إيران وإسرائيل: وجهان لعملة واحدة أم قشة أمل للمواطن العربي؟
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
صحيح أن الكثير من السنّة يرون في إيران وإسرائيل وجهين لعملة واحدة، تمثلان تهديدا للمصالح العربية، وربما هم محقون في مشاعرهم، لكن ما يغفله هؤلاء هو أن المواطن العربي البسيط لا يهتم بتلك الحسابات السياسية المعقدة، فكل ما يهمه هو الخلاص من الظروف الصعبة التي يعيشها، بغض النظر عن مصدر الدعم.
الفلسطيني الذي يُقصف يوميا، لا يعنيه من أين يأتيه الدعم طالما أن هناك من يقف إلى جانبه، كالظمآن الذي يبحث عن قطرة ماء.
كما أن المواطن العربي الذي يجد نفسه يعيش تحت وطأة الظلم والاستبداد والفقر، فإن مفهوم زعزعة استقرار الدول لا يبدو له تهديدا كما هو للحكام وحلفائهم. بل على العكس، ولو أتيحت له فرصة امتلاك مصباح علاء الدين، فقد تكون أمنيته الأولى زوال من جعله يعيش تحت وطأة تلك الظروف القاسية.
وبنظرة واحدة على الكُتّاب والمغردين، نجد أن من حباهم الله بنعيم الأمن والاستقرار ينتقدون إيران بسهولة، بينما من أضناه تعب القدر وضنك العيش لا يتحدث بالطريقة ذاتها. هؤلاء يرون في أي دعم، حتى لو كان من إيران، قشة أمل، لأنهم يعيشون واقعا لا يملكون فيه رفاهية الاختيار.
وحتى يأتي من ينصر إخواننا، سيظل التعلق بأي دعم إيراني يُنظر إليه كخلاص مؤقت أو إبرة تخدير لألم مستدام، في ظل غياب البدائل الأخرى، حتى لو قيل إن الصواريخ الإيرانية أشبه بـ"الألعاب النارية" وبـ"تنسيق" ما بين واشنطن وتل أبيب.
الفلسطينيون لا يحتاجون إلى علب عصير أو مربى أو بسكويت، ولا حتى إلى ضمادات ومعدات طبية، بقدر ما يحتاجون إلى دعم استراتيجي ونوعي يعيد لهم قوة المقاومة التي توقفت منذ أكثر من عقد ونصف.
غياب الدعم للمقاومة "السنية" لم يترك لهم خيارا سوى اللجوء إلى إيران. وفي ظل هذا الواقع، لم يعد من الغريب أن يشعر البعض، وخصوصا جموع العرب السنة، بأن الدعاء لانتصار إيران على إسرائيل هو الخيار الوحيد المتبقي، في ظل غياب البدائل العربية الحقيقية. ومع ذلك، فإن هذا الحراك الإيراني لا يعني إنكار تهديداتهم للمنطقة، ولا يُغير نظرتنا تجاههم أو تجاه ممارساتهم بأي شكل من الأشكال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران الدعم الفلسطيني المقاومة إسرائيل إيران إسرائيل فلسطين دعم المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
غياب الإرادة الوطنية وراء شحة المياه في العراق
آخر تحديث: 9 يونيو 2025 - 1:17 مبقلم:سعد الكناني الماء هو عصب الحياة والمساهم الرئيسي في الأمن الغذائي والبيئي والصحي والمجتمعي والاجتماعي، ومن مشاكل العراق الرئيسية بعد 2003 ملف المياه، باعتبار أزمته قضية وطنية تتطلب تنسيقاً فعالاً بين حكومات دول المنبع (إيران، تركيا) والمصب العراق، والعمل الجاد على حماية الموارد المائية التي تهدد الأمن القومي للبلاد وتمثل إعلان حالة الحرب من قبل دول المنبع لأن العراق يعتمد بنسبة كبيرة على المياه التي تأتي من خارج حدوده بنسبة (70%-80%) من موارده المائية. إيران قامت بقطع المياه عن العراق وحولت (42) رافدا يصب في العراق إلى عمقها الجغرافي دون حراك من قبل حكومات التبعية والولاء، ولم يتجرأ أي مسؤول تنفيذي أو نائب بتوجيه الاستنكار إلى إيران أو تقديم شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة والمحاكم الدولية ذات العلاقة لمخالفتها القوانين الدولية وعلاقات دول الجوار. تركيا أيضاً خفضت حصة العراق العادلة من المياه كدولة مصب في حوضي دجلة والفرات، وكذلك لم تستخدم حكومة محمد السوداني الإجراءات اللازمة لتفرض على إيران وتركيا تدفق المياه بشكل عادل لتلبية احتياجات السكان، والتقليل من آثار شحة المياه التي تعاني منها البلاد بشكل متزايد، وهو يعاني في العام الحالي (2025) إلى أسوء خزين مائي الذي ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني. ورغم خطورة هذا الملف الحساس، لم يعقد مجلس النواب أي جلسة استثنائية او حتى خلال جلساته الاعتيادية لمناقشة العدوان التركي الإيراني المائي، ولن يناقشوا حتى ولو وصلت نسبة شحة المياه لدرجة العطش، ما دامت إيران طرفا في موضوع الجفاف، فأحد النواب الإطاريين قال في تصريح رسمي “لا داعي لعقد جلسة خاصة بسبب شحة المياه لأن الحسين مات عطشانا في واقعة كربلاء “!!، عجز اللسان عن وصف هذا النائب والأخرين من أمثاله!، وشحة المياه تسببت التالي: – فقدان 60% من الاراضي الزراعية المروية بمياه الأنهار بحسب بيان لوزارة الزراعة. تهجير السكان من بعض القرى والمناطق الزراعية. زيادة الاعتماد على استيراد الغذاء. تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. حكومة السوداني غير جادة بمعالجة شحة المياه وتعتبر هذا الملف اسبقية متأخرة قياسا بـ ” الولاية الثانية ” لإبقاء العراق في مستنقع أزماته لاستمرار انتفاخ الجيوب من السحت الحرام، والغريب والعجيب أن سكان المناطق الشيعية هم الأكثر تضررا من فقدان المياه وهم يشكلون الحاضنة الانتخابية لمكونات الإطار الحاكم. الرئيس محمد السوداني التقى أربع مرات بالرئيس التركي اردوغان في بغداد وأنقرة ولم يطالب الجانب التركي بشكل جاد وحازم بحصة العراق العادلة من المياه، بل قدم لتركيا مكافئات تجارية واستثمارية، فعلى صعيد التجارة وصل حجم الصادرات التركية للعراق في زمن السوداني إلى أكثر من (20) مليار دولار سنوياً، وهناك إتفاق عراقي تركي ليصل إلى (30) مليار دولار سنويا على أمل أن يقابلها تحسن في تدفق المياه من الجانب التركي، اما حجم الاستثمار التركي في العراق وصل إلى (35)مليار دولار. حتى طريق التنمية فهو في صالح تركيا أكثر من العراق، ولم تستخدم حكومة السوداني الجانب الاقتصادي كورقة ضغط على تركيا، وجيشها ما زال يحتل شمال العراق ويتوسع في بناء قواعده العسكرية. اما مع الجانب الإيراني فلا أحد يستطيع ان يفتح فمه معها سواء من قبل الحكومة أو من قبل النواب، بل ذهبت حكومة السوداني الى مكافئتها من خلال إبرام العقود التجارية والاقتصادية المبالغ بأرقمها حيث وصل حجم صادراتها خلال الأشهر العشرة الأخيرة إلى (15) مليار دولار، والسوداني يطمح ان يرتفع الرقم إلى (25) مليار دولار سنوياً، وقيمة استثماراتها في العراق نحو (70) مليار دولار! ، إيران تعد العراق الرئة الاقتصادية الأهم لها في المنطقة وأكبر سوق لتصدير منتجاتها المتنوعة ، خاصة خلال فترة العقوبات وسياسة “الضغوط الأقصى” التي فرضتها الولايات المتحدة. تركيا وإيران تعتبران المياه سلعة تجارية وهما تضربان عرض الحائط بالاتفاقات الدولية التي تنص على حصة دولة المصب من المياه بسبب ضعف تلك الدولة وغياب الإرادة الوطنية. وفي ظل هذا التوجه، يتحول الشعار القديم (النفط مقابل الماء) الذي سمعنا به طيلة السنوات الماضية، إلى واقع جديد عنوانه (الاستيراد مقابل الماء) وهذه المعادلة تحمل في طياتها تهديداً خطيراً للزراعة والثروة الحيوانية والصناعات المحلية، إذ تجعل الاقتصاد العراقي مرتهنًا بإرادة الطرف الخارجي. وعلى حكومة السوداني أن تخرج بتوضيح رسمي يبين فيه كيفية تحقيق توازن تجاري يحفظ مصلحة العراق، بدلاً من الإضرار بقطاعاته الإنتاجية واستقلاله الاقتصادي. ما يحتاجه العراق اليوم وغداً تفعيل دبلوماسية المياه من خلال المفاوضات الجادة الحاسمة وليس التراخي ومكافئة دول المنبع تجاريا واقتصاديا على حساب العراق وأهله.