النساء ضحايا الحرب.. ويستمر الاستهداف!
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
15 أكتوبر 2024
د. سعاد مصطفي الحاج موسي
منذ اندلاع هذه الحرب التي وصفها من أشعلها في البداية بال "عبثية،" وحتى توغلت في سحق الارواح السودانية وجماجم أبناء الوطن الواحد بلا تمييز، تواري امراء الموت والخراب العسكريون خجلا من وصفها بال "اللعينة القاتلة، والبشعة، والشيطانية" والتي أثارت حتى سخط ابليس نفسه فاشتكي منها وفر بجلده طلبا للنجاة.
لقد انتظرنا طويلاً، نحن النساء على وجه الخصوص، عودة الأمن ونهاية فجور الحرب وفسادها ومآسيها وفجائعها، وضاع الأمل منا ومن دواخلنا ونحن نري ونسمع ونشهد آلة الحرب وهي تحصد أجساد وإنسانية وأرواح النساء والفتيات أينما حللن – داخل البيوت، في الأسواق والمحلات التجارية، في المزارع ومعسكرات النزوح والملاجئ، وبيوت الايواء، على الطرقات والدروب والأزقة، وفي وسط الجبال والغابات والوديان. تمارس هذه الجرائم ضد الاناث بكل ما هو متاح من آلات الحرب، بما في ذلك الاغتصاب الذي يترك الأنثى شبحا ميتا يزحف، ومع ذلك تكافح من أجل الحصول علي ما يسد رمق ثلة من أفراد الاسرة - طفلها الرضيع، وابوها المسن، واختها المريضة، وأخيها المبتور، وقليل من العشيرة... تفعل النساء ذلك وهن يعلمن علم اليقين أن القتلة والمغتصبين يقعدون لهن كل مرصد لنهش ما تبقي من أجسادهن وسحق ما تبقت لهن من كرامة وقلوب تنبض. ومن نافلة القول إن المرأة لا تزال تخرج كلما سنحت الفرصة، تكافح من أجل مواصلة الحياة.. ليست حياتها بالطبع، بل حياة من حولها من أقارب وأيتام وفقراء، وتجسد خطواتها أروع ملاحم الإنسانية والنبل والتضحية..
تطورت مقاصد الحرب وبتنا نري ونسمع يوميا ما يتكرر من حوادث استهداف النساء على أساس اثني باتهامهن بالتعاون مع قوات الدعم السريع كما حدث في قضية الدر حامد حمدون (24 عاما) التي اعتقلت في عطبرة مع شقيقة زوجها التي توفيت في سجن عطبرة، لتواجه حكما بالإعدام في أغسطس/آب 2024 تحت المادتين 50 و51 من قانون العقوبات لسنة 1991 المتعلقة بتقويض النظام الدستوري والتحريض علي الحرب ضد الدولة، بعد إدانتها بالتعاون مع قوات الدعم السريع. في 17 أغسطس/آب، نظمت نساء الميرم بغرب كردفان وقفة تضامنية طالبن فيها بوقف تنفيذ الحكم، ولفتن الي ان السلطات حولت الحرب الي حرب ضد النساء (راديو دبنقا في 18 أغسطس/آب 2024)، يذهب نصيب الأسد منها الي المجموعات الاثنية في الهامش، والتي توصم بأنها حواضن للدعم السريع. الدر هي ليست الاولي أو الأخيرة في حملة الاستهداف الاثني للنساء، فقد اعتقلت نساء اخريات علي ذات الخلفية الاثنية في مدينة بورتسودان، وذكرت احداهن (سلام) أن العديد من النساء تعرضن للعنف والضرب والصعق الكهربائي أثناء اعتقالهن بسبب انتمائهن لقبيلة المسيرية، رغم عدم ارتباطهن بقوات الدعم السريع، كما أفاد راديو دبنقا!
لقد سحقت الحرب أرواح وأجساد آلاف الأمهات والخالات والعمات وفلذات الاكباد، وتجرع زعماء الحرب ومقاتلوهم دمائهن الثمينة حتى الثمالة، فأصبح من الطبيعي أن تضعف وتختفي آثار المرأة وحركتها من أغلب الشوارع والأسواق والأزقة والممرات في وسط الأحياء، ومن المستشفيات وبيوت والعزاء وكل الساحات التي كانت تزينها النساء بحضورهن الجميل، وتحتفل بأهازيجهن وترنيماتهن في الأفراح، وشجوهن في الأحزان. وكغيرهن من "القلال الفضلو من الناس"، اعتادت نساؤنا على الفرار قدر الإمكان من البل والجغم والمتك – تلك الكلمات الدموية التي انبعثت من قاموس الحرب وقسوتها، وتغلغلت في لغتنا اليومية، تمضغها ألسنتا الجافة فتزيدها جفافا، وتجفف منابع الأمل فينا بأن يوم باكر سيكون أفضل وأن شمس السلام ستشرق ويسطع قمر المحبة. هذه الكلمات بالتأكيد ستوثق إبادة العسكر للمواطنين السودانيين عندما تضع الحرب أوزارها ويتم انشاء متحفا للإبادة في السودان تعرض أدوات العسكر وابداعاتهم في قهر النساء، لاستخلاص الدروس والعبر! فلم تستثن النساء من التهديدات بتلك الكلمات الحربية النتنة السامة، وبعضهن تلقينها علناً وعلى منصات وسائل الإعلام والاتصال الإلكترونية بأن نصيبهن من السحل ينتظرهن إذا تجرأت إحداهن على العودة إلى الوطن – السودان، واستمع أغلبنا إلى ذلك التهديد الموجه لأختنا الدكتورة مريم الصادق المهدي، وزيرة خارجيتنا الأسبق، في ذلك التسجيل لأحد أفراد دعاة الحرب من جنود الإنقاذ (جند الله، جند الوطن!).
أما المرأة الريفية فنصيبها سيناريو آخر من الاستهداف المباشر بقصد السحل والإبادة، خاصة في ريف غرب السودان، الريف الذي تعتمد فيه المرأة على الزراعة وتربية الماعز (النعيز/ات أو الغنم) وتدعم جهودها بالدعاء الصادق والطقوس الروحية حتى لا يفشل الموسم الزراعي بسبب قلة الأمطار أو آفات تقضي على الزرع والضرع، أو علة قد تقعد صاحبة المزرعة من إكمال المهام الزراعية في غياب الزوج بسبب طاحونة الحياة أو الموت! هذه الأمراض والعلل تجمعت الآن في آلة الحرب، خاصة تلك التي بدأت تستهدف ما يسمي بحواضن قوات الدعم السريع حيث غالبا ما تعتمد المرأة على تربية النعيز لبيع الحليب ومنتجاته في عمليات التبادل التجاري والتكامل الغذائي للمنتجات الزراعية والرعوية بين الرعاة والمزارعين من اثنيات مختلفة. أورد الدكتور صديق امبدة في مقال نشر في سودانايل بتاريخ 9 أكتوبر 2024 بأن امرأة قصفت الطيران نعيزها وقتلتهن، فرفعت يديها إلى السماء تشكو البرهان، داعية الله بصدق وتكرار، بأنها امرأة ضعيفة، وكل ما لديها من مال الدنيا هي تلك النعيزات التي قتلتها طائرات البرهان. صوت تلك المرأة هو صدي لأصوات آلاف النساء اللائي طحنت افئدتهن الحرب، وهو بالتأكيد صوت الحق الذي ينتظر العدالة الإلهية (ذلك بأن الله هو الحق - الحج: 6)، والذي لن يخيب أمل المظلومين الصادقين في اللجوء إليه.
ان قوانين واخلاقيات الحرب تنص على عدم المساس بالنساء والاطفال، بل تدعو وتؤكد على حمايتهم والاهتمام بحياتهم وقد سعى المجتمع الدولي الى صياغة قوانين ومواثيق دولية تحفظ الحقوق وتدين الانتهاكات وتعاقب عليها، تمثلت في مواثيق حقوق الانسان وبلغت ذروتها فيما يتعلق بالمرأة في قرار مجلس الامن رقم 1325 الذي نص على حماية المرأة في زمن الحرب وبعده من العنف. ولكن غطرسة وغرور امراء الحرب والموت في السودان دفعتهم بألا يراعوا ولا يلتزموا بالمواثيق والقرارات الدولية ولم يبالوا منذ بداية حربهم بحماية المرأة ولعلهم يستنكرون ان المرأة هي المورد الذي يحتاجه المجتمع للعيش والبقاء والتقدم والنماء، وأنها المرساة التي ترسو عليها سفينة السلام وتستقر، والحضن الدافئ الذي يهدهد الوطن ويدفعه الى اطفاء نيران الفتن التي يشعلها رجال لا يدركون قيمة الاوطان غير قادرين على التضحية من اجل استقرارها ورفاهية مواطنيها. فألقوا بالنساء في أتون الحرب واستخدموهن وقودا لرغبات ذكورية، حتى أصبحن ساحة معركة لكلا الجانبين، وكأنما زعماء الحرب ومقاتليهم لم يخرجوا من أرحام امهاتهم!
علينا أن نتذكر سرديات لحروب كثيرة في التاريخ تفجرت من أجل حماية امرأة وصون كرامتها، وليس بعيداً عن ذاكرتنا حرب عمورية التي اندلعت بسبب صرخة امرأة: “وامعتصماه وامعتصماه"، وهي تساق إلى السجن، فأمر أمير المؤمنين المعتصم أمير عمورية الرومي: «أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي». وعندما لم يستجب الأمير، أوفى المعتصم بوعده. فهل نتوقع أن نشهد تكرار مثل هذه الحوادث التاريخية من أجل المرأة في عموريتنا اليوم؟ أم أن البرهان وجيشه وحميدتي وقواته سيستجيبون لصوت العقل الداعي إلى انهاء الحرب حتى تتمكن المرأة من العيش بسلام في وطن سالم آمن؟
ونستمر بالنداء:
لا للحرب.. أوقفوا الحرب من اجل النساء والأطفال، يرحمنا الله ويرحمكم
د. سعاد مصطفي
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع من أجل
إقرأ أيضاً:
ماريان عازر: تمكين المرأة في التكنولوجيا ركيزة اقتصادية لسد الفجوة الرقمية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني
تحت عنوان الطريق لمنظومة وطنية شاملة للابتكار والتشغيل، افتتحت قمة المرأة المصرية في نسختها الرابعة جلساتها بمناقشة رئيسية حول ملامح الرؤية الوطنية لتمكين الشباب والفتيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، باعتبارها ركيزة أساسية لبناء اقتصاد تنافسي ومستدام.
وتناولت الجلسة مسار الدولة نحو تأسيس منظومة متكاملة للابتكار والتشغيل، تقوم على مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، وتحفيز التفوق التقني وريادة الأعمال، بما يسهم في توسيع فرص التشغيل وخلق مسارات مهنية قادرة على دعم خطط التنمية في مختلف المحافظات وتعزيز الحراك الاقتصادي والاجتماعي.
وشهدت الجلسة مشاركة كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والسيد محمد جبران، وزير العمل، والسيد باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والسيدة ماريان عازر، عضو المجلس القومي للمرأة، إلى جانب السيد إيف ساسينراث، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر، حيث استعرض المشاركون أدوار مؤسساتهم في دعم سياسات تمكين الشباب، وتوسيع قاعدة الابتكار، وتعزيز الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص والشركاء الدوليين. وأدارت الجلسة الإعلامية دينا عبد الفتاح، رئيس ومؤسس منتدى الخمسين سيدة الأكثر تأثيرًا.
من جانبها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن تشجيع ريادة الأعمال والاستثمار في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل ضرورة لبناء نموذج نمو اقتصادي جديد قادر على المنافسة ومواكبة التحولات التكنولوجية العالمية.
وشددت على أن الدولة المصرية تضع دعم البحث العلمي والابتكار في صدارة أولوياتها، من خلال تحويل مخرجات البحث العلمي إلى قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، بالتوازي مع الاستثمار في رأس المال البشري وبناء العقول.
وأشارت المشاط إلى التحديات التي يفرضها التحول الرقمي والأتمتة، في ظل توقعات بفقدان ملايين الوظائف التقليدية عالميًا، مقابل ظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات مختلفة، ما يستدعي تنفيذ إصلاحات هيكلية لربط التعليم باحتياجات سوق العمل. وفي هذا الإطار، أوضحت أن الحكومة تعتزم إتاحة أكثر من 30 مليار جنيه استثمارات عامة لقطاع التعليم ضمن خطة 2025/2026، مع التوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص، والعمل على تحويل عدد كبير من المدارس الفنية إلى مدارس متخصصة بالتعاون مع الشركاء الدوليين.
كما أكدت الوزيرة أن بناء منظومة وطنية شاملة للابتكار والتشغيل يبدأ بالاستثمار في الإنسان، مشددة على أن النية الصادقة في التعلم والعمل، إلى جانب العلم والمرونة، تمثل ركائز أساسية للنجاح والاستدامة، داعية الشباب إلى اختيار تخصصات تواكب التغيرات المتسارعة في سوق العمل، وتنمية مهاراتهم باستمرار، وبناء علاقات مهنية قوية قائمة على التعلم والتعاون والثقة.
من جانبه، أكد محمد جبران، وزير العمل، أن الاستثمار في العنصر البشري يمثل المفتاح الحقيقي لمواجهة التحولات المتسارعة في سوق العمل، مشيرًا إلى أن المهن تتغير بوتيرة أسرع من المناهج التعليمية، ما يفرض على الشباب الانتقال من مفهوم البحث عن وظيفة إلى مفهوم الاستثمار في الذات وصناعة مسار مهني مستدام.
وشدد على أن مهارات المستقبل أصبحت ضرورة لا غنى عنها، في ظل اندثار بعض الوظائف وظهور أخرى جديدة، خاصة في القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي.
وأوضح وزير العمل أن الوزارة تعمل على تحديث سياسات التشغيل، من خلال التنبؤ باحتياجات سوق العمل، وإنشاء مراصد متخصصة لرصد وتحليل البيانات المتعلقة بالعرض والطلب على المهارات، إلى جانب إطلاق برامج تدريبية متخصصة بالتعاون مع القطاع الخاص، فضلًا عن تفعيل أنماط العمل الحديثة مثل العمل المرن والعمل عن بُعد، بما يواكب متطلبات السوق ويعزز فرص التشغيل المستدام للشباب.
بدوره، أكد باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أن الجهاز يولي أولوية قصوى لنشر ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب، ودعم المشروعات الناشئة والابتكارية، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وأهداف الدولة في توفير فرص العمل وزيادة الإنتاج المحلي.
وأوضح أن الجهاز يعمل وفق استراتيجية واضحة تضع الشباب في مقدمة المستهدفين، في ظل تزايد أعداد الخريجين الباحثين عن فرص عمل أو الراغبين في إنشاء مشروعاتهم الخاصة.
وأشار رحمي إلى تطور هيكل المحفظة الائتمانية للجهاز، حيث أصبحت 28% منها موجهة للمشروعات الإنتاجية والصناعية، مع انخفاض معدلات التعثر إلى أقل من 1.5%، مؤكدًا أن 50% من عملاء الجهاز من السيدات، وأن 51% من التمويلات موجهة لمحافظات الصعيد، بما يعكس توجهًا تنمويًا يحقق العدالة الجغرافية ويدعم تمكين المرأة اقتصاديًا.
من ناحيتها، أكدت ماريان عازر، عضو المجلس القومي للمرأة ومقررة لجنة البحث العلمي والتكنولوجيا والأمن السيبراني، أن تمكين المرأة في قطاع العلوم والتكنولوجيا بات محورًا اقتصاديًا أساسيًا ضمن استراتيجية مصر 2030، مشيرة إلى أن سد الفجوة الرقمية وتعزيز مشاركة النساء في المجالات التكنولوجية يمثلان ركيزة رئيسية لدعم النمو الاقتصادي.
وأوضحت أن النموذج القائم على التعاون بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص يشكل قاعدة صلبة لتمكين المرأة، لافتة إلى دور المجلس القومي للمرأة في صياغة السياسات الوطنية الداعمة لمشاركة النساء في مختلف المجالات، وعلى رأسها مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وأشارت عازر إلى أن مشاركة المرأة في سوق العمل تعزز أداء الاقتصاد وترفع كفاءة الشركات، موضحة أن النسب العالمية لتمثيل النساء في مجالات STEM لا تزال محدودة، إذ تبلغ نحو 28%، بينما تصل نسبة النساء المالكات لبراءات اختراع عالميًا إلى نحو 25%.
ولفتت إلى أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في دخول النساء إلى التخصصات التكنولوجية، بل في استمراريتهن بها، في ظل انتقال بعضهن إلى أدوار إدارية، أو ضعف الثقة بالنفس، أو وجود تحيزات جندرية تؤثر على المسار المهني.
وأكدت أنه لا يوجد تمييز في الأجور بين الرجل والمرأة في مصر سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وإن كانت بعض الانحيازات قد تظهر أحيانًا عند القبول الوظيفي. وأوضحت أن المجلس ينفذ برامج وورش عمل متكاملة تستهدف النساء والرجال معًا، من بينها برامج إعادة تأهيل النساء العائدات إلى سوق العمل بعد فترات انقطاع، وبرامج بناء الثقة والظهور بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، مثل برنامجي «نورا» و«دوي»، حيث تم تدريب نحو 17 ألف سيدة و2500 شاب على تنمية المهارات وتعزيز الثقة الذاتية.
كما أشارت إلى اهتمام المجلس بالتعليم الفني للفتيات في 15 محافظة، وهو ما أسفر عن إنشاء 250 مشروعًا و850 رائدة أعمال، إلى جانب دمج المهارات التقنية مع مفاهيم الأمن السيبراني والحماية من العنف الإلكتروني.
من جانبه، أكد إيف ساسيينرات، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر، أن مستقبل الدول يتشكل بقدرات شعوبها، مشيرًا إلى أن مصر تمر بـ«لحظة ديموجرافية» فريدة، حيث يشكل الشباب دون سن الثلاثين نحو 60% من السكان، بما يمثل فرصة حقيقية لتحويل هذا الثقل السكاني إلى محرك للنمو الاقتصادي والابتكار. وأوضح أن التحدي الأساسي يتمثل في ترجمة هذه الميزة الديموجرافية إلى تنمية مستدامة قائمة على الاستثمار في رأس المال البشري.
واستعرض ساسيينرات أربعة محاور رئيسية لربط الابتكار بالديناميكيات السكانية، أولها أن الابتكار يبدأ بالتنمية البشرية، مؤكدًا أن الاستثمار في الصحة والتغذية والحقوق والتعليم يمثل أساسًا لا غنى عنه لبناء جاهزية المجتمعات لعصر الذكاء الاصطناعي.
كما شدد على أن التمكين الحقيقي لا ينفصل عن الحماية، موضحًا أن الابتكار لا يمكن أن يزدهر في بيئة يسودها الخوف أو العنف، سواء التقليدي أو الرقمي.
وأشار إلى أهمية النظر إلى الشباب باعتبارهم أصلًا قوميًّا وليس عبئًا، مشيدًا بالرؤية المصرية التي تتبنى نموذجًا استثماريًا يضع الشباب في قلب عملية التنمية. ودعا إلى مواءمة قدرات الشباب والشابات مع الفرص المتاحة، من خلال تسهيل الانتقال من التعليم إلى العمل وريادة الأعمال، والمشاركة الفعالة في الاقتصاد الأخضر والرقمي.
واختتم بالتأكيد على أن الاقتصاد القائم على الذكاء الاصطناعي يعتمد بالأساس على شباب يتمتع بالصحة والحماية والتمكين، معتبرًا أن رأس المال البشري هو أهم تكنولوجيا تستثمر فيها مصر.
وانطلقت اليوم فعاليات قمة المرأة المصرية، النسخة الرابعة تحت عنوان «STEM and Future Innovation Summit»،، تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بمشاركة رفيعة المستوى ضمت وزراء التخطيط، والعمل، والمالية، والزراعة، إلى جانب سفراء دول أجنبية، ورؤساء مؤسسات دولية، ورؤساء 28 جامعة مصرية وأجنبية.
وتشهد القمة حضورًا واسعًا تجاوز 6 آلاف مشارك من الوزراء وكبار المسؤولين وصنّاع السياسات، وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، والسفراء، وقيادات المؤسسات العامة والخاصة، وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات، وقيادات نسائية من مصر والدول العربية والأفريقية، فضلًا عن وفود شبابية من الجامعات الحكومية والخاصة، في خطوة تستهدف تأسيس أول جسر عملي يربط بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص والجهات الدولية، لتمكين الشباب والمرأة من استشراف وظائف المستقبل في مجالات STEM والذكاء الاصطناعي.
وتنعقد القمة، التي ينظمها منتدى الخمسين سيدة الأكثر تأثيرًا بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، وبمشاركة فاعلة من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بمقر جامعة النيل الأهلية على مدار يومين، وسط تركيز خاص على التحولات الجذرية التي تشهدها سوق العمل عالميًا، في ظل التسارع غير المسبوق للتطور التكنولوجي وتغير أنماط الإنتاج، بما أعاد صياغة معايير النجاح لتتجاوز التحصيل الأكاديمي إلى امتلاك المهارات التطبيقية والقدرة على التفكير النقدي والتكيف مع المتغيرات.
وتتناول القمة ثلاثة محاور رئيسية، يتصدرها المحور الرئيسي المنعقد بحضور الوزراء وكبار المسؤولين، إلى جانب جلسات وورش عمل متخصصة يشارك فيها نحو 100 متحدث من مصر ودول الخليج، وممثلي كبرى الشركات والمؤسسات الدولية، لمناقشة رؤية سوق العمل والمهارات المطلوبة والفرص المتاحة أمام الخريجين خلال السنوات المقبلة.
كما تشهد القمة توقيع شراكة استراتيجية ممتدة لخمس سنوات مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تستهدف تحويل القمة إلى برنامج طويل الأجل لدعم الشباب وتشجيع ريادة الأعمال، وتوفير مسارات تمويل بديلة خارج الإطار المصرفي التقليدي، بما يفتح آفاقًا أوسع أمام الأفكار الابتكارية والمشروعات الناشئة.