التواصي بالإجرام والإعانة عليه وتبريره
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
لم يكن السابع من أكتوبر سوى عمل استباقي لمواجهة خطط الاستعمار والاحتلال الصهيوني اليهودي ، فالمؤامرة على تهجير الأشقاء في غزة وفلسطين مُعدة مسبقا ومعلوم تفاصيلها لدى الزعامات العربية خاصة دول الطوق والمطبعين معهم وفق ما سمي بصفقة القرن.
وقليل من الناس لم يطلع على المؤتمر الذي عقده اليهود لاقتسام ارض غزة وتوزيعها عليهم كأرض خالية من السكان، أما أهلها فسيتم تهجيرهم باستخدام الجرائم بكل أصنافها وأنواعها من جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية لأنهم ضمنوا تأييد زعماء الخيانة والعمالة وتأييد الحلف الصهيوني الصليبي “ومثل ذلك – مؤتمر سايكس بيكو-لاقتسام ارض فلسطين.
استغل اليهود والمتحالفون معهم هجوم المقاومة المفاجئ بعد أن امضوا خططهم على الحصار الخانق الذي تجاوز كل القيم الإنسانية، وكانت المفاجأة أن المقاومة اعتمدت على نفسها لتمارس الدفاع عن قضيتها العادلة في اطار الشرعية الدولية والإنسانية، أما الأجرام والإرهاب الصهيوني المدعوم من الأحلاف الاستعمارية وأحلاف الخيانة والعمالة فهو حالة طارئة تسير إلى الزوال كغيره من المشاريع التي انتهت كالتتار والمغول والصليبيين.
حكم محكمة العدل الدولية الذي صدر مؤخرا اكد عدم شرعية الاحتلال اليهودي لأرض فلسطين، وحق تقرير المصير لأهل فلسطين، ووجوب إخلاء المستوطنات، ووجوب إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية في اقرب وقت وقد سبقه الكثير من القرارات عن المجتمع الإنساني والدولي لكنه لا يعني شيئا بالنسبة لمن لا يمتلك القوة والإرادة، أما من يمتلك القوة فبإمكانه أن يرتكب من الإجرام ما يشاء، لأن العالم اليوم لا يحترم غير القوة، وهو ما أدى إلى سفك دماء الأبرياء بدون حسيب أو رقيب في كل إصقاع الأرض التي سيطر عليها الاستعمار في كل الاتجاهات.
فمثلا أمريكا -المدافع والداعم الأساسي للإجرام اليهودي- جرائمها في حق الإنسانية لاتعد ولا تحصى ومع ذلك تدعي أنها بلد الحريات والقيم المتحضرة، وللتذكير فقد قتلت ما يزيد عن خمسة ملايين من البشر في غزوها لفيتنام وشردت أضعاف هذا العدد ودمرت كل ما على الأرض وارتكبت من الجرائم ما يندى له جبين الإنسانية. وفي اليابان لا يقل إجرامها استخدام السلاح النووي الذي لازالت آثاره حتى الآن.
وشاهد العالم حجم جرائمها في أفغانستان والعراق وفلسطين أما مباشرة أو من خلال دعمها لإجرام اليهود بلا حدود.
فرنسا لازالت تستعبد قارة أفريقيا حتى الآن وتستولي على ثرواتها، وكمثال فقد تجاوز عدد القتلى الذين سفكت دماؤهم خلال ست معارك لإمبراطور فرنسا اكثر من سبعة ملايين، مع انه خاض اكثر من ستين حربا خلال إمبراطورتيه .
بريطانيا التي لن نستعرض عدد ضحاياها، فإجرامها اكثر من فرنسا، بحكم أنها كانت لا تغيب عنها الشمس!
وإما المانيا فقد تجاوزت أعداد الضحايا في حربها على روسيا ما يربو على خمسين مليونا من المدنيين بخلاف جرائمها في حق شعوب أوروبا وأفريقيا، وكمثال فقد تمت إبادة ما يزيد عن ثلاثة أرباع سكان ناميبيا، بموجب أوامر الإمبراطور لأنهم في نظرهم حيوانات .
ومن العجيب أن تقف وزيرة الخارجية الألمانية اليوم داعمة للإجرام اليهودي في حق الأشقاء علي ارض غزة وفلسطين، وهي تدرك أنها أمام إجرام لا يقل بشاعة وظلما عن كل تلك النماذج الإجرامية المنحطة.
صحيح أن المانيا تعمل علي شراء ود اليهود ليس من الآن بل أنها دفعت مليارات لهم تحت عناوين التعويض عن إجرامه في حق اليهود، لكن كان الأولى بالنظام الألماني أن يعمل علي إرضاء اليهود بالسماح لهم بالإقامة فيها، لاترحيلهم إلى فلسطين وعلي حساب الشعوب العربية والإسلامية التي يكفيها ما يقوم به الخونة والعملاء الذين نصبهم الاستعمار وأوكل اليهم تحطيم وحدة الأمة وتفتيتها حتى يستمر في الاستيلاء على ثرواتها وتسخيرهم كعبيد لكن بأسلوب مقنع وعصري وحديث.
فالذين يتحكمون في صناعة القرار في البلدان العربية والإسلامية فضحتهم مواقفهم تجاه جرائم الإبادة على ارض غزة وفلسطين، وفضحتهم زعيمة الطائفة اليهودية المصرية حيث قالت: إن الكثير من اليهود غيروا أسماءهم وكان لهم الفضل في التعاون مع الاستعمار والإساءة للإسلام والمسلمين ولكن بأسماء عربية وإسلامية.
وهي خطة ليست من اليوم بل تحدث عنها رئيس الكيان اليهودي بن جوريون حينما قال:” يجب علينا التفكير في حماية دولتنا من خلال تأمين الاستقرار شرقا وغربا وشمالا وجنوبا في محيطنا العربي ولا نبقى محصورين داخل دولة إسرائيل” ، بمعني أن استقرار اليهود يكمن في زعزعة الاستقرار لدول الجوار-وعن الكيفية يقول بن جوريون : “إنشاء جامعة عربية إسلامية تُدرس اللغة العربية وعلوم القرآن وتأهيل الأذكياء من الخريجين بمنحهم أسماء عائلات عربية وجوازات سفر وإرسالهم للاستقرار الكامل والعيش فيها كسفراء سريين ؛وسيتم العمل مع شركائنا علي إيصالهم إلى المناصب العلياء في حكومات الدول العربية ودعمهم والا ستعيش دولة إسرائيل يتيمة معزولة”.
لكن المشاهد اليوم أن كيان الاحتلال لم يعد معزولا، بل أن المواطن العربي اصبح هو اليتيم والمعزول بفضل هذه الحكومات والأنظمة التي تسلطت عليه وجعلت منه إرهابيا ومجرما، فهو إما مهاجر في بلاد الغرب أو مطلوب القبض عليه وإيداعه السجن حتى لا يفكر في تحرير أرضه المغتصبة أو استقلال قراره الوطني.
لقد تم تأمين الاحتلال بفضل جهود شركاء الإجرام الصهيوني اليهودي الذين تحدث عنهم بن جوريون من اليهود الذين كانوا يعيشون في المجتمعات العربية والإسلامية، فتم تجنيدهم لخدمة الاحتلال والاستيطان الاستعماري في فلسطين. ومن اليهود الذين تم استقدامهم من دول العالم الذين تم منحهم الجنسية الفلسطينية من قبل السلطات الاستعمارية وتوطينهم هناك بعد طرد أهل فلسطين منها؛ وهناك أيضا الخونة والعملاء الذين تم تجنيدهم لصالح خدمة المشاريع الاستعمارية للشرق والغرب وتم تمكينهم من مقاليد السلطة والحكم بموجب تفاهمات منظومتي الاستعمار الداخلية والخارجية اللتين تُدار أوطانهما بالريموت كونترول عن بعد.
فبعد قيام الثورات العربية على الحكم العثماني تم تأمين انتقال السلطة اليهم وفق تفاهمات –سايكس بيكو-التي قسمت الوطن العربي كغنيمة حرب يجب السيطرة التامة على ثرواتهم واستخدامهم كعبيد بأسلوب مباشر أو مقنع تحت عناوين التقدم والتطور والحرية، بينما كلها مشاريع تهدف إلى مسخ الهوية العربية والإسلامية واستبدالها بالهويات الجاهلية والإباحية الغربية التي تحارب الفضيلة وتنشر الرذيلة حتى تظل مشاريع التجزئة قائمة إلى ما لا نهاية.
إن تبادل المنافع بين الأحلاف الإجرامية هو الحاصل اليوم، فزعماء الغرب وقادتها يخضعون لسيطرة اللوبي اليهودي ويحققون كل ما يطلبه منهم، واللوبي اليهودي يخضع للوبي الصهيوني. والحقيقة انهم يعملون معا من اجل القضاء علي حضارة الإسلام ويريدون تحطيمه في كل المجالات ليكملوا نشر إجرامهم وفسادهم ويساعدهم على تنفيذ خططهم ومؤامراتهم لوبي الخونة والعملاء الذين اصبحوا تابعين أذلاء للشرق والغرب وصدق الله العظيم في وصفهم((لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جُدر باسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بانهم قوم لا يعقلون)) ، سورة الحشر-الآية 14.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
3 أدوات ضغط استخدمها الاحتلال ضد حماس في غزة وارتدت عليه
أكد جنرال إسرائيلي، أن أدوات الضغط التي حاولت تل أبيب استخدامها ضد حركة حماس في قطاع غزة، ارتدت بشكل عكسي، بفعل استخدامها بشكل غير صحيح أو لفترة طويلة جداً.
وأوضح الجنرال دورون هدار، القائد السابق لوحدة الأزمات والمفاوضات في الجيش، أنه "بعد عامين تقريبا من القتال العنيد، ومع عيون مفتوحة، أوصلت تل أبيب نفسها لمستوى جديد من الانحدار متمثلاً بتجويع المدنيين الفلسطينيين في غزة، ما خلق صورا صادمة في مختلف أنحاء العالم، وإدانات دولية من كل حدب وصوب، وخمسين مختطفاً لم يعودوا لذويهم، ونزيف الجنود في حرب متفجرات".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أنّ "إسرائيل في محاولة للهروب من الضغوط الدولية أعلنت عن "هدنة إنسانية" في غزة، دون أن تتلقى رهينة واحدة في المقابل، فكيف وصلت لهذا الوضع، طالما أن الروافع هي أدوات في المفاوضات مصممة للتأثير على مصالح ودوافع الطرف الآخر، وتنقسم إلى "العصا والجزرة"، الأولى هي أدوات الضغط، والثانية هي أدوات المكافأة".
وأشار إلى أن "الرافعة في المفاوضات يجب أن تكون مرتبطة بشكل مباشر بالمفاوضات، وأن تكون ذات معنى، وبالتالي فعالة، ومن المستحسن أن يتم تعظيم السيطرة عليها، ولكن منذ السابع من أكتوبر، تعمل إسرائيلي على عدة أدوات من أجل دعم ومساعدة عملية التفاوض من أجل عودة كافة المختطفين، وإن جميع هذه الروافع مترابطة ومؤثرة على بعضها، ما يخلق تعقيدًا إضافيًا في إدارة الحرب".
أدوات الضغط
وبيّن أن "الرافعة الرئيسية هي استخدام القوة العسكرية، التي تهدف إضافة لتدمير عناصر حماس وبنيتها التحتية إلى خلق "ثمن خسارة"، وبلغ هذا النفوذ ذروته أواخر 2024، حيث شهدت حماس العديد من الاغتيالات والغارات، وكانت معزولة تمامًا على المستوى الدولي، وعقب خطة "عربات غدعون"، التي هدفت للاستيلاء على الأراضي، وفصل السكان عن الحركة، نشأ احتكاك كبير بين الجيش والجمهور في غزة، وفي الوقت نفسه سمح للحركة باستغلال العديد من الفرص العملياتية لإلحاق الضرر بقوات الجيش".
وأكد أنه "بسبب بقاء القوات ثابتة في المناطق الخاضعة لسيطرتها في غزة جاءت النتيجة المباشرة هي سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الجنود، معظمهم نتيجة العبوات الناسفة ونيران مضادات الدبابات، وبجانب ذلك كله صعوبات كبيرة يواجهها الفلسطينيون، ومن الواضح لكل من يفهم المهنة العسكرية أن الرهائن الأحياء لا يمكن إطلاق سراحهم إلا من خلال صفقة، وليس من خلال النشاط العسكري".
ولفت إلى أن "الرافعة الثانية هي خلق الضغط على الفلسطينيين، وبالتالي الضغط على قيادة حماس في غزة، الجزء الأول حدث ويحدث، الضغط على السكان كبير، ما يخلق صوراً صعبة في العالم، وضغوطاً دولية على تل أبيب لوقف الحرب، وزيادة المساعدات الإنسانية، وفي الواقع العملي فإن الضغط الشعبي على حماس ليس فعالا".
وذكر أن "الرافعة الثالثة هي الدولية، ففي الأشهر الأولى بعد هجوم السابع من أكتوبر، حصلت إسرائيل على شرعية دولية واسعة، ما سمح لها بتنفيذ مناورة "قطع الأشجار" في القطاع، وشملت اغتيالات، وتدمير البنى التحتية، والتدمير الكامل للعديد من المساحات، مع القيام بنشاط توعوي يشرح أهمية وضرورة هذه الأعمال، أما اليوم فإن الواقع هو العكس، فقد تم استبدال الشرعية بنزعها، وتراجعت أنشطة رفع الوعي، وتضاءلت القدرة على تفسير ضرورة التكتيكات العسكرية المتبعة حالياً".
وأضاف أن "الظروف المعيشية للفلسطينيين التي يتم تغطيتها بشكل واسع في وسائل الإعلام العالمية، يجعل من الصعب على تل أبيب إيصال رسائلها وتفسيراتها، ففي نهاية المطاف، صورة واحدة لطفل في محنة أقوى من ألف تفسير، ولن يكون من المفيد لإسرائيل أن تشرح أن المساعدات الإنسانية تدخل القطاع، في حين أن هناك جوعاً في الواقع".
وختم بالقول إن "المفاوضات في الدوحة تستمر، وحماس تستمر في استمداد القوة من الإدانات الدولية لإسرائيل، ورفع الأثمان عليها، ما يستدعي منها التوجه نحو اتفاق كامل وشامل الآن، وإلا فإن هاوية عميقة ستنفتح لم يشهد مثلها من قبل، وتتمثل في نهاية قسرية للحرب دون عودة المختطفين".