مفتي الجمهورية: دورنا محوري في نشر الوسطية ومواجهة التطرف
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
افتتح الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ندوة «بدايةٌ جديدةٌ لبناء الإنسان المصري»، قائلا إنّها تأتي في إطار جهود دار الإفتاء المصرية لدعم المبادرة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، للتأكيد على أهمية الدور المحوري للفتوى الرشيدة في عملية بناء الإنسان المصري بناءً متكاملًا يُسهم في تحقيق النهضة الحضرية التي نعيشها وتسعى إليها الدولة المصرية، من خلال تسليط الضوء على الفتوى الوسطية كأداةٍ لبناء المجتمعات وتنميتها على أسسٍ علميةٍ وروحيةٍ.
وقال عياد في كلمته إنّ ما دعانا إلى هذا الأمر هو تفعيل استراتيجية الدولة المصرية في عملية بناء الإنسان؛ باعتبار دار الإفتاء المصرية أحد أهم مكونات الدولة ومؤسساتها الدينية والمجتمعية، إضافة إلى اضطلاع دار الإفتاء المصرية بدورٍ محوري ورئيسٍ في نشر الوسطية والاعتدال ومواجهة الفكر المتطرف في الداخل والخارج، وما يترتب عليه من هدمٍ للمبادئ والقيم الإنسانية والمجتمعية.
بناء الإنسانوأضاف مفتي الجمهورية: «نقصد ببناء الإنسان ضرورة إعادة تكوينه وإعداده جيدًا؛ حتى يؤدي وظائفه الدينية والوطنية والدنيوية بجدارةٍ واقتدارٍ، هذا المعنى قد اهتمَّ به الإسلام اهتمامًا بالغًا، ومن ثم عزَّز في الإنسان عقيدة التوحيد الخالص وضرورة مراقبة الله تعالى في كل الأحوال، قال تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم﴾، ومنحه الحرية التامة للتدين واختيار الإيمان، قال تعالى: ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، كذلك حافظ المولى عزَّ وجلَّ على كرامته حيًّا وميتًا، عدوًّا وصديقًا، مسلمًا وغير مسلمٍ، في السلم والحرب، حيث قال تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلًا﴾، كما اعتبره إحدى أهم الركائز في البناء الحضاري وتعمير الأرض، قال تعالى: ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، وراعى بشريته في التكليف بالأوامر والنواهي، فكلفه قدر استطاعته، ولم يكلفه ما لا يطيق، قال تعالى: ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾».
إعادة بناء الوعي المعرفي والثقافي للإنسان المعاصروشدد مفتي الجمهورية على أنّ الله عز وجل قد منح الإنسان العقل الذي تميز به عن باقي المخلوقات، وجعله أداةً رئيسيةً في اكتشاف العلوم والمعارف التي من شأنها أن تبني الحضارات، وذلل له الأرض حتى يستطيع العيش فيها بسلامٍ وأمانٍ، قال تعالى: ﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور﴾، كما سخر له كل ما في السماوات والأرض بما يساعده على التفكر والتدبر والاستنباط، وتابع: «وأسس علاقاته المجتمعية على التعاون، والبر، والقسط، والفضل، ورفع عنه التكليف إذا وقع في الخطأ أو النسيان أو ما استكره عليه»، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
في السياق ذاته أشار مفتي الجمهورية إلى أنّنا إذا استقصينا ركائز بناء الإنسان في الإسلام فلن يكفينا هذا المقام، ويكفي أنّه قد وردت لفظة إنسانٍ في القرآن الكريم مفردةً في 64 موضعًا، ومجموعةً 172 مرةً، وهذا يؤكد عناية الإسلام بالإنسان في جميع المناحي الدينية والدنيوية.
وأوضح أنّ عملية بناء الإنسان التي نسعى إليها تتطلب أمرين: الأول: ضرورة إعادة بناء الوعي المعرفي والثقافي للإنسان المعاصر، وهذا يتطلب منا التعاون والتضافر نحو بذل الجهود الكبيرة في إعداد البرامج التربوية والتأهيلية التي تعيد تشكيل الوعي المعرفي والثقافي عند الإنسان، مع ضرورة أن تستمر هذه الجهود في تحقيق استراتيجية التأهيل والتربية بشكلٍ جاد وحاسمٍ، حتى يستطيع الإنسان تحقيق التوازن بين المتطلبات الدينية والدنيوية.
الثاني: ضرورة تحصين الفكر والهوية الدينية والوطنية، ووضع البرامج والاستراتيجيات الجادة التي تضمن لنا تحصين الإنسان المعاصر من الانزلاق والانجرار نحو الفكر المتطرف بنوعيه الديني واللاديني، الذي يسعى كل منهما لسلخ الهوية الدينية والوطنية من الإنسان.
وأكد أنّه بناءً على هذه التحديات المشتركة أعلن في هذه الندوة جاهزية دار الإفتاء المصرية بالانخراط المؤسسي الجاد في كل هذه البرامج التي من شأنها أن تحافظ على الإنسان المصري وتستعيد دوره المحوري في الإسهام الحضاري والعمراني في العالم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دار الإفتاء الفتوى مفتي الجمهورية بناء الإنسان دار الإفتاء المصریة مفتی الجمهوریة بناء الإنسان قال تعالى
إقرأ أيضاً:
مفتي المملكة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم الحج
رفع سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، التهنئة المقرونة بصادق الدعاء والثناء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- بمناسبة نجاح موسم حج هذا العام 1446هـ، سائلًا المولى تعالى أن يجزي القيادة الرشيدة خير الجزاء وأوفاه على ما تبذله من جهود كبيرة أسهمت في التيسير على الحجاج والمعتمرين والزوار في موسم حج استثنائي يضاف للنجاحات التي حققتها المملكة خلال السنوات الماضية.
وقال سماحته في كلمة بهذه المناسبة: “إن من نعم الله تعالى على هذه البلاد المباركة نعمة الإيمان والتوحيد وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار حيث شرف الله سبحانه قادة هذه البلاد منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- بالقيام على شؤون المسلمين ورعاية وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما فقد سجلت هذه البلاد نجاحات باهرة ومتواصلة في إدارة الحج وصولاً إلى هذا العهد الزاهر الميمون الذي أصبح الحج ميسر والخدمات على أكمل وجه وأبهى صورة”.
وبين أن ما تحقق في موسم حج هذا العام 1446هـ هو امتداد لمسيرة النجاح والتميز لجميع الجهات الحكومية والأهلية التي تعمل لخدمة الحجاج بمتابعة دؤوبة من سمو ولي العهد الأمين -حفظه الله- الذي يتابع أداء كل الجهات المعنية بخدمة الحجاج ويقف على تحقيق النجاح وتميز مخرجات العمل وإتقانه.
وأشار سماحة المفتي إلى أن هذا النجاح يأتي تأكيدًا على ما تمتلكه هذه البلاد المباركة من قدرات راسخة على إدارة أعظم تجمع بشري على وجه الأرض في بقعة جغرافية ذات تضاريس باحترافية عالية، ويجسّد الرسالة السامية والإنسانية تجاه خدمة ضيوف الرحمن الذي قدموا من كل فجّ عميق ليشهدوا منافع لهم.
ولفت الانتباه إلى أن هذا النجاح ـ تحقق بعد توفيق الله ـ بفضل التوجيهات السديدة والرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والمتابعة الحثيثة من سمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- اللذين جعلا خدمة الحجاج أولوية قصوى ومسؤولية شرف، ضمن منظومة متكاملة من الاستعداد والتخطيط والتنفيذ المحكم.
ونوه سماحته بالالتزام الصارم الذي تحقق في هذا الموسم بتطبيق جميع الأنظمة والتعليمات المنظمة لشعيرة الحج، وفي مقدّمتها منع الحج دون تصريح، والتعامل الحازم مع المخالفين، مما أسهم في تحقيق الانضباط وتقليل المخاطر، وتعزيز راحة الحجاج، وسلاسة تنقلاتهم في المشاعر المقدسة، وقد ساند هذا النهج الأمني الصارم، دور توعوي وإرشادي فاعل قامت به كل الجهات الحكومية المعنية بمجالات التوعية والإرشاد ومنها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء التي تشرفت بالعمل على تقديم الفتاوى الشرعية للحجاج والمعتمرين ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد التي كلفت 1700 من العلماء وطلبة العلم والدعاة للقيام بمهمة الدعوة وتوعية حجاج بيت الله الحرام اتساقًا مع رسالتها السامية.
وأشاد سماحته بالتكامل النموذجي الذي تحقق بالموسم بين مختلف القطاعات الأمنية والعسكرية، والخدمية والصحية والتنظيمية، مما عكس الجاهزية الشاملة التي تتمتع بها المملكة.
وعد سماحة مفتي عام المملكة نجاح موسم الحج لهذا العام امتدادًا لنجاحات متتالية تؤكد ما تملكه المملكة من قدرات متقدمة، وخبرات عريقة، وبنية تحتية رائدة، وإستراتيجيات دقيقة في إدارة الحشود وخدمة ضيوف بيت الله الحرام على اختلاف لغاتهم، مما يعزز مكانتها الدولية ويؤكد وفاءها برسالتها العظمى، سائلًا المولى تعالى أن يحفظ هذه الدولة المباركة بقيادتها الرشيدة وأن يتقبل من الحجاج حجهم وصالح أعمالهم.