"صحار ألمنيوم" توقّع مذكرتين لتمويل "فلج الروضة" ومبنى "عطاء الخيري" بصحم
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
صحم- الرؤية
وقعت صحار ألمنيوم مذكرتيّ تفاهم مع المديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمحافظة شمال الباطنة، وفريق عطاء صحم الخيري، إذ أقيم حفل التوقيع تحت رعاية سعادة الشيخ راشد بن أحمد الشامسي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، بحضور سعادة الشيخ الدكتور سلطان بن عبدالله البطاشي والي صحم، وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، وأعضاء المجلس البلدي، وممثلي إدارة شركة صحار ألمنيوم، وعدد من المسؤولين بالولاية.
وخلال الحفل، وقع المذكرتين الاتفاقيتين كل من أحمد بن محمد الخروصي مدير عام الموارد البشرية وشؤون الشركة بشركة صحار ألمنيوم، والمهندسة عذاب بنت راشد الراشدية مديرة دائرة موارد المياه بالمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمحافظة شمال الباطنة، وسيف بن راشد السناني رئيس مجلس إدارة فريق عطاء صحم الخيري.
ونصّت المذكرة الأولى على دعم شركة صحار ألمنيوم لتمويل مشروع صيانة فلج الروضة بولاية صحم، إذ يأتي هذا المشروع ضمن برامج الاستثمار الاجتماعي للشركة، والتي تهدف إلى تقديم الدعم لمختلف شرائح المجتمع، فضلاً عن الإسهام في المحافظة على أحد أبرز المكونات الطبيعية والمقوّمات التراثية التي تزخر بها السلطنة ودعم استدامتها.
وتهدف المذكرة الثانية للمساهمة في تمويل إنشاء مبنى استثماري لفريق عطاء صحم الخيري مكوّن من 3 طوابق على مساحة تزيد عن 2900 مترمربع، ومن المؤمّل أن يساهم هذا المبنى الاستثماري في دعم مختلف الأنشطة الخيرية والاجتماعية التي ينفّذها الفريق لخدمة أفراد المجتمع بولاية صحم.
وقال أحمد بن محمد الخروصي مديرعام الموارد البشرية وشؤون الشركة في صحار ألمنيوم: "إن المسؤولية الاجتماعية تُعتبر مبدأً أساسيًا لدى الشركة يعكس قيمها ويُمثّل جزءً من عملياتها؛ ومن أهم مسؤولياتنا خدمة المجتمع والمساهمة في بناء مستقبل مستدام، والمشاريع التي تموّلها الشركة اليوم تتناول قضايا رئيسية متمثلة في تعزيز الاستدامة البيئية ودعم العمل الخيري وتنمية المجتمع، ومن خلال الاستثمار في هذه المجالات، فإننا لا نحسّن حياة الأفراد فحسب، بل نُساهم أيضًا في بناء مجتمعات متعاونة وأكثر قدرةً على التكيف ودعم إيجاد موارد مالية وطبيعية مستدامة لهذه المجتمعات".
من جانبه، أوضح سعادة الشيخ الدكتور والي صحم: "سعداء بهذه الشراكة الوطيدة التي أثمرت بتحقيق نتائج مثمرة ومستدامة مع شركة صحار ألمنيوم التي تُعتبر أحد شركائنا الاستراتيجين في محافظة شمال الباطنة، وسنستمر معًا للعمل على تعزيز التزامنا بخدمة المجتمع وأفراده ومؤسساته المختلفة، ونسعى لإيجاد المزيد من هذه الشراكات التي تهدف إلى تحقيق التغيير والتأثير الإيجابي".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: صحار ألمنیوم
إقرأ أيضاً:
اللغة التي تفشل
تكتمل الكارثة بالعجز اللغوي عن وصفها. لم نعد قادرين على القول؛ لأن القول لم يعد قادرًا على ممارسة أفعاله، ولأن القول العاري من الإرادة موعود بخيانة نفسه. سولماز شريف، الشاعرة الأمريكية الإيرانية الأصل كانت قد كتبت ذات مرة:
«كل قصيدة فعل.
كل فعل عمل سياسي.
ولذا فكل القصائد سياسية». (اقرأ مقالتها «الخصائص شبه المشتركة بين السياسي والشعري: المحو» بترجمة مزنة الرحبية، على مجلة الفلق الإلكترونية).
تذكرنا شريف، فيما ننسى، بأن تسييس القصيدة ليس مسألة اختيار، بل هو شرط شعري مسبوق بشرط أول: أن تكون القصيدة فعلاً. فعل القصيدة شرط شعري لا حياد عنه. على القصيدة أن تفعل فعلها السياسي، «أن تدقَّ جدار الخزان» بتعبير غسان كنفاني كي تتحقق شعريًا. وبهذا المعنى تضع سولماز شريف شعرنا المكتوب في خضم الكارثة أمام تحدٍ وجودي يعيدنا للبحث في أزمة سابقة تتعلق بالدولة والحرية، وبالفضاء السياسي للغة عمومًا: كيف نكتب شعرًا «فاعلًا» بلغة معقَّمة معطَّلة سياسيًا من الأساس؟ فإذا كانت الخطب المنبرية الصريحة تفشل فشلها الذريع في الفعل، فكيف لإيماء الشعر أن يفعل بهذه اللغة المقهورة سياسيًا؟! يدهشني أن أقرأ عن غزيين يحاولون تعلم اللغة الإنجليزية كلغة طوارئ يترجمون بها معاناتهم للعالم. ولعل هذا الشاهد هو الأبلغ على فشل هذه اللغة، العربية، وعلى عطالتها السياسية، اللغة التي لم تعد تسعف، ولم تعد تلبي مهمة التواصل والوصول.
«قهر اللغة» هو الفصلُ الأقسى من فصول هذه الإبادة المفتوحة، حين تنتحر الكلمات على حدود السياج الخفي، الفاصل الواصل بين اللفظ ودقة المعنى. اللغة المقهورة التي ظلت عاجزة عن الفعل السياسي نكتشف اليوم، في امتحانها الأصعب، أنها مصابة بالعجز حتى أن الإيفاء بوظيفتها الأخيرة «التعبير». ولكن من منَّا الآن على استعداد ليقرَّ بعجز لغته عن التعبير، فضلاً عن الإتيان بجديد في هذا المناخ من الاستعصاء المرير، استعصاء ما بعد الصدمة؟!
سؤال الإبداع في الإبادة هو أيضًا سؤال إشكالي من ناحية أخلاقية وفلسفية في الآن نفسه: كيف لنا، قبل أي شيء، أن نبحث في الإبادة عن معنى؟ معنى جديد؟ كيف نطالب بإبداع من وحي الإبادة دون أن نجد في هذا المطلب تناقضًا فلسفيًا من قبل أن يكون أخلاقًيا؟ أوليس في هذا التسول البائس تواطؤًا يجعل من الكتابة «الجمالية» عن الإبادة تطبيعًا لها، أو توكيدًا ضمنيًا لما تسعى لاستنكاره؟ ربما تصبح مقولة أدورنو الشهيرة عن استحالة كتابة الشعر بعد «أوشفيتز» ضرورية في هذا السياق، حتى وإن بدت لنا مكابرة الكتابة في هذا الظرف، رغم قهر اللغة، مكابرةً أخلاقيةً مشروعة، بذريعة أن بديلها المطروح ليس سوى الصمت، الصمت عن الجريمة.
ما الذي يمكن فعله بهذه اللغة التي تفشل؟ على مدى عامين تقريبًا وأنا أراقب لغتي بخوف وحذر. الإبادة المستمرة هناك تمتحن لغتي هنا كما لم أعرف من قبل امتحانًا في اللغة. كيف يكتب اليوم من لم يهيئ نفسه وأدواته من قبل لاستقبال العالم بهذه الصورة؟ ثمة وحشية فاجرة، أكبر من طاقة اللغة على الاستيعاب. عنف يحشرني في زاوية ضيقة من المعجم، وهو ما يجبرني على تعلم أساليب جديدة في المراوغة والتملص للنجاة من هذا الحصار، حصار السكوت الذي لا يقترح إلا الكلام الجاهز.
أستطيع أن أحدد يوم السابع من أكتوبر 2023 تاريخًا لبداية مرحلة جديدة من لغتي. صرتُ كثير التَّفكر في اللغة باعتبارها موضوعًا موازيًا للعالم. بات عليَّ أن أُعقلن لغتي أكثر، أن أرشِّدها، وأن أتحداها في الوقت نفسه. يظهر هذا في تلعثمي وتعثري بالألفاظ كلما حاولتُ الكتابة أو الحديث عن الإبادة التي لم أعد أستطيع التعبير عنها بأي شكل من الأشكال دون الدخول في صراع مع اللغة وإمكانياتها. حتى وأنا أكتب كلمة «إبادة» الآن أصطدم بفراغ عدمي بعد الكلمة، وأدخل في متاه مفتوح لا يؤدي إلى أي شيء، عدم يحيل هذه الكلمة إلى مجرد لفظة إجرائية فقدت حوافها وحدودها من فرط الاستهلاك اليومي.
تختبر الحرب قدرة الشعر والفكر على امتصاص الصدمة واستقبال الفجيعة. حدث هذا جليًا في عقب الصدمة التي ولَّدتها النكسة سنة 1967، سنة الانقلابات الشخصية والتحولات الكبرى في صفوف الشعراء والمثقفين العرب. وهو ما يحدث اليوم وعلى مدى أشهر في صورة أكثر بطئًا وتماديًا. والحرب تأتي لتفحص جهوزية اللغة ولتعيد تشكيلها في نهاية المطاف. إنها تعبثُ بالعلاقة بين الدال والمدلول، وتبعثر الاستعارات القديمة لتأتي باستعاراتها الجديدة، وتفرض مع الوقت معجمها الموحَّد الذي توزعه على الجميع. كما تفتحُ الحرب الباب للشعراء الهواة لتقديم استقالاتهم والانصراف البيوت (لا شاعر للمهمات الصعبة اليوم)، وإن كانت في الوقت نفسه توفر مناخًا انتهازيًا لهذه الفئة من الشعراء المتسلقين على المراثي وأحصنة الحماسة.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني