جدعون ليفي: إسرائيل فقدت إنسانيتها وتحتفل بقدرتها على القتل
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
قال الكاتب الإسرائيلي، جدعون ليفي، إن دولة الاحتلال الإسرائيلي، مرت بتحول في القيم والأخلاق بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وشنت حملة من القتل الجماعي، وطرد الفلسطينيين، واحتلال أراضيهم، واغتيالهم، وتنفيذ عمليات "إرهابية" على غرار تفجير أجهزة البيجر في لبنان.
وتابع الكاتب في مقاله المنشور في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إنه لا يمكن لأي انتصار عسكري أن يعيد "إسرائيل" إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر.
ولفت إلى أنه حتى اليهود المتعاطفين مع الفلسطينيين، قوبلوا بردود قاسية من قبل السلطات، فقد تم من حيث الأساس تحريم الشفقة، التي لم يعد مسموحاً التعبير عنها تجاه الفلسطينيين – ولا حتى الأموات أو الجرحى أو الجوعى أو المعاقين منهم، ولا الأيتام الرضع. فكل هؤلاء عرضة للعقاب الذي تمارسه إسرائيل.
قد يثبت أن فقدان إسرائيل لإنسانيتها تجاه الشعب الفلسطيني غير قابل للعلاج. وثمة شك كبير في أن يتمكن البلد من استعادتها بعد هذه الحرب.
وتاليا المقال كاملا
قهر هجوم حماس في السابع من أكتوبر إسرائيل وغير وجهها تماماً. فقد مر البلد بهزيمة تكتيكية بعد الإخفاق الهائل لقوات الأمن الإسرائيلية، إلا أنه ما لبث أن تعافى سريعاً ليشن حملة من القتل الجماعي، وطرد السكان، واحتلال الأرض، والاغتيال، وعمليات إرهابية أخرى، مثل ملحمة أجهزة البيجر في لبنان.
دعونا لا نتجادل هنا حول قيمة أو تكاليف هذه الأعمال العنيفة، والتي كان الكثير منها غير أخلاقي وغير قانوني. فما أهو أعمق أثراً هو التحول في الأخلاق والقيم الذي مرت به إسرائيل من السابع من أكتوبر.
إن قدرة البلد على التعافي من هذا التحول محل شك كبير، إذ لا يمكن لأي انتصار عسكري أن يعيد إسرائيل إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر.
توحدت إسرائيل خلال العام المنصرم على عدة افتراضات، أما الافتراض الأول فهو أن المذبحة التي ارتكبت يوم السابع من أكتوبر ليس لها أدنى سياق، وأنها إنما وقعت بسبب ما تشكل لديهم من انطباع من أنه توحش الفلسطينيين غزة وتعطشهم للدماء.
وأما الافتراض الثاني فهو أن جميع الفلسطينيين يتحملون عبء الذنب عن مذبحة حماس بحق المدنيين الإسرائيليين. وأما الافتراض الثالث فهو قائم على الافتراضين الأول والثاني، ويقضي بأنه بعد هذه المذبحة الرهيبة، غدا مسموحاً لإسرائيل أن تقوم بأي شيء، ولا أحد في أي مكان يملك الحق في محاولة منعها من ذلك.
وباسم حق الدفاع عن النفس، والذي هو من وجهة نظر القيم الإسرائيلية حق محفوظ حصرياً للإسرائيليين ولا يحق بتاتاً للفلسطينيين، يمكن لإسرائيل أن تشن حملات غير مكبوحة من الانتقام والعقاب رداً على ما فعلته حماس.
فباسم حق الدفاع عن النفس مسموح لإسرائيل أن تطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم في غزة، وربما عدم السماح لهم بالعودة إليها بتاتاً، وأن تقوم بأعمال تدمير عشوائي في كل أنحاء المنطقة، وأن تقتل ما يزيد عن أربعين ألف إنسان، بما في ذلك الكثير من النساء والأطفال.
وباسم حق الدفاع عن النفس، مسموح لإسرائيل كذلك القضاء على قادة حماس بدون أي اعتبار لما يسمى "الأضرار الجانبية" – والتي لم تعد "جانبية" منذ وقت طويل الآن – وقتل المئات من الناس أثناء مهمات الاختيال التي ترى إسرائيل أنها عمليات مشروعة.
الخطاب الهمجي
باعتبار عدد الوفيات غير المسبوق يوم السابع من أكتوبر، شعرت إسرائيل أن بإمكانها تحرير نفسها من أغلال الصواب السياسي، بينما تمضي في تبرير الهمجية في الخطاب الإسرائيلي وفي سلوك الجيش على حد سواء.
ومع تبرير الهمجية، انتزعت الإنسانية من النقاش العام، بل واعتبرت أحياناً من المحرمات. لا يعني ذلك أن الخطاب داخل إسرائيل كان قبل ذلك إنسانياً ويبدي اهتماماً بمعاناة الشعب الفلسطيني، وإنما يعني أنه بعد السابع من أكتوبر تم رفع جميع القيود.
بدأ ذلك بتجريم كل إبداء للرفق، والتضامن والتعاطف أو حتى الألم رداً على العقاب الرهيب الذي تتعرض له غزة. بل تعتبر مثل هذه الآراء خيانية. فقد تم رصد الإسرائيليين الذين يعبرون عن الشفقة أو الإنسانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتم استدعاؤهم من قبل الشرطة للتحقيق معهم. وبعضهم فصلوا من وظائفهم.
أضر هذا الشكل من المكارثية بشكل رئيسي بمواطني إسرائيل من الفلسطينيين، إلا أن اليهود المتعاطفين أيضاً قوبلوا بردود قاسية من قبل السلطات، فقد تم من حيث الأساس تحريم الشفقة، التي لم يعد مسموحاً التعبير عنها تجاه الفلسطينيين – ولا حتى الأموات أو الجرحى أو الجوعى أو المعاقين منهم، ولا الأيتام الرضع. فكل هؤلاء عرضة للعقاب الذي تمارسه إسرائيل.
قد يثبت أن فقدان إسرائيل لإنسانيتها تجاه الشعب الفلسطيني غير قابل للعلاج. وثمة شك كبير في أن يتمكن البلد من استعادتها بعد هذه الحرب.
إن فقدان الإنسانية في الخطاب العام مرض معد، وفي بعض الأوقات مرض فتاك، والتعافي منه بالغ الصعوبة. فقدت إسرائيل كل الاهتمام بما تفعله بالشعب الفلسطيني، بحجة أنهم "يستحقون ما ينالون" – كلهم بلا استثناء، بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ والمرضى والجوعى والأموات.
يرفع الإعلام الإسرائيلي، الذي غدا عبر السنة الماضية أشد خزياً من أي وقت مضى، تطوعاً راية التحريض وإلهاب العواطف وفقدان الإنسانية، وغايته من ذلك هي إرضاء الزبائن فقط لا غير.
لا يعرض الإعلام المحلي على الإسرائيليين شيئاً يذكر مما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من معاناة، بينما يعمل في نفس الوقت على تبييض تجليات الكراهية والعنصرية والقومية الغالية، وفي بعض الأوقات الهمجية، التي توجه ضد القطاع وسكانه.
الاحتفال بقتل نصر الله
عندما قتلت إسرائيل مائة شخص بقصفها مدرسة تؤوي الآلاف من النازحين في مدينة غزة زاعمة أنها واحدة من مرافق حماس، لم تعبأ معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية بتغطية الحدث.
إن قتل مائة شخص من النازحين، بما في ذلك نساء وأطفال، على يد الجيش الإسرائيلي ليس مهماً ولا يستحق الاهتمام من قبل محرري الأخبار في إسرائيل. ولم يخطر ببال أحد أن يحتج، أو أن ينتقد، أو حتى أن يسأل عما إذا كان ذلك عملاً مشروعاً – بما أن الجيش الإسرائيلي وصفها بأنها موقع لحماس، مما يعني أن كل شيء مسموح.
إلا أن الخطاب الإسرائيلي العام وصل إلى الحضيض بعد اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله في بيروت. فقد احتفلت وسائل الإعلام الإسرائيلية – لا يوجد كلمة أخرى لوصف ما جرى – باغتياله، متجاهلة الثمن الذي يدفعه معظم أفراد الشعب اللبناني من حياتهم. منذ متى صار موت أي شخص، حتى العدو اللدود والمتوحش، سبباً للاحتفال؟
أثار موت نصر الله فيضاً من الحبور. وعندما لا يقتصر الأمر على التعبير عن مثل هذا الحبور، بل ويجرى التشجيع عليه والدفع باتجاهه من قبل وسائل الإعلام ككل، فإن النتيجة هي خطاب همجي.
في صباح اليوم التالي لاغتيال حسن نصر الله، ظهر مراسل القناة 13، وهي واحدة من القنوات التلفزيونية الرائدة في البلد، وهو يتجول في شوارع إحدى مدن شمال إسرائيل ويوزع الحلويات على المارة في تغطية مباشرة على الهواء. لم يحدث أبداً من قبل أن عملت تغطية مباشرة على الهواء لتوزيع الحلوى احتفالاً بقتل شخصية مستهدفة.
كان ذلك انحطاطاً جديداً. وهناك صحفي آخر، أكثر من الأول شهرة، وعادة ما يقدم نفسه على أنه ينتمي إلى "الوسط المعتدل"، كتب تغريدة عبر منصة إكس (تويتر سابقاً) يقول فيها: "تم سحق نصر الله في عرينه ومات كالسحلية ... نهاية يستحقها" – وكأن هذا المراسل نفسه هو من سحق المخبأ تحت الأرض بيديه هو. في هذه الأثناء تبادل مذيعون آخرون بهذه المناسبة أنخاب العرق على الهواء مباشرة.
ارتفعت الوطنية الهمجية بحماس منقطع النظير إلى أعلى السارية، وأعربت إسرائيل عن سعادتها.
كان النازيون يسمون اليهود فئراناً، وها هي إسرائيل تسمى نصر الله سحلية.
وحتى أبعاد الموت الذي حصدته ثمانون قنبلة في بيروت لم تغير شيئاً من هذه الحسبة. فلا مئات الأبرياء، ولا الآلاف منهم، ولا حتى ستة عشر ألف طفل ميت – لا شيء من ذلك يؤثر في الذهنية الإسرائيلية الجديدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية الاحتلال لبنان غزة لبنان غزة الاحتلال حسن نصرالله طوفان الاقصي المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السابع من أکتوبر إسرائیل أن نصر الله من قبل
إقرأ أيضاً:
جدعون بين الأسطورة اليهودية وأسطورة غزة
مطلَع مايو 2025م أعلن الجيش الصهيوني بدء تنفيذ عملية عسكرية جديدة في قطاع غزة تحت اسم “عربات جدعون”. ليست المرة الأولى التي يسمي الصهاينة مشاريعهم وعملياتهم بأسماء ذات دلالة ورمزية دينية، فالمشروع الصهيوني أساسًا حمل اسمًا دينيًا هو “إسرائيل”.
إن استدعاء الرموز الدينية المجللة بالخرافة ليس مجرّد اختيار عابر، بل يحمل في ثناياه رسائل إيحائية بالنصر المحتوم، والتفوق المقدّس، ومشروعية إلهية تُضفَى على الفعل العسكري. وفي هذا السياق، تندرج علمية “عربات جدعون”.
هذه التسمية فرصة سانحة لتوضيح حالة الهستيريا الصهيونية التي تسببت بها عملية السابع من أكتوبر، وبدايةً يلزمنا أن نعود إلى نص أسطورة جدعون المذكورة في سفر القضاة:
مُجمل القصة:
مجمل القصة هو أن بني إسرائيل تعرضوا للنهب والإفقار والإذلال من قبل المديانيين لمدة سبع سنوات، وأجبروا على الاختباء في الكهوف. ثم كلف الرب شخصًا يدعى “جدعون” بتخليص بني إسرائيل وأكد له الرب أنه سيُرافقه ويهبَه النصـر وكأنه يضرب رجلاً واحدًا.
تذكر الرواية أن جدعون قلّص عدد جيشه مرتين؛ الأولى عندما سمح للمرتجفين من القتال بالانسحاب، والثانية من خلال اختبار لطريقة شرب الماء، حيث تم استبعاد كل من جثا على ركبتيه أو ولغ بلسانه في الماء، فلم يبقَ معه سوى ثلاثمائة رجل، قادهم جدعون نحو نصر غير متوقع على جيش المديانيين، الذين وُصف عددهم في النص بأنه كـ”الجراد”، وجِمالهم “كالرمل على شاطئ البحر”.
قد تعتقد أن هذه القصة هي السردية اليهودية لقصة طالوت الواردة في القرآن الكريم، لكن بعد بحث سريع يتضح أن قصة جدعون رواية نُسجت عن زمن يسبق زمن قصة طالوت بأجيال، وتختلف عنها في كثير من الأحداث والشخصيات والواقعية..
لماذا أسطورة جدعون في هذا التوقيت؟
مع طول أمد العدوان الصهيوني على غزة، تآكلت مساحة المؤيدين للمذبحة، وظهر التململ والتذمر حتى من داعمي الإبادة، وارتفعت أصواتهم داخل الكيان وخارجه متسائلة عن أسباب غياب الحسم، وعن الجدوى السياسية والعسكرية من حرب بلا أفق.
وفي مواجهة هذا الواقع المأزوم، يستدعي قادة العدو اسم “جدعون” كمحاولة لإيهام الجهات الداعمة بأنهم قد بدأوا تبني سياسة الحسم السريع والضربات الفاصلة، بينما الميدان لا ينطق بأي تقدم على الأرض.
كما تأتي التسمية في ظل المحاولات الصهيونية المستميتة الرامية لإقناع العالم بأن أشلاء الأطفال وصرخات الأمهات ومحو الحياة بالقصف والحصار والمجاعة الممنهجة، له شرعية دينية وإنسانية، فهو “ردة فعل مشروعة”، كما كانت ردة فعل جدعون “مشروعة”.
وبناًء على هذه المسرحية الركيكة، تحاول الدعاية الصهيونية تحويل الجلاد إلى ضحية وليكتب التاريخ أن مستضعفي هذا العصر هم نتنياهو وبن غفير وسموترتش!
مفارقات هستيرية:
رغم محاولة التلفيق والتوفيق بين الواقع الصهيوني اليوم وبين أسطورة جدعون، إلا أن هناك مفارقات صارخة بين الأسطورة القديمة والهستيريا العصرية، مفارقات تعبر عن فجوة عميقة وضحالة فكرية لدى القيادة الصهيونية المتبنية للتسمية، نورد بعَضًا منها:
المفارقة الأولى:
تعتبر التسمية سكان قطاع غزة الذين يتعرضون لأكبر مأساة إنسانية منقولة بالصوت والصورة، هم جيشَ المديانيين الذين “لا يحصى لجنودهم عدد”!
بينما الصهاينة المستندين على جسر جوي مفتوح من الدعم العسكري اللامحدود والذي يمكنهم من التفوق الجوي والبري والبحري في الشرق الأوسط، وتقف خلفهم إمبراطوريات سياسية وإعلامية واقتصادية.. هذا الطرف حسب الرواية هو “جدعون” المستضعف والمشرد، والأقل عددًا وعدة.. هل سمعتم برواية أكثر استحمارًا من هذه؟
المفارقة الثانية:
تذكر الأسطورة أن “جدعون” طلب من المرتجفين والمرتعشين أن يغادروا معسكره طوعًا، بينما “جدعون اليوم” يفرضُ تجنيدًا إجباريًا واسع النطاق، ويزجّ بالمرتجفين والمرتعشين وحتى بالمرضى النفسيين في أتون المحرقة..
نتساءل هنا ماذا لو عاد جدعون ورأى يدي نتنياهو ترتجفان في خطابٍ على الشاشة، ماذا لو شاهده يهرب مسرعًا نحو الملجأ، هل سيقبل اصطحابه للحرب، أم سيأمره بالعودة لبولندا؟
المفارقة الثالثة:
تفيد الأسطورة أن الرب وعد جدعون بأنه سيهزم أعداءه “وكأنه يضرب رجلًا واحدًا”، كتعبيرٍ عن هشاشة العدو وإمكانية إسقاطه بضربة واحدة..
لكن ما يواجهه اليهود اليوم ليس كيانًا بتلك الهشاشة المتوقعة.. لقد اغتيل قادة المقاومة واحدًا تلو الآخر، وسُوِّيت البيوت بالأرض، لكن المقاومة لم تتلاشَ، بل ازدادت شراسة وتجذّرًا، وأفرزت قيادات جديدة أكثر جرأة وازداد المجتمع وعيًا وصلابة، فالفِكر لا تسقطه الضربات والحق لا تبيده الغارات.
المفارقة الرابعة:
انتصار جدعون حسب ما ورد في سفر القضاة، لم يكن بالقوة، وإنما بتغطية ضعفه بالضجيج والضوضاء: هجوم ليلي بصرخة موحدة، مشاعل فجائية، و300 بوق من قرون الكباش، بثّت الرعب في قلوب المديانيين .. أوهمتهم بجيش ضخم ففروا مذعورين.
أما اليوم فـ”عربات جدعون” تواجه خصمًا مختلفًا لم يتزحزح بعد قصفه بأكثر من مائة ألف طن من المتفجرات، ولم ينخدع بالحيل السياسية ولا بالأبواق الإعلامية.
مع هذه المفارقات توجد نقطة التقاء بين الاسم والمسمى وهي: الاعتماد على الخداع كوسيلة لتحقيق النصر..
وهنا يمكن للإنسان أن يتفهم لجوء جدعون إلى الحيلة كوسيلة فهو يقاتل بجيش قليل العدد ضعيف العُدة.
إلا أن ما يصعُب فَهمُه هو لجوء الجيش الصهيوني لنفس الأساليب رغم تفوقه العددي والتكنولوجي الهائل.. هذه النقطة المشتركة لا تدع مجالًا للشك بأن الجيش الصهيوني هو أجبن جيش في العالم.
ختامًا..
وردَ في الأسطورة أن جدعون توعّد القبائل التي اختارت الحياد قائلًا: “إن عدتُ ظافرًا، سأدوس أجسادكم وأهدم أبراجكم” – وهو ما قام به فعلاً.
وفي هذه الجزئية من القصة إشارة تتجاوز حدود غزة، وتمثل جرس إنذار لشعوب المنطقة العربية مفادها:
أن من اختاروا الحياد اليوم، ليس بينهم وبين أن تدوسهم عربات الصهاينة إلا هزيمةُ غزة.
وأمام تلك الأسطورة اليهودية وهذه الهستيريا الصهيونية يرتطم الإسم بالمسمى، وتلتطم آلة القتل بكفٍ مُقاومٍ “يحمي البرايا أجمعين… حتى مماليك البلاد القاعدين”.