات، الى جانب استهداف سفن العدو ومنع مرورها من البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن.
لم تكتف صنعاء بذلك بل صعّدت عملياتها في إطار معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"، بإعلان قائد الأمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن القوات المسلحة ستظفر بسفن كيان العدو الصهيوني في المحيط الهندي لتوسع بذلك نطاق الحصار البحري على الكيان الصهيوني.
لقد وقف اليمن سياسياً وعسكرياً وعلى كافة المستويات إلى جانب الشعب الفلسطيني، ونجح بالفعل في تضييق الخناق على العدو الصهيوني وداعميه في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، ما جعل من اليمن رقماً صعباً تضع له كبريات الدول ألف حساب، كونه بات يمتلك القدرة والإمكانات التي تمكنه من الوقوف في وجهها وتهديد مصالحها.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: العدو الصهیونی
إقرأ أيضاً:
اليمن صوت الإيمان والنصرة في زمن الصمت والخذلان
في زمن يعلو فيه صوت القهر على أنين المظلومين، ويهيمن فيه صمت الأنظمة على صرخات الجياع المحاصرين من نساء وأطفال غزّة المستضعفين، خرج اليمن بصوته الصداح، وقبضته المرفوعة، وهاماته الشامخة، شعبًا وقيادة، ليؤكد أن الأمة لم تمت، وأن القلوب الحيه ما زالت تنبض بالإيمان والغيرة والكرامة.
لم يكن الحشد المليوني في ميادين المحافظات وميدان السبعين مجرد جموع خرجت لترفع شعارات عابرة، بل كان تجسيدًا حيًا لعقيدة راسخة تؤمن بأن فلسطين ليست قضية حدودٍ ووطنٍ مسلوب فحسب، بل هي اختبار للإيمان والوفاء والوعي. إن خروج الشعب اليمني لم يكن مقتصرًا على هذا اليوم فقط، فهو خروج يتكرّر كلّ يوم جمعة منذ بداية العدوان “الإسرائيلي” على غزّة، تأكيدًا على الثبات والوفاء، غير أن هذا اليوم كان الأوسع والأكثر حشدًا وزخمًا، استجابة لدعوة القائد الذي حمل هم الأمة في صدره وأكد على أهمية هذا الخروج العظيم، لتكون جموع اليمنيين رسالة حية إلى غزّة المحاصرة: لستم وحدكم.
من وسط هذا الزمان الذي ساد فيه الخذلان وعم فيه النكوص، حسب تعبير الرئيس المشاط، في تحيته للجماهير اليمنية اليوم، وقف الشعب اليمني يقول كلمته: إن دماء أطفال غزّة ليست أرقامًا في نشرات الأخبار، وإن دموع الأمهات الثكالى ليست مادة للفرجة، بل هي أمانة في أعناق الأحرار وأبطال الميادين. وفي ميادين اليمن، تردّدت الهتافات تهزّ القلوب: “الجهاد الجهاد.. حيّ حيّ على الجهاد”، “مع غزّة يمن الأنصار.. بجهوزية واستنفار”.
ما فعله اليمن لم يكن شجبًا إنشائيًّا ولا تأييدًا رمزيًّا بل كان تأكيدًا عمليًّا على استعداد واستنفار وتفويض كامل للقيادة في اتّخاذ ما يلزم من خطواتٍ تصعيدية. هكذا يتحول الغضب الشعبي من مشاعر إلى مواقف، ومن مواقف إلى أفعال، ومن فعل إلى عنوان يتجاوز حدود اليمن ليبلغ أسماع من اعتادوا الصمت في قصورهم.
هنا يتجلى الفارق الجوهري بين من يحجبون المعابر ويغلقون الأبواب في وجه المجاهدين، وبين شعبٍ لا يطلب سوى أن يفتح له الطريق ليشد الرحال إلى الجبهات، مستجيبًا لأمر الله، ونصرة للحق، ووفاء لدماء الشهداء.
إن هذا الحشد المليوني بقدر ما كان رسالة للعدو الصهيوني، فقد كان أيضًا صفعة أخلاقية للأنظمة المتخاذلة، واستنهاضًا للضمائر في الأمة التي طوقها الخوف وكبلها الخنوع. فقد برهن اليمنيون أن الشعوب حين تصحو لا تحتاج إذنًا من أحد، وأن الإرادة الشعبية أقوى من كلّ سياج وحدود.
أما حين يهتف الشعب: “فوضناك يا قائدنا”، فإنه يختصر المسافة بين القيادة والقاعدة، ويقول بلسانٍ واحد: نحن معكم في السراء والضراء، في الحصار وفي الجهاد، في القهر وفي الانتصار.
إن الموقف اليمني يخرج القضية الفلسطينية من مربع الشعارات، لتصبح التزامًا ايمانيًّا وعقدًا أخلاقيًّا مع الله والتاريخ. ومن ميدان السبعين إلى غزّة، تمتد خيوط الوعي والصبر والمواجهة، لتقول للعالم إن الدم لا يُقهر إن حمله الأحرار في عروقهم، وإن الحصار لا يقتل الروح إن حملتها قلوب مفعمة بالعقيدة والثقة بوعد الله.
سيبقى اليمن شاهدًا على أن الأمة لم تمت، وسيبقى اليمني البسيط، الذي يدفع من قوت يومه ليمنح ما يستطيع لأجل فلسطين، عنوانًا صادقًا للأمة حين تتجلى في اصدق صورها، أمة الجهاد، أمة العزة، أمة الكرامة.