الدكتور عادل عدوي: انعقاد المؤتمر العالمي للسكان والصحة بالقاهرة نجاح للدولة المصرية
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
أكد الدكتور عادل عدوي، رئيس المكتب التنفيذي للمجلس العربي للاختصاصات الصحية وزير الصحة الأسبق، أن انعقاد المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 2024 بالقاهرة، يعد انعكاسا لتطوير القطاع الصحي في مصر خلال السنوات 10 الماضية، مشيرا إلى أن انعقاد المؤتمر هذا العام في مصر بنسخته الثانية أيضا هو تأكيد للنجاح الكبير الذي حققته النسخة الأول العام الماضي.
وقال عدوي، في حوار لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان خلال زيارته مؤخرا، إن انعقاد المؤتمر بنسخته الثانية بدعم من الرئيس عبد الفتاح السيسي يمثل أساس نجاح المؤتمر وقوة توصياته، حيث ناقش قضايا الصحة وقضايا التنمية البشرية وربط الصحة بالتنمية البشرية، مؤكدا أن المؤتمر يحقق نجاحا كبيرا بفضل الجلسات المهمة والمحاور التي يناقشها وأيضا الحضور العربي والدولي من جميع المؤسسات ذات ارتباط بالقطاع الصحة والتنمية البشرية.
وأضاف أن المؤتمر يأتي تحت شعار "التنمية البشرية من أجل مستقبل مستدام"، ما يهدف إلى تعزيز الازدهار الإنساني من خلال النمو المستدام، وتطبيق الحوكمة الفعالة، وتعزيز المشاركة المجتمعية لضمان تكافؤ الفرص، موضحا أن المؤتمر أيضا يسلط الضوء على أهمية الاستثمار في تطوير الإنسان وتعزيز الابتكار عبر تمكين القدرات البشرية، والاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة، وتحفيز الإبداع لمواجهة التحديات العالمية وتحقيق تقدم ملموس في القطاعات ذات محل الناقش بالمؤتمر.
ونوه إلى أن القطاع الصحي في مصر شهد تحديثا وتطويرا كبيرا في الأعوام الماضية، هو أيضا ما كان محل تقدير واهتمام من المشاركين في المؤتمر، مشيرا إلى أن نظام التأمين الصحي الشامل الذي طبق في مصر ببعض المحافظات، وجار العمل على تعميمه يتماشى مع مفهوم التغطية الصحية الشاملة رغم تحدياتها التي حدثت خلال جائحة كورونا والتحديات الاقتصادية التي يمر بها العالم أيضا ولكن رغم ذلك تسير الأمور في تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل على قدم وساق في مصر.
وأعرب الدكتور عدوي عن أمنيته أن يلمس المواطن المصري ويشعر بالطفرة الكبيرة جدا في مستوى الخدمات المقدمة له في القريب العاجل، مشيرا إلى أن هناك تطويرا كبيرا تحقق على أرض الواقع في القطاع الصحي المصري.
وأشاد بحالة الحراك العربي للاهتمام بقطاع الصحة العامة، مؤكدا أن هذا الحراك يؤكد أن الصحة في العالم العربي أصبحت في بؤرة الاهتمام عند صانع القرار العربي، وهو ما يظهر من خلال المؤتمرات العربية والدولية التي تناقش هذا الملف.
ونوه إلى أن هذا الاهتمام بالقطاع الصحي برز منذ جائحة كورونا والتي قلبت كثير من الموازين، حيث كان الاهتمام العالمي فقط فيما يخص التطعيمات، ولكن منذ الجائحة عاد الاهتمام بمجالات البحث والتطوير وعادة الحياة لخطوط الإنتاج في مجالات التطعيمات أيضا وغيرها.
ورأى الدكتور عادل عدوي أن العالم كان يتحدث عن الأمراض غير المعدية والأمراض المزمنة وأمراض السمنة والقلب وضغط الدم، لكن أصبح، عقب الجائحة، الحديث عن الأمراض المعدية لأنها أكثر فتكا وأكثر إيلاما للنظم الصحية وأكثر كلفة لأنها أثرت ليس على صحة الإنسان بل أثرت على صحة الإنسان والحيوان والنبات وأغلقت كل سلاسل الإمداد وأغلقت كل مناحي الحياة في العالم وهو ما حدث خلال كورونا.
وحول مشاركته في مؤتمر "دور الكفاءات الصحية العربية المهاجرة في دعم النظم الصحية بالدول العربية"، الذي اختتم مؤخرا بالأردن، قال الدكتور عادل عدوي إن جامعة الدول العربية وبالتعاون مع الأردن دعت إلى عقد هذا المؤتمر الأول من نوعه في العالم العربي، مشيرا إلى أن المؤتمرعقد لمناقشة مشكلة كبيرة ومتشابكة بشأن هجرة الكفاءات الصحية إلى العالم، والتي غالبا تحدث من الدول النامية إلى الدول المتقدمة.
وأوضح أنه في العالم العربي لدينا المشكلة مشكلتان، حيث الهجرة إلى العالم الغربي وهجرة داخلية بين الدول العربية، مشيرا إلى أن ذلك له انعكاسات سلبية على مستويات وأعداد مقدمي الخدمات الصحية ليس في الأطباء فقط ولكن في العاملين الصحيين أيضا والتمريض على وجه الخصوص.
وكشف أنه نظرا لخطورة هذه المشكلة وتأثيراتها السلبية في المستقبل، قررت جامعة الدول العربية وبالشراكة مع الأردن والمجلس العربي الاختصاصات الصحية، المسئول الأول والأخير عن البورد العربي، عقد جلسات عبر هذا المؤتمر لمناقشة هذه القضية من حيث أسباب الهجرة والدوافع وتأثير ذلك على النظم الصحية في الوطن العربي.
ولفت إلى أن المجلس شريك تقني مع جامعة الدول العربية حيث يقوم بعمليات التدريب والتطوير المهني المستمر للأطباء في تخصصات الطبية المختلفة، مشيرا إلى أن مسألة التغطية الصحية الشاملة في الوطن العربي تحتاج إلى مزيد من الأطباء وجميع العاملين في القطاع الصحي والذي يشهد تراجعا كبيرا في أعداد العاملين والكوادر الصحية.
ونوه إلى أن العالم الخارجي، خصوصا الغربي، يستقطب خريجي القطاع الصحي ومؤسساته التعليمية العربية بصورة جاهزة حيث يوفر لهم البيئة للعمل والتطوير والتدريب والإنتاج، موضحا أن دوافع الهجرة كثيرة من أولها عدم وجود ظروف اجتماعية ملائمة لخريجي القطاع الصحي، ما يحتاج من الدول والحكومات العربية النظر إليها بنظرة إيجابية وسريعة.
وأشار إلى أن بيئة العمل للأطباء في العالم العربي تحتاج إلى حماية وتشريعات قانونية وقوانين المسئولية الطبية وغير ذلك، كاشفا أن كثير من الدول العربية شرعت حاليا لوجود نظم للتدريب عالية المستوى كونها هي من أكثر دوافع الهجرة للعاملين في القطاع الصحي.
ورفض عدوي النظر إلى هذه المشكلة بنظرة سلبية فقط، مشددا على ضرورة النظرة الإيجابية أيضا وتحولها إلى فرصة حقيقية، حيث يمكن أن يكون هؤلاء الأطباء العرب المهاجرين، وهم كفاءات كبيرة، حلقة وصل مع الخرجين الجدد وينقلوا لهم هذه الخبرة ونعمل على تكوين مراكز صحية عربية في الدول العربية من هذه الكفاءات وهو ما أكد عليه البيان الختامي للمؤتمر فيما أطلق عليه إعلان"عمان 2024".
وحول توصيات مؤتمر"دور الكفاءات الصحية العربية المهاجرة في دعم النظم الصحية بالدول العربية"، أشاد رئيس المكتب التنفيذي للمجلس العربي للاختصاصات الصحية وزير الصحة الأسبق، بتوصيات المؤتمر التي خرجت في إعلان "عمان 2024"، مؤكدا أن مناقشات وجلسات المؤتمر كانت ثرية للغاية وبها العديد من القامات والخبرات الطبية سواء في الداخل العربي أو خارج القطر العربي.
ووجه عدوي الشكر إلى الأطباء العرب المهاجرين على حرصهم على حضور المؤتمر والمشاركة في جلساته وإثراء المناقشات، مؤكدا أن ما لمسه من شعور من هؤلاء الأطباء يؤكد اعتزازهم بوطنهم العربي وحرصهم على تقديم كافة أشكال الدعم ونقل الخبرات على القطاع الصحي العربي.
وشدد على ضرورة عمل شراكات من أجل البحث العلمي وحل المشكلات الحقيقية لأن المشاكل الصحية الموجودة في العالم العربي قد تتباين وتختلف من دولة إلى أخرى، مطالبا، وهو أيضا ضمن توصيات المؤتمر، بتوحيد القوة وأن يكون هناك صورة من التكامل التقني والخبرات ما بين العالم العربي والكفاءات الصحية المهاجرة وهناك استعداد من تلك الكفاءات.
كما وجه عدوي الشكر لجامعة الدول العربية والأردن لعقد واستضافة أعمال المؤتمر برعاية من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ولجميع المنظمات والهيئات العربية والدولية ذات الشأن بالقطاع الصحي على حضورها ورأيها في حل مشكلة الأطباء العرب المهاجرين.
واستعرض رئيس المكتب التنفيذي للمجلس العربي للاختصاصات الصحية وزير الصحة الأسبق، خلال الحوار العديد من الأبحاث والدراسات والأرقام التي توضح عدد الأطباء العرب الذين يهاجرون إلى الخارج، وأيضا وضع القطاع الصحي العربي وطرق الحل لكافة المشكلات، بالشراكة مع المؤسسات العربية الأخرى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی العالم العربی الکفاءات الصحیة انعقاد المؤتمر الدول العربیة الأطباء العرب القطاع الصحی مشیرا إلى أن أن المؤتمر فی القطاع مؤکدا أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
النظام العالمي والشرق الأوسط الجديد
الجِدة في التسمية، لم تخف القبح والإجرام في حق الشعوب العربية والإسلامية، لأنه نظام استعماري يعتمد على إخفاء كل مظاهر الإجرام والطغيان والاستغلال والفساد تحت عناوين خادعة؛ فسلب خيرات الشعوب واستعبادها والدول المستهدفة نامية أو من دول العالم الثالث وهكذا.
عندما انتصر تحالف الدول الأوروبية في الحرب العالمية الأولى، اتفقوا على إنشاء عصبة الأمم لتمكينهم من استكمال تحقيق أهدافهم من خلالها كمظلة لتمرير مؤامراتهم وإجرامهم، لكن تحت مسمى المجتمع الدولي؛ ظاهر الأمر أنها لتنظيم الأسرة الدولية.. والحقيقة هي تأمين السيطرة الاستعمارية واستلاب الثروات ومصادرة السيادة وبالتالي حراسة الإجرام والاستعباد وضمان استمرار التفوق العسكري والتقني والاقتصادي لذلك التحالف واستدامة الانحطاط والتخلف لبقية الدول وأبرز مثال على ذلك تقنين الانتدابات والوصاية علة بقية الدول.
الثورات التي كانت تحدث إما أن يتم إجهاضها أو التحكم بمخرجاتها من خلال زرع العملاء وتسليمهم زمام الأمور، وهو ما حدث في كثير من الأقطار إلا في القليل والنادر الذي لا حكم له أو بالتدخل المباشر وفرض الأمر بقوة الحديد والنار.
استمر الأمر على ما هو عليه، لكن بروز قوى جديدة على الساحة مثل أمريكا والاتحاد السوفيتي وهزيمة دول المحور، أسقط عصبة الأمم، لأنها كانت تخدم توجهات التحالف الأوروبي لصالح إنشاء منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل التحكم في مخرجات وقرارات الأجماع الدولي وفرض الأيديولوجيات والتحكم بالشعوب والأمم، لكن تحت مظلة الإرادة الدولية.
انحسر النفوذ الأوروبي قليلا وبرز التنافس بين المعسكرين (الاشتراكي والرأسمالي) أيهما يستطيع السيطرة والاستحواذ على العالم من خلال اللعبة الدولية، وشهد العالم صراعات دامية لصالح الإجرام بشقيه، لكن امتلاك المعسكر الرأسمالي مناطق الثروات أجّل سقوطه إلى حين ولكنه عجّل بسقوط المعسكر الاشتراكي.
الدول التي اعتمدت على قدراتها وإمكانياتها، استفادت من التجاذب القطبي بين المعسكرين، أما الشعوب التي عوّلت على الاحتماء بالنفوذ فقط، لم تحقق أي نهضة، بل رهنت مقدراتها لدى ساسة الإمبريالية والرأسمالية الجديدة الأكثر طمعا وجشعا والتي لا يماثلها إلا الاستعمار الأوروبي الذي أباد سكان أمريكا من الهنود الحمر واستعبد قارة افريقيا وغيرها من القارات لصالحه.
العالم العربي والإسلامي وُضع تحت قائمة الأمم التي يجب عدم السماح لها بامتلاك قراراتها أو الاستفادة من ثرواتها وكل قطر سعى لتحقيق نهضة، تم تدميره، بينما نهضت أمم من كبوتها واستطاعت أن تنافس في كل المجالات المسموح بها، واستثناء في غير المسموح به مثل باكستان والهند ودول النمور الآسيوية واليابان وغيرها .
النظام العالمي يعتمد على الحروب في فرض أيديولوجيته وسياسته وإذا كان بعد الحرب العالمية الأولى قد أوجد نظام العُصبة وبعد الثانية أوجد الأمم المتحدة، فها هو اليوم وبعد سقوط النظام القطبي يسعى لفرض نظام القطب الواحد من خلال شن الحروب التي يريد بها القضاء على الأنظمة المخالفة وتأكيد السيطرة وإثبات الوجود، وهو ما تعمل عليه أمريكا مع المتحالفين معها من خلال السعي لإنشاء القطب الواحد الذي تتفرد فيه مع وجود كيانات إقليمية وغيرها، لكن تحت سيطرتها ولحساب تنفيذ السياسة الأمريكية.
معظم الأنظمة في العالمين العربي والإسلامي لأنها صُنعت من الخارج، وُضعت على هامش التاريخ ولذلك فقد صيغت أيديولوجيتها في الماضي على تنفيذ أجندات ومصالح المعسكرين (الاشتراكي والرأسمالي)، فبعضهم يحارب مع المعسكر الاشتراكي وبعضهم يحارب مع المعسكر الرأسمالي وبعد سقوط الاشتراكية تمت صياغة أيديولوجيات لحماية مصالح التحالف الصهيوني الصليبي، لكن تحت عنوان (مكافحة الإرهاب) خاصة وقد أوجد الإجرام المبرر لشن الحرب على الدين الإسلامي وتحت عناوين إسلامية وبإمكانيات وثروات إسلامية وأسماء وصور مسلمين.
الأنظمة استغلت العنوان لتوطيد أدواتها والقضاء على الخصوم السياسيين والمنافسين وحتى المظاهر الديمقراطية التي تم السماح بها لا تعني شيئا إذا لم تحم مصالح التحالف الصهيوني الصليبي وهو ما قاله زعماء الغرب “لا نريد ديمقراطية إذا أتت بالإسلاميين إلى السلطة”.
أمريكا وتحالفها استغلت عنوان (مكافحة الإرهاب) لمد نفوذها وسيطرتها إلى كل الأماكن التي تعارض سياستها وأوجدت تحالفات لإبادة العرب والمسلمين، حتى الفتاوى حصلت عليها ووصل الحال ببعض هذه الفتاوى إلى تأييد ودعم الإجرام اليهودي والهندوسي والبوذي واستحلال دماء الإسلام والمسلمين.
النظام العالمي الجديد الذي يُراد الوصول إليه يعتمد على فرض الرؤية والهيمنة الأمريكية دون منازع وضمان السيطرة والتفوق لكيان الاحتلال في إطار ما يطلق عليه (الشرق الأوسط الجديد) وذلك لحماية المصالح الأمريكية والغربية في الوطن العربي وحماية الأنظمة التي تدين بالولاء للغرب والقضاء على كل محاولات التغيير والتطور، بالإضافة إلى مواجهة التغلغل والتمدد للقوى المنافسة، باعتبار الوطن العربي منطقة نفوذ مغلقة لصالح التحالف الصهيوني الصليبي.
تركيز النظام الدولي الجديد على استهداف الدين الإسلامي دون القوى والأيديولوجيات الأخرى، لأنه يستطيع القضاء على القوة الروسية بالقوة من خلال الحرب الأوكرانية التي تمولها أوروبا ويستطيع مواجهة الصين كقوة اقتصادية وعسكرية أيضا، أما الإسلام فقد تم تحطيم القوة المادية، لكن القوة الروحية والصحوة الدينية هي أهم ما يثير رعب النظام الرأسمالي والاستعماري الذي أساسه الأنانية والسعي للسيطرة على ثروات الأمتين العربية والإسلامية، وكل ذلك بفضل الأنظمة التي أوجدها ويخشى أن تذهب كل مصالحه ويخسر كل نفوذه في حال زوالها.
مفكرو السياسة الاستعمارية يبررون ذلك تحت شعار أو عنوان (صراع الحضارات)، فالتفوق الحضاري للغرب يقابله التخلف والانحطاط، خلق صراعا حضاريا، متناسين الإجرام المستمر والمتواصل، سواء مباشرة أو بواسطة الخونة والعملاء ومصادرة حريات الشعوب وسيادتها وثرواتها لصالح الاستعمار بأشكاله المتلونة وحقيقته القذرة التي لم تتغير؛ وهناك من المفكرين من يرى أن الحرب على الإسلام بمثابة استراحة استعداد لجولة قادمة من الصراع، فالإسلام والعالم الإسلامي خصم سهل، لكن العائدات كبيرة، أما المواجهة المرتقبة فستكون بين شركاء التحالف أمريكا وأوروبا، لأن النظام الذي يراد الوصول إليه لا يقبل القسمة على أكثر من واحد وهو ما طرحه المفكر الراحل الدكتور جمال حمدان قبل اغتياله من قبل من الموساد الإسرائيلي.
وإذا كان معظم مفكري الغرب يرون أن الدول العربية قد تختفي من الوجود بأي شكل من الأشكال، فإن مذكرات وزراء المستعمرات الذين صاغوا الخرائط القُطرية ووضعوا الحدود واعتمدوا على إثارة النعرات والاختلافات كأساس للواقع العربي، يتمنون أن تستمر الأوضاع كما هي عليه ولا يستفيق منها بسرعة، لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار مشاريع القُطرية والتجزئة التي يراهنون عليها.
الحرب على غزة والحرب على محور المقاومة، تهدف إلى الحفاظ على المكون الأساسي لحماية مشاريع التجزئة والفُرقة والشتات الذي بدأ كمشروع استعماري لخدمة التحالف الصهيوني الصليبي ويسعى للتحول إلى قوة اقليمية تحكم العالم، وبينما تريد أمريكا القول إنها هي الحاكمة والمتحكمة فيه (كيان الاحتلال)، يثبت عكس ذلك وهو أن أمريكا ليست سوى أداة من أدواته وحتى الدول الأخرى التي قد تختلف معه، لكنها على الأقل تراعي مصالحه ولا تتعارض مع سياساته.
النظام العالمي الجديد ومثله الشرق الأوسط، لعبة إجرامية لتكريس النفوذ على حساب دماء الشعوب باستغلال التفوق العسكري والتكنولوجي والاقتصادي، وإذا كان يسمح للدول الأخرى بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، فإنه يعمل جاهدا على تدمير كل قدرات الدول العربية والإسلامية واحدة تلو أخرى، فها هو يعتدي على إيران ويصرّح برغبته في ضرب باكستان تاليا لكنه في المقابل يدعم القدرات النووية الهندية ولا يسمح بالحديث عن القدرات الإجرامية للكيان المحتل، ولا يستطيع أحد المطالبة بخضوعه للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأنهم يعتبرون ذلك من قبيل معاداة السامية.