نازحون من شمال غزة يروون مآسي ممرات الموت الإسرائيلية
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
غزة- على رصيف داخل باحة المستشفى المعمداني في مدينة غزة جلست 5 نساء وطفل وصلن للتو من مخيم جباليا شمال قطاع غزة بعد أن أجبرتهن قوات الاحتلال على النزوح اليوم الثلاثاء.
وحاولت مجموعة النسوة الاتصال بأشخاص يبدو أنهم من أقاربهن، وقد كنّ في حالة من الفزع منعت الصحفيين من إجراء حوارات معهن.
وقالت سيدة منهن باقتضاب شديد (رفضت ذكر اسمها) للجزيرة نت إن قوات الاحتلال قتلت عددا من رجال عائلتها في مخيم جباليا، واعتقلت الباقين عبر حاجز أقامته على مدخل المخيم "في الممر الذي تزعم أنه آمن".
وأشارت إلى شابة كانت تبكي بشدة وتلف يدها المصابة بضمادة طبية "اعتقلوا خطيبها ولا تدري شيئا عن مصيره".
وأجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي الآلاف من الفلسطينيين الموجودين في مراكز إيواء بشمال قطاع غزة وفي منازلهم يومي الاثنين والثلاثاء على النزوح عبر ممرات حددها لهم، زاعما أنها آمنة.
لكن نازحين من شمال القطاع قالوا للجزيرة نت إن تلك المسارات عبارة عن مصائد محفوفة بـ"الموت والأخطار"، إذ تم اعتقال الكثيرين عبرها، بالإضافة إلى إعدام آخرين.
ويشن جيش الاحتلال منذ 18 يوما حملة إبادة وتطهير عرقي عبر عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمال القطاع منذ إعادة اجتياحه وحصاره في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ورفض النازحون الذهاب جنوبا، في تحد لإرادة الاحتلال، وقرروا التوجه إلى مدينة غزة ومناطق أخرى في شمال القطاع، وقال بعضهم إنهم تعرضوا لعملية تجويع وتعطيش وإرهاب واسع طوال الأيام الماضية.
أهوال الحصار
وتروي نيفين الدواوسة الممرضة في مركز إسعاف بشمال القطاع "أهوالا" تعرضت لها خلال وجودها في مركز إيواء بمخيم جباليا.
وقالت للجزيرة نت إن قوات الاحتلال أعطت أمس الاثنين النازحين مهلة مدتها ساعة لإخلاء المركز، لكنها غدرت بهم وبدأت في قصفه بعد 10 دقائق فقط، وهو ما تسبب في استشهاد 10 وإصابة 30 آخرين.
ولم تتمكن الدواوسة -التي توجد حاليا في مدينة غزة- من تقديم خدمات الإسعاف للمصابين لعدم توفر أي إمكانيات لديها، وقالت إنها في طريق نزوحها إلى غزة شاهدت العشرات من الجثث ملقاة في الشوارع.
وتنفي الممرضة بشدة أن تكون الممرات التي تحددها قوات الاحتلال "آمنة"، وتضيف "فرزوا الرجال على جنب والنساء على جنب، واعتقلوا أكثر من 20 رجلا، بينهم طبيب"، كما أشارت إلى أن جنود الاحتلال تعاملوا مع النساء "باحتقار وتعمدوا إهانتهن وترويعهن".
وتكمل "قالوا لنا: إما أن تسيروا في طريق حددوه أو سوف يقنصوننا أو يضربوننا بالعصي وسيقذفوننا بالحجارة".
ولفتت إلى أنها صُدمت خلال رحلة نزوحها من كمية الدمار الهائلة في مباني وطرق مخيم جباليا، وتضيف "كل شيء تم تدميره، كل المنازل والأبراج والمحلات التجارية، تم تدمير المخيم كليا".
وتلخص الدواوسة الحصار الذي تعرضت له خلال الأيام الماضية بالقول "أيام من الموت، قصف بطائرات وروبوتات مفخخة و(طائرات) كواد كابتر، هلع، خوف، قصف مدفعي، قصف دور (بيوت)..".
وتمكنت الجزيرة نت من التحدث مع عائلة خلال نزوحها من بلدة جباليا (البلد)، وخلال اتصال هاتفي قال رب العائلة روحي صالح "أجبروني على النزوح، أنا أتحدث معك الآن ونحن نسير في شارع القدس، نحن في جباليا البلد، و(طائرة) الكواد كابتر تطير فوقنا تراقبنا".
ورغم أن جنود الاحتلال أمروا العائلة بالنزوح إلى غرب مدينة غزة فإن صالح يؤكد أنهم سيبقون في جباليا البلد، حيث يحاولون الوصول لبعض أقاربهم الذين بقوا في البلدة والسكن معهم مؤقتا إلى حين انتهاء العدوان.
ويضيف صالح "جاء جنود الاحتلال وأخرجونا من المنزل، الرجال والنساء والأطفال، وأمرونا بالتوجه إلى غرب مدينة غزة عبر شارع صلاح الدين، الخطر في كل مكان، لكن الحمد لله ربنا سلمنا".
وأوضح صالح أن أفراد العائلة البالغ عددهم نحو 24 شخصا يعانون من الإعياء الشديد جراء الجوع والعطش الذي عانوا منهم خلال الأيام الماضية.
ويلفت الرجل إلى أن شوارع بلدة جباليا خالية من السكان وموحشة بعد أن أجبرهم الاحتلال على الرحيل، مضيفا "نبحث عن أحد كي يقدم لنا الماء والطعام -خاصة لأطفالنا- لكن لا نجد".
ومرت عائلة صالح بالعشرات من الجثث المتحللة والملقاة في الطرقات بعد أن أقدمت قوات الاحتلال على إعدام الكثير من السكان بواسطة "القناصة".
وفي هذا الصدد، يقول صالح "مرقنا (مررنا) على الشهداء، أعداد كبيرة، كلها هياكل عظمية بعد أن أكلتها الكلاب".
وقبل إجبار العائلة على الرحيل ذكر صالح أن دبابة أطلقت قذيفة على الطابق الثاني في منزلهم، وهو ما كان سيتسبب في استشهاد وجرح الكثير من أفراد العائلة لولا أنهم كانوا في الطابق الأول حينها، ويضيف "أصبنا بالهلع وأغمي على أختي، وانتشر الغبار والدخان في كل مكان".
وكشف صالح أن الاحتلال أعدم قبل يومين رجلين من جيرانه هما مهند عوض وشخص آخر من عائلة شعبان لا يعرف اسمه الأول.
ويعج المستشفى المعمداني بالجرحى النازحين من شمال القطاع جراء المجازر التي يرتكبها الاحتلال، ومن بين هؤلاء الفتى عوض أبو ليلة الذي تعرض لقذيفة دبابة أمام منزله بمخيم جباليا أدت إلى استشهاد شقيقيه أنس وبلال وأحد جيرانه، ونجاته هو بعد إصابته.
ونظرا لعدم توفر سيارات الإسعاف التي يستهدفها الاحتلال اضطر والده إلى نقله على عربة تجرها دابة وأوصله إلى مستشفى العودة، وبعد 5 أيام تم نقله إلى المستشفى المعمداني في غزة عبر سيارة إسعاف.
ويؤكد أبو ليلة أن الطريق إلى غزة لم يكن آمنا كما يزعم الاحتلال، إذ إنه احتاج إلى 10 ساعات حتى يصل إلى المستشفى.
ويضيف "على الحاجز (جنود الاحتلال) نزلونا (من سيارة الإسعاف) وصوروني وأدارت الدبابة مدفعها في وجهي، وسيارة الإسعاف غرزت وتعطلت بسبب دمار الطرق".
وفي غرفة مجاورة لهذا الرجل يوجد الفتيان إبراهيم ومحمد مقاط القادمان من شمال القطاع.
ويقول إبراهيم إنه أصيب جراء سقوط صاروخين على منزله الكائن في حي سكني قريب من مخيم جباليا، مما أدى إلى استشهاد 5 من أقاربه -بينهم جده وجدته وعمته واثنان من أبناء أعمامه- وإصابته برفقة 4 آخرين.
أما ابن عمه محمد فيقول "كنت قاعدا على الكنبة، وفجأة أصبت وصرت أصرخ، ونقلوني إلى المستشفى بالإسعاف".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات المستشفى المعمدانی جنود الاحتلال قوات الاحتلال إلى المستشفى مخیم جبالیا شمال القطاع مدینة غزة شمال غزة من شمال بعد أن
إقرأ أيضاً:
المجلس الوطني الفلسطيني: مجزرة جيش الاحتلال بحق عائلة فلسطينية في جباليا جريمة إبادة جماعية
قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، إن مجزرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق عائلة خضر في مخيم جباليا والتي راح ضحيتها أكثر من 40 شهيدا بينهم أطباء ومهندسون وأكاديميون وأطفال، تعد جريمة إبادة جماعية ضد الإنسانية وجريمة تطهير عرقي متعمدة تهدف إلى اقتلاع العائلات الفلسطينية من السجل المدني في مشهد يعيد إلى الأذهان أكثر الجرائم فظاعة في التاريخ الحديث.
وأضاف فتوح - في بيان صادر عن المجلس الوطني الفلسطيني، اليوم السبت،-: "نذكر العالم أن الدفاع عن النفس لا يمر عبر قتل وجرح أكثر من 50 ألف طفل، وعبر تدمير المنازل على رؤوس سكانها ولا عبر محو العائلات الفلسطينية من السجلات المدنية، هذه الجرائم تمثل ذروة الإرهاب المنظم الذي تمارسه حكومة المجرمين الإرهابية".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل مسؤولية مباشرة في استمرار هذه المجازر من خلال حمايتها السياسية والدبلوماسية لحكومة الإرهاب وتعطيلها المتكرر لأي قرارات يمكن أن تصدر عن مجلس الأمن لوقف العدوان وفرض المحاسبة.
وشدد فتوح على أن هذا الانحياز الأمريكي الفاضح لا يطيل أمد الحرب فحسب، بل يشكل تشجيعا مباشرا على ارتكاب المزيد من الجرائم، ويقوض أي أمل في تحقيق العدالة أو السلام في المنطقة.
وأكد أن صمت المجتمع الدولي أمام هذه الجرائم يعد شراكة في الجريمة، ولن يتحقق الأمن أو الاستقرار ما دامت آلة القتل الإسرائيلية تعمل دون رادع وما دامت القوى الكبرى تتواطأ بالصمت أو بالتغطية السياسية مكتفية ببيانات شفوية منذ 608 أيام كان الضحية عشرات الآلاف من الأبرياء.