إشكالات عابرة للمناطق..طابور خامس يتحرّك في لبنان؟!
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
من "شاحنة" الكحالة، إلى "جريمة" عين إبل، مرورًا بـ"هدنة" مخيّم عين الحلوة التي يُخشى ألا تكون "ثابتة"، في ظلّ استنفارٍ شبه معلن، تحضيرًا لجولة اشتباكاتٍ أخرى قد تنشب في أيّ لحظة، يبدو أنّ "نبوءة" السفارات التي أثارت بياناتها التحذيرية نهاية الأسبوع الماضي الكثير من الاستغراب في الأوساط السياسية، تحقّقت بشكل أو بآخر، فعاد الوضع الأمني إلى الواجهة، مع سلسلة علامات استفهام عن الأسباب والخلفيّات، والأهمّ، التداعيات.
فعلى الرغم من أنّ مرحلة "الاستقرار النسبي" التي يشهدها الوضع الأمني في البلاد، مقارنةً بـ"الانهيار" الاقتصادي و"الجمود" السياسي، لا تزال سارية المفعول إلى حدّ بعيد، نجحت "الإشكالات" العابرة للمناطق أن تفرض نفسها على "الأجندة"، خصوصًا بعد حادثة "شاحنة الكحالة" التي كاد البعض يشبّهها بـ"بوسطة عين الرمانة"، نظرًا للتجليات الخطيرة التي حملتها، على وقع انقسامات اتخذت سريعًا بعدًا طائفيًا ومذهبيًا ينذر بالأسوأ.
ولأنّ "شاحنة الكحالة" لا تبدو معزولة في سياقها، فإنّها طرحت سلسلة من علامات الاستفهام، فهل من "أمر عمليات" صدر في مكانٍ ما للتخريب، أم أنّ "تشابك" الأحداث لا يعدو كونه "صدفة بريئة"، في بلد ما عاد يؤمن بـ"الصدف" ولا بـ"البراءة" ربما؟ من يعبث بالأمن في هذا التوقيت "الحساس"، ووسط سلسلة الأزمات التي لا تنتهي؟ هل هو "طابور خامس" قرّر أن يكون "نَشِطًا" في هذه اللحظة "الدقيقة" في المسار الوطني؟
أحداث "فردية"
في المبدأ، يقول العارفون إنّ لا شيء يوحي بأنّ سلسلة الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد في الأيام القليلة الماضية، "منظّمة"، أو "متسلسلة"، أو يمكن إدراجها في "خانة واحدة"، مرجّحة أن يكون الأمر مجرّد "مصادفة"، فما حصل في عين الحلوة مثلاً "محصور" في الزمان والمكان، وإن كان احتمال تجدّده قائمًا في أيّ وقت، طالما أنّ أيّ "علاج جذري" لمسبّباته لم يُنجَز حتى الآن، لكن من دون أن يكون له أيّ انعكاس على الواقع الداخلي، السياسي تحديدًا.
يشير هؤلاء إلى أنّ واقع عين الحلوة، ولو أفرز اشتباكات دامت أسبوعًا كاملاً، ويُخشى أن تتجدّد من دون أن تخرج عن السيطرة، لا يسري على سائر "الإشكالات"، التي كانت بمعظمها ذات طابع "فردي"، حتى إثبات العكس، من عين إبل إلى وادي الزينة وغيرهما، وكلّها تبقى "مرهونة" للتحقيقات القضائية التي فُتِحت بشأنها، علمًا أنّ العارفين لا يستبعدون أن تكون بمجملها انعكاسًا للواقع المتردّي في البلاد على كلّ المستويات، اجتماعيًا واقتصاديًا.
تبقى الواقعة "الأخطر" تلك التي شهدتها منطقة الكحالة والتي أطلّ "شبح" الفتنة برأسه من خلفها، خصوصًا أنّها ترافقت مع جو "تحريضي" يتحمّل كلّ الأطراف مسؤوليته بشكل أو بآخر، علمًا أنّ أحدًا لم يكن يستطيع أن "يضبط" ردود الفعل فيما لو خرجت الأمور عن السيطرة، ولا سيما مع وجود الكثير من "أوجه الشبه" بينها وبين أحداث "بوسطة عين الرمانة" الشهيرة، وهو ما تجلى في "الإشاعات غير البريئة" عن توتر في عين الرمانة.
العلاج "الأمثل"
كثيرة هي الاحتمالات التي يضعها المطّلعون في محاولاتهم لتفنيد "خلفيات" كلّ هذا الإشكالات المتشابكة بشكل أو بآخر، ولو لم تكن "مترابطة" بالمعنى الدقيق للكلمة، من بينها أنّ هناك "طابورًا خامسًا"، تحرّكه ربما "أيادٍ خفية" للعبث بالأمن، ومن بينها أنّ كل ما يحصل، ولو لم يكن مرتبطًا بالواقع السياسي المتأزّم، إلا أنّه انعكاس "طبيعي" له، فغياب الاستقرار السياسي لا بدّ أن يرخي بثقله على الاستقرار الأمني، رغم كلّ جهود "الاحتواء" الحكومية.
وبمعزل عن مدى "صوابية" هذا الرأي، فإنّ العديد من "الفرضيات" تعزّزه، من بينها تلك التي ترجّح "سخونة أمنية"، أو "غليانًا على الأرض"، يسبق أيّ "تسوية سياسية"، بل إنّ هناك من يعتقد أنّ بعض الأحداث قد تكون "مفتعلة"، وأنّها قد تستمرّ حتى موعد عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لأنّها وحدها يمكن أن "تخرق" المشهد، وتجعل جلوس المتخاصمين على طاولة واحدة، أمرًا بديهيًا، استنادًا إلى التجارب التاريخية المعتبرة.
في كلّ الأحوال، يقول العارفون إنّ العلاج "الأمثل" للتدهور الأمني الحاصل، ولو لم يرقَ بعد لمستوى "الاهتزاز" الذي يخشاه كثيرون، لا يمكن أن يكون سوى في السياسة، ولو كانت الأخيرة حتى الآن بمنأى عن كلّ ما يجري، فالمطلوب أن "يتواضع المعاندون" وفقًا لتوصيف مصادر متابعة، من أجل التفاهم على "انتظام المؤسسات" عبر انتخاب رئيس للجمهورية "توافقي" بالدرجة الأولى، ما من شأنه أن يرخي جوًا من الأمان "النسبي" في البلاد.
قد لا تكون الإشكالات التي شهدتها البلاد في الأيام الأخيرة "مسيّسة" بصورة عامة، بما فيها اشتباك "الكحالة"، ولو أنّ "تسييسه" كاد يُدخِل البلاد في أتون "الفتنة العمياء". لكنّ ذلك لا يعني أنّ إنهاءها، ومنع تكرارها بأشكال قد تكون "أخطر"، يمكن ألا ينطلق من بوابة السياسة، فالأزمات المتشعّبة في البلاد، اقتصاديًا ومعيشيًا واجتماعيًا وماليًا، تصبّ كلّها عند "منطلق واحد"، وهو انتخاب رئيس للجمهورية، اليوم قبل الغد!
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی البلاد أن یکون
إقرأ أيضاً:
الرئيس اللبناني: نأمل التمديد لقوات اليونيفيل للمساهمة في استقرار جنوب البلاد
بيروت- أعرب الرئيس اللبناني جوزاف عون، الأربعاء 25 يونيو 2025، عن أمله تمديد فترة عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل" باعتبارها "أساسا" لحفظ الاستقرار على حدود بلاده الجنوبية، وسط ترقب اتخاذ مجلس الأمن الدولي قرارا نهائيا بهذا الشأن في أغسطس/ آب المقبل.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس عون في قصر بعبدا بالعاصمة بيروت، للمستشار الأول لدى وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الأدميرال إدوارد الغرين، بحضور سفير لندن هايمش كاول، وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وفي اللقاء، أبلغ الرئيس عون المستشار البريطاني أن "لبنان يعتبر التمديد لقوات اليونيفيل عاملا أساسيا لحفظ الاستقرار والأمان على الحدود اللبنانية الجنوبية. لذا يعلق آمالا كبيرة على دعم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ومنها بريطانيا، كي يتم التمديد في موعده، دون أي عراقيل".
وأكد عون أن "وجود اليونيفيل في منطقة جنوب الليطاني يساعد كثيرا في تطبيق القرار 1701، خصوصا أن التعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية قائم على التنسيق الدائم (مع القوات الدولية) وفق القرارات الدولية ذات الصلة".
وفي 2006، اعتُمد القرار 1701 بالإجماع في الأمم المتحدة بهدف وقف الأعمال العدائية بين "حزب الله" وإسرائيل، ودعا مجلس الأمن إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.
وفي تحد لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين إسرائيل و"حزب الله" في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها في الحرب الأخيرة.
وشدد الرئيس عون على أن "استمرار إسرائيل في احتلالها التلال الخمس ومحيطها، لا يزال يعرقل استكمال انتشار الجيش حتى الحدود" الجنوبية للبنان.
وأوضح أن "استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات الجنوبية وامتدادها أحيانا إلى مناطق لبنانية أخرى في الجبل والضاحية الجنوبية من بيروت، يبقي التوتر قائما ويحول دون تطبيق ما تم الاتفاق عليه من إجراءات تحفظ سيادة لبنان وأمنه واستقراره".
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، ارتكبت إسرائيل نحو 3 آلاف خرق له، خلّفت ما لا يقل عن 213 قتيلا و508 جرحى، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.
ووفق تقارير إعلامية عبرية، يوجد توافق أمريكي إسرائيلي على الدعوة لإنهاء مهمة اليونيفيل، مع توقع اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي خلال أغسطس المقبل.
وقبل أسبوعين، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن واشنطن تسعى لخفض تكاليف تشغيل اليونيفيل، فيما تعتبر إسرائيل أن تنسيقها مع الجيش اللبناني كافٍ، ولم تعد هناك حاجة للقوة الأممية، متهمة الأخيرة بالفشل في "منع تسلّح الجماعات المسلحة".
ولم تعقب واشنطن أو تل أبيب أو اليونيفيل على ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية.
وتأسست اليونيفيل عام 1978، بموجب قراري مجلس الأمن 425 و426، عقب الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وكانت مهمتها التأكد من انسحاب القوات الإسرائيلية، واستعادة السلم الدولي، ومساعدة الدولة اللبنانية على استعادة سلطتها في المنطقة.
وبعد انسحاب إسرائيل عام 2000، بقيت القوة الأممية تُراقب المناطق الحدودية.
لكن عقب حرب 2006 بين لبنان وإسرائيل، تم تعديل مهام اليونيفيل وفق القرار 1701، لتشمل دعم الجيش اللبناني في تنفيذ الانتشار بالجنوب، ومراقبة وقف الأعمال العدائية، وتسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين.
وتنفذ اليونيفيل حاليا دوريات منتظمة على امتداد الحدود بين إسرائيل ولبنان، ويبلغ قوامها نحو 10 آلاف عنصر من أكثر من 50 دولة، مهمتهم الحد من التوترات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.