تقرير يسلّط الضوء على مأزق الحوثيين في ظل التصعيد العسكري الإقليمي
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
تمر مليشيا الحوثيين بمرحلة حرجة ومعقدة بعد التصعيد الإسرائيلي ضد المحور الإيراني، فبعد توعد إسرائيل بأن الحوثيين في اليمن سيكونون الهدف التالي بعد حزب الله االبناني، وتداول وسائل إعلام معلومات حول تسريب قادة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لمواقع قادة حزب الله اللبناني لإسرائيل، مما ساهم في اغتيالهم، اتخذت مليشيا الحوثيين إجراءات صارمة ضد عناصر حزب الله المتواجدين في صنعاء، الذين يعملون كمستشارين وخبراء عسكريين للمليشيا، إذ باتوا الآن محل شك وتم عزلهم من قبل الحوثيين الذين يخشون أن يكونوا مخترقين عبر الحرس الثوري الإيراني ويعملون كجواسيس لمصلحة إسرائيل.
وبحسب مصادر مقربة من الحوثيين تحدثت لقناة "الجمهورية"، فإن عناصر حزب الله في اليمن وُضعوا تحت مراقبة مشددة ومُنعوا من الالتقاء بقيادات المليشيا الحوثية، كما أن الأجهزة الأمنية التابعة لعبد الملك الحوثي، مثل الأمن الوقائي والأمن الخاص، صادرت جميع الأجهزة الإلكترونية التي بحوزة هؤلاء المستشارين، وفرضت عليهم إقامة أمنية صارمة.
الشكوك الحوثية تجاه عناصر حزب الله تستند إلى التعاون الوثيق بين هؤلاء المستشارين والحرس الثوري الإيراني، الذي يُعتقد أنه تعرض لاختراق إسرائيلي. وقد طالت الاتهامات قادة في الحرس الثوري بأنهم زودوا إسرائيل بمواقع قادة حزب الله، مما أدى إلى تنفيذ عمليات اغتيال طالت أبرز قيادات الحزب، بما في ذلك احتمال تورطهم في استهداف الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
وفي إطار هذه المخاوف، أطلقت مليشيا الحوثي عملية واسعة لإعادة فحص المعدات التقنية والعسكرية التي استلمتها من إيران وحزب الله، وتأتي هذه الخطوة في ظل التقارير التي تشير إلى أن الحرس الثوري الإيراني قد يكون مخترقا من جانب إسرائيل، مما أثار هواجس عميقة لدى الحوثيين حول مصير التعاون العسكري مع حزب الله وإيران، لا سيما بعد أن خذلت إيران حليفها الأهم حزب الله، رغم أن معاركه كانت من أجل إيران.
لم تقف التوترات في أوساط الحوثيين عند الجانب العسكري فقط، بل امتدت إلى الشكوك العميقة حول ولاء عناصر حزب الله المتواجدين في اليمن. وفي هذا السياق، تسعى مليشيا الحوثي إلى تحصين صفوفها وإعادة تقييم علاقتها مع حلفائها الإقليميين، وسط مشهد معقد يعكس تداخل المصالح الأمنية والاستخباراتية بين إيران وحلفائها.
ويعكس هذا التطور تغيرا محوريا في العلاقات بين الحوثيين وحزب الله وأيضا إيران، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قوة التحالف الإيراني مع حلفائه في المنطقة. كما أن اتخاذ الحوثيين لهذه الإجراءات الصارمة يُظهر خشيتهم من احتمال تعرضهم لاختراقات استخباراتية قد تُعرض قياداتهم ومواقعهم المحصنة للخطر.
- اضطراب وانقسامات
وبالتوازي مع ما سبق ذكره، تشهد مليشيا الحوثي حالة من الاضطراب الداخلي والانقسامات نتيجة التهديدات الدولية التي تصاعدت بعد الأحداث الأخيرة في المنطقة، مما دفع الحوثيين لاتخاذ العديد من الإجراءات الأمنية الصارمة، من بينها تغييرات في القيادات واعتقال عناصر بارزة، وسط مخاوف متزايدة من ضربة عسكرية وشيكة.
وذكرت مصادر إعلامية أن هناك تغييرات داخلية في صفوف مليشيا الحوثي شملت اعتقال بعض القيادات واستبدال آخرين، إلى جانب تعيين بديل احتياطي لعبد الملك الحوثي، زعيم المليشيا، وتأتي هذه التحركات كإجراءات احترازية في ظل مخاوف من استهدافهم من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، خصوصا بعد توعد إسرائيل باستهداف الحوثيين فور الانتهاء من استهداف حزب الله في لبنان وإضعافه.
وتعكس التحركات الداخلية مستوى الاضطراب الذي يسود المليشيا، حيث تحاول القيادة الحوثية إعادة ترتيب صفوفها للتعامل مع التهديدات المحتملة، كما تشير هذه التغييرات أيضا إلى وجود انقسامات داخلية وخلافات حول كيفية مواجهة الضغوط المتزايدة وكيفية إدارة الملف العسكري.
وزاد من مخاوف الحوثيين زيارة رئيس هيئة الأركان اليمنية، صغير بن عزيز، إلى الولايات المتحدة لتعزيز التعاون العسكري بين الحكومة اليمنية الشرعية والولايات المتحدة الأمريكية، وتركزت المباحثات حول دعم الجيش الوطني اليمني ومواجهة الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وأكدت الخارجية الأمريكية التزامها بدعم حكومة يمنية قوية وجهود السلام بقيادة يمنية.
ويخشى الحوثيون من أن تلك الزيارة تعكس تحركا دوليا لدعم الحكومة اليمنية الشرعية والاستعداد لجولة جديدة من التصعيد ضد المليشيا الحوثية، وسط استعدادات عسكرية جارية، وفق ما أكده وزير الدفاع اليمني محسن الداعري، الذي أشار إلى جاهزية الجيش الوطني للتقدم نحو صنعاء عندما يحين الوقت المناسب.
وهكذا تعيش مليشيا الحوثي واحدة من أصعب مراحلها منذ اندلاع الحرب في اليمن، حيث تواجه ضغوطا داخلية وخارجية غير مسبوقة، فالتهديدات الدولية، وتصاعد الانقسامات الداخلية، وزيادة التوترات مع حلفائها الإقليميين، كلها عوامل تزيد من حالة الاضطراب داخل المليشيا، ومستقبلها لا يزال غير واضح، إلا أن المؤشرات تدل على أن الحوثيين قد يواجهون تحديات أكبر في المرحلة المقبلة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي.
- تحديات غير مسبوقة
يواجه الحوثيون اليوم تحديات غير مسبوقة نتيجة للتوترات الإقليمية المتصاعدة، لا سيما فيما يتعلق بالمواجهة بين إسرائيل والمحور الإيراني. هذه التوترات، التي تتخذ طابعا متزايدا من التصعيد العسكري والسياسي، قد تحمل في طياتها تبعات خطيرة على مليشيا الحوثيين. ففي ظل احتمالات انجرار المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة، يجد الحوثيون أنفسهم أمام مفترق طرق قد يغير مستقبلهم السياسي والعسكري في اليمن. وتشير التوقعات إلى أن أي تصعيد إسرائيلي ضد حلفاء إيران، بمن فيهم الحوثيون، سيؤدي إلى زعزعة استقرار المليشيا داخليا وإضعافها في مواجهة خصومها المحليين.
ومنذ أن تصاعدت التوترات بين إسرائيل والمحور الإيراني، تتعامل المليشيا الحوثية مع احتمالية استهدافها من قبل إسرائيل كما استهدفت حزب الله اللبناني سابقا، كما أن الحوثيين، الذين ينظرون إلى أنفسهم كجزء من المشروع الإيراني في المنطقة، يخشون من أن تكون جغرافيا اليمن قد تحولت إلى ساحة للصراع الإقليمي، مما يضعهم في مرمى النيران.
هذه المخاوف لا تأتي فقط من ناحية تعرضهم لهجمات عسكرية، بل أيضا من احتمالات تغير التحالفات الإقليمية والدولية، وإذا ما اندلعت حرب شاملة في المنطقة، فقد ينهار المشروع الإيراني الذي يعتمد عليه الحوثيون بشكل كبير للحصول على الدعم العسكري والسياسي، وفي حال تحركت إسرائيل ضد إيران بشكل شامل، فإن النظام الإيراني قد يضعف، مما يعني أن الحوثيين سيفقدون دعمهم الأساسي، وهذه الحسابات تقودهم إلى الشعور بأنهم على حافة أزمة داخلية قد تطيح بمكاسبهم التي حققوها خلال السنوات الماضية.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الحوثيون أن التصعيد الإقليمي قد يؤدي إلى إضعافهم بشكل كبير أمام القوى الإقليمية الأخرى، خصوصا الدول التي تقف ضد مشروع إيران في المنطقة، فالتحالفات الدولية والإقليمية قد تتغير بسرعة، وقد تجد مليشيا الحوثيين نفسها محاصرة سياسيا وعسكريا، مما يجعلها تخسر المكاسب السياسية والعسكرية التي حققتها طوال السنوات الماضية بفضل الدعم الإيراني.
- التبعات الداخلية لأي تصعيد إسرائيلي ضد الحوثيين
وعلى الصعيد الداخلي، فإن أي تصعيد عسكري إسرائيلي ضد مليشيا الحوثيين سيؤدي إلى سلسلة من التداعيات التي قد تهدد بقاء المليشيا. فعلى مدى سنوات، استثمر الحوثيون في بناء بنية عسكرية قوية تعتمد على الدعم الإيراني المباشر والتدريب المستمر. ومع ذلك، فإن الحرب الطويلة في اليمن قد أضعفت هذه البنية، خصوصا معركة الحوثيين الفاشلة للسيطرة على مأرب، وهو ما جعل الحوثيين في موقف عسكري هش إلى حد ما.
وفي حال تعرض الحوثيون لهجمات إسرائيلية مماثلة لتلك التي طالت حزب الله، فمن المتوقع أن تكون تلك الضربات مركزة على مواقع إستراتيجية مثل مستودعات الأسلحة ومراكز القيادة. وقد يؤدي ذلك إلى إضعافهم عسكريا في الداخل اليمني، مما سيمنح القوى المحلية الرافضة للانقلاب الحوثي فرصة لتعزيز مواقعها ضد المليشيا الحوثية.
وقد شهدت المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون تململا متزايدا ضد حكمهم المليشياوي العنصري الاستبدادي، وبالتالي فإن أي تراجع في قوة الحوثيين العسكرية سيؤدي إلى تفاقم التحديات الداخلية، وقد يفتح ذلك الباب أمام انتفاضات داخلية ضد المليشيا في حال تعرضت قوتها العسكرية لضربات عنيفة ومدمرة.
كما أن الانقسامات الداخلية في صفوف الحوثيين قد تتفاقم في ظل أي هجوم خارجي، وهناك تقارير متعددة تشير إلى وجود خلافات داخلية بين القيادة السياسية والعسكرية للمليشيا حول كيفية إدارة المعركة في اليمن، وما إذا كان الانجرار نحو التصعيد الإقليمي يخدم مصالح الحوثيين على المدى البعيد.
هذه الانقسامات قد تتزايد مع أي تدخل خارجي، مما يزيد من احتمالية انهيار المليشيا الحوثية من الداخل، لا سيما إذا فقدت الدعم الإيراني الذي تعتمد عليه بشكل كامل.
- استخدام القضية الفلسطينية كوسيلة لتحقيق مكاسب داخلية وخارجية
لطالما كانت القضية الفلسطينية سلاحا سياسيا بيد مليشيا الحوثيين، مثلها مثل باقي الفصائل المرتبطة بإيران. ومنذ بداية الصراع في اليمن، حاول الحوثيون تصوير أنفسهم كمدافعين عن فلسطين ضد الكيان الصهيوني، وذلك بهدف كسب دعم داخلي وخارجي على حد سواء.
لكن، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر 2023 وحتى اليوم، بدأت صورة الحوثيين كمدافعين عن القضية الفلسطينية تتلاشى، وكانت في معظم الأحيان محط سخرية، بسبب ارتكاب مليشيا الحوثيين جرائم ضد اليمنيين تشبه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
وكانت عملية "طوفان الأقصى"، التي جاءت كجزء من مواجهة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني، قد كشفت محدودية الدعم الإيراني الفعلي لفلسطين، إذ اكتفت المليشيات التابعة لإيران، بما في ذلك الحوثيون، بتنفيذ هجمات محدودة ضد أهداف إسرائيلية، دون أن تؤثر بشكل حقيقي على مسار الصراع، كما أن هذه الهجمات لم تسفر عن أي أضرار ملموسة للعدو الصهيوني، بل بدت وكأنها محاولة لتجنب التصعيد الشامل، وبنفس الوقت البحث عن شرعية في الداخل، وتحقيق مكاسب سياسية.
وكان واضحا أن إيران وحلفاءها، بمن فيهم الحوثيون، يفضلون الانتظار حتى تنتهي الحرب لكي يدَّعوا بعد ذلك أنهم ساهموا بشكل كبير في دعم المقاومة الفلسطينية، وتهدف هذه الإستراتيجية إلى تحقيق مكاسب سياسية وإقليمية بعد انتهاء الصراع، وتوظيف ذلك في الاستقواء على الداخل، لكن تلك الإستراتيجية تثير تساؤلات حول مصداقية المحور الإيراني في دعم القضية الفلسطينية، وارتد التوظيف السياسي للقضية الفلسطينية وبالا ونارا على المحور الإيراني.
- الحسابات الإيرانية وتأثيرها على الحوثيين
إن إيران التي تعتبر الداعم الرئيسي لمليشيا الحوثيين، لديها حسابات أكثر تعقيدا في المنطقة، وعلى الرغم من أن طهران تقدم دعما عسكريا وسياسيا كبيرا للحوثيين، إلا أن تدخلها في اليمن يأتي في إطار مشروع أوسع يستهدف تعزيز نفوذها الإقليمي، لكن في حال اندلاع حرب إقليمية شاملة، قد تجد إيران نفسها مضطرة للتخلي عن بعض حلفائها أو كلهم، بمن فيهم الحوثيون، للحفاظ على مصالحها الرئيسية.
وهناك مخاوف في طهران من أن البرنامج النووي الإيراني، الذي يعتبر أحد أهم ركائز السياسة الخارجية الإيرانية، قد يكون في مرمى النيران في حال اشتعال حرب إقليمية، ولهذا فإن إيران تسعى جاهدة لتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى تدمير هذا البرنامج، وبالتالي فإن هذه الحسابات تجعل الحوثيين في موقف حرج، لأنهم يعتمدون بشكل كبير على الدعم الإيراني، لكنهم في الوقت نفسه يدركون أن إيران قد تتخلى عنهم إذا تعارضت مصالحهم مع مصالحها الأوسع، هذا بالرغم من أن عبد الملك الحوثي حاول تسويق نفسه كزعيم لحلفاء إيران في المنطقة بعد اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، الذي كان يعد الزعيم الرئيسي لحلفاء إيران في المنطقة.
وفي هذا السياق، يبدو أن الحوثيين قد يواجهون ضغوطا مزدوجة. فمن جهة، قد يتعرضون لهجمات عسكرية من جانب إسرائيل أو خصوم آخرين في المنطقة. ومن جهة أخرى، قد يجدون أنفسهم دون دعم إيراني كافٍ إذا قررت طهران الحفاظ على مصالحها النووية والإقليمية الأكبر.
في المحصلة، يتضح أن مليشيا الحوثيين تواجه تحديات مصيرية في المرحلة المقبلة، فتصاعد التوترات الإقليمية قد يؤدي إلى تراجع نفوذ الحوثيين داخليا وإضعاف قدراتهم العسكرية، خصوصا في حال تعرضوا لضربات إسرائيلية مشابهة لتلك التي طالت حلفاءهم في لبنان وسوريا.
وفي الوقت نفسه، تبدو حسابات إيران معقدة، وقد لا تكون مستعدة للتضحية بمصالحها الأوسع من أجل الحفاظ على الحوثيين، ولذلك فهذا المأزق يجعل المليشيا أمام تحديات كبيرة قد تؤدي إلى تغيير جذري في معادلات القوة داخل اليمن وفي المنطقة بشكل عام.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الملیشیا الحوثیة الثوری الإیرانی ملیشیا الحوثیین الدعم الإیرانی عناصر حزب الله ملیشیا الحوثی أن الحوثیین إسرائیلی ضد الحوثیین فی فی المنطقة بشکل کبیر أی تصعید فی الیمن یؤدی إلى قد یؤدی کما أن فی حال
إقرأ أيضاً:
بهدف احتواء الانقسام.. تقرير يكشف تفاصيل زيارة قاآني السرّية إلى العراق
اعتبر التقرير أن "أي تراجع لنفوذ إيران في العراق سيمثّل نكسة جديدة لها، خصوصًا بعد فقدانها لحليفها الرئيسي في سوريا، إلى جانب تراجع قوة حزب الله في لبنان". اعلان
أشار التقرير إلى أن قاآني قام برحلة "سرية" إلى العراق على خلفية "الانتخابات البرلمانية المرتقبة، في وقت تشهد فيه الأحزاب المدعومة من إيران صعوبات في التوحد خلال الأشهر الأخيرة".
وبحسب "العين"، تعاني هذه الأحزاب من انقسامات متعددة، بعضها مرتبط بميليشيات تعمل أيضًا ضمن أجهزة الدولة العراقية، مثل "الحشد الشعبي".
وكانت شائعات قد انتشرت حول مقتل قاآني خلال الضربات الجوية الإسرائيلية في حرب الأيام الـ12 بين إيران وإسرائيل، إلا أنه ظهر مجددًا في تموز/يوليو في شوارع إيران خلال مراسم تشييع عدد من القادة الإيرانيين الذين قُتلوا في تلك الضربات، ما دحض تلك المزاعم.
محاولة "احتواء الانقسام"يُعد فيلق القدس الجناح المسؤول عن العمليات الإيرانية خارج الحدود، ولا سيما في دعم الجماعات المسلحة في المنطقة مثل حزب الله، والحوثيين، والحشد الشعبي في العراق.
وذكر التقرير أن "مع تصاعد التوترات بين القوى الشيعية في العراق قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر، تسارع طهران لاحتواء الانقسامات التي تهدد نفوذها التقليدي في بغداد، من خلال عمليات ميدانية يقودها قاآني". وأضاف أن إيران تسعى إلى التوفيق بين عدد من الأحزاب تحت مظلة "الإطار التنسيقي" مع مختلف الفصائل المسلحة، مشيرًا إلى أن "هذا التحرك ينذر بتغيرات وشيكة في توازن القوى الشيعية داخل العراق".
تراجع النفوذ الإيرانيواعتبر التقرير أن "أي تراجع لنفوذ إيران في العراق سيمثّل نكسة جديدة لها، خصوصًا بعد فقدانها لحليفها الرئيسي في سوريا عقب سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، إلى جانب تراجع قوة حزب الله في لبنان".
كما أشار التقرير إلى أن قاآني "التقى بعدد من أبرز الزعماء السياسيين والميليشياويين الشيعة، في خطوة تعكس قلق طهران المتزايد من الانقسامات الشيعية الداخلية والتهديدات الخارجية المتنامية".
وأوضح التقرير أن قاآني نقل رسالة مفادها "دعم إيران للحكومة العراقية في بسط سلطتها، ورفضها لأي تحركات أحادية من قبل الفصائل المسلحة".
Related ظهور قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني بعد إشاعات عن مقتله في لبنانبعد شائعات عن اغتياله.. إيران: قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني بصحة جيدةفي ثالث عملية خلال أسبوع.. إسرائيل تقول إنها فككت خلية تابعة لفيلق القدس جنوب سوريا محاولة لـ "خفض التوتر"ورجّح التقرير أن تكون الزيارة محاولة لخفض التوتر مع الولايات المتحدة أو مع حكومة إقليم كردستان، وذلك في أعقاب سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيّرة.
كما أشار التقرير إلى أن قاآني أعرب عن قلقه من احتمال تنفيذ إسرائيل ضربات جوية جديدة تستهدف ميليشيات مدعومة من إيران، وعبّر عن "استياء طهران من استمرار بعض الجماعات بتنفيذ عمليات من دون تنسيق مع الحكومة العراقية".
وكشف التقرير أن الزيارة استغرقت عشر ساعات فقط، مذكرًا بأن قاآني لا بدّ أن يستحضر مصير سلفه قاسم سليماني الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة مسيّرة في العراق في كانون الثاني/يناير 2020، حين كان برفقة أبو مهدي المهندس، قائد "كتائب حزب الله"، الذي لقي حتفه في الهجوم نفسه.
الشخصيات التي التقاهاوأورد التقرير أن قاآني التقى برئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، كما اجتمع بكل من زعيم ائتلاف "دولة القانون" عمار الحكيم، والأمين العام لمنظمة "بدر" هادي العامري، بالإضافة إلى همام حمودي، رئيس "المجلس الإسلامي الأعلى".
وأضاف التقرير أن "الاجتماعات تركزت على تحليل المشهد السياسي الشيعي قبيل الانتخابات المقبلة، وعلى إعادة تنظيم صفوف الإطار التنسيقي المنقسم حول آلية المشاركة في الانتخابات"، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة هي الثانية لقاآني إلى العراق خلال الشهرين الماضيين.
تدهور الوضع الأمنيكما لفت التقرير إلى أن الزيارة جاءت بعد شهر من الهجمات بالطائرات المسيّرة على العراق، وأن واشنطن قد تعيد النظر في تقديم دعم مالي لبغداد بسبب تلك الهجمات.
ونقل التقرير عن قيادي في الكتلة الشيعية الحاكمة، طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله إن "زيارة قاآني في هذا التوقيت تشير إلى تحول نسبي في مقاربة إيران لعلاقاتها مع المكوّنات الشيعية في العراق".
وأضاف المصدر: "في الوقت نفسه، تسعى إيران للحفاظ على تماسك الإطار التنسيقي ومنع الخلافات من التأثير على وحدة الصف الشيعي. وقد بدا ذلك جليًا في تأكيد قاآني على ضرورة منع التنافس السياسي من التحول إلى انقسامات ميدانية من شأنها أن تُضعف الجبهة الشيعية في مواجهة خصومها المحليين والدوليين".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة