المتصهينون.. أدواتُ الاحتلال وخيانةُ المبدأ
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
شاهر أحمد عمير
في عالم يموج بالتحديات والمواقف، يبرز نوع خاص من الأشخاص الذين اختاروا الاصطفاف إلى جانب الظلم والعدوان، متخذين مواقف خجولة أَو صامتة تجاه “إسرائيل” وعدوانها المُستمرّ. هؤلاء المتصهينون يمثلون حالة من الخيانة للمبدأ والقيم الإنسانية، حَيثُ تحولوا إلى أدوات للعدو الإسرائيلي، سواء بوعي منهم أَو بدونه، يعملون على تشويه الحقائق وتوجيه اللوم إلى كُـلّ الأطراف ما عدا الجهة المسؤولة عن مآسي المنطقة.
تاريخيًّا، الصهيونية لم تكن فقط مشروعًا استعماريًّا يهدف إلى سرقة الأراضي الفلسطينية وطرد أهلها منها، بل كانت أَيْـضاً مشروعًا يسعى لتغيير وعي الناس في المنطقة. ومن هنا، ظهرت ظاهرة التصهين كواحدة من أخطر الأدوات، حَيثُ يقوم المتصهين بتبرير الجرائم الإسرائيلية وينساقون خلف دعايات الإعلام المغرضة التي تبرّر العدوان وتصور المعتدين كضحايا.
في مشهد الصراعات السياسية والقومية، يظهر نوع من البشر الذين يتسمون بالتخاذل والتناقض. هؤلاء هم “المتصهينون” الذين يختارون الصمت أَو حتى الانبطاح أمام الظلم الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته يسخرون من الآخرين ويهاجمونهم بلا وازع من ضمير. يشبه هؤلاء المتصهينون الحمار الذي لا يشارك في سباق الخيل، ولكنه يجد متعة في السخرية من الحصان الخاسر.
المفارقة تكمن في أنهم لا يجرؤون على توجيه أي نقد لإسرائيل، العدوّ الحقيقي الذي تسبب في معاناة شعوب المنطقة لعقود. مُجَـرّد كلمة نقد واحدة تجاه “إسرائيل” لا تكلفهم سوى فتح أفواههم، ومع ذلك، يفضّلون توجيهَ اللوم إلى كُـلّ من حولهم: الحكومات، الشعوب، وحتى الحركات التي تقاوم الاحتلال، دون أن يكون لديهم شرف اتِّخاذ موقف واضح ومعلن.
التصهين ليس مُجَـرّد موقف سياسي، بل هو انحراف أخلاقي وقيمي. حينما يختار الإنسان أن يغمض عينيه عن الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين، ويلتزم الصمت أمام القصف والتشريد، فَــإنَّه لا يتخلى فقط عن إنسانيته، بل يتماهى مع العدوّ، ويصبح شريكاً غير مباشر في تلك الجرائم. التصهين يمكن أن يكون في شكل كلمات، أَو مواقف، أَو حتى في غياب أي موقف.
قد يدعي البعض أن الانتقاد أَو المعارضة تحتاج إلى ظروف مناسبة أَو إلى فرص سانحة، ولكن الحقيقة هي أن الشخص الذي يريد أن ينتقد بشجاعة عليه أولاً أن يعدل “وضعية انبطاحه”. أن تقف وتقول الحق يتطلب شرفًا وكرامة، سواءٌ أكنت فرداً بسيطاً أَو شخصية عامة.
الوقوف ضد التصهين لا يعني فقط انتقاد “إسرائيل”، بل هو موقف شامل ضد كُـلّ أشكال التطبيع والتخاذل والانحياز للمحتلّ. التصهين خطر يهدّد المجتمعات؛ لأَنَّه يغرس ثقافة الخنوع ويشرعن للظلم تحت ذرائع مختلفة. علينا جميعاً أن نكون واعين بأن الصمت عن التصهين هو مشاركة في هذا الانحراف، وأن المسؤولية الأخلاقية تقع على عاتق كُـلّ فرد أن يكون له موقف شجاع وصريح.
الصراع الحقيقي ليس فقط على الأرض، بل هو أَيْـضاً صراع على القيم والمبادئ. أن تكون شجاعاً يعني أن تواجه الظلم أينما كان، وأن تقول الحقيقة حتى لو كانت غير مريحة. أما المتصهين، فَــإنَّه سيبقى كما هو: حمارًا لا يشارك في السباق، ولكنه يسخر من الجميع بلا أي إنجاز.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. هولندا تدرج الاحتلال الاسرئيلي ضمن الدول التي تشكل تهديداً
أدرجت هولندا الاحتلال الاسرائيلي لأول مرة على قائمة الدول الأجنبية التي تشكل تهديداً للبلاد، مشيرة إلى المحاولات الإسرائيلية للتأثير على السياسة والرأي العام الهولندي من خلال التضليل، بحسب وكالة الانباء السورية “سانا”.
وأعربت وكالة مكافحة الإرهاب الرئيسية في هولندا عن قلق متزايد بشأن التهديدات المتزايدة من كل من إسرائيل والولايات المتحدة الموجهة ضد المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، محذراً من أن مثل هذا الضغط يهدد بإضعاف عمل المحكمة.
وأوضحت أن هولندا باعتبارها الدولة المضيفة للهيئات القانونية الدولية الرئيسية، تتحمل “مسؤولية خاصة” لحماية عملها من التدخل الخارجي.
و جاء ذلك في وثيقة صادرة عن وكالة مكافحة الإرهاب الرئيسية في هولندا، التي تعد المنسق الوطني الهولندي للأمن ومكافحة الإرهاب (NCTV)، بحسب وكالة أنباء الأناضول التركية.
وتشير الوثيقة التي تحمل عنوان “تقييم التهديدات من الجهات الفاعلة في الدولة” إلى جهود إسرائيل التلاعب بالرأي العام الهولندي والتأثير على صنع القرار السياسي من خلال حملات التضليل.
وتتعلق إحدى الحوادث المذكورة في التقرير بوثيقة وزعتها وزارة إسرائيلية العام الماضي على صحفيين وسياسيين هولنديين عبر قنوات غير رسمية “تحتوي تفاصيل شخصية غير مألوفة وغير مرغوب فيها عن مواطنين هولنديين، وذلك في أعقاب توترات خلال تجمع لمشجعي فريق “مكابي تل أبيب” لكرة القدم في أمستردام”.