عين ليبيا:
2025-06-25@11:34:07 GMT

بين سياسة التشيّع و«التشيّع السياسي»

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

على خلفية الأحداث الجارية اليوم، وقع بعضنا في منطق تقسيم الناس إلى فسطاطين لا ثالث لهما، وإلى طرفين دون واسطة بينهما، ويصر بعضنا على قراءة سردية صراع المشاريع بلغة الشعر والأدب، وينظرون بعين الريبة إلى كل من يخالف رأيهم، ويستدرك على قولهم!

هذه الأحداث ولّادة تأتي بكل عجيب، بخاصة إذا كانت “القابلة” هي الأنظمة السياسية” التي لا تُعير اهتماماً إلى تفتيت الأوطان وامتهان الإنسان .

وتاريخ النضال لا يقاس بأعمارنا المحدودة وإن طالت، ولا يستجيب لعواطفنا المحمومة وإن تسامت . أما ثمراته ونتائجة؛ فلا تظهر إلا على مُكثٍ؛ عبر تراكمات متوالية تتأبى أحياناً حتى على الرصد والعد، فضلاً عن الجزم والحد.

ما نحتاجه اليوم – بحسب تقديري – هو وزن الأمر بالقسطاس المستقيم، وتقديم مقاربة سُنية لنصرة غزة ومُشَاغَلة العدو، ومعالجة آثار الحرب على أهلنا، مِن أي طرفٍ أتت،… ولكن دون التنّكر لدماء وسجناء وأعراض وتراب أهلنا في العراق وسوريا واليمن ، التي ولغ فيها -ولازال- حليف هذه الجولة “المؤقتة “.

هي “معادلة” حرجة دون أدنى شك، لأنها تتغيا التوسط بين “التشيع السياسي”، والذي طرأ على بعض أهل السنة، وسياسة التشيع التي تتبناها إيران في المنطقة.

ولابد من التذكير ببعض القضايا:

أولاً: إن أولويةَ مقاومة العدوان ووقف الإبادة في غزة، وتضميد الجراح والآثار المترتبة على ذلك، قضيةٌ لا ينبغي أن تكون محلا للجدال، بل علينا بذل ما نستطيع من نفس ومال وجهد في سبيل نصرتهم،… ولكن جسد الأمة تعددت جبهاتُه وتناثرت جراحاتُه، ولا يصح المفاضلة بين دمٍ ودم وأرض وأرض وعِرض وعرض، فأولويةُ المقاومة لا تُصادر مشروعيةَ مطالبة المعتدي بوقف عدوانه والتحذير من مشروعه، ولو كان المعتدي حليفا مؤقتا في إحدى جبهات أمتنا الجريحة، فهذا – بحسب تقديري – لزوم ما لا يلزم، وتعنت في غير محله، بل يتضمن تفريقا لصف أنصار غزة.

ثانياً: رسالة العالِم والمثقف، رسالة متعددة الأنحاء، وهو في بعض المحن – كالتي نحن فيها الآن – مطالب بوزن الأمور بالقسطاس المستقيم قدر وسعه، وأن يقدم المعرفة العلمية الصحيحة حتى في زمن الأزمات والحروب، ولا يسمح بسيولة عقدية غير محسوبة العواقب بداعي منطق ترتيب المخاطر والأولويات، ومن أدب العلم، تجنب مصادرة الرأي الآخر بحجة أن من يطالب بوقف الاحتلال لعواصم السنة وأراضيهم، وإطلاق السجناء، ومحاسبة مَنْ قتل الأبرياء واغتصب الأرض والعرض، هو بين وصفين: إما موتور عاطفي، جاهل بفقه الأولويات، أو دخيل ” متصهين” خادم للمشروع الصهيوني دون قصد!!

مع ما يصحب ذلك من آفات؛ كالمزايدات الرخيصة، وتسجيل المواقف، و التطلع إلى حصد المعجبين، وتأجيج الجماهير في اتجاهات، نعرف سلفا أنها ليست في وسع عموم الناس.

وأن لا نحصر ونقصر خطاب الأولويات وتوحيد الصفوف وتناسي الخلافات على الضحية ” السنية” والطرف الأضعف، بدلا من توجيهه إلى الدولة المتماسكة التي رعت- ولازالت- احتلال عواصمنا وقتل أهلنا وتهجيرهم ونحت هويتهم.

ثالثاً: إن الصراع السني الشيعي حقيقة واقعة حتى لو تجاهلناها، بل هو معركة قائمة الآن، وتعاني من أوزارها العواصم السنية اليوم، فهو ليس سباحةً في غيابة التاريخ القديم، كما أنه صراع ينطوي على أسباب قومية عرقية أيضا، وليس مجرد اختلاف حول بعض المسائل العلمية والعملية التي يمكن تقريبها عبر تفاهمات وندوات بين سنة وشيعة، فهناك العرب والكرد، وهناك الترك والفرس، ولعل هذا ما يُفسر أزدواجية المعايير في التعامل مع الشيعة العرب.

رابعاً: إيران ليست جمعية خيرية لرعاية الضعفاء والمستضعفين من أهل القبلة، كما يظن بعض الطيبين ! بل هي دولةٌ وفَدَ مؤسسُها الأول بدعم فرنسي غربي كامل، ولها مشروعها السياسي والعسكري والتوسعي في العالم الإسلامي وليس العربي فقط، ولا يمكن أن تحابي أحدا إذا تقاطع مع مشروعها، حتى لو كان “حزبها” الذي أنشأته ! وهي تحُسن تماما توظيف العاطفة الدينية، ومظلومية آل البيت، والبعد الإيدلوجي والتاريخي في إدارة الصراع، وعلى تواصل دبلوماسي- إن لم يكن تنسيقا- مستمرا حتى مع خصومها، وهي عندما تقوم بذلك إنما تقوم بواجبها- كدولة- على أتم وجه! كما أن الكيان الصهيوني دولة لها مشروع سياسي عسكري توسعي، غرسها الغرب في خاصرتنا، وتُحسِن -كجارتها – توظيف العاطفة الدينية وأحلام يهود في مشروعها.

“أزمتنا الكبرى” أننا نعاني من غياب الإثنين معا، فلا دولة ولا مشروع!؟

بل بعض أنظمتنا العربية أخطأت عندما جعلت من أرضها غرفة عمليات، ومخزن معلومات ومنصات انطلاق وبنوك إمداد للمشاريع المتمددة في عواصم أهل السنة.

خامساً: إن المصائبَ يجمعنَ المصابينَ – كما قال شوقي – ولعل ” خارطة إسرائيل الكبرى ” التي أعلنها رئيس وزراء الكيان نتنياهو، والتي تَخَطّت حدودَ فلسطين لتشمل إعادة تشكيل جغرافيا الشرق الأوسط وصولا إلى الكويت، مرورا بمصر والأردن والسعودية والعراق ! لعلها تكون ناقوس خطر حقيقي، كي تتجاوز أنظمة المنطقة خلافاتها مع بعضها، وتعيد استيعاب نخبها، وفك أسرهم، وحشد طاقاتها، للخروج بمشروع ردع إسلامي قومي، يجعل المهمة الأمريكية في تقسيم المنطقة، مهمة صعبة أو بعيدة الوقوع .

أخيراً: ينبغي أن نتقبل نواميس الكون وقوانين المجتمعات، وأن نعترف -ولو خُفيةً – بأن ما نراه اليوم هو “ثمرة مُرة ” لأزمة باضت وفرخت وامتدت عبر عقود، وتضافر على غرسها واستنباتها وسقايتها ورعايتها… أطراف كثيرة قامت بمهمتها الفاسدة على أتم وجه، وتمددت في فراغنا العقدي والسياسي والثقافي، ولا يمكن التخلص من هذه العوامل بين عشية أو ضحاها، إلا عبر التوافق على مشروع حضاري متكامل يضم أهل السنة بشتى مدارسهم من أشاعرة وماتريدية وأهل حديث، وبشتى مذاهبهم الفقهية المستقرة،وأنظمتهم السياسية، لأن طبيعة السُنن غلّابة، ولاتستجيب لعواطفنا وتتنصر لمظالمنا إلا إذا توحدنا، وأخذنا بأسباب القوة والنهوض، وفق نواميس كونية لا تحابي مؤمنا على كافر، بل يمد الله بها “هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبّكَ مَحْظُورًا”

“وَاللَهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَاسِ لَا يَعْلَمُون”َ.

والحمد لله رب العالمين

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

تبدّل في الخطاب السياسي لاستيعاب الحزب

لاحظت مصادر سياسية مطّلعة تبدّلًا لافتًا في الخطاب السياسي لخصوم "حزب الله" في الداخل اللبناني، حيث يسود نوع من التهدئة والتخفيف من حدّة التصريحات التي اعتاد الشارع اللبناني سماعها في السنوات الماضية.
ويأتي هذا الخطاب الهادئ نسبيا في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، ما يطرح تساؤلات حول خلفيات هذا التوجّه الجديد.
وترى المصادر أن هذا السلوك المتعمّد لا يعكس بالضرورة تغييرًا في الموقف السياسي من الحزب، بل هو محاولة مدروسة لاحتواء أي اندفاعة تصعيدية قد يقوم بها في المرحلة المقبلة. فالتصعيد العلني ضده، في ظل الظروف الراهنة، قد يؤدي إلى رد فعل غير محسوب، بينما تُفضّل بعض القوى المعارضة له اليوم اتباع سياسة التهدئة والضغط الهادئ، بهدف إبقائه ضمن حدود اللعبة الداخلية، ومنعه من الذهاب بعيدًا في خيارات عسكرية، لدعم ايران في حربها، قد تُفاقم الوضع اللبناني المتأزّم.

المصدر: لبنان 24 مواضيع ذات صلة باسكال صقر: زمن الفن تبدّل تماماً والمال يتحكّم به Lebanon 24 باسكال صقر: زمن الفن تبدّل تماماً والمال يتحكّم به 23/06/2025 08:20:37 23/06/2025 08:20:37 Lebanon 24 Lebanon 24 تبدّل في المزاج الشعبي عند المناطق المتاخمة للضاحية Lebanon 24 تبدّل في المزاج الشعبي عند المناطق المتاخمة للضاحية 23/06/2025 08:20:37 23/06/2025 08:20:37 Lebanon 24 Lebanon 24 وسائل إعلام إسرائيلية: فرق الطوارئ تقرر إقامة محطات لاستيعاب القتلى قرب المبنى المدمر في "بات يام" جنوب "تل أبيب" Lebanon 24 وسائل إعلام إسرائيلية: فرق الطوارئ تقرر إقامة محطات لاستيعاب القتلى قرب المبنى المدمر في "بات يام" جنوب "تل أبيب" 23/06/2025 08:20:37 23/06/2025 08:20:37 Lebanon 24 Lebanon 24 سلام يرفع السقف السياسي… وحزب الله يتحفّظ Lebanon 24 سلام يرفع السقف السياسي… وحزب الله يتحفّظ 23/06/2025 08:20:37 23/06/2025 08:20:37 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص رادار لبنان24 قد يعجبك أيضاً جريح في انقلاب مركبة على أوتوستراد المنصف Lebanon 24 جريح في انقلاب مركبة على أوتوستراد المنصف 01:10 | 2025-06-23 23/06/2025 01:10:43 Lebanon 24 Lebanon 24 تقديم مواعيد رحلات.. بيان صادر عن شركة الـ MEA هذا ما جاء فيه Lebanon 24 تقديم مواعيد رحلات.. بيان صادر عن شركة الـ MEA هذا ما جاء فيه 01:07 | 2025-06-23 23/06/2025 01:07:31 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان من وزارة الزراعة.. إليكم مضمونه Lebanon 24 بيان من وزارة الزراعة.. إليكم مضمونه 01:06 | 2025-06-23 23/06/2025 01:06:16 Lebanon 24 Lebanon 24 رسائل دولية تشدد على حياد لبنان.. استبعاد قيام "حزب الله" بفتح جبهة جديدة Lebanon 24 رسائل دولية تشدد على حياد لبنان.. استبعاد قيام "حزب الله" بفتح جبهة جديدة 01:00 | 2025-06-23 23/06/2025 01:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 صائب سلام إلى الانتخابات النيابية Lebanon 24 صائب سلام إلى الانتخابات النيابية 23:06 | 2025-06-22 22/06/2025 11:06:25 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة مساعدة مالية بـ150 دولاراً.. من "قبضها"؟ Lebanon 24 مساعدة مالية بـ150 دولاراً.. من "قبضها"؟ 04:27 | 2025-06-22 22/06/2025 04:27:05 Lebanon 24 Lebanon 24 يُشبه الهزّة الأرضيّة... سكان غربي بعلبك شعروا بارتجاج وهذا ما تبيّن Lebanon 24 يُشبه الهزّة الأرضيّة... سكان غربي بعلبك شعروا بارتجاج وهذا ما تبيّن 10:53 | 2025-06-22 22/06/2025 10:53:08 Lebanon 24 Lebanon 24 بشأن عمل مطار بيروت والرحلات... إليكم هذا الخبر Lebanon 24 بشأن عمل مطار بيروت والرحلات... إليكم هذا الخبر 09:00 | 2025-06-22 22/06/2025 09:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مُعجب اقتحم حفل نانسي عجرم وأزعجها... شاهدوا بالفيديو ماذا قالت عنه Lebanon 24 مُعجب اقتحم حفل نانسي عجرم وأزعجها... شاهدوا بالفيديو ماذا قالت عنه 06:46 | 2025-06-22 22/06/2025 06:46:50 Lebanon 24 Lebanon 24 بحضور جميع أولاده... جيسيكا عازار احتفلت بعيد الأب مع زوجها محمد صوفان (صور) Lebanon 24 بحضور جميع أولاده... جيسيكا عازار احتفلت بعيد الأب مع زوجها محمد صوفان (صور) 06:56 | 2025-06-22 22/06/2025 06:56:20 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب "خاص لبنان24" أيضاً في لبنان 01:10 | 2025-06-23 جريح في انقلاب مركبة على أوتوستراد المنصف 01:07 | 2025-06-23 تقديم مواعيد رحلات.. بيان صادر عن شركة الـ MEA هذا ما جاء فيه 01:06 | 2025-06-23 بيان من وزارة الزراعة.. إليكم مضمونه 01:00 | 2025-06-23 رسائل دولية تشدد على حياد لبنان.. استبعاد قيام "حزب الله" بفتح جبهة جديدة 23:06 | 2025-06-22 صائب سلام إلى الانتخابات النيابية 22:54 | 2025-06-22 إيران ستتجه إلى إنشاء موقع نووي سرّي؟ فيديو بدت مُرهقة.. شاهدوا أول ظهور للفنانة الشهيرة بعد تعرّضها لوعكة صحية أدخلتها المستشفى (فيديو) Lebanon 24 بدت مُرهقة.. شاهدوا أول ظهور للفنانة الشهيرة بعد تعرّضها لوعكة صحية أدخلتها المستشفى (فيديو) 23:24 | 2025-06-22 23/06/2025 08:20:37 Lebanon 24 Lebanon 24 بوسي وهيفا تشعلان الصيف بـ"يا أحمد" Lebanon 24 بوسي وهيفا تشعلان الصيف بـ"يا أحمد" 13:40 | 2025-06-21 23/06/2025 08:20:37 Lebanon 24 Lebanon 24 بسبب مقعد.. شجار عنيف على متن طائرة شاهدوا ماذا حصل (فيديو) Lebanon 24 بسبب مقعد.. شجار عنيف على متن طائرة شاهدوا ماذا حصل (فيديو) 04:00 | 2025-06-21 23/06/2025 08:20:37 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • عبد المسيح التقى الرئيس عون: لضرورة الاستمرار في سياسة الحياد التي حمت لبنان
  • مناقشة موضوع سياسة تعزيز معدلات الإنجاب في الدولة
  • الذايدي: ميسي كان مرتبطًا بالهلال والتدخل في الصفقة يخالف سياسة الاستقطاب
  • 220 مليون دولار إنفاق إضافي... غادة أيوب تنتقد سياسة الحكومة المالية!
  • سياسة جديدة لـ"الطيران العُماني"
  • روسيا تساند إيران: اسرائيل ارتكبت جرائم الاغتيال السياسي
  • قطر تؤكد تبنّيها سياسة خارجية تقوم على تعزيز التضامن الدولي مع كافة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية
  • عفت السادات: سياسة مصر الخارجية تتحرك بعقل الدولة وقلب الأمة
  • تبدّل في الخطاب السياسي لاستيعاب الحزب
  • محلل سياسي: سياسة المملكة مميزة ومبنية على التمسك بالحلول السلمية والأعراف الدولية