عشنا “عقد حميدتي” بامتياز، الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
مرت عشر سنوات منذ مايو ٢٠١٤م عندما قام جهاز الامن والمخابرات حينها باعتقال السيد الإمام الصادق المهدي رحمه الله عقب اتهامه لقوات الدعم السريع التابعة للجهاز حينها- بارتكاب أعمال عنف واغتصاب جماعي في دارفور.
بزغ حينها نجم حميدتي الذي قال مقولته الشهيرة: “نقول أمسكوا الصادق يمسكوا الصادق، فكوا الصادق يفكوا الصادق، الدولة لمن تعملها جيش التتكلم”
ثم لمع نجمه في معركة قوز دنقو بعدها بسنة والتي كسر بها شوكة الحركات المسلحة التي لم يكد يبقى لها مكان تلجأ إليه سوى “السماء ذات البروج” بتعبير مناوي،
زاد توهج حميدتي اكثر باجازة قانون الدعم السريع في سنة ٢٠١٧م بعد أن تمت -لخاطر عيونو- اطاحة ناعمة برئاسة الاركان وابعاد مناوئيه في الجيش،
ثم زاد توهجا في “الخرطوم بروسيس” وتألق ب”عاصفة الحزم” ثم صار حميدتي “حمايتي” بتعبير البشير، وتضخم نجمه منذ ديسمبر نائبا لرئيس المجلس العسكري ثم السيادي ورئيسا للجنة الاقتصادية واضعاً جنرالات الكلية الحربية ودكاترة غردون في فتيل.
ان استحق رجل أن يسمى العقد الأخير باسمه فقد عشنا “عقد حميدتي” بامتياز، الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس وملأ قواميسهم السياسية واليومية بمقولاته وأمثاله الشهيرة، النجم الذي دار حول فلكه الاسلاميون والقحاتة وقادة الجيش ومؤسسات الدولة والدول الاقليمية وقبائل من وراء الحدود وحتى غربيو ما وراء البحار، دار حوله الكل ودار هو أيضاً حول الكل.
وكأي نجم يتضخم ليحمر، يأتي يوم ليتقزم ويبيض بتعبير أهل الفلك.. وخطابه بالأمس إيذان بذلك الإبيضاض..
سامح الشامي
سامح الشامي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
المغرب.. أمُّ الدنيا
قبل عام 2017 كان الإجماع العلمي يقول إن "مهد البشرية" يقع في شرق أفريقيا (وتحديداً في إثيوبيا) حيث اكتُشفت أقدم رفات للإنسان العاقل، كانت الفكرة السائدة هي أن البشر ظهروا في إثيوبيا قبل 195,000 سنة، ثم انتشروا في بقية العالم على مدى قرون.
غير أن تأريخ الرفات المكتشفة في "جبل إيغود" في المغرب أطاح بمعلومات كانت تُدرس عن أصل الإنسان لعقود طويلة؛ ففي عام 2017 عثر فريق بقيادة العالم "جان جاك أوبلان" على بقايا عظمية لـ 5 أفراد في جبل إيغود، تضمنت جماجم، وفكاً سفلياً، وأسنانًا، وعظاماً طويلة، وكانت المفاجأة أن عمرها يفوق عمر البقايا الإثيوبية بـ 100 ألف عام على الأقل، وهذا التاريخ تم تأكيده باستخدام تقنيات تأريخ أجراها معهد "ماكس بلانك" في ألمانيا، كما تطابق تاريخها مع عمر أدوات الطبخ و"الصوان المحروق" الذي وُجد بجانب العظام البشرية. وفي المجمل تم التأكد أن عمر هذه العظام يعود لـ 300,000 إلى 315,000 سنة على الأقل.
وهذا يعني أن الإنسان العاقل كان أقدم مما نظن بـ 100 ألف سنة، وظهر في مكان بعيد جداً عن إثيوبيا وشرق أفريقيا. أما الدراسة التفصيلية للجماجم فأظهرت أن الإنسان في ذلك الوقت كان يملك وجهاً حديثاً تماماً (يشبه وجوهنا اليوم)، بحيث لو ارتدى قميصاً وبنطالاً ومشى اليوم في الشارع لما ميزناه عن غيره.
أما الجمجمة فكانت ممتدة ومستطيلة (وليست كروية تماماً مثلنا)، الأمر الذي جعل علماء التطور يفترضون أن شكل الوجه البشري تطور مبكراً جداً، بينما شكل الدماغ ووظائفه المعقدة استمرت في التطور لاحقاً، وبوجه عام، ألغى هذا الاكتشاف فرضية تطور الإنسان (أو نزوله إن شئت) في شرق أفريقيا، وأن المغرب هو حالياً المهد الأقدم للبشرية.. بل إن هذا الاكتشاف جعل العلماء يفترضون أن البشر الأوائل ظهروا في مواقع مختلفة في أفريقيا في وقت واحد، وما زاد من قوة هذه الفرضية أن ملامح الجماجم المكتشفة في المغرب تشبه ملامح جمجمة يبلغ عمرها 260,000 سنة اكتُشفت (لاحقاً) في "فلورسباد" بجنوب أفريقيا.
على أي حال، لاحظ أن شمال أفريقيا كان وقتها أكثر خصوبة واخضراراً، وأن الصحراء الكبرى كانت حينها مروجاً وغابات، وطبيعة خصبة كهذه تسهل على المجموعات البشرية التنقل والهجرة والتزاوج وتبادل الجينات والأدوات بين شمال وجنوب وشرق القارة، وليس أدل على هذا من تشابه الرماح والسكاكين والأدوات الحجرية المكتشفة في عدة مواقع في قارة أفريقيا.
بقي أن أشير إلى أن اكتشاف جبل إيغود يعني أن جذورنا أعمق مما نتخيل (خصوصاً حين تقارن رقم 300 ألف عام بهجرة الرسول قبل 1447 عاماً أو ميلاد المسيح قبل 2025 عاماً فقط).
ولكن لاحظ أيضا أن ظهور البشر قبل 300 ألف عام (فقط) يعني أننا مخلوقات حديثة وطارئة مقارنة بتاريخ الأرض الذي يتجاوز 4 مليارات عام.. تعني أننا ما زلنا (في سن الطفولة) مقارنة بالديناصورات التي عاشت لأكثر من 300 مليون عام متواصله، وانقرضت قبل ظهورنا اصلاً بـ 60 مليون عام على الأقل.