الفل تزدان به أفنية بيوت جازان منذ مئات الأعوام
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
المناطق_واس
تشتهر منطقة جازان بنبتة الفل “الياسمين العربي”، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من عادات أهالي المنطقة الموروثة ومرادف للسعادة في مناسباتهم وحكاياتهم وأشعارهم وأهازيجهم الشعبية.
ويوجد في المنطقة أكثر من 1000 مزرعة، فيها نحو 500 ألف شجرة فل، تنتج سنويًا 600 طن من الفل، فضلاً عن “ردائم الفل” التي لا تكاد تخلو منها مداخل المنازل وأفنيتها في عادة توارثها الأهالي منذ مئات السنين، وتهتم السيدات خصوصًا في جازان بزراعة أشجار الفل داخل المنازل والأسوار، كما يمكن ملاحظة انتشاره في الحدائق والميادين العامة.
وتحظى نبتة الفل بعناية مزارعي المنطقة، حيث يبدأ المزارع في زراعة “ردائم الفل” في فصل الربيع لانخفاض درجات الحرارة لتُتعهد بعد ذلك أشجار الفل “الردائم ” بالري وبناء بيت من ألواح الخشب المربعة، وذلك للسماح لها بالنمو والتسلق وهي تكبر إذ يصل ارتفاعها إلى نحو ثلاثة أمتار، ولها أوراق دائمة الخضرة ذات ملمس جلدي ناعم على أغصان لينة، وأزهار بيضاء أنبوبية لها رائحة عطرية نفاذة.
وتتعدد أنواع الفل وأشكاله ومسمياته فالفل “العزان” ذو الحبات الكبيرة ينمو في المناطق الجبلية بمنطقة جازان وهو أصفر اللون حجمه أكبر من حجم الفل الأبيض المتعارف عليه في المنطقة، وينظّم في عقد طويل تتراص حباته جنبًا إلى جنب في اتساق جميل يلفه الرجال في المناطق الجبلية، خاصة حول رؤوسهم كونه مظهرًا من مظاهر الزينة، مستفيدين في ذلك من شكله ورائحته الجملية.
وللفل أنواع كثيرة منها “الفل البلدي” و”الفل العريشي الأبيض” ذو الحبات الطويلة شديد البياض والعبق خاصة بعد أن تتفتح حباته ليلًا, ويتباينان في حجمهما ولونهما، وإن كانا يتمتعان بنسبة عالية من عبق الرائحة وأريجها.
وتُعد عملية تطوير زراعة وصناعة الفل، والنباتات العطرية الأخرى “الكادي والنرجس والوزاب والبعيثران والشيح والبرك” في منطقة جازان خطوة مهمة نحو تعزيز الاستثمار الزراعي السياحي ، وتوفير فرص عمل لشباب وفتيات المنطقة، إضافة إلى تعزيز مكانتها بصفتها مركزًا رائدًا في إنتاج هذه المنتجات العطرية ذات الجودة العالية التي اشتهرت المنطقة بزراعتها.
وتوجت جهود الأهالي في زراعة وإنتاج الفل بتأسيس جمعية الفل والنباتات العطرية بمنطقة جازان عام 1443هـ ، لدعم مزارعي الفل والنباتات العطرية بالمنطقة؛ بهدف تطوير منتجاتهم ومعالجة التحديات التي يتعرضون لها، وتوفير البذور والشتلات والأسمدة والمعدات، وإنشاء مصانع لتقطير الفل واستخراج زيته، وتنظيم المهرجانات الزراعية والتسويقية للفل، وتأهيل المزارع للحصول على الشهادات اللازمة لتصدير منتجاتها إلى خارج المملكة.
وأوضح رئيس جمعية الفل والنباتات العطرية بالمنطقة المهندس طارق طعنون أن الجمعية بالتعاون مع مركز الأبحاث الزراعية وجامعة جازان بدأت في إجراء التجارب الزراعية المبشرة لاستخراج زيت زهرة الفل؛ بهدف استكشاف الخصائص المميزة لهذا الزيت العطري ، مع التركيز على طرق الاستخلاص الحديثة التي تضمن جودة الزيت وفعاليته لاحتوائه على مجموعة من المركبات الفعالة، وتقديم نتائج دقيقة وموثوقة تخدم مزراعي الفل.
وأولت وزارة البيئة والمياه والزراعة، اهتمامًا كبيرًا بزراعة شجرة نبات الفل البلدي في محافظات منطقة جازان، وذلك لإحداث نقلة نوعية في مجال زراعتها والانتقال من مرحلة الزراعة والتسويق التقليدي إلى مرحلة التصنيع والتصدير المحلي والخارجي، نظرًا لما يتوافر بالمنطقة من مقومات أساسية للزراعة، حيث خصوبة التربة والمناخ المناسب لزراعته. وتنظم الوزارة ممثلة في فرعها بالمنطقة مهرجانًا سنويًا للفل والنبات العطرية بمحافظة أبوعريش، إلى جانب البرامج التي تدعم زراعة الفل والنباتات العطرية ، خاصة في مجال الإرشاد الزراعي لدعم المزارعين واستخدام التقنيات الزراعية التي تضمن النجاح والاستمرارية، للوصول إلى الريادية والنتائج الإيجابية.
ودفعت أرباح الفل والنباتات العطرية بجازان عددًا من شباب وفتيات المنطقة لإطلاق منصات وأسواق إلكترونية للترويج للمنتج داخليًا وخارجيًا، ومواكبة التقدم والسرعة للوصول إلى أكبر شريحة من المستهلكين، وتقديم منتجات احترافية لاقت إقبالًا كبيرًا لإسهامها في سهولة الحصول على المنتجات.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: جازان الفل والنباتات العطریة بمنطقة جازان
إقرأ أيضاً:
العيون المائية بمحافظة ظفار.. مزارات سياحية تزدان بالجمال
صلالة - عادل اليافعي
العيون المائية في محافظة ظفار مورد طبيعي يجمع بين الجمال والأهمية البيئية والاقتصادية، وتشكل واحدا من أهم المقاصد السياحية التي يحرص السياح على زيارتها، للاستمتاع بجمال الطبيعة وتدفق المياه، خاصة في موسم الخريف، مما يجعلها كنزًا طبيعيًّا يستحق الحماية والاهتمام.
وتزخر محافظة ظفار بوفرة العيون، حيث يبلغ عددها 360 عين ماء دائمة وموسمية، يتركز معظمها في المناطق الجبلية والأودية وحواف الجبال المتاخمة للسهل الساحلي، بالإضافة إلى بعض العيون في منطقة النجد.
وتتفاوت أهمية هذه العيون حسب نوعية مياهها، حيث تتأثر بكميات هطول الأمطار وتتنوع مياهها بين الحارّة والباردة، العذبة الصالحة للشرب، والمياه المالحة أو القلوية التي تُستخدم للزراعة. كما توجد عيون تحتوي على نسب متفاوتة من الأملاح المعدنية تُستخدم لأغراض التداوي والاستشفاء.
وتحمل العيون المائية في المحافظة أهمية بيئية كبيرة، حيث تُعدّ مصدرًا رئيسيًّا لتغذية المناطق الزراعية والريفية، كما تُسهم في تعزيز التنوع البيولوجي، حيث توفر بيئة طبيعية تعيش فيها أنواع عديدة من الكائنات الحية مثل الطيور والنباتات النادرة. بالإضافة إلى ذلك، تساعد العيون في تحقيق التوازن البيئي من خلال تغذية التربة والحفاظ على الغطاء النباتي.
كما تؤدي العيون دورًا مهمًّا في ريّ الأراضي الزراعية، حيث تُستخدم مياهها لريّ المحاصيل، ويعتمد الرعاة على هذه العيون كمصدر دائم لتشرب منها الماشية.
ومن أشهر العيون التي تعد وجهة سياحية جذابة عين رزات التي تتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة، وعين أثوم تقع وسط الجبال وتزداد جمالًا خلال موسم الخريف، وعين صحلنوت التي تتميز بنمو النباتات الكثيفة، وكذلك عين حمران التي تشتهر بوجود طيور نادرة وممرات طبيعية رائعة.
وخلال موسم الخريف تصبح العيون أكثر جاذبية بسبب جريان المياه وكثافة الضباب، مما يجعلها مقصدًا مميزًا للتنزه والرحلات العائلية، كما تحمل عيون الماء مكانة كبيرة في التراث الشعبي للسكان؛ إذ تمثل رمزًا للرخاء والخير.
ومنذ القدم، ارتبطت هذه العيون بالزراعة والرعي، وتُعد جزءًا من الذاكرة الجماعية للمنطقة، حيث تشير الدراسات التي أعدّتها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه إلى أهمية الأمطار خلال موسم الخريف في تغذية الخزانات الجوفية الطبيعية المتكوّنة في الجبال وسهل صلالة.