في إطار جهود فروع الهيئة لتشديد وإحكام الرقابة على المنشآت الغذائية تنفيذًا لتوجيهات الدكتور طارق الهوبي، رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء، للتأكد من سلامة المنتجات الغذائية المعروضة وحفاظًا على صحة المستهلكين بمختلف المحافظات، قام فرع سلامة الغذاء بمحافظة الغربية بتنفيذ 20 حملة تفتيشية موسعة على 210 منشأة غذائية للتأكد من تطبيق اشتراطات سلامة الغذاء بمختلف مدن ومراكز المحافظة (طنطا، زفتى، قطور، بسيون، السنطة، كفر الزيات، المحلة، سمنود)، وقد أسفرت تلك الحملات عن ضبط 1 طن و 800 كجم حلاوة طحينية غير مطابقة للمواصفات، 400 كجم لحوم منتهية الصلاحية، 200 كجم أجبان ومخللات بها أعفان وغير صالحة للاستهلاك الآدمي.

 

رئيسا "سلامة الغذاء" و "غرفة المنشآت والمطاعم السياحية" يبحثان التعاون المشترك حملات لـ"سلامة الغذاء" على الأسواق لضبط المخالفين بالمحافظات

وفي إطار الدور التوعوي والتثقيفي للهيئة القومية لسلامة الغذاء لرفع درجة الوعي العام نحو تحسين التدابير الخاصة بسلامة الغذاء وتعزيز الممارسات الغذائية الصحية السليمة، تم المرور على عدد من المنشآت الغذائية وتم التوجيه نحو ضرورة الإلتزام باشتراطات سلامة الغذاء بتلك المنشآت، وتطبيق الإجراءات التصحيحية.

كما تم الاشتراك في حملات مكبرة مع المحافظة ومديرية التموين ومباحث التموين ومديرية الطب البيطري ومديرية الصحة، وأسفرت تلك الحملات عن تحرير 60 محضرًا، تنوعت ما بين محاضر نقص اشتراطات صحية، ضبط وسحب عينات لكمية من المواد الغذائية التي يشتبه في صلاحيتها للاستهلاك الآدمي تقدر كميتها بـ 3 أطنان (دواجن، أسماك، أجبان) وتم التحفظ على جميع المضبوطات لاتخاذ الإجراءات القانونية.

كما تم أيضًا تفتيش وفحص الأغذية بمراكز التأهيل والإصلاح بالمحافظة.

ونفذ فرع سلامة الغذاء بمحافظة دمياط 6 حملات تفتيشية مشتركة مع (نائب رئيس الوحدة المحلية للمركز والمدينة، مديرية التموين، الطب البيطري، الصحة، المحافظة) على 39 منشأة غذائية بنطاق مركز ومدينة كفر سعد، وقد أسفرت تلك الحملات عن إعدام كمية من المواد الغذائية المتنوعة منتهية الصلاحية ومتغيرة الخواص الطبيعية، وتمت عملية الإعدام في حضور ممثلي هيئة سلامة الغذاء وأعضاء اللجنة المشكلة.

كما تم سحب عينة لبن طازج وعجين من أحد المخابز لتحليلها والتأكد من مدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي وذلك من قبل مراقب الأغذية بالشؤون الصحية في وجود عضو هيئة سلامة الغذاء، وتم ضبط 80 كجم (عجينة حوواشي، كبدة، لحم مفروم) لحدوث تغير في الخواص الطبيعية بمعرفة الطب البيطري وفي وجود عضو هيئة سلامة الغذاء.

وقام فرع سلامة الغذاء بمحافظة الفيوم بالمرور على 35 منشأة غذائية، وتم توعية القائمين عليها بدور واختصاصات الهيئة وتوجيههم للتسجيل بالهيئة واستيفاء متطلبات سلامة الغذاء، وبناءً على هذا التوجيه قامت منشأة فندقية بقرية تونس السياحية ومحطة ومركز تعبئة نباتات طبية وعطرية بالتسجيل بالهيئة والبدء في استيفاء الاشتراطات اللازمة، كما أسفرت الحملات عن تحرير 7 محاضر إدارة منشأة بدون ترخيص، و 2 محضر تدني اشتراطات صحية.

ونفذ فرع سلامة الغذاء بمحافظة الدقهلية 23 حملة تفتيشية بعضها مشتركة مع الجهات الرقابية الأخرى (رئاسة مجلس المدينة، مديرية الصحة، الطب البيطري، التموين، مباحث التموين، جهاز حماية المستهلك)، حيث تم المرور على 109 منشأة غذائية وذلك بمراكز وبعض القرى بنطاق المحافظة (ميت غمر، منية النصر، بلقاس، نبروه، بني عبيد، المنصورة)، وأسفرت تلك الحملات عن إعدام 538 كجم من المواد الغذائية الفاسدة وأخرى تبدو عليها تغير في الخواص، وتحرير 27 محضرًا.

وقام فرع سلامة الغذاء بمحافظة البحيرة بتنفيذ 16 حملة تفتيشية على 114 منشأة غذائية بمراكز المحافظة (دمنهور، أبو حمص، كفر الدوار، أبو المطامير، حوش عيسى، إيتاي البارود.. وغيرها من المراكز)، وقد أسفرت تلك الحملات عن رصد كمية من عبوات مواد غذائية مختلفة الأصناف منتهية الصلاحية ومتغيرة الخواص الطبيعية، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تلك المواد الغذائية من قبل مفتشي هيئة سلامة الغذاء.

كما تم المرور على عدد ١٧مستشفى حكومية وخاصة بنطاق المحافظة، وذلك بالتنسيق مع مديرية الصحة للتأكد من مدى جودة الوجبات المقدمة للمرضى داخل تلك المستشفيات.

ونفذ فرع العاشر من رمضان 4 حملات تفتيشية على 63 منشأة غذائية بمدينة العاشر من رمضان ومدينة بلبيس وأبو حماد بمحافظة الشرقية، وقد أسفرت تلك الحملات عن وجود نقص في اشتراطات سلامة الغذاء بتلك المنشآت وتم التنبيه عليها وإمهالها فترة لتوفيق أوضاعها وتلافي المخالفات.

وقام فرع هيئة سلامة الغذاء بمحافظة سوهاج بتنفيذ 3 حملات تفتيشية مشتركة مع الإدارة العامة للتموين، الطب البيطري، المحافظة وحي شرق حيث تم المرور على عدد من المطاعم والمنشآت الغذائية، وقد أسفرت تلك الحملات عن ضبط 200 كجم لحوم مذبوحة خارج السلخانة بأختام مزورة، كما تم إعدام 230 كجم لحوم ومجمدات ومواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وتم تحرير عدد 4 إنذارات و15 محضرًا. 

كما قام الفرع بتنفيذ 3 حملات تفتيشية على عدد 8 منشآت غذائية في نطاق مدن ومراكز المحافظة، وقد تم التنبيه على المنشآت الغذائية غير المسجلة بالهيئة بضرورة التسجيل واستكمال إجراءات التراخيص وتطبيق الاشتراطات الخاصة بسلامة الغذاء.

ونفذ فرع سلامة الغذاء بمحافظة الشرقية 36 حملة تفتيشية، حيث تم المرور على 149 منشأة  وذلك  بنطاق مراكز (الزقازيق، ديرب نجم، بلبيس،  أبو حماد، أبو كبير، ههيا، كفر صقر  وغيرها من المراكز) أسفرت عن إعدام كمية من المنتجات الغذائية منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك الآدمي (بسكوت،  ألبان،  شيكولاتة،    كاتشب، جبنة وغيرها من المواد الغذائية).

كما تم إعادة المرور على 24 منشأة غذائية سبق إمهالها فترة لتطبيق اشتراطات سلامة الغذاء، وتم التأكد والتحقق من استجابة تلك المنشآت للاشتراطات الواجب توافرها في المنشأة الغذائية. 

وتنفيذًا لتوجيهات الدكتور طارق الهوبي رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء قام الفرع بإجراء تقصي حقائق فيما يخص واقعة اشتباه تسمم غذائي لعدد 9 حالات بإحدى القرى التابعة لمركز مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، حيث تم التوجه إلى الوحدة الصحية والمستشفى الخاصة بحجز الحالات ومنازل الحالات المشتبه بها،  والتي تبين أنها نتجت عن تناول وجبة من الجبن القريش المصنعة منزليًا ولم يتم تصنيعها أو تداولها بأي منشأة غذائية.

وأجرى فرع هيئة سلامة الغذاء بمحافظة أسوان 5 حملات موسعة بالتنسيق مع مباحث التموين حيث تم المرور على 13 منشأة غذائية بمختلف مدن ومراكز المحافظة، وقد أسفرت تلك الحملات عن تحرير محضر إعدام لمنتجات غذائية منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، كما تم توعية أصحاب المنشآت الغذائية بتحسين التدابير الخاصة بسلامة الغذاء، وأخد تعهدات بتطبيق الاشتراطات الواجبة والتسجيل بالهيئة القومية لسلامة الغذاء.

ونفذ فرع سلامة الغذاء بمحافظة القليوبية 16 حملة تفتيشية على 160 منشأة غذائية بنطاق مراكز (بنها، طوخ، شبين القناطر، قليوب، قها)، وأسفرت الحملات عن إعدام كمية من المنتجات الغذائية منتهية الصلاحية والتي تظهر عليها علامات الفساد، وتم إعدام هذه الكمية حسب القواعد المعمول بها.

وأجرى فرع سلامة الغذاء بمحافظة الوادي الجديد 5 حملات تفتيشية مشتركة مع (مديرية الصحة والطب البيطري، مديرية التموين، مجلس المدينة) وذلك بنطاق مركز الخارجة، حيث تم المرور على 26 منشأة غذائية أسفرت عن تحرير 11 محضرًا تنوعت ما بين (محاضر شهادات صحية، محاضر عدم الإعلان عن الأسعار، محضر إعدام سلع فاسدة ومجهولة المصدر) وذلك بمعرفة الجهات الرقابية الأخرى في وجود عضو الهيئة القومية لسلامة والغذاء وأعضاء اللجنة المشكلة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سلامة الغذاء الرقابة المنشآت الغذائية فروع الهيئة صالحة للاستهلاک الآدمی اشتراطات سلامة الغذاء القومیة لسلامة الغذاء الهیئة القومیة لسلامة من المواد الغذائیة هیئة سلامة الغذاء المنشآت الغذائیة منتهیة الصلاحیة حملات تفتیشیة حملة تفتیشیة مدیریة الصحة الطب البیطری منشأة غذائیة تفتیشیة على الغذائیة ا غذائیة من مشترکة مع عن تحریر عن إعدام على عدد کمیة من کما تم محضر ا

إقرأ أيضاً:

صرخة الخبز في غزة: الأسواق تحوّلت إلى ساحات تجويع وعقاب جماعي

نوثّق معاناة أهالي القطاع.. وشهود عيان: الغذاء أداة للقتل

مسئولة في برنامج الأغذية العالمي لـ«الأسبوع»: ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام

أمهات في غزة يُواجهن الموت جوعًا وألمًا في خيام لا تقي من الحر ولا تحمي من الخطر

ريهان: «مش محتاجين شفقة.. محتاجين نعيش بكرامة.. والعدس صار حلمًا»

رجاء: «المجاعة تفتك بالصغار قبل الكبار.. ونحاول فقط البقاء على قيد الحياة»

الاحتلال يقصف مراكز الإغاثة ويمنع دخول المساعدات.. والمجاعة باتت واقعًا لا تحذيرًا

رغيف الخبز حلم.. وعلبة الحليب سلعة نادرة.. والأطفال الجوعى ينتظرون الشفقة

نساء يُخاطرن بحياتهن للحصول على الطعام.. ومراكز الإغاثة تحوّلت إلى مصائد موت

مياه الشرب ملوّثة.. وحقوقي فلسطيني: تجويع المدنيين أداة للإبادة الصامتة

بقايا الأسواق تعمل بدون رقيب.. والمساعدات الإنسانية تُباع بأسعار خيالية

من كان يتخيل أن تتحول غزة، التي صمدت أسواقها الشعبية لعقود في وجه الحصار، إلى مسرح مجاعة يتصارع فيه الأهالي يوميًا على فتات البقاء؟ وبعد شهور من التجويع الإسرائيلي الممنهج، جاءت مصر، كعادتها، لتمارس دورها الأخلاقي والإنساني، معلنة استئناف إدخال المساعدات الغذائية والإنسانية عبر معبر رفح، وسط تعهدات رسمية بـ«توسّع ملموس» في المرحلة المقبلة، يفتح نافذة أمل وسط ركام الكارثة.

في لحظة بلغ فيها الجوع أقصى مداه، وانهارت الأسواق وسلاسل الإمداد تحت وطأة الحصار والعدوان، بدت غزة وكأنها تخرج من الزمن، لتصبح ساحتها اليومية صراعًا مريرًا من أجل النجاة، لا مجرد الحياة. من أسواق الشجاعية والزاوية وخانيونس، لم يتبقَّ سوى صدى أطلال صامتة، وغصة جوع ثقيلة، وخيام ممزقة لا تصدّ حرًّا ولا تردّ بردًا.

وسط هذا الخراب، تروي أمهات ومتضررون لـ«الأسبوع» مشاهد تقشعر لها الأبدان: أطفال يتظاهرون بالشبع كي لا يثقلوا كاهل أمهاتهم، رضّع ينامون على وجع بطونهم، ومقايضات مذلة بين علبة حليب وكيلو تمر، جوع لا يُقاس بالدخل، بل يُقاس بالبقاء، تجاوز الفقر ووصل حدود الإبادة، فيما تقر منظمات دولية أن ما يجري لم يعد أزمة عابرة، بل سياسة مُمنهجة تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان، نصفهم أطفال.

«في هذا المشهد القاسي، لا تكفي بيانات التضامن، ولا تنفع الخطب. ما يحتاجه الغزيون ممرٌ آمن لرغيف الخبز، وسندٌ حقيقي لصبر الأمهات اللواتي يقاومن المجاعة بالدموع والدعاء»، كما تقول الفلسطينية ريهان حازم شراب.

فقدنا الحياة

ريهان شراب

تقول «ريهان» من مدينة خانيونس، إحدى النازحات قسرًا لـ«الأسبوع»: الحياة التي كنا نعرفها لم تعد موجودة. تحوّلت إلى صراع يومي على أبسط مقومات البقاء، في خيمة صغيرة داخل مخيم مكتظ بالناجين من الموت، فيما التجويع المتعمد يقربنا منه. كل يوم أصعب من اللي قبله. لا كهربا، ولا غاز، والمياه غالبًا غير صالحة للشرب. الحرب سلبت منا كل شيء، حتى أبسط الأكلات صارت حلما. قلوبنا مليانة وجع. العدس، صار حلمنا».

ريهان، وهي أم لطفلين (راكان 10 سنوات، وتوتو 8 سنوات)، تعيش منفصلة مع طفليها منذ بداية الحرب، بعد أن تفاقمت مشكلاتها الزوجية تحت وطأة الظروف. تقول: «راح لأهله، وأنا مع أولادي عند أهلي». تتنقّل بين الخيام وبيت العائلة، لكنها منذ شهرين تعيش ظروفًا لا تُحتمل: «حرّ قاتل، الخيمة لا تقي من الشمس أو الغبار، والمياه قليلة، والأكل على قدّه».

تستعيد أيامها قبل الحرب: «كنا نعيش ببساطة وكرامة، نطبخ ونفرح ونتقاسم اللقمة». كانت تملك مشغلًا صغيرًا للمشغولات اليدوية في بيتها، مصدر رزق شريف يُعيل أسرتها، لكنه دُمّر مع البيت: «ضاع تعب سنين».

تضيف ريهان بحزن شديد: «أطفالي بيظلوا جوعانين، ما في شي. الأسعار نار، والسلع مش موجودة. الناس عم تبيع آخر ما تملك عشان علبة دواء أو علبة حليب أطفال»، تستكمل حديثها: «محمد، ابن شقيقتي، أبوه استُشهد بالحرب، وأمه

ما بتقدر ترضع طبيعي بسبب سوء التغذية والجوع. عنده فقر دم حاد، وقالوا لازم يتغذى، بس كيف؟ صرنا نعمل مقايضات، وآخر مرة أعطيتهم كيلو عجوة، وأخذت علبة حليب للطفل الرضيع».

تقسم «والله، الوضع أكبر من طاقتنا. كل يوم بدعي: يا رب يعدي اليوم على خير. مش طالبين رفاهية، بدنا نعيش بكرامة. إحنا مش محتاجين شفقة، بدنا الناس تفهم الحقيقة وتدعي لنا».

وعن مراكز توزيع المساعدات، تقول ريهان بنبرة تغلبها الحسرة: «أجوع، أتحمّل، أبلع القهر، بس ما أعرّض حياتي أو حياة أولادي للخطر. الطريق خطير، الفوضى مخيفة، والناس بتستغل وجعنا. أحيانًا أولادي يقولوا لي: يمّا، إحنا شبعانين، كلي إنتِ، وهم جعانين».

وعن التكيات، التي يُفترض أن تكون ملاذًا للفقراء، توضح ريهان واقعًا أكثر مرارة: «ليست دائمًا حاضرة، أحيانًا التوزيع بيكون لأسماء أو مناطق محددة. كثير ناس بيروحوا ويستنوا ساعات، ويرجعوا بدون شيء. حاولنا أكثر من مرة وما طلع لنا

إشي، يا بيقولوا التوزيع خلص، أو مش مسجّلين، أو إنه اليوم بس للعائلات النازحة الجديدة بس رغم هيك، بنضل نترجّى ربنا ييسّر، ويحنّن قلوب الناس علينا».

معاناة يومية رجاء حمدونة

من قلب المأساة، تروي «رجاء حمدونة» تفاصيل معاناتها اليومية لـ«الأسبوع»، وسط ظروف إنسانية متدهورة وأوضاع غذائية وصحية بالغة القسوة. تقول السيدة (التي تعول طفلة مريضة عمرها أربع سنوات، وتقيم في مخيم مخصص بأبناء الشهداء في مدينة خانيونس):

«الأوضاع صعبة جدًا، المجاعة تفتك بالصغار قبل الكبار. ابنتي تحتاج إلى تغذية خاصة، أعاني في محاولة توفير الطعام لها ولشقيقيها، بعد أن فقدت زوجي واثنين من أبنائي في الحرب. لا يوجد أي بدائل: لا طحين، ولا خبز، حتى التكية التي كانت تقدم وجبات بسيطة توقفت منذ أيام، بسبب قلة المواد الغذائية».

تشكو «رجاء» من تدهور الوضع الصحي لعائلتها نتيجة شُحّ الموارد الأساسية، وعلى رأسها مياه الشرب، فتقول: «مياه الشرب غير صالحة للاستهلاك. نشربها لأن لا خيار آخر. أنا وأطفالي نعاني من أعراض صحية خطيرة: إسهال مزمن، نزلات معوية، التهابات حادة في الأمعاء، آلام شديدة في المعدة، وهزال بسبب قلة الطعام وسوء التغذية. طعامنا دُقّة غزاوية: طحين أو عدس يُحمّص مع توابل بسيطة مثل الهيل والشطّة، تُتناول إما وحدها أو مع الخبز إذا توفّر».

تتابع، متأثرة بموقف يومي بسيط لكنه موجع: «قبل أيام، حاولت تجهيز طبق شوربة مكرونة لأطفالي، رغم عدم وجود صلصة. سكبت لابنتي الصغيرة صحنًا منها، لكنها قالت لي: «ماما، بدي أخليها للصبح عشان ألاقي أكل». هذه طفلة، أربع سنوات، صارت تحلم بحاجة تأكلها الصبح. البنت تأخذ أدوية مزمنة، وعلاجات لكهرباء زائدة بالجسم، قلة التغذية تؤثر على جسمها. أعيش بستر من الله وبعض المحسنين. نحاول فقط أن نبقى على قيد الحياة».

الإبادة الشاملة محمد أسليم

يتطرق المواطن الفلسطيني محمد أسليم، وهو محامٍ من شمال غزة ونازح في أحد المخيمات، خلال حديثه إلى «الأسبوع»، إلى ما وصفه بـ«الإبادة الجماعية» التي يتعرض لها سكان القطاع، موضحًا أن المأساة لم تعد تقتصر على القتل والإصابات المباشرة، بل امتدت إلى تفاصيل الحياة اليومية. يقول: «الأسواق أصبحت ساحة جديدة للانتهاكات. المشهد لم يعد يحتمل تأويلاً أخلاقيًا أو إنسانيًا، بعدما تحوّلت شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غنائم تستولي عليها عصابات منظمة، مدعومة ضمنيًا من الاحتلال، وتعمل تحت غطاء تأمين توزيع المساعدات».

يوضح اسليم: «ما يحدث استنزاف أخلاقي واقتصادي لكرامة المجوّعين. كيلو الدقيق يصل إلى 50 دولارًا، والسكر بـ100 دولار، حتى المساعدات المرسلة بأسماء منظمات إنسانية تُنهب وتُعرض علنًا في الأسواق. الموت جوعًا بات بديلًا لعدم الشراء».

يواصل حديثه برصدٍ واقعي لما آلت إليه حياة النازحين: «رغيف الخبز أصبح حلمًا. محظوظ من يستطيع تأمين وجبة طعام واحدة يوميًا. نحن أسرة مكونة من 7 أفراد، نشتري كل يوم أو يومين كيلو دقيق فقط، يكفي لنحو 10 إلى 12 رغيفًا من الخبز، نكتفي بوجبتين: نصف رغيف لكل شخص، وباقي اليوم نكتفي بتكية عدس نشربها دون خبز. هكذا نمضي يومنا. الواقع في غزة تجاوز الكارثة».

تحذير حقوقي

يحذّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أزمة تجويع ممنهجة تهدد قطاع غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد المستمر منذ 2 مارس، والذي أدى إلى انهيار خطير في الأوضاع الغذائية والصحية. ووفقًا للمركز، فإن الأزمة ليست طارئة بل ناتجة عن سياسة منظمة تستهدف المدنيين عبر تدمير البنية التحتية ومنع المساعدات وخلق فوضى تعيق الوصول إلى الغذاء.

وأكد مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمركز، فضل المزيني، لـ«الأسبوع»، تحقق المؤشرات الدولية الثلاث لإعلان المجاعة: تجاوز نسبة الأسر التي تعاني من انعدام شديد للغذاء 20%، والهزال الحاد لدى الأطفال 30%، وارتفاع متوقع في الوفيات المرتبطة بالجوع. وأضاف أن تقرير «شبكة التصنيف المرحلي المتكامل» (IPC) أظهر أن نحو نصف مليون شخص في غزة يعيشون في المرحلة الخامسة (الجوع الكارثي)، وأن جميع سكان القطاع يعانون بدرجات متفاوتة من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 71 ألف طفل و17 ألف امرأة بحاجة لتدخلات علاجية عاجلة.

وحذر المزيني من استخدام الاحتلال مراكز توزيع المساعدات منذ مايو كأداة للقتل، مشيرًا إلى مقتل 1061 فلسطينيًا وإصابة 5634 خلال محاولتهم الوصول للغذاء. ودعا الأمم المتحدة والمقرّر الخاص المعني بالحق في الغذاء إلى تقييم ميداني عاجل، محذرًا من أن تأخير إعلان المجاعة رسميًا سيؤدي إلى سقوط آلاف الضحايا.

وطالب المركز الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جريمة التجويع، والاتحاد الأوروبي بضمان تنفيذ تفاهماته مع إسرائيل بشأن دخول المساعدات ومراقبة آليات توزيعها، مؤكدًا أن بعض مراكز التوزيع تحوّلت إلى مصائد موت، خاصة للنساء، مع تصاعد الانتهاكات بحقهن.

ولفت المزيني إلى أن النساء يتحمّلن العبء الأكبر، إذ يُجبرن على السير لمسافات تتجاوز 5 كيلومترات دون وسائل نقل، تحت تهديد القتل والعنف. واستشهد بحادثة مقتل السيدة خديجة أبو عنزة (45 عامًا) برصاص الاحتلال خلال محاولتها الوصول إلى مركز توزيع مساعدات في غرب رفح، بالتزامن مع تخصيص «مؤسسة غزة الإنسانية» (الأمريكية- الإسرائيلية) ذلك اليوم لتوزيع المساعدات للنساء فقط.

تجويع.. وتهديدات فضل المزيني

قالت المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي، الدكتورة عبير عطيفة، في تصريحات خاصة لـ«الأسبوع»، إن قطاع غزة يواجه «مستويات غير مسبوقة من التجويع»، محذرة من أن الأوضاع الميدانية والأمنية تهدد العمليات الإنسانية وتفاقم الكارثة اليومية التي يعيشها السكان، وأوضحت عطيفة أن «التقييمات الأخيرة التي أجراها البرنامج أكدت أن نحو ثلث سكان غزة لا يتناولون الطعام لأيام متتالية، بينما يواجه ما يقرب من 470 ألف شخص ظروفًا كارثية تُصنف ضمن المرحلة الخامسة - الأعلى - من انعدام الأمن الغذائي» بحسب المؤشر الدولي.

ولفتت المسئولة الأممية إلى أن «البرنامج رصد ارتفاعًا حادًا في معدلات سوء التغذية، خاصة بين النساء والأطفال، إذ يحتاج نحو 90 ألفًا منهم إلى تدخل علاجي فوري». وشددت على أن المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج باتت «السبيل الوحيد لبقاء الغالبية العظمى من السكان على قيد الحياة، وسط ظروف استثنائية من العجز الكامل وانهيار الخدمات الأساسية».

وحذّرت عطيفة من أن أي تأخير في دخول قوافل الإغاثة يؤدي إلى تجمهر مئات المدنيين الجائعين على طول الطرق المعروفة لمسارات الشاحنات، ما يعرضهم وفرق البرنامج إلى مخاطر جسيمة تشمل: «القصف، نيران القناصة، المراقبة الجوية، وأعمال عدائية نشطة».

وأكدت أن البرنامج «سجل وقوع حوادث قاتلة قرب قوافل إنسانية»، معتبرة أن «أي عنف يُمارَس ضد مدنيين يبحثون عن الغذاء هو انتهاك صريح للمبادئ الإنسانية الأساسية». وأشارت إلى أن البرنامج تمكن منذ 21 مايو الماضي من تفريغ 1387 شاحنة محملة بأكثر من 26 ألف طن متري من المساعدات الغذائية عند معبري كرم أبو سالم جنوبًا وزيكيم شمالًا، تم إدخال 22 ألف طن متري منها إلى غزة عبر 1833 شاحنة.

لكن عطيفة نبّهت إلى أن هذه الكميات «لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من الاحتياج الفعلي»، مؤكدة أن الوضع يتطلب دخول أكثر من 62 ألف طن متري شهريًا لتأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية لسكان القطاع. وأضافت: «الوصول إلى الغذاء الطازج والمغذي مثل الخضروات والفواكه واللحوم ومنتجات الألبان أمر غير ممكن حاليًا دون السماح بإعادة إدخال البضائع التجارية».

كما أشارت إلى أن أسطول الشاحنات التابع للبرنامج يواجه صعوبات كبيرة في الصيانة، بسبب نقص قطع الغيار والقيود المفروضة على دخول المعدات، ما يهدد استمرارية العمليات الإنسانية في الميدان.

وفيما يتعلق بالمساعدات الجاهزة للتوزيع، قالت عطيفة إن «نحو 3500 طن متري من الغذاء - تعادل حمولة 300 شاحنة - لا تزال بانتظار الاستلام داخل غزة»، رغم جاهزيتها، مشيرة إلى أن الفترة بين 19 و25 يوليو الجاري شهدت دخول 349 شاحنة محمّلة بـ4200 طن متري من الغذاء، بينما تلقى البرنامج 138 طلب إذن لتسيير القوافل، لم يُوافق سوى على 76 منها.

ولفتت إلى أن سائقي القوافل يضطرون للانتظار حتى 46 ساعة بعد التحميل للحصول على تصاريح المرور، مما يؤدي إلى تجمهر المدنيين الجوعى على الطرق. وأوضحت أن مهمة إيصال الشاحنة الواحدة قد تستغرق 12 ساعة في المتوسط لإتمامها بعد التحرك.

واختتمت المسئولة الأممية حديثها بالتأكيد على أن «برنامج الأغذية العالمي يستخدم معبرين فقط حتى الآن، مع محدودية الطرق الآمنة والمفتوحة»، مضيفة أن البرنامج لا يمتلك سوى 60 سائقًا معتمدًا لنقل المساعدات داخل القطاع، وهو عدد «غير كافٍ مطلقًا» لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وشددت على أن البرنامج «جاهز لتوسيع نطاق عملياته على الفور»، حال توافرت الشروط المطلوبة، لضمان وصول الغذاء إلى من هم في أمسّ الحاجة إليه، في الوقت المناسب، وبشكل آمن وكريم.

مقالات مشابهة

  • «الغذاء والدواء» توقف خطوط إنتاج غذائية وتتخذ إجراءات تصحيحية بحق منشآت مخالفة
  • الغذاء والدواء توقف خطوط إنتاج غذائية وتتخذ إجراءات تصحيحية بحق منشآت مخالفة
  • الشباب والرياضة تستكمل الحملة القومية «شارك.. الكلمة كلمتك» بمختلف المحافظات
  • حملات تفتيشية مفاجئة بمستشفى ووحدة صحة سفاجا
  • إنشاء 6 أسواق سمكية حديثة في المحافظات
  • رزيق:الجزائر تدعو  إلى تحرك دولي عاجل وفوري لإيصال المساعدات الغذائية إلى غزة
  • 4 نصائح من «القصيم الصحي» لضمان سلامة الغذاء خلال فصل الصيف
  • ضبط كيان وهمي لإنتاج المياه والخل في المنوفية.. آلاف الزجاجات بمواصفات خطيرة
  • صرخة الخبز في غزة: الأسواق تحوّلت إلى ساحات تجويع وعقاب جماعي
  • تموين قنا: ضبط 259 مخالفة خلال حملات مكثفة لضبط الأسواق