ارتفاع الضرائب يثير موجة احتجاجات في باكستان وسط أزمة اقتصادية خانقة
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
قالت بلومبيرغ إن باكستان تشهد موجة متزايدة من الاحتجاجات مع ارتفاع الضرائب، في إطار برنامج الإنقاذ المالي البالغ قيمته 7 مليارات دولار الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق قد ساعد على تجنب انهيار اقتصادي وشيك، فإن الشروط المصاحبة له أدت إلى تفاقم الغضب الشعبي نتيجة الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة، وفق هذه الوكالة الأميركية.
وتشير بلومبيرغ إلى أن أحد أبرز بنود الاتفاق مع صندوق النقد هو زيادة الضرائب بنسبة قياسية بلغت 40%. وقد أدى هذا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل حاد.
ففي بعض المناطق، ارتفعت أسعار الكهرباء 3 أضعاف، في حين تجاوز سعر الحليب في كراتشي سعره في باريس، حسب قول بلومبيرغ.
ويُقدر أن أكثر من نصف دخل الأسر الباكستانية يُنفق الآن على الغذاء، مما يجعل العديد من السلع مثل الأرز والأحذية بعيدة المنال لشريحة كبيرة من السكان.
ويقول نياز محمد (بائع الفواكه والخضراوات في إسلام آباد) في حديث لبلومبيرغ "الناس ببساطة لم يعد لديهم القدرة على الشراء" مشيرًا إلى أن الزبائن الذين اعتادوا شراء الفواكه والخضراوات يوميًا أصبحوا الآن يشترونها مرتين في الأسبوع فقط "الأمر لا يقتصر عليّ فقط، بل الجميع يعانون".
تضخم يتجاوز الزيادات بالأجوروعلى مدى السنوات القليلة الماضية، سجلت باكستان أعلى معدلات التضخم في آسيا وفقا لبلومبيرغ، حيث بلغ متوسط التضخم السنة المالية الأخيرة 23%.
وهذا الرقم يفوق بكثير الزيادات بالأجور التي تراوحت بين 5% و10% فقط، وفقًا للبيانات الحكومية. وأشار وزير المالية محمد أورنغزيب، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، إلى أن "الألم الانتقالي" نتيجة برنامج صندوق النقد أمر لا مفر منه، لكنه أضاف "إذا أردنا أن يكون هذا البرنامج هو الأخير فعلينا تنفيذ إصلاحات هيكلية".
تداعيات اقتصادية واجتماعيةومع ارتفاع أسعار الكهرباء، التي تمثل مصدر إحباط كبير لكل من الأغنياء والفقراء، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تعكس حالة السخط وفق بلومبيرغ.
وتواجه باكستان تحديات اقتصادية إضافية تتمثل في واحدة من أدنى نسب الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، حيث تبلغ حوالي 9%.
ورغم ارتفاع الضرائب على الطبقة المتوسطة، لم تشهد النفقات الحكومية أي تخفيضات بالميزانية الجديدة التي بدأت في يوليو/تموز الماضي. ووفقًا لبيانات الحكومة، فإن الضرائب على الموظفين تمثل 42% من الإيرادات الحكومية.
وفي قطاع الأعمال، فإن الشركات الخاصة ليست سعيدة أيضًا. فمعدل الضريبة على الشركات يبلغ حوالي 30%، وهو من بين الأعلى عالميًا، وفق بلومبيرغ.
وفي تحرك أثار استياء العديد من المصدرين، رفعت الحكومة الضرائب عليهم من 1% إلى 29%. وقد نشرت 18 جمعية تصدير إعلانات بالصحف المحلية لعدة أيام احتجاجًا على هذا القرار.
آثار على كل الصعدواستجابت العديد من الشركات متعددة الجنسيات لهذا الوضع عبر تقليص حجم المنتجات المبيعة فيما يُعرف بـ"الانكماش التضخمي".
ونقلت بلومبيرغ عن علي خزار رئيس قسم الأبحاث بصحيفة "بزنس ريكوردر" قوله إن العاملين الذين يتقاضون رواتب ثابتة يجدون أنفسهم في وضع صعب، حيث تراجعت مبيعات السيارات إلى أدنى مستوى لها منذ عقدين، كما تضاعفت أسعار مكيفات الهواء خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضاف خزار أن أفضل وأذكى العقول في باكستان تغادر البلاد بمعدلات غير مسبوقة بحثًا عن فرص أفضل.
وعلى الرغم من أن زيادة الضرائب قد تسهم في كبح التضخم، فإن التباطؤ الاقتصادي مستمر، ويقول خزار "إن معاناة الطبقة الوسطى والدنيا لن تنتهي في أي وقت قريب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ارتفاع الضرائب صندوق النقد
إقرأ أيضاً:
دمشق تئن من العطش و فيها نهر بردى.. أزمة مياه خانقة تزيد من معاناة السكان
تواجه دمشق وريفها وغيرها من محافظات سورية، أزمة مياه حادة بسبب تدهور البنية التحتية، نقص الأمطار، وتزايد الطلب، ما يدفع السكان لقضاء ساعات في الانتظار أو شراء مياه بأثمان باهظة وغير مضمونة الجودة. اعلان
في ظل حرارة الصيف الحارقة، واقع جديد يعيشه السوريون في دمشق وريفها وغيرها من محافظات؛ واقع يجمع بين الجفاف والانقطاع، بين الترقب والانتظار، وبين الأمل والخيبة. ففي بلد غنيّ نسبياً بالموارد المائية، يعكس الواقع عجزاً حاداً في توفير هذه المادة الحيوية، نتيجة سنوات الحرب، وتدهور البنية التحتية، وغياب الإدارة المائية المستدامة. وفي هذا الجو، يتحول الحصول على لتر ماء إلى معركة يومية يخوضها المواطنون، دون حلول حقيقية في الأفق.
ننتظر الليل كله... ولا نحصل إلا على قليليقول سامر أحد أبناء حي المهاجرين لـ"يورونيوز": "أقضي الليل كله بجانب خزاني، ولا تصل المياه إلا في الساعات الأولى من الفجر، وبعد عناء كبير. ما أجمعه لا يكفي إلا ليوم واحد".
ويضيف: "لم تكن الأمور هكذا من قبل، حتى لو انقطعت المياه لفترة، كانت العودة سريعة. أما الآن، فكل شيء توقف، لا كهرباء، لا شبكة، لا صيانة، فقط نحن ندفع الثمن."
"إذا حضر الماء.. غابت الكهرباء"في حي المزة، أحد الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية، يروي "فارس"، كيف تحول الحصول على الماء إلى مهمّة معقدة تتطلب استعدادات مسبقة. "أحياناً تأتي المياه فجراً، وأحياناً لا تأتي إلا في آخر الليل، لكن المشكلة الحقيقية هي أن الكهرباء لا تعمل، فحتى لو جاء الماء، لا يمكننا ضخه إلى الخزان العلوي، فنشتري البنزين للمولد الخاص، ومع أسعاره المرتفعة، ندفع مرة أخرى".
ويتابع بمرارة: "أصبح الأمر وكأننا نشتري الماء مرتين، مرة بالوقود، ومرة بالمال. وحتى إذا استطعنا ملء الخزان عبر شراء الصهاريج، فإننا لا نضمن أن يكون هذا الماء صالحاً للشرب، لأن بعض الصهاريج تأتي من مصادر غير معروفة". ويضيف أن أسعارها ارتفعت أيضاً فقد وصل سعر خزان المياه 1000 ليتر إلى 300 ألف ليرة سورية ما يعادل 30 دولاراً. ما يزيد الأعباء المعيشية أكثر على المواطنين.
نبع الفيجة... رئة دمشق المنهكةيُعتبر نبع عين الفيجة المصدر الأساسي لإمدادات المياه في العاصمة دمشق وأجزاء من الغوطة الشرقية، إذ كان يوفر 700 ألف متر مكعب يومياً، إضافة إلى 120 ألف متر مكعب تُستخرج من 200 بئر منتشرة في المدينة ومحيطها. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن هذه المصادر كانت تغطي، في المواسم الماطرة، نحو 90% من احتياجات العاصمة. لكن خلال السنوات الماضية، تعرض النظام المائي لكثير من الاضطرابات، خاصة أثناء سيطرة مسلحي المعارضة على منطقة نبع الفيجة عام 2017، مما أدى إلى توقف الإمدادات لفترات طويلة، قبل أن يتم استعادة النبع ضمن اتفاق تسوية آنذاك بين النظام السابق والمسلحين.
ومع استمرار تدهور الوضع الأمني، وتكرار الاشتباكات في محيط المناطق المائية، زادت حدة الانقطاعات، بينما تفاقم الوضع بسبب الشبكات المهترئة، وعدم القيام بأعمال صيانة منتظمة.
وتشير البيانات إلى أن نحو 40% من مياه الشرب تضيع بسبب تسربها من شبكات تهالكت خلال سنوات الحرب، وسط غياب عمليات الصيانة الدورية.
Relatedأزمة غير مسبوقة.. احتياطي المياه في العراق عند أدنى مستوياته منذ ثمانية عقودالجيش السوري يسيطر على وادي برى وعين الفيجةالاتحاد الأوروبي يطلق استراتيجية شاملة لمكافحة تلوث المياهريف دمشق... التوزيع غير العادلأما مناطق ريف دمشق، فتعتمد ثانوياً على مياه نبع عين الفيجة بعد تغطية احتياجات العاصمة، إذ يجري تزويد بعض أحياء الريف بحوالي 77 ألف متر مكعب يومياً، بينما يبقى الاعتماد الأكبر على مياه الآبار. وتشير البيانات إلى وجود 84 بئراً في الغوطة الشرقية، وأكثر من 55 بئراً في مناطق جنوب وغرب العاصمة، إلا أن التوزيع غير المتوازن أدى إلى شح شديد في المياه في العديد من البلدات مثل جديدة عرطوز، والمعضمية، وداريا، وصحنايا، وأشرفية صحنايا، إذ يجري تزويدها بالمياه ليوم واحد في الأسبوع فحسب، ويتراجع الإمداد خلال الصيف ليصل إلى يوم واحد كل أسبوعَين.
محافظة دمشق ليست استثناء..وتعاني جميع المحافظات السورية، إلى جانب دمشق، من أزمة انقطاع متكرر للمياه وبرامج تقنين صارمة، حيث يضطر السكان للانتظار أياما طويلة لتلقي حصص محدودة، أو اللجوء لشراء المياه من الصهاريج الخاصة بأسعار مرتفعة، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع جودة الخدمات الأساسية.
سوريا.. الوفرة المائية والواقع القاتمتملك سوريا مصادر مائية متنوعة تشمل الأنهار الدولية والمحلية مثل نهر الفرات ونهر العاصي ونهر الكبير الشمالي والجنوبي، والمياه الجوفية المنتشرة في معظم الأحواض الداخلية، والينابيع الطبيعية مثل نبع بردى والفيجة ونبع السن، بالإضافة إلى مياه الأمطار المستخدمة في الزراعة البعلية.
ورغم هذه الوفرة النسبية، تعاني البلاد من عجز مائي سنوي يُقدّر بـ 1 إلى 3 مليار متر مكعب، ويُتوقع أن يتزايد هذا العجز مستقبلاً بسبب عدة عوامل، وفق احصائيات رسمية سورية.
الجفاف وتغير المناخ، الذي يتجلى بانخفاض معدلات الهطل المطري بنسبة تصل إلى 25% في بعض المناطق منذ 1995، بالإضافة إلى زيادة موجات الجفاف، خاصة في شمال شرق البلاد، التي تُعدّ سلة غذاء سوريا، يشكل أحد أبرز التحديات. إلى جانب ذلك، يساهم التلوث وتدهور جودة المياه، مثل تلوّث نهر العاصي وبعض ينابيع الشرب بالصرف الصحي والصناعي، وكذلك غياب الرقابة البيئية وتوقف مشاريع معالجة المياه في بعض المناطق، في تفاقم الأزمة.
الاستنزاف المفرط للمياه الجوفية بسبب حفر آلاف الآبار العشوائية، خاصة في سهل الغاب وغوطة دمشق، أدى إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية بوتيرة مقلقة في السنوات الأخيرة.
ويزيد من التعقيدات، نقص البنية التحتية المائية، خاصة تهالك شبكات الري والمياه التي يعود بعضها إلى عدة عقود، وكذلك فقدان نحو 40% من مياه الشرب بسبب التسرب في الشبكات. إضافة للنمو السكاني والتوسع العمراني، فتزايد عدد السكان وتوسع المدن زاد الطلب على المياه، وتضاعف استهلاك المياه المنزلية في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب، مما زاد الضغط على المصادر المتوفرة.
دعوة لترشيد الاستهلاك... والخوف من حالة طوارئفي ظل تصاعد الأزمة، دقت السلطات السورية ناقوس الخطر، ودعت المواطنين إلى ترشيد استهلاك مياه الشرب، مؤكدة أن سبب النقص يعود إلى انخفاض الهطولات المطرية والثلجية خلال فصل الشتاء الماضي، والذي انعكس بشكل مباشر على تغذية ينابيع الشرب الرئيسية في دمشق.
أحمد درويش، مدير مؤسسة المياه في دمشق وريفها، أكد أن المؤسسة العامة لمياه الشرب فرضت مؤخراً حالة إنذار مبكر للأهالي بهدف ترشيد الاستهلاك. وأشار في مقابلة مع وكالة أنباء "شينخوا" إلى أن "ضعف الهطولات المطرية الواردة على الحوض الرئيسي المغذي لنبع الفيجة لمدينة دمشق وريفها كانت بحدودها الدنيا"، لافتاً إلى أنه "منذ عام 1958 لم تشهد البلاد نقصاً في الهطولات المطرية بهذا الحد، وهذا ينذر بأن كمية المياه الواردة إلى دمشق ستكون في حدها الأدنى".
وأكد درويش أن مدينة دمشق وريفها تحتاج إلى 450 ألف متر مكعب يومياً من المياه، مشيراً إلى أن هذه الكمية كان يتم الحصول عليها من عدة مصادر رئيسية، منها نبع الفيجة وآبار نبع بردى وحاروش وجديدة يابوس.
وأضاف أن "المؤسسة مضطرة حالياً إلى وضع خطط للتوزيع وفق أدوار، مع توقع نقص يقدر بنحو 100 ألف متر مكعب خلال فصل الصيف".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة