لجريدة عمان:
2025-07-07@02:01:28 GMT

الامم المتحدة والكيان الصهيوني

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

منذ قيام منظمة الأمم المتحدة في اعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية، كان الهدف الاساسي لقيام تلك المنظمة هو حفظ الامن والاستقرار وبسط مناخ السلام في العالم وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية وفقا لميثاق الامم المتحدة ومن خلال التوافق السياسي بين الدول الاعضاء والذي تجاوز الآن اكثر من ٢٠٠ دولة. كما ان انضمام أي دولة لعضوية الامم المتحدة تكون وفق آليات قانونية والتزام بالميثاق وعدم خرق الاسس والاعراف والقوانين التي ارتضتها الدول الاعضاء.

ومن خلال متابعة اداء الامم المتحدة خلال اكثر من سبعة عقود نرى هناك خروقات عديدة للميثاق خاصة من القوى الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية والتي شنت عددا من الحروب الغير قانونية بداية من حروبها الاستعمارية في جنوب شرق اسيا خاصة في كوريا قبل الانقسام الى شطرين الجنوبي والشمالي، وشن حرب قاسية ضد فيتنام والفلبين مرورا بحربها وغزوها ضد أفغانستان عام ٢٠٠١ وغزوها ضد العراق عام ٢٠٠٣ وانتهاء بمشاركتها الحرب ضد قطاع غزة وعموم فلسطين من خلال المشاركة الفعلية بتزويد الكيان الصهيوني بأحدث الاسلحة الفتاكة خاصة القنابل القاتلة، والتي تسببت في قتل الاف الابرياء من المدنيين من الشعب الفلسطيني. كما دعمت امريكا الكيان الصهيوني بالمعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي بحرا وجوا. ومن هنا فان الولايات المتحدة الأمريكية هي من اكثر الدول الاعضاء في الامم المتحدة خرقا للقانون الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الان.

السؤال أليس هناك آليات للعقوبات في الامم المتحدة ضد الدول الاعضاء التي تتجاوز الميثاق في سلوكها السياسي؟ والاجابة ان الامم المتحدة لا تستطيع فعل شيء حتى إدانة واشنطن، وهنا اصبحت الامم المتحدة اكثر ضعفا وتراجع دورها علي صعيد الازمات الاقليميه والدولية واصبحت فقط تصدر البيانات التي تعبر عن القلق وتدعو الى تخفيف التصعيد. كما ان الدول دائمة العضوية مارست خروقات ولكن بصورة اقل خاصة بريطانيا عندما شنت حربا على الأرجنتين خلال النزاع على جزر الفوكلاند وايضا التدخلات الفرنسية في افريقيا، خاصة في دول الساحل وجنوب الصحراء حتى انتفضت الشعوب الافريقية وقيادتها على التدخلات الفرنسية وطرد تلك القوات كما ان هناك الحرب التي تدور بين روسيا الاتحاديه واوكرانيا.

اما الكيان الصهيوني فهو نموذج صارخ في تاريخ الامم المتحدة ومنذ قيام الكيان عام ١٩٤٨ بفعل المؤامرة الاستعمارية البريطانية خلال الانتداب على فلسطين ومنذ انضمام الكيان الصهيوني الى منظمة الامم المتحدة والسلوك السياسي للكيان خارج عن الشرعية الدولية واصبح الكيان الصهيوني يتصرف وكأنه فوق القانون. ولعل من اكثر المواقف سفاهة في تاريخ المنظمة الدولية هو قيام مندوب الكيان الصهيوني بتمزيق ميثاق الامم المتحدة امام مندوبي الدول الاعضاء وامام الاعلام الدولي في خطوة تنم عن استهتار وقلة احترام لاهمية المكان والدول الاعضاء والسؤال هنا أليس هناك آليات في الامم المتحدة لمعاقبة الدول الاعضاء مثل التنبيه والانذار وحتى الطرد، خاصة انه يمكن تأمين تصويت مجموعة ٧٧ والتي تضم دول حركة عدم الانحياز من القارات الثلاث اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية. خلال حربها العدوانية الحالية على قطاع غزة ولبنان ارتكب الكيان الصهيوني وقياداته جرائم انسانية علنية نقلت من خلال شبكات الاخبار العربية والدولية خاصة قناة الجزيرة، والتي تعد احد القنوات الهامة التي نقلت مشاهد المجازر اليومية ضد الشعب الفلسطيني على مدى عام، كما تمادى الكيان الصهيوني في قتل عشرات الصحفيين الفلسطينيين والاطباء والمسعفين ورجال الانروا ودمر المستشفيات والمدارس والبنية الاساسية في غزة وجنوب لبنان ولم يحترم اي قانون انساني أو ميثاق الامم المتحدة بل أصدر الكيان منعا ضد الامين العام للامم المتحدة من دخول الكيان الصهيوني.

وعلى ضوء كل هذا الاستهتار هل يمكن القول بأن تصرفات الكيان تعبر عن سلوك دولة ام اننا امام مشهد عصابات الهاجانا وشتيرن خلال دخول العصابات الصهيوينة الى فلسطين خلال عقد الثلاثينات من القرن الماضي. ان الفكر الصهيوني الحالي وتصرفاته ينم عن تصرف عصابة ليس له علاقة بالتزامات الدول وحتى الدول الاستعمارية كان هناك الحد الادنى من احترام القانون، وعلى ضوء ذلك فاننا امام مشهد عصابات في الكيان الصهيوني ليس لها علاقة بسلوك الدول لا من بعيد او قريب.

ومن هنا فان مجموعة دول حركة عدم الانحياز لا بد أن يكون لها موقف صارم ضد الكيان الصهيوني في الجمعية العامة للامم المتحده من خلال فرض عقوبات او انذار بطرد الكيان الصهيوني من الامم المتحدة كما ان هذا الضغط من الدول النامية التي تمثل الأكثرية في عضوية الامم المتحدة سوف يشكل ضغطا سياسيا واخلاقيا علي الكيان الصهيوني.

ان الامم المتحدة هي كيان قانوني دولي ولها ميثاقها الذي ينبغي على جميع الدول الاعضاء احترامه وامام المشهد والسلوك الشاذ للكيان الصهيوني، وطالما هناك آليات في الامم المتحدة خاصة في الجمعية العامة وبعيدا عن حق النقض الفيتو الامريكي في مجلس الامن الدولي، فان تلك الخطوة سوف تمثل خطوة غير مسبوقة وتربك الكيان الصهيوني بل وتشكل احراجا لحليفه الامريكي التي تستضيف احد مدنه الكبرى وهي نيويورك مقر المنظمة الدولية.

قد تكون هناك ضغوط امريكية على الدول النامية للتخلي عن اي مشروع قرار في الجمعية العامة للامم المتحده ولكن على الاقل التلويح بالمشروع وترويجه اعلاميا واحداث ضجيج ضد الكيان الصهيوني ووضعه في موقف محرج امام المجتمع الدولي.

ان المجموعة العربية بالتنسيق مع دول الاتحاد الافريقي والدول اللاتينية وعدد من الدول الصديقة يمكن ان يخلق مجموعة تقدم مشروع القرار الى الامين العام وهذا امر قانوني وفق آليات الامم المتحدة وهناك حجج قوية ضد تصرفات الكيان الصهيوني ومن خلال ما يرتكبه من مجازر وقتل للمدنيين وايضا من خلال عدم احترامه لميثاق الامم المتحدة وتصرفاته الاقرب الي عمل العصابات. ان نتنياهو وحكومته المتطرفة تتحدث عن تغيير كبير في الشرق الاوسط ويقصد هناك المنطقة العربية من خلال المشروع الصهيوني العالمي ومن خلال التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول العربية التي طبعت للاسف مع الكيان الصهيوني، ومن هنا فإن هذا المشروع الصهيوني العالمي هو خطر كبير على الدول العربية وعلى مقدراتها واجيالها حيث ان القضاء على المقاومة الفلسطينية واللبنانية يعني الانتقال الى دول اخرى. ومن هنا فان المنطقة العربية مهددة وجوديا من خلال الهيمنة الصهيوينة الاقتصادية وطمس الهوية الوطنية والعربية وخلق مناخ يتحدث عن طمس الاسلام وايجاد ديانات وملل وفكر جديد يقوم على انصهار الشعوب واذابة الفوارق المجتمعية والسيطرة الصهيوينة على كل شيء في عالم عربي ليس له مشروع حضاري متماسك يحافظ على هويته العربية والاسلامية ويحفظ اجياله من التمزق والضياع، وقد بدأت الهجمة الصهيوينة على الاجيال العربية من خلال التقنية والحث على التمرد على ثوابت الأوطان الراسخة وايجاد ثقافة لا تمت للهوية والعادات والتقاليد الاصيلة وثوابت الاسرة باي صلة. ومن هنا فالذي حدث في السابع من اكتوبر ٢٠١٣ هو اجهاض جزء هام من المشروع الصهيوني الذي كان يهدف في احد جوانبه الهامة الى تصفية القضية الفلسطينية وخلق الشرق الأوسط الجديد والسيطرة على المنطقة العربية وفق تحالفات مشبوهة سوف تظهر خطورتها خلال عقود وفق مخطط خبيث مرسوم يحتاج الى يقظة والى ممكنات ثقافية وسياسية وفكرية لصد ذلك المشروع ومساندة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وكل ساحات المقاومة.|

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الامم المتحدة الکیان الصهیونی الدول الاعضاء ومن خلال من الدول من خلال ومن هنا کما ان

إقرأ أيضاً:

كيف يؤثر تراجع الدولار على اقتصادات ومواطني الدول العربية؟

لم يكن الدولار الأميركي مجرد عملة وطنية ضمن نظام نقدي عالمي متعدد فحسب، بل تحوّل خلال العقود السبعة الماضية إلى ركيزة رئيسية للاقتصاد الدولي ووسيط مهيمن في حركة التجارة والتمويل.

فقرابة 80% من المعاملات التجارية العالمية تُسعَّر به، مدعومة ليس فقط بثقل الاقتصاد الأميركي، بل أيضًا بارتباط معظم السلع الإستراتيجية والعقود السيادية من النفط والمعادن إلى الشحن والتسليح بهذه العملة.

ومع احتفاظ البنوك المركزية حول العالم بجزء كبير من احتياطاتها بالدولار، اكتسبت العملة الأميركية نفوذًا يتجاوز حدود الاقتصاد إلى التأثير الجيوسياسي والقدرة على رسم ملامح النظام المالي العالمي.

وتُقدَّر قيمة التجارة العالمية المرتبطة بالدولار بنحو 33 تريليون دولار سنويًا (بيانات عام 2024)، منها ما يقرب من 24 تريليون دولار في تجارة السلع، مثل الطاقة والمواد الغذائية، ونحو 9 تريليونات دولار في قطاع الخدمات، كالسياحة، والنقل، والتكنولوجيا، والخدمات المالية.

وتسعير هذه المعاملات بالدولار يجعل أي تراجع في قيمته ينعكس مباشرة على تكاليف الاستيراد، واستقرار العملات المحلية، خصوصًا في الدول التي تربط عملاتها به أو تعتمد عليه تجاريًا وتمويليًا.

 

وفي العالم العربي، يُشكّل الدولار حجر الزاوية في المنظومة الاقتصادية والمالية، سواء على مستوى الاحتياطات، أو الواردات، أو العقود التجارية.

بَيد أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا في المؤشرات المقلقة المرتبطة بالدولار، أبرزها فقدانه حوالي 11% من قيمته خلال النصف الأول من عام 2025، في أسوأ أداء نصف سنوي له منذ 1973، إلى جانب تراجع الثقة الدولية وانتشار استخدام عملات بديلة.

في هذا التقرير، نسلّط الضوء على أبرز أسباب هذا التراجع، ونحلّل انعكاساته المختلفة على الدول العربية، وشركاتها، ومواطنيها، في ظل تحوّلات مالية وجيوسياسية متسارعة.

هوامش أرباح الشركات المُصدّرة تتآكل عند تحويل الإيرادات الدولارية إلى العملات المحلية (شترستوك) أسباب تراجع الدولار

رغم صموده لعقود كعملة احتياطية عالمية، فإن عدّة تطورات هيكلية بدأت تنال من مكانة الدولار عالميًا وتدفع الدول نحو إعادة النظر في الاعتماد عليه:

إعلان الإفراط في الطباعة دون غطاء إنتاجي

منذ جائحة كوفيد-19، ضخت الحكومة الأميركية نحو 5 تريليونات دولار في الاقتصاد عبر برامج تحفيزية عُرفت بسياسة "التيسير الكمي"، وهي تعني ببساطة ضخ سيولة جديدة في السوق دون أن يقابلها إنتاج فعلي.

هذه السياسة ساهمت في رفع معدلات التضخم، وأضعفت الثقة في استقرار الدولار على المدى الطويل.

تضخم الدين العام الأميركي

بلغ الدين العام الأميركي نحو 37 تريليون دولار منتصف عام 2024، في أعلى مستوى له تاريخيًا. ومع استمرار الاعتماد على طباعة النقود لتمويل هذا الدين، وفرض زيادات ضريبية، تعاظمت المخاوف الدولية من هشاشة أساسات الدولار.

الاستخدام السياسي للعملة

تسببت إجراءات مثل تجميد الأرصدة الروسية عام 2022 في تعزيز الشكوك حول حيادية الدولار كعملة عالمية. هذا دفع عدة دول كبرى إلى التفكير جديًا في فك الارتباط بالدولار خوفًا من استخدامه أداة ضغط جيوسياسي.

صعود عملات بديلة

شهدت السنوات الأخيرة توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية بين دول كبرى، تُستخدم فيها العملات المحلية بدلًا من الدولار. كما تُجري مجموعة "بريكس" مشاورات لإنشاء عملة احتياطية جديدة، مما يُضعف التفرد التاريخي للدولار ويمهّد لنظام مالي عالمي متعدد الأقطاب.

نتائج تراجع الدولار عالميًا

بعد استعراض العوامل المسببة، ننتقل الآن إلى تداعيات هذا التراجع، والتي تطال الاقتصاد العالمي برمّته:

الدول المستوردة، خاصة المرتبطة بالدولار، ستواجه ارتفاعًا في تكلفة السلع المستوردة، وضعفًا في قيمة الإيرادات عند تحويلها لعملاتها المحلية. البنوك المركزية التي تحتفظ باحتياطيات ضخمة بالدولار ستشهد تراجعًا في القيمة الحقيقية لهذه الأصول. أسعار السلع الأساسية، مثل النفط والذهب والقمح، قد تصبح أكثر تقلبًا في غياب مرجعية موثوقة ومستقرة. الأسواق الناشئة ستتأثر باضطرابات في تدفقات الاستثمار وتذبذب العملات المحلية.

ورغم أن هذا التراجع لا يعني بالضرورة انهيار الدولار، فإنه يرمز إلى تغير تدريجي في قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية.

عجز الموازنات العامة في الدول العربية يتأثر مباشرة بانخفاض القوة الشرائية للدولار (شترستوك)

 

تأثير الدولار على الاقتصاد العربي

يرتبط الاقتصاد العربي بالدولار بشكل وثيق، ما يجعل أي تراجع في قيمته يترك أثرًا مباشرًا على الاستقرار المالي والتجاري في المنطقة.

1- الاعتماد العربي على الدولار

منذ اتفاق "البترودولار" في السبعينيات، ربطت معظم دول الخليج صادراتها النفطية بالدولار، وهو ما جعل العملات الخليجية تُربط به رسميًا.

أما الدول غير النفطية مثل مصر، وتونس، والمغرب، فترتبط به بشكل غير مباشر من خلال تسعير الواردات، والاعتماد على القروض الدولية، والتحويلات، وتسديد الالتزامات الدولية.

وتحتفظ البنوك المركزية العربية بمئات المليارات من الدولارات، أغلبها على هيئة سندات خزانة أميركية، فيما تُسعّر أغلب الصادرات والواردات بهذه العملة، ما يجعل الاقتصاد العربي مكشوفًا لأي تقلبات فيها.

وفقًا لصندوق النقد الدولي، يشكّل الدولار حوالي 59% من الاحتياطات الرسمية العالمية، ما يجعل تراجعه مصدر تهديد مباشر لقوة هذه الاحتياطات.

2- انعكاسات مباشرة على الدول العربية

تآكل الاحتياطات
مع تراجع قيمة الدولار، تفقد الأصول المقوّمة به جزءًا من قدرتها الشرائية، ما يستدعي مبالغ أكبر لتمويل الاستيراد أو دعم السلع الأساسية، خصوصًا في فترات الأزمات. عجز الموازنات
اعتماد الدول على الدولار في تسعير الصادرات والاقتراض يجعله عنصرًا حاسمًا في الميزانيات العامة. وعندما تتراجع قيمته، تنخفض الإيرادات الحكومية الحقيقية بينما ترتفع تكلفة الواردات وخدمة الدين، وهو ما يؤدي إلى فجوات تمويلية وضغوط مالية. ضغوط معيشية داخلية
ارتفاع تكلفة الاستيراد بسبب ضعف الدولار ينعكس على أسعار السلع في الأسواق المحلية، مما يُضعف القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في البلدان ذات الدخول المحدودة. انتقال التضخم العالمي
ربط العملات بالدولار يجعل الدول العربية مكشوفة أمام التضخم المستورد. فعندما ترتفع الأسعار عالميًا، تنتقل التأثيرات إلى الداخل دون أن تكون لدى الحكومات أدوات نقدية كافية لاحتوائها. إعلان تأثيرات الدولار على الشركات العربية

ولفهم التأثير بدقة، نُحلّل انعكاس تراجع الدولار على الشركات العاملة في العالم العربي:

اضطراب التكاليف: تعتمد أغلب الشركات على الاستيراد بالدولار، سواء للمواد الخام أو المعدات. فتقلب سعر الصرف يربك الميزانيات، ويقلّص الهوامش، ويُضعف القدرة التنافسية. خسائر العقود: المشاريع المرتبطة بعقود طويلة الأجل مقوّمة بالدولار، مثل قطاعي الطاقة والإنشاء، تواجه تراجعًا في العوائد الحقيقية، مما قد يؤدي إلى خسائر أو الحاجة لإعادة التفاوض. تنافسية مختلطة: تراجع الدولار قد يُحسن قدرة بعض الشركات المُصدّرة على جذب المشترين الدوليين بأسعار منخفضة، لكنه في الوقت نفسه يُضعف الأرباح عند التحويل للعملة المحلية، خصوصًا إن كانت التكاليف محلية أو التمويل خارجيا.
التضخم المستورد ينتقل إلى الأسواق العربية بسبب ربط العملات المحلية بالدولار (شترستوك) انعكاسات على الأفراد

رغم الطابع الكلي لقضية الدولار، فإن المواطن العادي يتأثر بها بطرق ملموسة:

تآكل قيمة التحويلات: الأسر التي تعتمد على تحويلات المغتربين بالدولار تفقد جزءًا من قدرتها الشرائية حينما تنخفض قيمته. ضعف المدخرات: الادخار بالدولار يصبح أقل أمانًا عندما تتراجع قيمته الفعلية رغم ثباته الرقمي. تذبذب الرواتب: في بعض الدول، الرواتب تُصرف بالدولار أو تُربط به. ومع انخفاض قيمته، تقل القوة الشرائية دون تغيير الرقم. زيادة الأسعار: تكلفة السلع المستوردة بالدولار، خصوصًا الغذاء والدواء والطاقة، ترتفع، مما يؤثر على ميزانية الأفراد. صعوبة التخطيط المالي: تقلب الدولار يُربك قرارات الاستثمار، والتعليم، والسفر، ويخلق حالة من انعدام اليقين. كيف نتكيّف مع تراجع الدولار؟

على الدول العربية، وشركاتها، وأفرادها، الاستعداد لواقع جديد عبر خطوات عملية:

الحكومات تنويع الاحتياطيات: عبر تعزيز حصة اليورو، اليوان، الذهب، أو وحدات السحب الخاصة. اتفاقيات العملات المحلية: توقيع اتفاقيات مع شركاء تجاريين تعتمد على العملات المحلية للحد من الاعتماد على الدولار. تعزيز الإنتاج المحلي: الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الغذاء، الطاقة، والدواء لتقليل الاستيراد وتقوية الاستقلال الاقتصادي. الشركات التحوّط المالي: استخدام أدوات مالية مثل العقود الآجلة، وصناديق العملات، والحسابات متعددة العملات لحماية الأرباح من تقلبات السوق. مراجعة العقود: تعديل العقود طويلة الأجل لتشمل سلال عملات بدلًا من الاعتماد الأحادي على الدولار. تنويع التمويل والموردين: الابتعاد عن الاعتماد الحصري على الدولار في الشراء أو الاقتراض الخارجي. الأفراد تنويع المدخرات: توزيع الادخار على عدة أصول مثل العملات البديلة، الذهب، العقارات، أو شهادات الاستثمار. مراقبة التحويلات: متابعة أسعار الصرف واختيار الوقت المناسب لتحويل الأموال، أو الاحتفاظ بجزء منها محليًا. ضبط الإنفاق: ترشيد الاستهلاك وتحسين التخطيط المالي لمواجهة ارتفاع الأسعار وتقلبات السوق.

لم يعد تفوّق الدولار مضمونًا كما في السابق. فالتغيير جارٍ، وعلى الجميع التفاعل معه بحكمة. والتحول نحو عالم مالي متعدد الأقطاب لم يعد سيناريو افتراضيًا، بل واقعًا في طور التشكل.

إن الدول العربية مطالبة اليوم بإعادة تقييم انكشافها على هذه العملة، ليس فقط لمواجهة التقلبات المالية، بل للتحصين من تداعيات جيوسياسية أعمق. فالأزمات لا تنذر قبل وقوعها، بل تتسلل تدريجيًا إلى أن تُفرض كأمر واقع.

وعلى الحكومات، والشركات، والأفراد أن يبدؤوا اليوم خطوات عملية للتحوّط، قبل أن تصبح كلفة التأخير باهظة.

مقالات مشابهة

  • سكرتير نقابة الصحفيين: النقابة تحظر كل أشكال التعاون مع الكيان الصهيوني منذ الثمانينيات
  • هذه الدول العربية الأقوى على مؤشر الاتصالات والتقنية لعام 2025 (إنفوغراف)
  • «مفتي سلطنة عمان» يهاجم الدول الراغبة بالتطبيع مع إسرائيل: يا لها من رزية هذا الكيان زائل!
  • تظاهرة في هولندا تضامناً مع غزة وتنديداً بدعم الكيان الصهيوني
  • الأمم المتحدة تحذر من استمرار الاستهداف الصهيوني للنازحين والمجوعين في غزة
  • الخارجية الإيرانية: الخزي والعار على الكيان الصهيوني وحماته بسبب عدوانه على المدنيين الايرانيين
  • كيف يؤثر تراجع الدولار على اقتصادات ومواطني الدول العربية؟
  • الصلابي: على الدول العربية الاعتراف بإمارة أفغانستان الإسلامية  
  • الأمم المتحدة تحذر من انتهاكات للقانون الدولي والميثاق
  • دوجاريك: الأمم المتحدة فشلت في حماية الشعب الفلسطيني