الحرب وأثرها في التغيير والتنمية ،السودان نموذجا
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
د/عادل عبد العزيز حامد
[email protected]
الحروب لها تأثيرات عميقة على الشؤون الاجتماعيه والاقتصاديه في السودان وقطعا تكون لها آثار سالبة على المواطنين وعلى البلاد عموما والحرب السودانيه هذه تختلف عن كل الحروب السابقة في السودان وكذلك في العالم فقد كانت مع الحروبات ممارسات لم تحدث في كل الحروب السابقة من النهب والسلب والاغتصاب والسلب والسكن في بيوت الناس وفي الأعيان المدنية والدوائر الحكومية والمستشفيات واستعمال البنايات كثكنات عسكرية وتشتت المواطنين من منازلهم الى المدن الاخرى في أقاليم السودان المختلفة او البعض الاخر الى خارج البلاد وقد أثرت اقتصاديا في فقدان الممتلكات والعربات، أثرت على البنية الأساسية من طرق وكباري ومدارس وجامعات ومستشفيات ما يؤثر سلبا على التنمية وقد ادى هذا الصراع الى الاعتماد على المساعدات الإنسانية الخارجية مما تؤثر على تنمية الموارد المحلية ولعله من بعد من النواحي الإيجابية في هذه الحرب عدم توقف الزراعة المحلية والتي يعتمد عليها الغذاء في كل السودان في منطقة القضارف وفى مدن الولايات الشمالية وبعض المناطق التي لم يشملها الحرب وتدهورت الحالة الاقتصادية حيث فقدت العديد من الصناعات قدرتها على العمل وذلك ادى الى زيادة البطالة وبالتالي زيادة معدلات الفقر.
الآثار الايجابية:
بما ان البعد الاجتماعي والروابط الاجتماعيه والاسريه الممتدة هي من السمات الأساسية في المجتمع السوداني بما لها من فوائد عظيمة في الترابط الاسري وان الاهل يشاركون ذويهم وعلى المستوى الاسره الممتده وليس الاسره الصغيره فقد ظهر هذا التكامل الاجتماعي الكبير في كل المغتربين العاملين خارج السودان سوى في المنطقة العربية أو على مستوى العالم فقد قاموا بدور كبير في مساعدة أسرهم بالتحويلات المالية وأيضا باستيعاب بعض أفراد الأسرة منهم ولا سيما العاملين في البلاد العربية في الخليج وفي مصر وفي بعض الدول الافريقية الاخرى ولعل تحويلات بنك الخرطوم لعبت دورا مباشرا في تخفيف آثار الحرب على الذين لم يستطيعوا الانتقال الى خارج السودان ولذلك كانت المسأله واضحة للذين انتقلوا في العاصمة الى اقاليم السودان المختلفة سوى لأصلهم او يؤجروا في مناطق أخرى خارج العاصمة ليسكنوا بها وقد أكدت إحصاءات بنك الخرطوم ان جملة المعاملات البنكية المتعلقة بالتحويلات خلال فترة الحرب بلغت 50 مليون عملية عبر خدمة التطبيق الاشهر بنكك(المصدر: الزاوية(10/4/2024)
الامر الاخر والملاحظ في كل الحروب التي نشاهدها في العالم ان النازحين في هذه الحرب تجاوزوا الـ 10 مليون من العاصمة والى الاقليم والى البلاد المجاورة للسودان ولكن لم تكن هناك معسكرات للنازحين واللاجئين إلا في الدول المجاورة سوى في تشاد او اثيوبيا ولكن الغالبية العظمى ذهبت لاهلها في الأقاليم المختلفة وقد كان هذا قمه من التكامل الاجتماعي فيجب أن نعلى من هذه القيمة الاجتماعية العظيمة
تخلق الحرب شعورا عميقا بالترويع والخوف وفقدان الأمل مما يؤدي الى ضغوط نفسية طويلة الأمد على الأفراد وعلى المجتمعات ولكن التكامل الاجتماع الكبير ومراكز الغذاء (التكايا) والتي كانت تساعد الناس في مسألة الأكل والشرب وهذا مما ساعد في التخفيف من الضغوطات النفسية على الافراد كما ان المعاناة المشتركة أثناء هذه الحرب تؤدي الى تعزيز الروابط بين السودانيين مما يعزز بالروح التضامن والشعور بالهوية المشتركة.
الدروس المستفادة من الحرب:
نحاول أن ننظر إلى الجوانب الايجابية من الحرب والدروس التي يمكن أن نستفيد منها في هذه الحرب ومن هذه الدروس أن نحمد الله على نعمه الامن والامان التي كانت لدينا والذي لم نكن نشعر بها إلى أن جاءت هذه الحرب بكل ما فيها من ماسيء، فنحن علينا بعد هذه التجربة ان نسعىاى إلى تحقيق السلام والاستقرار ونتجنب كل الأشياء التي تؤدي إلى الفرقة والتنافر والاستبداد و نبعد أنفسنا عن حب النفس والأطماع الشخصية وأن نبتعد عن الفساد والمحسوبية والتمييز وأن نبتعد عن التعالي والنظرة العنصرية للاخرين والاستعلاء العرقي..... و نبعد أنفسنا عن أمراض الجاهلية "كلكم لآدم وآدم من تراب" "ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه" صحيح مسلم
ويقول النووي في شرح الحديث: من كان عمله ناقصاً لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال،
فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويجب على كتاب الراي ورواد الإعلام الابتعاد عن الحديث العنصري والتفاخر بالألقاب والأنساب ويجب على رواد التواصل الاجتماعي عدم نقل الأحاديث السالبة والعنصرية حتى لا يساعدوا في انتشار الأشياء السالبة التى توغر الصدور وتزيد من البغضاء والمشاحنات ولا تؤدي الى الوحدة الوطنية . نحن نحتاج الى وحدة وطنية ونحتاج الى دولة المواطنة دولة القانون الكل فيها سواسية كأسنان المشط
وهكذا يمكن أن نبدأ مشوار التضامن ومشوار التنمية والرخاء. الحروب دائما ما تزيد الوعي السياسي للأفراد وتلفت النظر للكثير من الأشياء التي تكون غائبة عن وعي المواطنين وقد تشجعهم على المطالبة بمزيد من حقوقهم المدنية والسياسية.
كما أن تجارب الحروب يمكن ان تؤدي لتغييرات ايجابية في أنظمة التعليم وفلسفة التعليم نفسها ويجب التركيز اعلاء قيم السلام والعدالة والتسامح ويجب ان ننظر الى المناهج التعليمية بعد هذه الحرب وننظر الى الخلل فيها على كل المستويات ونعمل على إصلاحه ولا سيما فيما يلي التربية الوطنية والعمل على زيادة المناهج التعليمية التي تنادي بحب الاوطان واعلاء المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والابتعاد عن امثالنا القديمة والتي هي ضد وعكس مفهوم الدولة دولة المواطنة والتي كانت قديما ضد المستعمر القديم والتي كانت ترمز له بالميري" او ما يعني الاميري وهو الدوله مثل هذا المثل ورغم أن المثل اصوله من مصر المحروسة الى انه منتشر وسط الاجيال القديمه من السودانيين والتي تنظر الى أهمية الوظائف الحكوميه والعسكريه ويجب الاستفادة منها بأقصى ما يمكن.
ويجب علينا بعد هذه الحرب ان نغير من أنماط سلوكنا القديمه ونسعى الى تغيير العادات والمفاهيم باعلاء قيمة العمل والاجتهاد والتحصيل وعدم الاعتماد على الاسره الممتده وان نشجع الأطفال منذ الصغر على العمل والسعي والاجتهاد والعمل خلال الإجازات والتدريب وهكذا . ارجو ان تكون هذه الحرب قد اعطت الناس فرصه للتفكير والندم والنظر من زاوية جديدة وتفكير مختلف عن التفكير القديم وان تكون هذه المحنة الكبيرة منحه ربانيه يستفيد منها جميعنا نحو السودان مختلف سودان العزة والمنعة والتضامن وان يكون السودان اولا والتحيه لمبادرة السودان اولا وننطلق نحو غد مشرق سعيد نستفيد من كل هذه الموارد التي يسعى لها الآخرين اقليميا ودوليا وتحتاج الى رؤى جديده لشباب هذه الأمة للهضه والاستقرار والتنمية المستدامة والاستفادة القصوى من الموارد البشريه للسودانيين المنتشرين في كل اصقاع المعمورة واحسب انهم قادرون على بناء سودان العزة والرفاهية والتعليم.
وبالله التوفيق…..
د/عادل عبد العزيز حامد
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرب التی کانت
إقرأ أيضاً:
بعد إعلان حكومة "تأسيس"...ما أسباب حالة الانقسام في السودان؟
ألقى إعلان حكومة تحالف السودان الجديد "تأسيس" يوم السبت في مدينة "نيالا" باقليم دارفور، الضوء على حول حالة الانقسام الكبير الذي يعيشه السودان منذ اندلاع الحرب في منتصف ابريل 2023، فما أسباب ذلك الانقسام وما المآلات المحتملة من وجود حكومتين في البلاد في ظل وجود حكومة أخرى في بورتسودان بقيادة الجيش؟.
وعزا مراقبون حالة الانقسام الحالية إلى خمس ممارسات أفرزتها الحرب المستمرة بين الجيش والدعم السريع.
وقال المراقبون إن انتشار خطاب الكراهية، وهجمات طيران الجيش التي أدّت إلى مقتل آلاف المدنيين في دارفور، والمزاعم باستخدام أسلحة محرّمة دوليًا هناك، إضافة إلى قانون "الوجوه الغريبة" الذي استهدف إثنيات دارفورية في مناطق سيطرة الجيش، وحرمان الكثيرين من حق استخراج الأوراق الثبوتية، وخطوتي إقامة الامتحانات القومية وتغيير العملة في مناطق الشمال والوسط والشرق قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار يضمن استفادة سكان غرب السودان من الخطوتين – جميعها عوامل أجّجت "غبنًا شعبيًا" كبيرًا في أجزاء واسعة من إقليمي دارفور وكردفان.
ويأتي هذا في ظل محاولة كل طرف الدفاع عن موقفه؛ ففي حين قال علاء الدين نقد، المتحدث باسم تحالف "السودان الجديد – تأسيس"، إن التحالف يسعى لضمان حقوق "جميع السودانيين"، ملقيًا باللوم على تنظيم الإخوان في محاولة فصل إقليمي دارفور وكردفان، اتهمت وزارة الخارجية في بورتسودان، في بيان يوم الأحد، الأطراف المكوّنة لحكومة "تأسيس" بالانخراط في "مؤامرة للاستيلاء على السلطة".
شرخ إثني
ووفقًا لخالد كودي، الأستاذ في الجامعات الأميركية، فإن ما يتعرض له المدنيون في دارفور وكردفان من حرمان من الحصول على الأوراق الثبوتية، وملاحقتهم بقانون "الوجوه الغريبة"، يُعد انتهاكًا "ينسف مبدأ المواطنة المتساوية ويُعمّق الشرخ الإثني–الجهوي، وبالتالي يُغذّي شعورًا واسعًا بالغبن".
لكن كودي يشير في حديثه إلى موقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن هذه الأفعال ليست السبب الجذري الوحيد، بل هي "تفجيرات جديدة لمرض قديم، هو بنية الدولة المركزية الإثنوقراطية التي راكمت تمييزًا تاريخيًا"، بحسب تعبيره.
ويحذر كودي من أن تؤدي هذه الأفعال التمييزية إلى "تآكل شرعية الوحدة القسرية، ودفع قطاعات متزايدة نحو مطالب الحكم الذاتي أو تقرير المصير".
ويرى أن الحل يكمن في التوافق على رؤية جديدة تستعيد الثقة، عبر تبني نظام ديمقراطي علماني لامركزي، يقوم على العدالة والمساواة الاجتماعية، وتفكيك الطابع العسكري–الأمني للدولة، وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة على أسس مهنية مدنية.
مسار معقد
يلقي مهدي داود الخليفة، وزير الدولة الأسبق بوزارة الخارجية السودانية، باللوم على الحرب الحالية التي أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتعميق الانقسامات السياسية والاجتماعية.
ويشير الوزير السابق إلى أن إعلان حكومة "تأسيس" سيؤدي إلى دخول البلاد في مسار معقّد، ينتهي إما بتسوية تاريخية شاملة، أو بتفكك الدولة السودانية. ويشدد على أن المخرج الوحيد يتمثل في وقفٍ عاجلٍ لإطلاق النار لأغراض إنسانية، "يفتح الطريق أمام حوار وطني شامل لإقامة دولة مدنية تقوم على احترام المواطنة والعدالة، والوصول إلى جيش مهني قومي، بعيدًا عن عسكرة السياسة ومنطق الميليشيات".
ويضيف: "فيما يتعلّق بالسياق السياسي والإقليمي، فإن إعلان حكومة (تأسيس) يعكس حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد، وفشل المبادرات الإقليمية والدولية في إيقاف الحرب، ووضع خارطة طريق سياسية".
ويتوقع الخليفة أن يتعامل المجتمع الدولي مع حكومتي بورتسودان ونيالا كأمر واقع، دون منح أي منهما اعترافًا رسميًا، مع الاكتفاء بالتركيز على الملف الإنساني.
ويشرح رؤيته للموقف الداخلي واكتساب الشعبية بالقول: "رغم فشل الدولة المركزية لعقود، ما زالت الوحدة تمثل قيمة رمزية كبرى في الوعي الجمعي السوداني، مما يجعل أي خطوة نحو حكم موازٍ مثار رفض شعبي. لكن، مع ذلك، فإن استمرار الحرب، وانهيار الخدمات، وفقدان الأمل في حكومة بورتسودان، قد يدفع بعض القوى المحلية لدعم حكومة (تأسيس) كخيار واقعي، لا مبدئي".
شبح الجنوب
تتزايد المخاوف من أن تؤدي الأوضاع الحالية إلى انقسام جديد يعيد إلى الأذهان عملية انفصال الجنوب في عام 2011، والتي جاءت بعد حرب أهلية تُعد الأطول في إفريقيا، إذ استمرت لأكثر من نصف قرن، وفقد السودان بسببها نحو ثلث مساحته.
وتتعزز تلك المخاوف في ظل الأوضاع الميدانية الراهنة؛ ففي حين يسيطر الجيش على العاصمة الخرطوم ومناطق شرق وشمال ووسط البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع على كامل إقليم دارفور (باستثناء مدينة الفاشر)، وأجزاء كبيرة من إقليم كردفان، وهما يشكلان أكثر من 45% من مساحة السودان الحالية، البالغة نحو 1.8 مليون كيلومتر مربع، إذ تبلغ مساحتهما مجتمعتين نحو 870 ألف كيلومتر مربع.
وفي هذا السياق، يرى الصحفي فايز السليك أن تشكيل حكومة ثانية هو تأكيد على ماراثون "البحث عن الشرعية"، مبدياً، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، تخوفه من أن يكون ذلك "بداية لمشروع انقسام إضافي".