تأتي ثورتا سبتمبر وأكتوبر للعام العاشر على التوالي في زمن مثقل بالأوجاع، وغياب الدولة، حيث التمزق الداخلي هو سيد الموقف، والشعور بالغربة والتيه هو عنوان الخارج. لا شيء يلوح في الأفق للخروج من هذا المأزق الذي صنعته جماعة الحوثي، وعجزت الدولة أن تأخذ زمام المبادرة، واعادة الوضع الي ماكان هليه قبل ٢١ سبتمبر المشؤوم .

فقد شعر اليمنيون طوال هذه السنوات العشر أن الجغرافيا والشعب والقيمة القانونية والدستورية لليمن قد فرط فيها السياسيون، بل خانوها ، وحولوها إلى مغانم ومكاسب شخصية ، للانتفاع العائلي .

فأصبح لزامًا على الشعب أن يهب لمنح الوطن الحياة من جديد، روح نقية متدفقه بالمشاعر الصادقة ، وتسييجه بسياج المحبة، لأن اليمن ليس مجرد تاريخ مضي وجغرافيا اطماع ، وحدود سياسية ، بل هو مشاعر وعطاء وروح ، ذكريات ومعني وحفريات راسخة في الوجدان ، من فقد هذه الروح فقد القدرة على أن يكون مع الوطن وله، وفي سبيله  يضحي .

في هذا السياق، تأتي هذه المناسبات الوطنية لتعبر عن جزء من هذه الروح الصادقة التي تتحول الي اعصار يقتلع من يسيئ اليه ، ولمحة من فيض الحب الحقيقي الذي يكنه الشعب لوطنه ، ويعبر عن وفاءه وبره ، رغم الجوع والآلام والكوارث التي حلت به، ويعاني منها ، والتي كانت من صنع سياسيين فاشلين ، فاسدين باعوا مصالح الوطن لحساب مصالحهم الشخصية الانانية ،    لم يعد يربطهم بالوطن سوى مصالحهم ورواتبهم ونفوذهم.

لقد فشلت النخب السياسية في الحفاظ على أمانة الآباء المؤسسين، في تحقيق الأهداف التي وضعوها لتحقيق رفاهية هذا الشعب. كما فشلت في أن تكون بارّة باليمن سياسيًا وحضاريًا، فسلمته للفساد وللقوى الخارجية، وتركت اليمن لمصيره يواجه فيروس  الحوثي دون مقاومة تذكر. تصرفاتهم في موقف الحاجة الوطنية ، والكرامة اليمنية أظهرت أنهم طارئ علي هذا الوطن ، يرون في انفسهم روح استعلائية ، يرون  دماءهم أزكى من دماء الآباء المؤسسين، ومصالحهم مقدسة علي قداسة الطون ، فلم يتركوا أثرًا يُحمدون عليه ، بل خلفوا لنا علي معالم العقوق والفساد ، الأمية منتشرة، والفساد هو سيد الحكم، والأنانية والمحسوبية هي قانون الإدارة، والاعتماد على الأجنبي هو سند بقائهم في السلطة. وبعد كل هذه السنوات، لم يتركوا إرثًا يمكن للشعب التفاخر به سوى دورات العنف التي لم تترك لليمنيين سوى الألم والوجع.

اليوم، يدرك الشعب اليمني، في الداخل والخارج، أن ثورتي 14 أكتوبر و26 سبتمبر هما الحصن المنيع لمقاومة “الوثنية السلالية” ، في ظل تهاوي الحصون السياسية  ، وضعف المناعة الوطنية  الداخلية والخارجية ، هذه الثورات هي الملاذ الذي يلجأ إليه الشعب ليعبر عن دوره الفاعل في المشهد الحالية ، فإذا كانت  البندقية المنفلتة عجزت أن تحمل مشروعاً وطنيا ، فقد تحولت للاسف بإرتهانها للخارج أداة من أدوات العار والعقوق ، لم تعد تحضي بالإحترام الا بقدر فاعليتها في استعادة الوطن ، ومقاومة الوثنية السياسية .

تحتضن المحافظات اليمنية اليوم احتفالات شعبية بهيجة تعبر عن معاني الوفاء للوطن ولإرث الآباء المؤسسين. احتفالات تجمع الشمل وتوحد الصف، وترفع معاني اليمن فوق الحسابات السياسية الضيقة.

في تلك الساحات، يقف أبناء الأبطال، كغالب لبوزة وعلي عبدالمغني، في صورة نقية تجسد الامتداد الحر للإنسان اليمني، الذي حمل قدره على كتفه شمالًا وجنوبًا، وأسقط “الوثنية الإمامية في الشمال” والاستعمار الطاغي في الجنوب. هم خير من يدرك روح المعاني التي تنبض في أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، التي أرعبت في لحظتها التاريخ الإقليمي.

لم تعد الثورة اليوم مجرد احتفال، بل أصبحت احتجاجًا شعبيًا ضد “الوثنية السلالية” في صنعاء، وضد حالة التمزق السياسي في عدن. هي حالة ممتدة في كل بقعة يرفع فيها العلم اليمني وتزغرد فيها أناشيد الجمهورية. هذه الاحتفالات تتحرر من الحسابات السياسية، باستثناء الرغبة في عودة الوطن الحر وبناء دولته بعيدًا عن العجز السياسي الذي أضاع اليمن وجعله مرهونًا للأجنبي.

احتفالات الثورتين دعوة لمراجعة الأخطاء، ونفض غبار الماضي السيئ، والدعوة إلى ميثاق عمل سياسي جديد، جوهره كرامة الإنسان ورفعة شأن اليمن. ميثاق يركز على بناء مجتمع إنساني ديمقراطي، يضمن الكرامة والرفاهية للجميع، ويعادي الفساد والمفسدين. اليوم هو زمن جديد، جيل متحرر من وصايا الأحزاب والسياسيين، جيل واعٍ بدوره وشعر بوجعه. فليكن هذا اليوم يومًا للتحرر من كل العوائق التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، وليكن انطلاقة نحو مستقبل أفضل.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: اليمن ثورة 14 أكتوبر

إقرأ أيضاً:

مرشحو حماة الوطن لانتخابات الشيوخ يلتقطون صورا تذكارية أمام ساحة الشعب بالعاصمة الإدارية

التقط مرشحو حزب حماة الوطن لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، بالقائمة الوطنية من أجل مصر، وعلى المقاعد الفردية، صورا تذكارية من أمام ساحة الشعب بالعاصمة الإدارية الجديدة.

حالة واحدة تعيد قانون الإيجار القديم إلى البرلمان | تفاصيلوزير الشباب والرياضة يشهد ختام فعاليات اللجنة العامة لبرلمان شباب مصرمطلب برلماني لـ "لم شمل الإخوة الأشقاء" في مدرسة واحدةبرلمانية: حديث الرئيس السيسي بشأن معبر رفح يعكس موقف مصر تجاه فلسطين

وتوجه مرشحو حزب حماة الوطن، لانتخابات مجلس الشيوخ، إلى الصالة المغطاة بالعاصمة الإدارية، للمشاركة في فعاليات المؤتمر الختامي الجماهيري، بمشاركة آلاف من المؤيدين من جميع المحافظات.

واختار حماة الوطن، العاصمة الإدارية الجديدة، لتنظيم مؤتمره الختامي لدعم مرشحيه، في إشارة إلى الانطلاق نحو بناء الجمهورية الجديدة، وما تشهده من نهضة تنموية غير مسبوقة في جميع القطاعات على مستوى الدولة.

طباعة شارك مرشحو حماة الوطن لانتخابات الشيوخ انتخابات الشيوخ حزب حماة الوطن مجلس الشيوخ 2025

مقالات مشابهة

  • احتفالات رسمية وشعبية في أثينا بذكرى عودة الديمقراطية بعد 51 عامًا
  • النائب نادر الخبيري: المشاركة في انتخابات الشيوخ يمثل التفافا حقيقيا خلف راية الوطن
  • فعاليات خطابية في سنحان وجحانة وهمدان وصنعاء الجديدة بذكرى قدوم الإمام الهادي إلى اليمن
  • مدير الشؤون السياسية بريف دمشق يلتقي ممثلين عن أبناء الطائفة الشيعية في حي السيدة زينب
  • مرشحو حماة الوطن يلتقطون صورًا تذكارية أمام ساحة الشعب قبل مؤتمرهم الجماهيري
  • مرشحو حماة الوطن لانتخابات الشيوخ يلتقطون صورا تذكارية أمام ساحة الشعب بالعاصمة الإدارية
  • الحمد لله الذي جعلنا يمنيين
  • مرشح الجبهة الوطنية بالغربية: كلنا خلف القيادة السياسية وصوتكم بانتخابات الشيوخ لمواجهة أعداء الوطن
  • المؤتمر الجماهيري للجبهة الوطنية في الجيزة يتحول إلى تظاهرة حاشدة في حب الوطن والاصطفاف خلف القيادة السياسية
  • قيادى بحزب الجبهة الوطنية: نعاهد الله والقيادة السياسية على بذل أقصى الجهد لخدمة الوطن