مذكرات كريستوفر كولومبس.. لغز المستشكف صاحب أبشع جريمة إبادة جماعية في التاريخ
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
رسم التاريخ المعاصر بين وريقاته صورة كريستوفر كولومبس، على أنه المستكشف الأعظم، وفي الواقع كان السفاح الأبشع في التاريخ، ففي رحلته لاكتشاف طرق أخرى في البحر عبَر المحيط الأطلسي، وصل إلى جزر غريبة يعيش بها أُناس بدائيون تمامًا، لا يملكون أسلحة ويتحدثون بلغة لا يعرفها.
كانت تلك الجزر في البحر الكاريبي، وسُميت فيما بعد بالأمريكتين، وما حدث لهؤلاء القوم أو الهنود الحُمر كما أطلق عليهم على يد هذا المستكشف وجماعته، كان أبشع جريمة إبادة، وإليك القصة كاملة من مذكرات «كولومبس».
في 12 أكتوبر 1492، وصل كريستوفر كولومبوس إلى سان سلفادور، وهي جزيرة تقع في جزر الباهاما حاليًا، وكتب عن الأراواك الأصليين الذين قابلهم هناك في مذكراته: «كانوا يتمتعون ببنية جيدة، وأجسام جيدة وملامح جميلة، إنهم لا يحملون أسلحة، ولا يعرفونها، أريتهم سيفًا، فأخذوه من حده وقطعوا أنفسهم من جهلهم، ليس لديهم حديد، رماحهم مصنوعة من القصب، سيكونون خدما جيدين مع خمسين رجلاً، يمكننا إخضاعهم وجعلهم يفعلون ما نريده»، بحسب ما ذكره موقع «chieftain».
وفي جزء آخر من مذكرات «كولومبس» كتب: «مجرد وصولي إلى جزر الهند، على الجزيرة الأولى التي وجدتها، أخذت بعض السكان الأصليين بالقوة، حتى يتمكنوا من التعلم وإعطائي معلومات عن أي شيء موجود في هذه الأجزاء»، خطر على باله أن الجزر بها مناجم ذهب هائلة، لذا تعامل مع السكان المُسالمين بوحشية حتى يحصل على خيراتهم، وفي طريق عودته من رحلته الأولى، كتب رسالته: «إلى صاحبي السمو الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا، أعدكم بقدر ما تريدون من الذهب والتوابل والقطن، بقدر ما يأمر به سموكما، والعبيد بقدر ما تأمران به، والذين سيكونون عبدة أوثان».
رحلة كولومبوس الثانية وخطة الإبادةفي رحلته الثانية، أسس كولومبوس مستوطنة أطلق عليها اسم «إيزابيلا»، على جزيرة أطلق عليها اسم «هيسبانيولا»، في ولاية هايتي الحالية، والتي تقع في بحر الكاريبي بأمريكا اللاتينية، وهناك استعبد الآلاف من الأراواك، وهم السكان الأصليين للمكان، وأجبر العديد منهم على العمل حتى الموت في محاولة عبثية لاستخراج الذهب من الأرض التي كانت تحتوي على كميات ضئيلة من المعدن، وأرسل 500 عبد إلى إسبانيا، لقي 200 منهم حتفهم أثناء الرحلة، ولكن دون أن يتراجع عن قراره، إذ كتب: «دعونا باسم الثالوث الأقدس نواصل إرسال كل العبيد الذين يمكن بيعهم».
وفي كتاب «تاريخ جزر الهند» وثق القس الدومينيكي بارتولومي دي لاس كاساس، أحد المرافقين لرحلة كريستوفر كولومبس بعض من الأهوال التي جلبها المستكشف الأمريكي وأتباعه إلى منطقة البحر الكاريبي، وأماكن أخرى في أمريكا اللاتينية: «إن الشهادات التي لا نهاية لها تثبت المزاج الهادئ والمسالم للسكان الأصليين، ولكن عملنا كان إثارة الغضب والتخريب والقتل والتشويه والتدميرـ فلا عجب إذن أن يحاولوا قتل واحد منا بين الحين والآخر، الأدميرال (كولومبوس) كان أعمى مثل أولئك الذين جاءوا بعده، وكان حريصًا جدًا على إرضاء الملك، لدرجة أنه ارتكب جرائم لا يمكن تخيلها ضد الهنود».
أجبر «كولومبس» الأراواك المستعبدين، على العمل في المناجم ليل نهار، حتى كان الأزواج والزوجات يجتمعون مرة واحدة كل ثمانية أو تسعة أشهر، وعندما يجتمعون يكونونوا منهكين ومكتئبين من كلا الجانبين، ويتوقفون عن الإنجاب، أما بالنسبة للأطفال حديثي الولادة، فقد ماتوا مبكرًا، لأن أمهاتهم منهكات في العمل الشاق ويعيشن مجاعة، بعد أن حرمهم كولومبس وأتباعه خيرات بلادهم، فلم يكن لديهن حليب لإرضاعهم، ولهذا السبب أثناء وجوده في كوبا، مات 7 آلاف طفل في ثلاثة أشهر.
وذكر«بارتولومي» أن بعض الأمهات أغرقن أطفالهن من شدة اليأس، وعلى هذا النحو مات الأزواج في المناجم، وماتت الزوجات في العمل، ومات الأطفال، بسبب نقص الحليب، وفي وقت قصير أصبحت هذه الأرض التي كانت عظيمة وقوية وخصبة للغاية، خالية من السكان: «لقد رأت عيني هذه الأفعال الغريبة عن الطبيعة البشرية، والآن أرتجف وأنا أكتب».
كاتب سيرة كولومبوس صمويل إليوت موريسون من جامعة هارفارد، اعترف ولو بشكل عابر تقريباً، بأن السياسة القاسية التي بدأها كولومبوس وانتهجها خلفاؤه، أسفرت عن إبادة جماعية كاملة، لم يخترع كولومبوس العبودية، ولكنه مارسها بكل عنف، أدت إلى نشر الأمراض التي كان معظمها الإنفلونزا، والجدري، والحصبة في منطقة البحر الكاريبي في غضون 100 عام.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الهنود الحمر البحر الكاريبي
إقرأ أيضاً:
اتهامات لبنك فرنسا المركزي بالتواطؤ في إبادة التوتسي في رواندا
قدّم كلّ من دافـروزا وآلان غوتييه، المعروفين بملاحقتهما للمسؤولين عن الإبادة الجماعية في رواندا على الأراضي الفرنسية، و"الائتلاف المدني لرواندا" شكوى جديدة أمام قضاة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في باريس تتهم بنك فرنسا بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية"، بعد 31 عاما على إبادة التوتسي.
وبحسب المعلومات التي جمعتها صحيفة ليبراسيون الفرنسية ووحدة التحقيقات في إذاعة فرنسا، فإن شكوى جديدة قدمت في 4 ديسمبر/كانون الأول الحالي إلى كبير قضاة التحقيق في قسم الجرائم ضد الإنسانية بمحكمة باريس، تستهدف هذه الشكوى المؤسسة المالية الرئيسية في البلاد: بنك فرنسا المركزي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وثيقة سرية أميركية: الصين قد تدمر القوات الأميركية في أي حرب على تايوانlist 2 of 2صحف عالمية: غزة تتعرض لوصاية استعمارية غير قانونية بقيادة ترامبend of listوترتكز الشكوى على 7 تحويلات مالية صادرة عن حساب البنك الوطني الرواندي في بنك فرنسا بين مايو/أيار وأغسطس/آب 1994 بقيمة 3.17 ملايين فرنك فرنسي أي نحو (486 ألف يورو)، ويُشتبه في أنها استُخدمت لشراء معدات اتصالات وأسلحة رغم حظر الأمم المتحدة الذي فرض اعتبارا من 17 مايو/أيار 1994.
التحقيق يعتمد على شهادة الخبيرة الدولية كاثي لين أوستن التي أكدت أن «تعليمات دقيقة» وُجهت للبنوك لتحويل الأموال إلى حساب البنك الوطني الرواندي في باريس، مضيفة:
"عندما سهّل البنك المركزي الفرنسي (Banque de France) هذه المعاملات السبع… كان يفترض أن تثير شكوكا لديه بشأنها".
كما شددت على أن التغطية الإعلامية الواسعة للإبادة وهيمنة حكومة انتقالية غير دستورية على الحسابات العامة كانتا كافيتين لجعل تلك التحويلات "مشبوهة أو غير قانونية".
وقد رد بنك فرنسا بأنه لا أثر في أرشيفه لأي من هذه التحويلات، موضحا أن الوثائق تُتلف بعد 10 سنوات، وأن مبالغ التحويلات "قد تكون متسقة مع نفقات تشغيل"، أمّا آلان غوتييه فانتقد "البطء الشديد في القضايا المرتبطة بالإبادة"، ملمحا إلى أن قضايا مشابهة، مثل الشكوى ضد "بي إن بي باريباس" (BNP Paribas) عام 2017 "نائمة في الأدراج"، وتشير مارياما كيتا، المقرّبة من فرانسوا كزافييه فيرشاف، إلى أنها تواصل الوفاء بـ"الوعد الذي قطعته" بالتحقيق في دور بنوك فرنسية أخرى.
إعلانيشار إلى أن فيرشاف هو من كشف مخالفات ما يعرف بـ"فرانس أفريك" وأحد أوائل من سلطوا الضوء على مسؤولية فرنسا وبعض بنوكها في الإبادة الجماعية في رواندا.
وكانت رواندا قد شهدت مجازر مروعة بدأت في أبريل/نيسان 1994 بعد إسقاط طائرة الرئيس هابياريمانا، حيث نفذت مليشيات الهوتو المتطرفة حملة قتل منهجية ضد أقلية التوتسي ومعارضين هوتو، مما أدى إلى مقتل نحو 800 ألف شخص خلال 100 يوم.
وتؤكد تغطية الجزيرة أن المجتمع الدولي تأخر في التدخل، وأن شبكات تمويل وتسليح محلية وخارجية سهّلت استمرار عمليات القتل، مما جعل مساءلة الأطراف الضالعة -بما فيها مؤسسات مالية- جزءا مركزيا من معارك العدالة اللاحقة.